الأعراس في البصرة أيام زمان
غريب دوحي الناصر
تميزت البصرة بانها عاصمة الفرح والطرب والاغاني المرحة ذات الايقاعات السريعة المستوحاة من بيئة البصرة وبساتينها الفارهة وانهارها الجارية . وقديماً اشتهر في البصرة عدد من الشعراء والمطربين الذي رفدوا الساحة الفنية في المدينة بنتاجاتهم الإبداعية ,وقد اشتهرت البصرة بفرق الخشابة التي تشارك في الحفلات والأعراس والمناسبات الأخرى مثل حفلات الختام ليلتان ( ليلة الحنة) و( ليلة الزفة ) .
مرت على البصرة عصور غابرة وخاصة في العهد العثماني في زمن حيث تردي الأوضاع الاقتصادية ولكن اهل البصرة كإنو يقيمون الاعراس ويولونها أهمية كبيرة وينفقون أموالا على اعداد الطعام وعلى المغنين .
ليلة الحنة
تجري الاحتفالات قبل ليلة الزفاف في بيت العريس والعروسة فيخرج المحتفلون حاملين صواني مطرزة بالورد والشموع كما وتخضب يدا العريس زكما يقف الوزيران احدهما على اليمين العريس والأخر على اليساره, ثم يبدأ ضرب الطبول والفوف ويتم الطواف في شوارع المدينة وسط زغاريد النساء والاغاني الشعبية المناسبة ، ثم تعود الزفة الى دار العريس حيث تفرش الأرض بقطعة قماش لكي يضع الاهل والأصدقاء هداياهم عليها وعادة تكون بعض النقود او اقمشة ويتم وضع العروسة على كرسي وهي في أبهى صورة لها محاطة بعدد من النساء اللواتي يجهدن انفسهن في جعلها على قدر كبير من الجمال ، وبعد ذلك تقدم الحلويات وسط الزغاريد ثم تبدأ حفلة العشاء وبعد انتهائها يأتي العريس وأصدقاءه ووزراءه الذين يحملون الشموع والقناديل وتضرب خلفهم الدفوف والطبول عندها يتقلد العريس سيفاً ويتقلد وزراؤه السيوف ايضاً مرددين هتافاً بأعلى أصواتهم : ( اللهم صل على سيدنا محمد واَل محمد )
حتى يدخل العريس الى داره حيث يتم اعداد الطعام له ولأصدقائه ثم ينصرف الجميع الى بيوتهم .
ليلة الزفة
وبعد الانتهاء من مراسيم ليلة ( الحنة ) تبداُ في اليلة الثانية مراسيم ليلة ( الزفة ) فيذهب اهل العريس وأصدقاؤه لجلب العروس مشياً على الاقدام وأحيانا تركب العروس حصانا وفي بيت العريس يكون الناس المدعوون جالسين في الديوان عندها يسير العريس مع جمهرة من الاهل والأصحاب
والى جانب العريس مجموعة الوزراء ويسير امامه حاملو الشموع وقارعو الطبول والدفوف وهم يرددون عبارة (شايف خير وتستاهلها) ثم تدخل العروس الى الغرفة المعدة لها فنجد عند الباب صينية فيها أوراق الآس والتمن واناء فيه ماء فتضع العروس رجلها داخل الصينية بأعتبار ان العروس تجلب الرزق لأهلها . فإذا كانت العروس طويلة لا يجوز ان تحني رأسها وتدخل بل تهدم عتبة الغرفة لكي تدخل ثم يدخل العريس فيضع رجله على رجلها لكي يكون في المستقبل أقوى من العروسة وبعد ذلك تذبح دجاجة على عتبة الغرفة وتسمى هذه (جريان دم) وتشعل شمعة ليلة الزفة وتبقى الى الصباح دليلاً على استمرار العلاقة بين العريس والعروس . وعادة يرتدي العريس الدشداشة البيضاء او الصاية والزبون حسب المدينة التي يسكن فيها .
وعند الصباح (الصبحية ) تقوم العروس بتقبيل اهل العريس حيث تتقبل هدايا من اهل العريس ثم يتشارك العريس وعروسته الافطار (الريوك) الذي يتكون عادة من القيمر والحلاوة وتبقى العروس لمدة (7) أيام لا تعمل ولا تكنس لان الكنس يجلب الشر حسب اعتقادهم . وكثيرا ما تتم الزفة بالإبلام والماطورات في شط العرب .
زفة الماطورات
في نهاية الثلاثينات جرت العادة ان تكون الزفة بالإبلام العشارية في شط العرب حيث يجلس العريس والعروس داخل البلم تحيط به عدة ابلام وتجري الابلام بين زغاريد النساء والاهازيج الشعبية مثل (شايف خير ومستاهلها) و (هاي الرادها وهاي التمناها بت الشيخ لابن الشيخ جبناها) ثم ينزل العريس والعروس من هذه الزفة النهرية . ثم تطورت الزفة الى زفة الماطورات واستمرت حتى افتتاح شارع الكورنيش عام 1940 في زمن المتصرف (المحافظ) صالح جبر الى يومنا هذا
ومما يؤسف له ان تلك المراسيم الجميلة التي كانت تجري في العهد العثماني وفي الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي قد اختفت واختفت معها تلك الولائم الفاخرة واقتصرت على الاحتفالات التي تقوم في قاعات الاعراس واقتصرت الولائم الغذائية على (لفة الكباب) التي لا تسمن ولا تغني عن جوع !
993 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع