فارس الجواري
الحظر الأوروبي ليس السبب… بل النتيجة أزمة أدارة في الخطوط الجوية العراقية لا أزمة طيران
لا يمكن اختزال استمرار الحظر الأوروبي المفروض على شركة الخطوط الجوية العراقية بعامل خارجي أو بإجراءات سلامة جوية معقدة بقدر ما يعكس هذا الحظر اختلالا داخليا عميقا في بنية الإدارة والتشغيل تحديدا في أنعدام الارادة لتلك الادارات في تقييم نتائج استمرار الحظر الأوروبي على الخطوط الجوية العراقية وهو مايشير الى وجود هذا الخلل الهيكلي في فلسفة الإدارة عند القائمين في الشركة , فلا يُمكن فهم استمرار الحظر الأوروبي على الخطوط الجوية العراقية بمعزل عن متطلبات الوكالة الأوروبية لسلامة الطيران الاياسا التي لا تنظر إلى شركة الطيران من زاوية الطائرة فقط بل من خلال منظومة متكاملة تشمل الإدارة و التشغيل والتدريب والحوكمة وايضا ثقافة تطبيق أجراءات السلامة .
أن من اهم متطلبات الوكالة الاوربية لسلامة الطيران الاياسا وجود إدارة تخصصية مستقلة وفعالة كشرط أساسي لأي ناقل يرغب بالعمل داخل الأجواء الأوروبية وهو ما تفتقده ادارة الخطوط الجوية العراقية , حيث تُدار الملفات التشغيلية بعقلية إدارية عامة لا بمنهج طيران احترافي قائم على تطبيق فعلي لنظام إدارة السلامة ونظام الجودة والامتثال وهو مانراه يحصل حاليا في اروقة الشركة من وجود فوضى في إدارة الطواقم مع ضعف في الالتزام بالأنظمة الإلكترونية المعتمدة كمؤشرات فعلية على غياب بيئة تشغيلية لايمكن الوثوق بها رقابيا بسبب ضعف التدريب في الشركة الذي تحول إلى نشاط إداري مرتبط بالإيفادات والمخصصات وهو مايتعارض صراحة مع فلسفة التدريب الأوروبية ناهيك عن مايحصل في أدارة الموارد البشرية التي تعتبر من اهم مفاصل الشركة حيث تشترط الاياسا وضوح الهيكل التنظيمي وتحديد المسؤوليات إلا أن تضخم الطواقم وتسييس التعيينات وتداخل أدوار المستثمرين والوكلاء داخل القرار التشغيلي أضعف استقلالية الإدارة وأفقد الشركة أحد أهم شروط الاعتماد الأوروبي.
وفق هذه الاشتراطات للوكالة الاوربية لسلامة الطيران لايعتبر الحظر الأوروبي المفروض على الشركة إجراءً عقابيًا ولا قرارًا سياسيًا بل نتيجة فنية طبيعية لتقييم بيئة تشغيلية تفتقر إلى مقومات الامتثال المستدام فـالاياسا لا تبحث عن وعود بل عن أنظمة تعمل وإدارة تُحاسب وثقافة سلامة تُمارس يوميًا , لذا يستوجب على المعنيين ادراك أن رفع الحظر لا يبدأ من الطائرة ولا من التصريحات بل من إعادة بناء الإدارة التخصصية وفق المعايير الاوربية التي تعمل على اساسيات اهمها فصل الجانب الحكومي عن التشغيل وتحويل السلامة من شعار إلى ممارسة دون ذلك سيبقى الناقل الوطني خارج الأجواء الأوروبية مهما تغيّرت العناوين وأزدادت النسب المئوية التي تتصدر نشرات الاخبار في وسائل الاعلام ...... هل من سامع ؟
2025

918 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع