الطيار الذي طار .. ورجع ماشيا!!!

                                    

                     سيف الدين الألوسي

           


في شهر تشرين الأول من سنة 1966 حدثت أول حالة نزول أضطراري لطائرة داخل مدينة بغداد!!

  

لقد تمت عملية نزول هذه الطائرة في منطقة المنصور, وفي المنطقة الحالية المجاورة لحي دراغ والتي قد بنيت وعمرت بالعديد من العمارات التجارية والسكنية والدور والمدارس , حيث تضم اليوم بناية وزارة البلديات ( كانت دائرة تابعة للمخابرات سابقا ) , وعمارات تجارية ومدرسة ميسلون المتوسطة وغيرها من المنشآت السكنية والخدمية وهي المنطقة المقابلة لمثلجات الرواد وغيرها من المحلات المشهورة اليوم وعبر الشارع المؤدي الى تمثال أبو جعفر المنصور .

   

كانت هذه الطائرة من نوع دوف بريطانية الصنع وذات محركات مروحية عدد 2 , تستوعب هذه الطائرة ما يقارب 12 مسافرا وللرحلات القصيرة المدى , كانت هذه الطائرة تابعة الى شركة نفط العراق (IPC ) , وتستخدم بصورة رئيسية لنقل كبار الموظفين وغيرهم للتنقل بين بغداد وكركوك والموصل والبصرة , كانت الخطوط الجوية العراقية هي من تقوم بتشغيل وصيانة طائرات شركة النفط ومن ضمنها هذه الطائرة موضوع مقالتنا اليوم .

هذه الطائرة كانت بقيادة ربانها الكابتن زكي نور زكي ( من الطيارين المشهود لهم بالكفاءة والخبرة وكان كابتن على طائرة البوينغ 747 في السبعينيات والثمانينيات ) , طارت الطائرة من مطار بغداد المدني ( مطار المثنى ) وبعد أجراء صيانة أعتيادية لمحركاتها حيث كانت في رحلة تجريبية(TEST FLY ) , مسار الرحلة هو عمل دائرة طيران حول المطار , وبعد أن عملت الطائرة الدائرة الأولى وبدأت بالدوران ثانية وفوق منطقة الوشاش الحالية فشلت المحركات , مما جعل قائد الطائرة أن يهبط بها اضطراريا في الساحة الكبيرة الخالية والتي تكلمنا عنها في البداية , هذه الساحة كانت مليئة بأنابيب الماء الجديدة وذلك لعملية مدها في هذه المنطقة حديثة البناء . في هذا المقال هنالك صور أرشيفية خاصة من أرشيف عائلة المهندس المرحوم محمد المعتوق ( أحد رواد مهندسي الخطوط الجوية العراقية ) , ومخطط لسير رحلة الطائرة رسمها الأخ والصديق الكابتن علاء الصايغ أحد طياري الخطوط الجوية العراقية سابقا والكابتن في عدد من الشركات العالمية لاحقا فكل الشكر والعرفان لهما ولتوثيقهما الحادث بالصور والمخططات خدمة لتأريخ مدينة بغداد ولأجيالها اللاحقين .

تفاجأ جميع من كان متواجدا في تلك المنطقة من سكان بصوت الطائرة وهي تهبط وتقف على مسافة ليست ببعيدة عن مناطق سكناهم وعملهم , حتى طلاب مدرسة دجلة الأبتدائية تركوا الصفوف مهرولين نحو الطائرة ومديرتهم المربية الفاضلة طيبة الذكر المرحومة بثينة السامرائي وعدد من مدرساتها يهرولون ورائهم خوفا عليهم , وقد عاقبتهم لاحقا على هذا التصرف أشد العقاب !!

نزل كابتن الطائرة من الطائرة سليما والحمد لله وقد ساهمت الانابيب في أيقافها ومنعها من التوجه لشارع المنصور الرئيسي القريب !! حضرت وسائل الاطفاء ومفارز الشرطة لمعالجة الحادث ومنع أقتراب الناس والأطفال من الطائرة خوفا عليهم .. من الطريف أن سكن كابتن الطائرة كان في منطقة حي دراغ وهو من أبنائها المعروفين , ولهذا السبب أخذ زملاءه في الخطوط من طيارين ومهندسين يتداولون نكتة بينهم وهي ((من هو الطيار الذي طار بطائرته ورجع مشيا الى بيته؟؟؟ )) , تم أخلاء الطائرة ونقلها الى المطار لاحقا بواسطة تريله ومنعت من الطيران بعدها .

في الصور نرى بناية دراغ القديمة وبعض الدور التي هدمت وتحولت الى بنايات ومحلات تابعة الى نادي الكرخ الرياضي وسوقا شعبية اليوم .

  

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

972 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع