الرابط بين فتاة القطيف وأشرف فياض

                                                          

                                     سارة مطر

حدثني أحد الزملاء عن رغبته في إتمام كتابة مذكراته، وقد قرأت فصلين منها قبل أن تكتمل، بدا زميلي صريحاً في تدوينه ليومياته، لم أخش عليه من أي أسى، ما كتبه لم يكن مساساً بأمن الوطن أو الدين، ولكنه أقرب إلى أن يكون فاجعة لما حدث لهُ من مآس أثناء عمله السابق، وقبيل ابتعاثه لإكمال دراسته الجامعية، وهي سبب كل ما حدث لهُ من مصاعب. أخبرته أن عليه ألا يعطي اهتماماً لمن حوله إن أراد أن ينشر قصته، وأن عليه أن يدافع عن قضيته طالما تمسه بشكل أو بآخر، باعتبار أن ما كتبه مستهلم من فكر غير مشغول بالنزعة العنصرية، كما أنه لا يبحث عن تعاطف بقدر ما يتحدث عن رأيه في ما حدث لهُ، بسرعة رد عليّ “لا يمكن لأي كان أن يضعني في قفص من حديد، طالما هناك قنوات متعددة لوسائل التواصل الاجتماعي. في السابق كان من الممكن لأي شرطي ضربك لأنك لم ترق لهُ، أما الآن فالوضع تغير”، لفتت انتباهي ردة فعل زميلي وتعبيره الذي كثيراً ما يتناقله الآخرون، بضغطة زر من جهاز الجوال وتسجيل فيديو لأي مسؤول يتطاول عليك، يمكنك أن تقيله من منصبه.

نفهم أن تفاعل المجتمع السعودي مع ضغطة زر التسجيل، بدأ يأخذ حيزاً من الاهتمام الذي يجعلك لا تستطيع أن تستهين به يوماً، واختياره للمفتاح السحري للتعبير عن رأيه، يأتي من قبل ذكاء الأفراد، حيث أنهم أدركوا أهمية التفاعل مع أي قضية لرفع الظلم وتحقيق العدالة، وذلك من خلال الضغط المجتمعي على المسؤول أو الحكومة، لكن في قضية مثل قضية الشاعر الفلسطيني أشرف فياض، بعد الحكم عليه بالإعدام بسبب كتاب شعري نُشر عام 2008، واتهامه بالإلحاد، بدأ الضغط من المجتمع الثقافي على الحكم، أقوى من الأفراد الذين لم يتوقوا لفهم المعنى الحقيقي للحكم بإعدام مثقف في هذه الظروف التي يعيشها الوطن العربي. كنتُ وما زلت أتعاطف مع قضية أشرف فياض، وحينما أوقف أول مرة وأفرج عنه، خلت أن قضيته انتهت حتى اصطدمت بالواقع بعد الحكم عليه، لكن غاب الضغط المجتمعي من السعوديين للدفاع عن فياض، وبقي الكتاب والفنانون يحاولون تسليط الضوء على امتعاضهم من الحكم القاسي، دوّن الكثير من الكتّاب عددا من المقالات بحذر حتى لا يحاكم أحدهم بأن ما كتبه يمس القضاء وسلطته، لكنهم عبروا عن أرائهم في مناصرة فياض ومحاولة إبعاد السيف عن رقبته.

تذكرت قضية أشرف فياض وأنا أقرأ كتاب “المملكة من الداخل–تاريخ السعودية الحديث” لمؤلفه روبرت ليسي، حيث تحدث الكاتب في الفصل الثاني والثلاثين عن قضية فتاة القطيف، والتي حدثت عام 2006 وصدر الحكم الأخير بسجن الفتاة ستة أشهر مع جلدها مئتي جلدة رغم أنها اغتصبت. لم يكن المجتمع السعودي آنذاك، يعرف وسائل التواصل الاجتماعي، وكنت حينها مجرد مدونة صغيرة لا تفقه شيئاً في قضايا المرأة أو مطالب المجتمع، لكن مجرد سماع الحكم الذي وضع المجني عليها بجانب المغتصبين وكأنها شريكة معهم في قضية جنسية يصيب بالدهشة. المؤلف يقول إنه لعدم كفاية الأدلة لم يطبق الحكم الشرعي بالموت للمغتصبين، لذا تم الحكم المبدئي عليهم من عشرة أشهر إلى خمس سنوات وهو في رأي القضاة حكم مناسب، ولكن بعد توسع دائرة القضية تم تشديد الأحكام على كلا الطرفين. بعدها يعرف الجميع ما حدث حيث أسقط الحكم بعد تدخل الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، وتم إلغاء حكم السجن والجلد.

المجتمع السعودي لام الضحية، وأنها بطريقة ما “دعت” إلى هذا الاغتصاب، وهو ما أشعر به مع قضية فياض، لا أعرف إذا ما كان لاختلاف جنسيته أي دور، حيث لم يتفاعل المجتمع السعودي مع الحكم الصادر ضده بالإعدام، رغم أنه سريع التأثر ويمكن أن يأخذ خطوات مؤثرة في فرض أفكاره وتوجهاته.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

872 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع