قصة (مهمة تسليم) الجزء الثاني

بقلم احمد فخري

قصة (مهمة تسليم) الجزء الثاني

من لم يتسنى له الاطلاع على الجزء الاول فبامكانه مراجعته من خلال هذا الرابط

https://algardenia.com/maqalat/67337-2025-04-23-15-30-21.html

مر على العميل ثيو ورفيقه الدكتور ريك اسبوعان كاملان فوق سفح الجبل يصارعان من اجل البقاء رغم قساوة الطقس وشحة الغذاء حتى بدأ مخزون اللحم من الدب ينفذ. ومما زاد في الطين بلة هو الجرح الذي اصاب اصبع العميل ثيو على اثر بتره بحيث بدأ يتقرح بشكل كبير مسبباً آلاماً شديدة والواناً ما انزل لله بها من سلطان. وحين تفحصه ريك لآخر مرة نظر بعين رفيقه وقال:

ريك : يؤسفني ان اخبرك بان الوضع غير مطمئن.

ثيو : وماذا تريد ان تفعل؟ تطلق عليّ رصاصة الرحمة؟

ريك : كلا، علينا ان نكوي اصبعك يا ثيو.

ثيو : لا، لا هذا مستحيل. انا لا اتحمل الالم. انسى الموضوع وفكر بشيء آخر غيره.

ريك : عزيزي ثيو انا الاحظ التهابات وتقرحات خطيرة على اصبعك المبتور. إن لم نقم بحرق المنطقة فقد أضطر لبتر يدك باكملها فيما بعد. يؤسفني ان اخبرك ذلك لكنها الحقيقة المرة.

ثيو : اليس هناك أي حل آخر؟ الا تستطيع ان تفتش عن المزيد من المضادات الحيوية الطبيعية؟

ريك : لقد استعملت البعض منها عندما عثرت على اعشاب الاكليل والـ الفاالفا Alfalfa وكذلك استعملت الـ كاسكارا Cascara لكنها جميعاً لم تجدي نفعاً لان نسبة الالتهاب عالية جداً. انا انصحك بان تدعني أكوي اصبعك والا...!

قالها وهو ينظر بوجهه فاتحاً عيناه لاقصى درجة لاوياً رأسه الى كتفه ورافعاً حاجبيه الى جبينه.

ثيو : إذا كان ولا بد، فافعل ما يمكنك فعله يا ريك. انا اثق بك تماماً. ولكن متى تريد ان تبدأ بعملية الكي؟

ريك : الآن فوراً. نحن نصارع من اجل إيقاف الغرغرينا يا ثيو.

ثيو : حسناً، إن لم يكن هناك حل آخر فانا موافق، هيا أفعلها.

خرج ريك من الخيمة وراح يجمع الحطب والمواد القابلة للاشتعال ليضعها في حاوية معدنية فيسخنها ويقوم بكي مكان الاصبع الملتهب. وبعد ان اعد كل شيء قال لثيو،

ريك : استلقي هنا واسترخي قليلاً.

استلقى ثيو على الفراش بداخل الخيمة ينتظر ريك حتى يوقد النار في الخارج. وبينما كان ريك يجمع قطع القماش التي سيحرقها استعداداً للعملية بدأ يصل الى مسامعه صوتاً شديداً مدوياً يصم الآذان. نظر ريك خلفه واذا بها طوافة هليكوبتر تتجه مباشرة نحوهم. رمى كل شيء على الارض وصار يلوّح بكلتا يديه ويصيح بدون شعور، "نحن هنا، نحن هنا، انقذونا هيا تعالوا". اقتربت منه الطائرة وتوقفت في السماء ثم بدأت تهبط رويداً رويداً محدثة دوامة من الثلج المتطاير بكل مكان حتى حطت على الارض فانفتح بابها وخرج منها ثلاثة رجال يرتدون معاطف حمراء عليها خط ابيض مميز لرجال الانقاذ. اقتربوا من ريك فقال لهم،

ريك : حمداً لله. ها قد عثرتم علينا.

لكنهم لم يسمعوا ما قاله بسبب الضجيج الذي يحدثه محرك الطائرة فرفع من صوته هذه المرة وقال،

ريك : حمـــــــــــــــداً لله. لقد عثرتم علينا.

المسعف : كم عدد الناجين؟

ريك : اثنان فقط. انا وثيو. لكن ثيو مصاب ويحتاج لرعاية طبية عاجلة. تعالوا معي انه بداخل الخيمة.

دخل ريك يتقدم المسعفين الى الخيمة فرأوا ثيو مستلقياً على ظهره ينظر صوبهم والابتسامة تملأ وجهه قال، "لا اصدق، لقد استجاب الله لدعائي، انا سعيد بمجيئكم".

تفحص المسعفين الخيمة ثم اقترب احدهم من ثيو وامسك بيده وقال،

المسعف : كان من المفروض ان تكووا الاصبع كي توقفوا الالتهاب.

ثيو : الدكتور ريك كان سيقوم بذلك اليوم لكنكم وصلتم قبل ان يفعلها. لم يعد هناك حاجة لذلك الآن.

المسعف : سننقلك الى اقرب مستشفى وسوف يقوموا باللازم هناك.

دخل باقي المسعفين حاملين معهم نقالة خفيفة ليضعوه فوقها. ادخلوه الطائرة ثم عاد الجميع الى مدينة شاستا فهبطت الطائرة بمهبط خاص داخل المركز الطبي الإقليمي لشاستا. كان باستقبالهم رجال شرطة محليون ومندوبون من مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI. هرع رجال الطواقم الطبية واخذوا ثيو ليعالجوه بينما القي القبض على ريك. اقتادوه بطائرة هليكوبتر اخرى ليأخذوه الى مدينة سان فرانسيسكو القريبة.

<< بعد مرور ثلاث اسابيع بالمستشفى <<

دخلت الممرضة هيلين غرفة الضابط ثيو فوجدته جالساً في سريره يطل من شباك غرفته متأملاً الحديقة الغناء ومنظر الجبال بالافق. استدار نحوها وسأل،

ثيو : هل ستخرجونني اليوم؟

الممرضة هيلين : اجل، لقد وقّع الدكتور فالديرهايمه على خروجك وامر باخلاء سبيلك لكنه يود ان يتحدث اليك قبل ان ترحل.

ثيو : ولماذا يتحدث الي إذا كان قد وافق على اطلاق سراحي؟ الم تخبريني انه امر بذلك؟

الممرضة هيلين : هذا صحيح، لكن جرت العادة ان يقوم الطبيب المعالج بمقابلة المريض قبل ان تتم مغادرته بشكل نهائي. لا عليك عميل ثيو انه لن يحاورك طويلاً وستتمكن من لقاء عائلتك قريباً.

قالتها ومنحته ابتسامة عريضة مطمئنة ثم خرجت من الغرفة. بقي ثيو يمشي بالممر ذهاب اياب دون ان يبتعد كثيراً عن باب غرفته خوفاً من ان يأتي الدكتور ولا يجده فيها فيضطر صاحبنا المكوث يوماً اضافياً بالمستشفى. بقي يسير بالممر لاكثر من ساعتين حتى لمحه قادماً اليه فاسرع بالدخول الى الغرفة. سمع الباب ينفتح ويدخل منه الطبيب بصحبة رئيسة الممرضات. حياه وقال،

الدكتور : صباح الخير عميل ثيو.

ثيو : صباح الخير دكتور.

الدكتور : بعد ان عالجنا يدك، يبدو انك اصبحت جاهزاً لمغادرة المستشفى. لقد قرأت كل التقارير ووجدت ان بالامكان اخراجك اليوم.

ثيو : شكراً لك دكتور. هل استطيع المغادرة الآن؟

الدكتور : اجل، بالتأكيد، فقط اريد منك ان توقع على وثيقة الاخلاء لدى مكتب رئيسة الممرضات.

ثيو : سافعل ذلك يا دكتور بالرغم من اعاقتي باصبعي.

الدكتور : كذلك عندي رسالة اوصلها اليك من الضابط دانيالز.

ثيو : اجل العقيد دانيالز هو رئيسي المباشر في شيكاغو. وماذا قال فيها؟

الدكتور : قال انك يجب ان تذهب الى مقر القيادة العامة بشاستا وتقابل العقيد براون قبل ان تسافر لعائلتك.

ثيو : سافعل ذلك يا الدكتور.

الدكتور : إذاً، انت جاهز لفراقنا. حظ سعيد.

ثيو : شكراً لك يا دكتور.

خرج الدكتور فالديرهايمة بصحبة رئيسة الممرضات من الغرفة بينما باشر ثيو بارتداء ملابسه التي كان يتوق اليها خلال العشرين يوماً التي قضاها بالمستشفى عندما أُحضِرَ اليهم ليعالجوا اصبعه بشكل نهائي وقتها زودوه باصبع صناعي ليعوض اصبعه المبتور لكنه كان مجرد ديكور لاغير. وضع ملابس المستشفى الزرقاء فوق السرير ونظر من الشباك للمرة الاخيرة فاستدار وفتح الباب ليخرج من الغرفة ثم المستشفى باكملها بعد ان امسك بالقلم بصعوبة بسبب اصبعه المبتور ووقع على اوراق الخروج. ركب سيارة اجرة وطلب من السائق ان يأخذه الى مقر القيادة العامة للشرطة الفيدرالية بمدينة شاستا. دخل المقر فرأى البواب المسن ذو البشرة السوداء فحياه باحترام وسأله عن العقيد براون. اجابه بانه في الطابق الاول غرفة رقم 104. شكره ثم وقف على السلم المتحرك لينتقل الى الطابق الاول. بحث قليلاً عن الغرفة رقم 104. ولما عثر عليها طرق الباب فسمع الاذن بالدخول. فتحها ودخل ليسمع العقيد يقول،

العقيد براون : آه ملازم اول ثيو باباندريو. مرحباً بك تفضل واجلس.

ثيو : جئتك اليوم سيدي كما طلبت مني.

العقيد براون : اردت ان ازف لك الخبر السعيد. فانت اصبحت الآن متقاعداً وستحصل على مبلغ دسم جداً لعدة اسباب، السبب الاول هو...

قاطعه ثيو وصرخ قائلاً،

ثيو : متقاعـــــــــد؟ ومن قال اني اريد ان اتقاعد؟ انا لازلت بالاربعينات من عمري وبكامل صحتي فلماذا تريدني ان اتقاعد؟

العقيد براون : اولاً انت لست بكامل صحتك (قالها ونظر الى اصبع ثيو المبتور رافعاً حاجبه الايمن للاعلى) وثانياً انت تعرضت لحادث مميت نجيت منه باعجوبة، فقد سقطت من على ارتفاع 33 الف قدم. لكن حظك هو الذي نجاك منه. ثالثاً سوف تصبح ثرياً للغاية مع كل العلاوات والمبالغ التي رصدت اليك. اذهب يا رجل واستمتع بالحياة مع عائلتك. خذ اولادك مارتن وانجلينا وأقضي معهم وقتاً ممتعاً. اترك مشاكل التحقيقات والمجرمين وراء ظهرك انت تستحق ذلك.

ثيو : لكنني غير مستعدٌ نفسياً كي اتقاعد. انا اريد الاستمرار بعملي. اعتقد ان لدي الحق في تقرير مصيري. اليس كذلك؟

العقيد براون : لا، انت لست حراً فانت الآن معوق من جراء بتر اصبعك. انت لن تتمكن من استعمال مسدسك او احكام الاصفاد على ايدي المجرمين ولا حتى التوقيع باسمك على الورق. وبنظر مكتب التحقيقات الفيدرالية فانت معوق وعميل انتهت مدة صلاحيته.

ثيو : ساتصل بالادارة العامة بشيكاغو وساقنعهم لاتمكن من تغيير قرارهم.

العقيد براون : القرار صادر من شيكاغو وليس من عندي. انا لا اعمل بالادارة التي قررت احالتك الى التقاعد. بل شيكاغو هي التي اتخذت القرار. لا تنسى العائدات المالية والفوائد.

ثيو : وتسمي تلك فوائد؟ انهم يقتلونني بقرارهم هذا. انا لن ارضخ لمثل هذا القرار الجائر.

العقيد براون : الامر خرج من يدي. بامكانك مناقشة الامر مع ادارتك هناك بشيكاغو بعيداً عني. انا انقل اليك رسائل وحسب.

ثيو : شكراً لك سيدي. استأذنك الآن.

العقيد براون : الى اين انت ذاهب؟

ثيو : ساذهب لاستمتع بحياة الرفاهية كما اسلفت.

العقيد براون : هذا قرار صائب.

خرج ثيو من مكتب العقيد وهو في غاية الغضب لانه لم يتوقع ان تنتهي مسيرته المهنية بهذه السرعة والآن صار يفكر بامور كثيرة يريد من خلالها اثبات قدراته التي لم تخبو بعد. ولكن اولاً وقبل كل شيء عليه ان يذهب الى بيته بشيكاغو ليرى مارتن وانجلينا وزوجته نيكي فقد اشتاق اليهم كثيراً. ركب سيارة اجرة وطلب من السائق نقله الى مطار شاستا. دخل مبنى المطار وتحدث مع موظفة شركة ديلتا للطيران فاخبرته بان لديهم رحلة الى شيكاغو خلال ساعتين. دفع ثمن التذكرة من بطاقة ائتمانه الشخصية وبقي بقاعة المطار حتى حان موعد الاقلاع ليركب الطائرة التي ارجعته الى الديار. فور وصوله مطار شيكاغو وخروجه الى الشارع كان ينوي ان يتصل بالهاتف مع عائلته ليخبرهم بقدومه لكنه غير رأيه بآخر لحظة وقرر مفاجئتهم بنفسه لان زوجته بدت قلقة للغاية على الهاتف طوال فترة بقائه بالمستشفى. والآن سيفاجئها وستفرح به وسيبقى معهم لفترة اسبوع على الاقل قبل ان يعود الى الوكالة ويعاتب رئيسه المباشر العقيد دانيالز كي يرجعه للخدمة.

وقف التاكسي امام بيته فنزل منه ودخل بوابة المنزل الخارجية فهاله ما رأى. الحديقة كانت تعاني من فوضى عارمة. الكراسي التي كان يحرص على ابقائها بشكل دائري لتكون مستعدة لاستقبال الزوار المفاجئين اصبحت مبعثرة اليوم والبعض منها كان مقلوباً رأسٌ على عقب. بعض من لعب ابنه مارتن كانت مرمية بالطين بالقرب من مشتل الأزهار. "لماذا يرمي مارتن لعبه الالكترونية في الطين؟ ولو قلنا ان سنه صغير ولا يعي ما يفعل، فاين امه ولماذا لم توبخه اخته الكبرى انجلينا. انها فتاة منظمة للغاية. لا ادري ماذا يجري هنا، ساتحدث اليهم لاقف على سبب تلك الفوضى".

وضع المفتاح بالباب وفتحه ثم خطى خطوتين بالداخل وصاح، "اعزائي، أنا في البيت، أين أنتم يا أنجلينا، نيكي، مارتن؟ لقد سرحوني من المستشفى". لكن احداً لم يرد عليه. ما الذي يجري بهذا البيت اللعين. صعد الى الطابق العلوي فسمع اصواتاً داخل غرفة نومه. وقف خلف الباب ليحاول ان يتعرف على ما يقال لكنه لم يتمكن من ذلك. فتح الباب بقوة ودخل فسمع جميع افراد عائلته يصرخون بصوت واحد، "مفاجئــــــــــــة" ابتسم ثيو وصار يقبلهم فراحوا يحظنونه ويسألونه عن صحته الواحد تلو الآخر وفجأة قال له ابنه،

مارتن : اصحيح ان اصبعك قد بتر يا ابي؟

ثيو : اجل. هذا صحيح.

مارتن : ماذا لو ضايقك احد الحمقى اثناء قيادتك السيارة واردت ان تحقره باشهار اصبعك؟

ثيو : الاصبع المبتور هو السبابة وليس الاوسط. وعلى العموم انا لم يكن من المفروض ان افعل ذلك امامك لان تلك ليست من الاخلاق الحميدة.

أنجلينا : وهل ستكون من الاخلاق الحميدة لو فعلتها دون ان يعلم اخي مارتن يا ابي؟

نيكي : كلا يا حبيبتي. ابوك يقصد انه لم يكن يقصد ان يفعلها ولكنه فعلها بحالة غضب. دعوا والدكم يرتاح الآن وكفاكم اسئلة غبية فهو متعب وقد خرج للتو من المستشفى.

ثيو : لا عليك حبيبتي، لقد اشتقت لاسئلتهم المحرجة. فنحن انجبنا اطفالاً اذكياء يريدون معرفة كل شيء. ولكن اخبريني، كيف عرفتم بحضوري لتهيئوا المفاجئة؟

أنجلينا : اتصل بنا العقيد دانيالز وقال انه تلقى معلومات من نظيره براون فاخبرنا بقدومك. ولما رأينا سيارة الاجرة تتوقف امام المنزل. ركضنا الى الطابق العلوي لنختبئ ونفاجئك.

هنا صدمته ابنته بسؤال حين قالت،

أنجلينا : أصحيح يا ابي انك ستصبح متقاعداً؟

مارتن : هل ستقرفنا بترتيب كل شيء ورائنا بعدما كنا نشعر بالحرية في غيابك؟

ثيو : تشعرون بالحرية هــــــــــــا؟ ساقوم بمراقبة كل حركة تعملونها وسالقي القبض على اي مخالف منكم.

قالها وهو يزغزغ مارتن ابنه فيصرخ مارتن من الضحك.

نيكي : دعوا والدكم يرتاح قليلاً. هيا اهبطوا الى الطابق السفلي. اريد التحث اليه بامر مهم لو سمحتم.

امسكت انجلينا بيد اخاها الصغير وقالت له،

انجلينا : هيا يا مارتن دعنا ننزل الى الاسفل. يبدوا ان ابوينا يريدان ممارسة الحب مثل الافلام التي نراها على اليوتيوب.

خرجت الفتاة بصحبة اخاها من الغرفة واغلقا الباب ورائهما. تقدم ثيو نحو زوجته وامسك بخصرها وقبلها. وبعد اكثر من ساعة من المشاورات المكثفة بينهما، استلقى ثيو على ظهره وهو عارٍ تماماً قال،

ثيو : تباً لهم لانهم يريدون اقالتي من الوكالة. هذا امر سارفضه رفضاً قاطعاً.

نيكي : لماذا يا حبيبي؟ انت عانيت كثيراً في عملك بالوكالة ونحن ايضاً عانينا من جراء عملك هذا ورحلاتك وغيابك المستمر عن البيت. لماذا لا تتقاعد وتفتح لنفسك مكتباً كمحقق خاص. ستجني منه اموالاً طائلة تضاهي مرتبك الحالي او ربما اكثر منه بكثير.

ثيو : لكنني يا حبيبتي افتخر كوني اعمل بالوكالة.

نيكي : وماذا افادتك الوكالة؟ طردوك بمجرد فقدانك اصبع واحد. ماذا لو قطعت يداك من جراء العمل. ربما كانوا سيرسلونك إلى فرقة الإعدام.

ثيو : لا تبالغي يا نيكي.

نيكي : بل يجب عليك انت ان تستيقظ من سباتك من تلك الاكذوبة التي تسميها وكالة FBI. لا تفكر بنفسك وحسب. فكر بي، فكر باطفالك، نحن جميعاً بحاجة اليك يا حبيبي.

ثيو : هل هذا رأيك؟

نيكي : بل هو الرأي الصائب الذي عليك ان تراه بعينيك. يجب ان ترعى مصالحك ومصالح عائلتك بالدرجة الأولى. الوكالة اثبتت انها ليست عائلتك كما كانوا قد اوهموك في السابق.

ثيو : إذاً كل ما علي فعله هو قبول الاستقالة وتلقي مكافئة انهاء الخدمة. أهذا ما تقولينه؟

نيكي : اجل حبيبي. بالمبلغ الذي يمنحونك اياه ستتمكن من فتح مكتب تحقيقات شخصي من النوع الراقي وتؤثثه بشكل لائق ليستقبل افضل واغنى الزبائن.

ثيو : اجل أعتقد أن لديك وجهة نظر هنا...

بتلك اللحظة رن هاتفه النقال فاستأذن من زوجته برفع اصبعه الايسر بوجهها ثم اجاب على المكالمة ليعلم انها من رئيسه المباشر العقيد دانيالز. تحدث معه وقال،

ثيو : نعم سيدي.

العقيد دانيالز : ثيو ارجو منك الحضور اليوم الى الوكالة كي نباشر باجراءات التقاعد.

ثيو : ساحضر بعد قليل سيدي.

العقيد دانيالز : وانا ساكون بانتظارك.

اغلق الخط مع مديره وقال لزوجته.

ثيو : انهم يريدون مني الحضور الى الوكالة لاكمال اجراءات التقاعد.

نيكي : إذهب يا ثيو واكملها باسرع وقت كي تتمكن من البدء بحياتك الجديدة.

ثيو : ساذهب الآن فوراً.

<< بعد مرور ساعة <<

دخل ثيو مقر الوكالة بشيكاغو فتبين ان بطاقته الامنية لم تعد تفتح له البوابة الالكترونية في مدخل بناية الوكالة فنظر الى الشرطي الذي وقف بالباب وقال،

ثيو : يبدو انني قد تقاعدت فعلاً ولم ابقى عميلاً لديكم.

الشرطي : يؤسفني ذلك سيدي. لا عليك، سأفتح لك البوابة.

فتح له البوابة وتوجه مباشرة الى مكتب العقيد. طرق الباب ودخل فنظر اليه رئيسه وقال،

العقيد دانيالز : من الجيد انك حضرت يا ثيو.

ثيو : هل انتم مستعجلون على التخلص مني لهذه الدرجة؟

العقيد دانيالز : عليك ان تفهم بانه ليس قراراً شخصياً ضدك. ببساطة انت اصبحت عاجزاً وفاقد الأهلية لذلك اضطررنا اقالتك.

ثيو : ارجو الاسراع باجرائات الاقالة فانا لم اعد احتمل البقاء بهذا المبنى العفن المقرف اكثر مما يجب. اشعر وكأنني اختنق.

العقيد دانيالز : إذا كان هذا رأيك فانا اقترح عليك الصعود للطابق السادس فوراً ومراجعة قسم الحسابات لانهاء الاجرائات.

لم يودع ثيو رئيسه السابق بل ادار ظهره اليه وخرج من المكتب ثم صفق الباب بقوة احدثت صوتاً مدوياً ليعبر عن سخطه.

<< بعد مرور 10 ساعات في شيكاغو <<

ركب ثيو طائرة ركاب ورجع بها الى ولاية كالفورنيا. دخل مبنى السجن وطلب مقابلة السجين الدكتور ريك مارتينز فسمحوا له. دخل غرفة الزيارات وجلس خلف طاولة صغيرة ينتظر صاحبه. بعد قليل احضروا له الدكتور ريك مكبلاً بالاصفاد. وقف ثيو وصافح ريك ثم جلس الرجلان متقابلين خلف الطاولة قال،

ثيو : كيف حالك؟

ريك : كما تراني. انا باسوأ حال. سوف تبدأ محاكمتي خلال شهرين. لكنني لست متفائلاً بنتيجتها لانها ستنتهي كما انتهت المحاكمة الاولى.

ثيو : انا جداً آسف لسماع هذه الاخبار واتمنى لك كل خير فانت لديك الفضل في انقاذ حياتي ولأكثر من مرة.

ريك : اعتقد ان هذا لن يشفع لي لأنهم عازمون على دفني خلف القضبان.

ثيو : الا إذا...

ريك : الا إذا ما؟ ماذا يجول بخلدك يا ثيو؟

ثيو : لقد قاموا باقالتي من الوكالي واحالوني الى التقاعد. لذلك قررت فتح مكتب تحقيقات شخصي.

ريك : هل تريد مني ان اكون اول زبون لديك؟

ثيو : اجل، ساعملها فقط اكراماً لما فعلته من اجل انقاذي ولن اتقاضى منك سنتاً واحداً ازاء ذلك.

ريك : لكنك ستتعب نفسك من دون جدوى. لان السيناتور مصمم على زجي بالسجن بعد وفاة ابنه.

ثيو : لكن هذا لا يعني اننا سنستسلم وندع الاشرار ينتصرون. اريد ان استفتح مشروعي بفوز كبير على آلة الفساد. ما رأيك؟

ريك : انا موافق طبعاً ولكن كيف ستبدأ؟

ثيو : لا عليك يا صديقي. لدي الكثير من الموارد التي ما زلت لم استنفذها بعد. سوف احصل لك على البراءة، انتظر وسوف ترى.

ريك : انا اثق بك كثيراً لكنني لا اثق بالمؤسسة الفاسدة.

ثيو : سوف ندحرها يا عزيزي. ضع ثقتك فيّ وانا ساقودك الى بر الامان.

ريك : انا جاهز لما تطلبه مني.

ثيو : إذاً سنبدأ بان تخبرني بكل شيء وقع لك منذ اللحظة الاولى وحتى صدور الحكم عليك وهروبك الى شيكاغو.

هنا صار ريك يسرد لصاحبه كل حيثيات العملية التي اجراها لابن السيناتور من الفها الى يائها. وعندما انتهى من سرد الاحداث قال، "حتى جئت لتأخذني من شيكاغو لغرض تسليمي الى السلطات القضائية بكاليفورنيا، وانت تعرف البقية".

ثيو : هل تشك بان القاضي الذي اصدر الحكم عليك كان متواطئاً مع السيناتور اليكس بينيت؟

ريك : ليس لدي ادنى شك بذلك. فقضايا مثل تلك لا تدوم شهرين فقط. الم اخبرك قبل ان نغادر رحلتنا؟

ثيو : اجل اخبرتني ذلك، لديك الحق.

ريك : وما العمل الآن؟

ثيو : سابدأ في تحرياتي. لقد نقلوك الى هنا بسجن (مركز متروبوليتان الإصلاحي ). لكنني ساواصل زيارتك وسابقيك بالصورة كي نتمكن من الوصول الى طريقة نثبت بها برائتك.

ريك : انا اشكرك كثيراً يا ثيو.

ثيو : أنا مدين لك بحياتي يا ريك. ثق بانني سافعل كل ما يلزم لاقف الى صفك.

خرج ثيو من السجن وافكاراً كثيرة تدور برأسه. ركب سيارته اليابانية الصغيرة التي استأجرها من مطار كالفورنيا من نوع هوندا وعاد بها الى فندقه. ولكن اثناء القيادة لاحظ ان سيارة سوداء مظللة من نوع جي كلاس تتبعه. اراد ان يتأكد من ذلك فاستدار بشارع جانبي الى يساره ونظر بالمرآة فرآها تستدير خلفه وتتبعه. وقتها علم انه مراقب ولكن من الذي يريد مراقبته؟ هل هي وكالة الـ FBI ام احد رجال السيناتور ام بعض المجرمين ممن تسبب في زجهم السجن في السابق. توقف ثيو لدى احدى المطاعم ذات خدمة الوجبات السريعة ونظر بالمرآة فرأى السيارة السوداء تتوقف بعيداً في الشارع. نزل من سيارته ودخل المطعم فقام الشخص الذي كان يقود السيارة بالتحدث بهاتفه. وفجأة شعر بسبطانة باردة لمسدس ثيو تمس رقبته. توقف عن الحديث بالهاتف ورفع يده للاعلى. ادخل ثيو يده من الشباك وامسك به من رقبته وضربه على رأسه باخمص المسدس فخر فاقداً للوعي. وعندما فتح عينه من جديد رأى نفسه بمستودع مهجور وقد ربط على كرسي مهتري وقيدت يداه وراء ظهره. اقترب منه ثيو وقال،

ثيو : ها قد استيقظت الاميرة النائمة. كنت على وشك تقبيلها من فمها. لكنها استيقظت لوحدها.

الرجل : ما... ما... ماذا تريد مني؟ ولماذا احضرتني الى هنا؟

ثيو : الا تعرف السبب؟

الرجل : كلا.

ثيو : حسناً لدي ثلاث رصاصات ستخرج من فوهة مسدسي وستستقر بجسدك.

الرجل : انت رجل وكالة FBI ولا تستطيع فعل ذلك.

ثيو : وكيف عرفت انني رجل FBI؟ والآن لدي خبر جديد ومفرح لمن ارسلك. انا لم اعد اعمل لدى الوكالة. والآن، ساطلق عليك الرصاصة الاولى.

امسك ثيو بمسدسه ووجهه على ركبة الرجل ثم اطلق رصاصة واحدة فصرخ باعلى صوته من شدة الالم. بقي يصرخ بينما ظل ثيو ينظر اليه بكل برود ينتظر منه ان يتوقف عن الصراخ. ولما هدأ قال له،

ثيو : الرصاصة الثانية ستستقر بركبتك الثانية مما سيجعلك معوقاً مدى الحياة.

الرجل : ارجوك، ارجوك انا لا اعرف أي شيئاً وانا لم اكن اتبعك.

وضع ثيو مسدسه على ركبة الرجل الثانية واطلق رصاصة ثانية فصار يصرخ بصوت اعلى وراح يتوسل بثيو. لكن ثيو وجه مسدسه على رأسه وقال،

ثيو : الرصاصة الثالثة والاخيرة ستستقر بين عينيك.

وجه مسدسه على جبين الرجل فسمعه يقول،

الرجل : توقف توقف، ساخبرك بكل شيء ارجوك توقف.

ثيو : هيا اسرع، لديك خمس ثوانٍ فقط كي تخبرني والا فأنا لست معروفاً بصبري. ابدأ باسمك ثم اخبرني بكل شيء.

الرجل : انا اسمي فرانك ويطلقون علي لقب (سكار فيس) اي الرجل ذو الندبة على وجهه. السيناتور هو من طلب مني تتبعك وتقديم تقرير بكل تحركاتك.

ثيو : والآن اخبرني عن كل اعمال السيناتور القذرة دون ان تترك اي تفصيل مهما كان صغيراً.

بدأ (سكار فيس) يسرد لثيو كل ما يعرفه عن اعمال السيناتور من الالف للياء. ولما اكمل السرد سأله ثيو،

ثيو : هل اخبرت السيناتور بزيارتي الى السجن؟

(سكار فيس) : اجل، سبق وان اخبرته بذلك. لكنني آسف على ما فعلت واعدك بانني لن افعل ذلك ثانية.

ثيو : انا اعلم انك لن تفعل ذلك ثانية لانك ستتلقى الرصاصة الثالثة.

صرخ الرجل بصوت اشبه بصوت النساء عندما يصبن بالهستيريا وراح يتوسل اليه لكن ثيو قرص على الزناد واطلق الرصاصة الثالثة فاردته قتيلاً. تركه بالمكان المهجور وركب سيارته لينطلق بها الى الفندق. دخل غرفته واتصل بزوجته فسمعها تقول،

نيكي : اهلاً حبيبي، كيف سارت الامور؟

ثيو : لم تسر كما كنت أخطط لها. ولكن ارجو منك ان تأخذي الاولاد وتذهبي الى مكان بعيد.

نيكي : مكان بعيد؟ هل جننت يا ثيو؟ لماذا؟

ثيو : لانني اواجه مافيا كبيرة قذرة هنا بكالفورنيا ومن الممكن ان يؤذوكم. ارجوكِ يا نيكي اسمعي كلامي خذي الاولاد وارحلي.

نيكي : حسناً، حسناً، ساخذهم. ولكن الى اين؟

ثيو : اذهبي الى الكوخ الذي مكثنا فيه بالصيف الماضي عندما جئنا الى كالفورنا.

نيكي : لكن الكوخ كان في محمية غابة الحزام الأخضر. والمحمية بكالفورنيا وهذا يعني انني ساكون اقرب الى المافيا اليس كذلك؟

ثيو : اجل، اجل حبيبتي. انهم سوف لن يتخيلوا انك ستأتين الى هنا لانهم سيبحثون عنكم في شيكاغو. خذي اول طائرة تحصلين عليها مع الاولاد وتعالي الى كالفورنيا ثم استأجري سيارة وقوديها الى المحمية. ارجوكِ اسرعي. إن ذلك لمصلحة الجميع.

نيكي : حسناً حبيبي كما تشاء ولكن اريدك ان تشرح لي بالتفصيل.

ثيو : ليس هناك وقت للشرح. سوف تُقْتَلون إن لم تتحركي الآن فوراً.

نيكي : طيب، طيب، سنذهب حالاً.

نادت نيكي على اولادها مارتن وانجلينا وطلبت منهم الاستعداد للذهاب باجازة ففرحوا كثيراً وبدأوا يجهزون ملابسهم ولعبهم. وبعد نصف ساعة كانت امهم تقود سيارتها الخضراء العائلية متوجهة نحو مطار شيكاغو.

<< باليوم التالي في كالفورنيا <<

ركب ثيو سيارته وتوجه بها الى مقر السيناتور اليكس بينيت فطلب من موظفة الاستعلامات اخبار السيناتور بقدومه فرفعت الهاتف وتحدثت بصوت منخفض في الهاتف ثم نظرت الى ثيو وقالت، "تفضل سيدي، اصعد الى الطابق التاسع".

ركب المصعد وضغط على الزر رقم 9 فصعد الى الطابق التاسع. ولما انفرجت باب المصعد رأى رجلاً يرتدي بدلة سوداء انيقة امامه قال،

الرجل : السيناتور ينتظرك بمكتبه، تفضل معي.

سار الرجل بخطى ثابتة فتبعه ثيو حتى وصلا الى مكتب السيناتور. دخل فسمع السيناتور يقول،

السيناتور اليكس : واخيراً قابلت العميل المعوق ثيودراكس، تفضل، تفضل.

ثيو : اسمي ثيو وليس ثيودراكس، وانا لم احضر هنا كي اجلس واثرثر معك.

السيناتور اليكس : ولماذا حضرت إذاً؟ لتقتلني كما فعل صديقك الدكتور ريك بابني؟

ثيو : الدكتور ريك لم يقتل ابنك. انت الذي قتلته.

السيناتور اليكس : ما هذا الهراء؟ انا اقتله؟ كيف افعل ذلك؟ انه ابني الوحيد فكيف تتجرأ وتقول انني قتلته؟

ثيو : انا اعرف جيداً انك ثري جداً وان ما تجنيه من تجارتك يفوق الخيال. ابنك بول مات بسبب السموم التي تتاجر بها يا سيناتور. هل تعتقد انني لن اتوصل لشبكتك القذرة في بيع المخدرات؟

السيناتور اليكس : عن اي شيء تتحدث؟ انا لا افهمك. انت تحاول ان تتصيد بالماء العكر. ليس لديك اي دليل عما تقوله.

ثيو : بل لدي الكثير، الكثير يا رجل النزاهة والاستقامة. اليست هذه كلماتك عندما كنت تخوض حملتك الانتخابية الثانية؟ اسمع ايها القذر، لقد اعترف رجلك الغبي (سكار فيس) بكل الحقيقة قبل ان يذهب الى جهنم.

السيناتور اليكس : انت شخص مختل عقلياً، هيا اخرج من مكتبي، لا ترجع ثانية والا ناديت رجال الامن ليسحلوك الى الشارع.

ثيو : ساخرج يا اليكس ولي معك مواجهة ثانية.

استدار ثيو ليخرج من مكتب السيناتور فسمعه يقول،

السيناتور اليكس : ارجو منك ان تسلم على اولادك مارتن وانجلينا. هل هم مع زوجتك نيكي؟

ثيو : هذا ديدان كل المجرمين القذرين. تحاول ان تلوي ذراعي بعائلتي وتعتقد انها نقطة ضعفي. انه البريد الاسود يا سيناتور يا مجرم.

السيناتور اليكس : لنا لقاء آخر يا ثيودراكس.

خرج ثيو من مكتب السيناتور وصفق الباب ورائه بشدة فاصدر صوتاً أشبه بالقنبلة. ركب سيارته وبدأ عقله يعمل كالحاسوب يربط المعلومات بعضها ببعض مع كلام (سكار فيس) مع كلام السيناتور ثم تذكر ما قاله السيناتور، (هل هم مع زوجتك نيكي؟). إذاً قد يعرف مكان زوجتي والاولاد. ولكن كيف؟ ربما كان يتنسط على حوارنا بالهاتف عندما كانت زوجتي في البيت اي انه وضع لاقطات تنسط باماكن مخفية بداخل الغرف ببيتي. بهذه الاثناء اتصل باحد اصدقائه المقربين بالوكالة من الذين يثق بهم كثيراً لانه من الامريكيين الاصليين (الهنود الحمر) واسمه جمي اوليفر فسمع الهاتف يرن ثم اجاب قائلاً،

جمي : اهذا انت يا ثيو؟ كيف حالك وهل اخرجوك من المستشفى؟

ثيو : اجل يا جمي. انا في امس الحاجة اليك وليس لدي الكثير من الوقت لاشرحه لك. لكن المسألة تتطلب منك ان تعرض نفسك للخطر.

جمي : لا داعي لان تشرح لي اي شيء، فانا معك للآخر. قل لي ماذا تريد مني وستجدني الى جانبك يا ثيو فانت انقذت حياة ابي ولن انسى ذلك مهما حييت.

ثيو : شكراً عزيزي جمي. والآن اريدك ان تأتي الى كالفورنيا. سابعث اليك احداثيات المكان الذي اريدك ان تقابلني فيه.

جمي : ابعثها وساكون عندك فور وصولي كالفورنيا.

امسك ثيو هاتفه النقال بيده اليسرى بينما كان يقود السيارة باليد الثانية وكتب احداثيات محمية غابة الحزام الأخضر ثم بعثها لصديقه جمي برسالة نصية. بعدها طلب رقمه من جديد وسأله،

ثيو : متى بامكانك ان تحضر يا جمي؟

جمي : انا انطلقت فعلاً وانا بالطريق.

ثيو : اعطني الـ ETA ؟

جمي : ساكون عندك بالمساء مع الساعة 1800.

ثيو : ستجدني قبلك ببضع دقائق. شكراً يا صديقي.

اغلق الهاتف مع جمي وتوجه الى الفندق ليقوم بالاستعدادات. وعند حلول المساء ركب السيارة وتوجه بها الى المحمية. ولما وصل المحمية الطبيعية، سار بين الاشجار فرأى الكوخ الذي تقطن فيه عائلته. فتح الباب فركض ابنه مارتن نحوه ليحتظنه وسأله،

ثيو : اين امك واختك؟

مارتن : انهما يسبحان بالبحيرة على ضوء القمر.

ثيو : اذهب ونادهما فوراً ارجوك.

مارتن : لماذا يا ابي؟

ثيو : ليس لدي وقت للشرح. انهما في خطر شديد. ارجوك اذهب الآن.

ركض مارتن الى خارج الكوخ متجهاً الى البحيرة في هذه الاثناء صار ثيو يتفحص الكوخ ليتأكد من ان كل شيء على ما يرام وانه خالٍ من الكامرات واللاقطات. وفجأة سمع ابنه مارتن يناديه ويقول، "ابي، ابي انقذني". خرج ثيو خارج الكوخ فرأى رجلاً يمسك بابنه مارتن واضعاً خنجراً مسنناً على رقبته. استل ثيو مسدسه ووجهه صوب المجرم فسمعه يقول،

المجرم : اي حركة منك وساذبح ابنك امام عينيك.

ثيو : اترك ابني والا فسوف اطلق عليك النار.

وضع المجرم سكينه الحاد المسنن على رقبة الطفل مارتن فجرحه وصار الدم يسيل منه. نظر ثيو الى الدم الذي يسيل من رقبة ابنه فاتخذ قراره ووجه سبطانة مسدسه الى رأس المجرم واطلق رصاصة واحدة اردته قتيلاً. تعجب لقدرته على الاطلاق بيده اليسرى ولكن الامر يتعلق بابنه. ركض الى ابنه وتفحصه فعلم ان الجرح برقبته طفيف لذلك ادخله الكوخ ووضع قطعة قماش فوق جرحه وامره،

ثيو : لا تتحرك من مكانك. ساذهب لاحظر امك واختك.

مارتن : ماذا لو ان هناك المزيد من المجرمين يا ابي؟

ثيو : لا اعتقد ذلك. انه ذئب وحيد لكن المزيد من المجرمين سيحظرون قريباً. ابقى هنا يا ولدي لا تبرح المكان واقفل الباب ورائي. لا تفتح الباب الا إذا سمعتني اقول لك كلمة (سوپرمان).

مارتن : فهمتك يا ابي (سوپرمان)، انها كلمة السر بيننا.

ثيو : احسنت يا بطل.

خرج ثيو ومشى حتى وصل البحيرة فرأى زوجته وابنته تسبحان بعيداً بوسط البحيرة فاشار لهما بيده طويلاً حتى رأوه فسبحا نحوه قال،

ثيو : نحن جميعاً في خطر كبير. هيا تعالوا الى الكوخ.

تبعاه الى الكوخ حتى وصلوا الباب فوجد الباب محكماً قال،

ثيو : افتح الباب يا مارتن.

فسمع ابنه الصغير يسأله من وراء الباب ويقول،

مارتن : ما هي كلمة السر؟

ثيو : باتمان.

مارتن : خطأ، لن افتح الباب.

ثيو : انا آسف، اقصد سوپرمان.

مارتن : حسناً سافتح الباب الآن.

فتح ابنه الباب فدخل الجميع الكوخ واحكموا القفل. قام ثيو باسدال الستائر جميعها. وفجأة سمعوا صوت سيارة تقترب من الكوخ فقال لعائلته،

ثيو : انبطحوا ارضاً ولا تتحركوا حتى لو سمعتم أصوات رصاص.

انبطحوا ارضاً فسمعوا الباب يطرق بقوة. قرب ثيو سبابته اليسرى من فمه ليشير لعائلته بالهدوء وعدم اصدار اي صوت. ثم سمعوا الباب يطرق من جديد، ولكن بهذه المرة سمعوا صوت صديق ثيو (جمي) يقول،

جمي : انا جمي. افتح الباب يا ثيو.

ابتسم ثيو بوجه عائلته وقال، "لا تقلقوا، انه صديقي جمي".

فتح الباب وادخل صديقه جمي فسمعه يقول،

ثيو : ادخل واجلس وانا ساخبرك بكل شيء.

بدأ ثيو يحدث صاحبه بالقصة من اللحظة التي كُلّفَ بها لاحظار وتسليم المتهم الدكتور ريك وحتى دخولهم الكوخ في المحمية. فسمعه يقول،

جمي : انت في مأزق كبير. لكن الله يحبك لان لديك صديق خبير بالمفرقعات مستعد كي يبقى الى جانبك حتى الموت.

ثيو : شكراً لك عزيزي جمي.

جمي : والآن دعني اسألك، هل تعتقد ان هناك المزيد من الاشرار سيحضرون الى هنا؟

ثيو : بالتأكيد. انهم يعلمون انني ساكون محاصراً هنا بالكوخ.

جمي : ولماذا لا نعمل لهم حفل استقبال؟

ثيو : ما الذي يدور بخلدك؟ امن الداخل الى الخارج ام من الخارج الى الداخل؟

جمي : بل الاولى. اي من الداخل الى الخارج. هل لديكم انبوبة غاز للطبخ؟

ثيو : اجل، لدينا اثنتان في المطبخ.

جمي : إذاً احضرهما الى هنا ودعنا نهيئ الفتيل.

ذهب ثيو الى المطبخ واحضر قنينتي الغاز الصغيرتان ثم وضعهما بمكان مخفي تحت الاريكة داخل الصالة فصار جمي يعمل على هاتف صغير من نوع نوكيا يوصل به الاسلاك الى فتيل صنعه من عود الثقاب وقماش ثبته بالقرب من فوهة قنينة الغاز وعندما انتهى من عمله قال،

جمي : حسناً اريد هاتف احدكم ويجب ان تكون بطاريته مشحونة. فتطوعت نيكي واعطته هاتفها. هنا وضع هاتفها بالقرب من الباب وأتصل به من هاتفه كي يفتح الخط بين الهاتفين ثم قال، "هيا دعونا نخرج خارج الكوخ الآن ونحكم اقفال باب الكوخ بالقفل". فاطاعه الجميع. وقبل ان يخرج فتح الغاز كي يتسرب ويملأ الكوخ ثم خرج فتبعه الجميع وساروا في الغابة للاختباء خلف الأشجار بكل هدوء وصاروا يترقبون. وبعد مرور ربع ساعة وصلت سيارتان محملتان بتسع رجال كان من الواضح انهم من رجال السيناتور. ترجلوا من سياراتهم وطوقوا الكوخ. طرق قائدهم الباب وقال بصوت مرتفع،

القائد : الكوخ محاصر من جميع الجهات. افتحوا الباب واخرجوا.

هنا استعمل جمي هاتفه من خلال هاتف نيكي ليصدر صوت ضحك هستيري مستهزءاً بهم. كان الضحك يثير غضب القائد فامر احد رجاله باقتحام الكوخ من احدى الشبابيك الخلفية للكوخ. فكسر الرجل الشباك الخلفي ودخل ليفتح قفل الباب ويدع باقي الرجال الدخول الى الكوخ وباشروا تفتيشه. هنا نظر جمي الى ثيو وقال،

جمي : الآن سابعثهم جميعاً الى جهنم.

ضغط على هاتفه الثاني ليتصل بهاتف النوكيا مما شعل الفتيل الذي سبب انفجاراً بقناني الغاز. تحول الكوخ الى كرة نارية كبيرة ودخان يرتفع الى السماء. فجأة رأوا قائد الفرقة يخرج من الباب المشتعل وينجوا من الانفجار لكنه من الواضح انه كان مصاباً بحروق بالغة. اقترب منه جمي واعطاه هاتفاً نقالاً وقال له،

جمي : اتصل برئيسك السيناتور القذر واخبره بما حصل.

فاطاعه بكل خوف واتصل بالسيناتور. فقال له عبر الهاتف،

قائد الفرقة : سيدي لقد نصبوا لنا كميناً وقتلوا جميع افراد الفرقة. وانا الناجي الوحيد.

هنا انتشل جمي الهاتف من يد قائد الفرقة وقال بالهاتف،

جمي : خطأ. لقد ماتو جميعاً يا سيناتور.

بتلك اللحظة اطلق رصاصة على رأس قائد الفرقة فارداه قتيلاً. وقال بالهاتف،

جمي : إذا كنت تخاف على نفسك فتراجع ولا تزيد من خسائرك يا سيناتور.

السيناتور اليكس : ساقتلكم جميعاً يا قذرين اتسمعني؟ ساقتلكم جميعاً. من المتحدث معي؟

جمي : انا عزرائيل، جئت لاقبض روحك يا فاسد. الى اللقاء قريباً.

اغلق الخط مع السيناتور ثم قال لثيو،

جمي : لدينا مهمتان اساسيتان. الاولى هي وضع عائلتك بمكان آمن لا يستطيع السيناتور الوصول اليها. والثانية هي تدريبك كي تتمكن من استعمال يدك اليسرى في اطلاق النار بشكل جيد.

ثيو : انا موافق على ما تقول. ولكن قبل كل شيء يجب ان اذهب الى مكتب ارشيف المحاكم لاعمل بعض التحريات.

جمي : وانا سأخذ عائلتك الى مكان آمن. ساخذهم الى محمية الهنود الحمر.

ثيو : هذا أأمن مكان.

جمي : هيا اذهب يا ثيو.

ركب ثيو سيارته وقادها الى مركز المدينة. اوقف السيارة بالقرب من مجمع المحاكم بالقرب من شارع مونرو. ودخل المجمع فرأى سيدة كبيرة السن تعمل مسؤولة عن الارشيف فطلب منها محضر المحاكمة فأحضرت له المحضر وسألها،

ثيو : هل بامكاني استعارة هذا الملف سيدتي؟

السيدة : كلا انا آسفة سيدي، بامكانك الاطلاع عليه هنا فقط ثم اعادته إليّ فيما بعد.

ثيو : حسناً، ساتفحصه هنا إذاً.

امسك بالملف وبدأ يطلع على جميع حيثيات قضية الدكتور ريك من اللحظة التي انعقدت فيها الجلسة الاولى وحتى اصدار الحكم عليه. لاحظ ان القاضي كان يفسح المجال لنائب المدعي العام كي يتجاوز في تقديم ادلة اضافية ليس لها علاقة بالقضية لاستمالة عطف المحلفين. بينما كان يوقف محامي الدفاع من تفنيد كل المواقف التي دفعت بـ ريك لاجراء العملية. اخرج هاتفه النقال واخذ صور لبعض المعلومات كي يرجع اليها لاحقاً. وعندما فرغ من الملف ارجعه الى السيدة وسألها،

ثيو : المعلومات التي بالملف تشير الى ان القاضي الذي حكم بالمحكمة اسمه (تيموثي راسل). هل تعرفينه؟

السيدة : اجل كنت اعرفه جيداً رحمه الله.

ثيو : هل مات؟

السيدة : اجل. انتحر من عمارة سكنية حين رمى نفسه من الطابق الحادي عشر.

ثيو : شيء مثير جداً...

السيدة : كيف تقول على حدث مؤلم مثل هذا بانه مثير؟

ثيو : كنت اقصد مثير للحزن. على العموم اشكرك يا سيدتي.

خرج ثيو من مجمع المحاكم وتوجه الى عنوان القاضي تيموثي راسل. ضغط على الجرس ففتحت له سيدة مسنة قالت،

السيدة : تفضل، هل استطيع مساعدتك؟

ثيو : اجل، انا ابحث عن القاضي تيموثي راسل. هل هو بالبيت؟

السيدة : يبدو ان الصحفيين من امثالك يفتقرون للمعلومات هذه الايام. الا تعرف ان زوجي القاضي تيموثي راسل متوفي؟

قالتها وهمت باغلاق الباب. لكن ثيو وضع يده على الباب ليوقفها قال،

ثيو : لحظة واحدة سيدتي لو سمحتِ، انا لست صحفياً. انا رجل من وكالة FBI وابحث بامور ادت الى وفاة زوجك. اردت فقط ان اتأكد من اسباب وفاته. لذلك سألتك بهذه الصورة.

السيدة : إذاً تفضل بالدخول ودعنا نتحدث في غرفة الاستقبال.

دخل ثيو ليتبع السيدة ثم جلس على كرسي وثير امامها فسمعها تقول،

السيدة : لم اصدق للحظة واحدة ان زوجي بامكانه ان ينتحر. فقد كان انساناً يحب الحياة خصوصاً بعد ان منحته الدولة مبلغ مليون دولار كمكافئة لخدماته.

ثيو : هل المكافئة كانت بعد ان تقاعد من عمله ام قبل التقاعد؟

السيدة : كلا، انه مُنِحَ المكافئة في اوج مسيرته المهنية لانه كان قاضياً من الدرجة الالى.

ثيو : لماذا في رأيك انتحر إذاً؟

السيدة : لا اعلم ابداً. فقد كان يخطط لشراء قارب نقضي فيه الكثير من الاوقات السعيدة. فباليوم الذي زعموا انه انتحر كان ذاهباً الى معرض للقوارب المترفة للاغنياء. فكيف يقوم بالانتحار بعد كل ذلك؟

ثيو : هل وضعوا المبلغ في حسابه بالبنك؟

السيدة : كلا، لقد اعطوه حقيبة ملئى بالدولارات.

ثيو : هل في نظرك ان ذلك امراً اعتيادياً؟

السيدة : كلا، لقد سألت زوجي عن ذلك فقال بانهم ارادوا ان يوفروا عليه دفع ضريبة ذلك المبلغ.

ثيو : وهل هذا امراً طبيعياً؟

السيدة : اجل ان اغلبهم كانوا من طلابه القدامى عندما كان يُدَرّسُ القانون بالجامعة. لذلك ارادوا ان يساعدوه كي يتمتع بالمبلغ كاملاً بدلاً من ان يدفع نصفه لمصلحة الضرائب الداخلية IRS.

ثيو : سيدتي، انا اعتقد ان الجهة التي منحت ذلك المبلغ هي نفس الجهة التي قامت برميه من الطابق الحادي عشر كي يمنعوه من الادلاء بتصريحات تضر بمصالحهم.

السيدة : أيعقل ذلك؟ هل كان تيموثي مرتشياً إذاً؟ انه امر من الصعب تصديقه.

ثيو : بل عليك ان تصدقي ما اقول. والآن اخبريني، هل ما زال المبلغ عندك؟

السيدة : كلا، انا لا اعرف اين اختفى. لقد فتشت عنه كثيراً ولم اجده.

ثيو : الذي منحه المبلغ هو نفسه الذي قام باسترداده.

السيدة : يا الهي، ان ذلك امر فضيع. لا اعرف ماذا اقول لا اعرف ماذا اقول. انا مشوشة جداً.

صارت تبكي وغادرت تاركة ثيو جالساً وحده في غرفة الاستقبال. وقف ثيو ورحل من الباب الخارجي. ركب سيارته واتصل بصاحبه ليسأله،

ثيو : ماذا فعلت يا جمي؟

جمي : زوجتك واولادك بخير. هم الآن بمكان آمن جداً ولن يتمكن احد من العثور عليهم.

ثيو : جيد جداً وانا توصلت الى معلومات في غاية الاهمية. ساقصها عليك عندما نلتقي.

رجع ثيو الى مجمع المحاكم بالقرب من شارع مونرو ودخل المبنى ثم دخل مكتب الادارة وسأل احد العاملين هناك عن رزنامة المحاكمات فقام بإعطائه ملف بحث فيه وشكره ثم غادر المجمع. في الطريق تفحص الرزنامة فلم يجد فيها موعد للمحاكمة الجديدة لريك. نظر الى القائمة الثانية والتي تحتوي على القضايا المرفوضة فوجد أن قضية ريك قد رفضت من قبل القاضي الجديد. هنا علم ان القاضي الجديد اسمه (جون واشنطن). فابتسم واخرج هاتفه النقال من جيبه ليتصل باحد اصدقائه من الذين لازالوا يعملون بوكالة الـ FBI واسمه جوزيف كبابا فسمعه يقول،

جوزيف : كيف حالك يا ثيو؟

ثيو : انا بخير يا جو. اريد منك خدمة مستعجلة.

جوزيف : اي شيء تطلبه. تفضل.

ثيو : اريد معلومات عن قاضي اسمه جون واشنطن. ربما يكون هذا القاضي مرتشياً او عليه علامات استفهام لدى الوكالة.

جوزيف : حسناً سابحث بالامر ثم اتصل بك بعد قليل.

انغلق الخط مع صديقه جوزيف وبقي ينتظر لساعة كاملة ثم سمع الهاتف يرن من جديد فاجاب.

ثيو : هأ؟ ماذا فعلت يا جو؟

جوزيف : اتضح ان هذا القاضي هو واحد من انظف وانزه القضاة في سان فرانسيسكو. وان لم اكن ابالغ فربما هو الفائز على لقب بطل النزاهة في الولايات المتحدة منذ تأسيسها.

ثيو : امر عجيب جداً. اسمع يا جو، هل لديك عنوانه؟

جوزيف : اجل، انه يسكن برقم 1201 تومكن افنيو.

ثيو : حسناً 1201 تومكن افنيو. شكراً يا جو.

جوزيف : لا عليك.

ادار مقود سيارته وتوجه الى منطقة برنال هايتس ثم تتبع هاتفه على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS). حتى وصل الى منزل القاضي جون واشنطن. ضغط على جرس الباب ففتح له رجل في عقده الثامن يبدو عليه الوقار قال،

الرجل : تفضل ماذا تريد؟

ثيو : جئت قاصداً القاضي جون واشنطن، هل هو بالبيت؟

الرجل : اجل انا القاضي جون من انت؟

ثيو : انا اسمي ثيو عميل سابق لدى الـ FBI واريد التحدث اليك بخصوص قضية الطبيب ريك مارتينز المتهم بقتل مريضه اثناء اجراء عملية. وانت رفضت اعادة فتح القضية.

القاضي جون : انا لا اريد ان اتحدث بهذا الموضوع. نهارك سعيد سيدي.

ثيو : ارجوك سيادة القاضي، اسمع مني هذه الكلمات ثم افعل ما شئت بعدها، ارجوك.

القاضي جون : لا يمكنني ذلك.

قالها وهو يبكي. اقترب منه ثيو وقال،

ثيو : يبدو انهم تمكنوا من الضغط عليك انت ايضاً. ارجوك سيدي، ثق بي واستمع لما ساقوله لك.

هنا بدأ ثيو يقص عليه القصة كاملة من اللحظة التي كلف بمهمة تسليم المتهم ريك مارتينز واحضاره من شيكاغو الى كالفورنيا ثم حيثيات التهمة التي الصقت بالطبيب وكل جرائم القتل التي ارتكبها السيناتور وعصابته ثم الاحداث الغير اعتيادية التي دفعت بالقاضي السابق للانتحار الغير مبرر حتى انتهى بحصوله على معلومة تفيد بانه قد رفض استئناف القضية.

كان القاضي يستمع وهو مغرورق العينين وبعد ان استمع لكل ما تقدم به ثيو قال،

القاضي جون : لقد درست كل ملابسات الجريمة التي اتهم بها الدكتور ريك وقد وجدت ان هناك اموراً ناقصة لم يتطرق اليها الادعاء العام ولا الدفاع بخصوص الوفاة. لذلك وافقت على الاستئناف لكنهم تمكنوا مني يا حضرة الضابط. لقد استطاعوا على لوي ذراعي.

ثيو : سيدي ثق بي واخبرني بكل شيء فانا قادر على مساعدتك.

القاضي جون : حسناً ساخبرك بكل شيء وانا على يقين انني ساندم على ما سافعل، لكن شرفي المهني يدفعني لان اصنع الصواب. اسمع مني يا ثيو. قبل ايام جلست بحديقة بيتي في الصباح الباكر لأترشف قهوتي المفضلة فسمعت صوت شخص غريب بداخل بيتي يناديني باسمي تركت القهوة وذهبت لا تفقد الامر فرأيت رجلاً ضخماً جالساً بداخل مطبخي فقلت له، "من انت وماذا تفعل ببيتي؟". نظر الي وهو يبتسم وقال، "إذا كنت تريد ان ترجع اليك ابنتك فعليك ان تدين ريك بتهمة القتل وتبعثه الى السجن من جديد. والافضل ان لا تسمح بفتح القضية ثانيةً" سألته عن اي ريك يتحدث قال، "الطبيب ريك مارتينز". ركضت الى غرفة ابنتي لندا وفتحت الباب فوجدتها خالية وكل شيء مقلوب رأس على عقب. علمت وقتها انهم اختطفوها وانني يجب ان انصاع لمطالبهم والا فانهم سيقتلونها بلا شك. بقيت لبضعة ايام وانا اتصارع ما بين حبي لابنتي وبين مهنتي التي عملت بها بكل نزاهة وشفافية لاكثر من 55 سنة. لكن ضميري كان يؤنبني كثيراً كوني مؤمناً بالله وانا على يقين ان من يمكنه انقاذي من تلك الورطة هي معجزة من الخالق. والآن اراك تأتي الي دون ان ادعوك لتخبرني بانك قادر على انقاذها.

ثيو : سيادة القاضي. انا كنت اعمل في مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI. وقد حزت على ثقتهم لسنين طويلة كافضل عميل لديهم حتى سقطت بي الطائرة مع احد المحكومين فوق جبل بالقرب من كالفورنيا...

هنا قاطعه القاضي وقال،

القاضي جون : اجل سمعت بذلك الخبر وسمعت ايضاً انهم كرموك لانك كنت متحفظاً على سجينك القاتل.

ثيو : سجيني ريك لم يكن قاتلاً. بل كان ضحية لنفس الجهة التي اختطفت ابنتك. تخيل سيدي انه كان يرتدي الاصفاد بيده وانقذ حياة سيدة مسنة حينما اجرى لها عملية فورية على أرض مطار (دالاس / فورت وورث). ثم بعد ان سقطت بنا الطائرة قام بانقاذي ومعالجتي طوال فترة بقائنا فوق الجبل وسط الجليد. كذلك اجرى لي عملية ليقطع اصبعي الموبوء حتى ينقذ يدي من البتر. هل يفعل كل ذلك رجل مجرم؟ هذا الانسان كان بريئاً من التهم الموجهة اليه. لكن الاشرار دائماً يستهدفون الابرياء كما استهدفوا ابنتك سيدي.

القاضي جون : هل جئت لكي تستميلني كي احكم لصالح صاحبك الدكتور؟

ثيو : كلا سيدي. بل جئت اطلب منك ان تحكم بالعدل حتى وإن كان العدل سيسبب ادانة صاحبي من جديد.

القاضي جون : إذاً هذا هو الجواب الذي كنت انتظره منك. انا ساكون معك سافتح قضية الاستئناف وساحكم بالعدل بمحاكمة الطبيب حتى وإن لم تتمكن من انقاذ ابنتي.

ثيو : ستسمع مني عن قريب.

خرج ثيو من بيت القاضي وهو في غاية السعادة لانه تلقى وعداً منه بان يحكم بالعدل دون التحيز او الانصياع للضغوطات مهما كان حجمها.

<< بعد مرور شهر كامل في اليوم الاول من المحاكمة <<

وقف القاضي جون بغرفة القضاة متردداً في الدخول الى قاعة المحكمة لانه لم يسمع من ثيو الذي وعد بتحرير ابنته من يد المجرمين ولم يفي بوعده. لذلك قرر الدخول الى القاعة واصدار الحكم لصالح الخاطفين حفاظاً على حياة ابنته. دخل القاعة فوقف الجميع احتراماً للقضاء. جلس القاضي وجلس من بعده الجمهور والمحلفين. تفحص القاضي بناظره الجمهور لعله يرى اي بصيص امل ينبؤه عن تحرير ابنته لندا لكنه لم يجد احد هناك. امسك بالملف الذي امامه وقرأ ما يلي: استناداً للاستئناف المقدم عن القضية رقم 6551221 لشهر مايو من سنة 2022 وبالنظر للأدلة...

فجأة انفتح باب المحكمة ودخل منه ثيو وبصحبته لندا ابنة القاضي. نظر القاضي بوجه ثيو فقام الثاني بايمائة على شكل غمزة عين بمعنى ها قد حررت لك ابنتك. فأعاد الجملة وقال، استناداً للاستئناف عن القضية رقم 6551221 لشهر مايو من سنة 2022 وبالنظر للادلة التي عرضت علينا فقد قررت المحكمة ما يلي: اولاً اعادة فتح القضية والاستماع لجميع الادلة الجديدة التي سيقدمها الدفاع.

عجت قاعة المحكمة بالضجيج وبدأ الصحفيون يطلقون ومضات كامراتهم فطرق القاضي بمطرقته عدة مرات واطرق قائلاً،

القاضي جون : ستبدأ المحاكمة غداً صباحاً الساعة الثامنة تماماً.

<< بعد مرور ثلاثة اشهر من جلسات المحكمة <<

بداخل المحكمة الاتحادية رفعت آخر جلسة بقضية رقم 6551221 فقرأ القاضي قراره قائلاً، لقد قررنا ما يلي: اولاً بعد الاستماع الى قرار المحلفين بتبرئة الدكتور ريك مارتينز عن جميع التهم الموجهة اليه وبعد الاستماع الى جميع الخبراء الطبيين من مؤسسة HMS توصلنا الى ما لا يقبل الشك ان وفاة المريض وقع من جراء إدمانه على المخدرات. ثانياً طلب ارجاع الدكتور على رأس عمله كطبيب جراح بمستشفى كالفورنيا التعليمي. ثالثاً تعويضه بمبلغ 4 ملايين دولار عن معاناته اثناء فترة مكوثه في شيكاغو. رابعاً توصي المحكمة ادارة مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI بإرجاع النقيب ثيو باباندريو على رأس عمله ووضعه بالمكان المناسب استناداً لاعاقته الجسدية مع مراعاة الفترة التي تعرض لها بالاقصاء القسري. خامساً تحويل القضية لغرض الاستماع والمراجعة في مجلس السنت على جميع التهم الموجهة ضد السيناتور اليكس بينيت لترفع عنه الحصانة، لثبات تورطه في تجارة الممنوعات. رفعت الجلسة.

بنفس اليوم استيقظ السيناتور اليكس بينيت من قيلولته ونزل الى الطابق السفلي من منزله الوثير الذي تبلغ قيمته 14 مليون دولار. توجه الى المطبخ كي يتناول قهوته المفضلة فسمع جرس الباب. فتحت الباب خادمة المنزل ثم جائت اليه وقالت،

الخادمة : سيدي، لقد حظر رجال من مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI يريدون التحدث اليك.

دخل مجموعة من عناصر الـ FBI واسطحبوا السيناتور خارجاً ليدخلوه سيارة سوداء ويذهبون يعيداً.

<< في محمية الهنود الحمر <<

وقفت السيارة ونزل ثيو مع صديقه جمي فاستقبلهم رجل في عقده الثامن من الواضح انه شيخ القبيلة فرحب بهما ترحيباً حاراً واخذهما الى بيته الذي على شكل منزل متنقل (كرفان). اشار لهم بيده بصيغة الترحيب فدخلا وجلسا على اريكة صغيرة قال،

شيخ القبيلة : ارجو ان تكونوا قد وفقتم في مهمتكم وان تكونوا قد قضيتم على المجموعة الشريرة التي تسببت بالكثير من الآلام لنا وللكثير من الناس غيرنا.

ثيو : وهل تسبب لكم باي مشاكل؟

شيخ القبيلة : اجل، لقد عانينا كثيراً من السيناتور وعصابته المجرمة فقد كانوا يبتزوننا كل شهر ويأخذون منا مبلغ 5000 دولار. لم يكن بيدنا اي شيء كي نصدهم به لذلك كنا نخضع لمطالبهم.

ثيو : ومن اين لكم بالمبالغ التي كنتم تسددونها لتلك العصابة؟

شيخ القبيلة : تقوم نساء القبيلة بنسج الخيوط الحريرية وخياطة الملائات والالبسة التقليدية في مجتمعنا ومن تقاليدنا لتبيعها للسواح في القرية وبذلك نجمعها كي ندفعها لهم ونأمن شرهم.

ثيو : سوف لن يزعجوكم بعد اليوم وسوف...

وبهذه الاثناء قاطعه دخول عائلته الى منزل شيخ القبيلة فوقف ثيو وعانق عائلته بحرارة فسمع الشيخ يقول،

شيخ القبيلة : من الآن فصاعداً انت اصبحت رمزاً للشجاعة وبذلك قررنا منحكم لقب الصقر الشجاع لانك قارعت الشر انتصرت عليه. كذلك قررنا منحكم قلادة النصر التي يلبسها ابطالنا المقاتلين بعد العودة من المعارك.

قلده القلادة ودعاه لتدخين غليون الصداقة. وبعد ان تمت جميع المراسيم خرج ثيو وعائلته وركبوا السيارة لينطلقوا بها بعيداً وسط تلويح جميع قبيلة الچيروكي لهم.

... تمت ...

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

646 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع