من حكايات جدتي ... التاسعة والأربعين

                                               

                       بدري نوئيل يوسف

من حكايات جدتي ... التاسعة والأربعين
الفلاح و الفأر

في احدى الامسيات سئلنا جدتي إذا كانت تعرف قصة ليلى والذئب قالت: نعم اعرفها، طلبنا منها ان تحكي لنا الحكاية، قصة ليلى والذئب تعدّ من القصص الخرافيّة من تأليف الكاتب الفرنسي شارل بيرو، ونالت هذه القصّة شهرةً كبيرةً، حيث إنها تتحدّث عن فتاة تُدعى ليلى (ذات القبعة الحمراء)التقت مع ذئب في غابة.
بدأت جدتي تحكي الحكاية، قالت:ليلى فتاة صغيرة جميلة ونشيطة، تطيع أمها في كل ما تطلبه منها، لذلك فأمها تحبها كثيراً، وكل الناس تحبها أيضاً، لأنها ذكية جداً وطيبة، في أحد الأيام حضرت أم ليلى الكعك، وطلبت من ليلى أن تذهب به إلى جدتها العجوز المقيمة في منزلها الواقع في الغابة، فقالت ليلى: سمعاً وطاعة يا أمي، وأخذت الكعك من أمها، وذهبت إلى الغابة، وكانت ليلى فرحة ومسرورة، لأنها ستزور جدتها التي لم تراها منذ فترة طويلة، وكانت ترقص وتغني وهي في الطريق، وبينما هي في منتصف الطريق سمع الذئب صوتاً في الغابة، فذهب لاستكشاف الصوت، فوجد ليلى، سألها الذئب: أين تذهبين؟أجابت ليلى: أنا ذاهبة إلى بيت جدتي الذي في آخر الغابة، سألها الذئب: ولماذا تذهبين إلى هناك؟ أجابت ليلى: لأعطيها الكعك الذي حضرته أمي لها، ففكر الذئب بسرعة، وقرر أن يسبق ليلى إلى بيت جدتها، فسلك طريقاً مختصراً، ووصل إلى بيت جدة ليلى قبل أن تصل ليلى، طرق الباب، فجاء صوت الجدة الضعيف من الداخل: من يطرق الباب؟ فقام الذئب بتنعيم صوته، وقال: أنا ليلى يا جدتي، أحضرت لكِ الكعك، قالت: أنا لا أستطيع النهوض من السرير، يا ابنتي اسحبي الحبل الذي بجوار الباب، وبذلك تستطيعين فتح الباب، فتح الذئب الباب، ودخل إلى البيت، وقام بتقييد الجدة وحبسها ولبس ملابسها ثمّ نام في فراشها، وعندما وصلت ليلى إلى بيت جدتها قامت بطرق الباب، فقام الذئب بتقليد صوت جدتها، وقال لها: من يطرق الباب؟ أجابت ليلى: أنا ليلى يا جدتي، أحضرت لك بعض الكعك، الذي صنعته أمي لك، أجاب الذئب (مقلداً صوت الجدة): أنا لا أستطيع النهوض، اسحبي الحبل الذي بجوار الباب، فسحبت ليلى الحبل، وفتحت الباب ودخلت، وعندما اتجهت نحو سرير جدتها، استغربت من شكلها، سألت ليلى: لماذا عينيك كبيرة يا جدتي؟ أجاب الذئب: حتى أراك جيداً يا ليلى، سألتها: ولما أذنيك كبيرتين يا جدتي، أجاب الذئب: حتى أسمعك جيداً، سألت ليلى: ولماذا أنفك كبير؟، أجاب الذئب: حتى أشمك جيداً يا ليلى، سألتها للمرة الرابعة ولماذا فمك كبير يا جدتي؟ فعندها صرخ الذئب عالياً، وقال: حتى أكلك به يا ليلى، ونهض من السرير، وهجم على ليلى يريد أكلها، فصرخت ليلى وهربت، وأخذت تجري، والذئب يجري خلفها يريد التهامها، وبالصدفة رأى هذا المشهد صياد بجوار الغابة، يحمل بندقيته، أطلق النار على الذئب فقتله، سرت ليلى بهذا كثيراً، وشكرت الصياد على فعلته، وقالت للذئب: أنت تستحق هذا لأنك شرير.
أما حكايتنا لهذه الليلة تقول جدتي، كان يا ما كان في قديم الزمان،كان هناك فلاح يعيش مع زوجته وكان لديهم مزرعة، وكان لديهم دجاجة واحدة وخروف واحد وبقرة واحدة، وكان يوجد فأراً يعيش مع الفلاح وزوجته في نفس الكوخ، وفي احدى الايام نظر الفأر من خلال شق فى الحائط ليراقب الفلاح وزوجته وهما يصنعان لفافة، أصبح الفأر يفكر بينه وبين نفسه  ترى ما نوع الطعام التى تحتويه هذه اللفة؟ ولكنه تعجب مرتعباً عندما اكتشف أنها عبارة عن مصيدة للفئران، فانسحب بسرعة إلى فناء مزرعة الفلاح، وراح يعلن تحذيره بصوت عالي، قد صارت هناك مصيدة فئران فى منزل الفلاح! راحت الدجاجة تنبش الأرض وتنقنق بصوتها (يعرف صوت الدجاجة بالنقنقة)، ثم رفعت رأسها وقالت (يا سيد فأر)، أستطيع ان أقول أن هذا الخبر يحمل الموت لك أنت، ولكن هذا لا يؤثر علىَّ في شيء، وأنا لا أنزعج منه على الإطلاق ترك الفأر الدجاجة، وذهب للخروف وقال له: هناك مصيدة فئران داخل منزل الفلاح، مرددا بنغمة أن هناك مصيدة فئران داخل منزل الفلاح، تعاطف الخروف مع الفأر ولكنه قال: (يا سيد فأر)، أنا ليس أمامي شيئاً أقدر أن أفعله لك، ولكننى سأذكرك فى صلواتى.
ذهب الفأر إلى البقرة وقال منغماً ومردداً: هناك مصيدة فئران داخل منزل الفلاح، هناك مصيدة فئران داخل منزل الفلاح، فقالت البقرة واو (يا سيد فأر)، أننى آسفة من أجلك، و لكن هذا لن يحرك ساكنا فوق أنفي، وهكذا عاد الفأر إلى المنزل، وجلس مكتئباً، كى يواجه خطر مصيدة الفلاح منفرداً.
فى نفس هذه الليلة سمع  الفار صوت داخل المنزل، و قد كان صوت انقباض مصيدة الفئران على ضحيتها، فاندفعت زوجة الفلاح لترى الصيد، ولكنها فى الظلام لم تر الصيد، وقد كان عبارة عن حية سامة اطبقت المصيدة على ذيلها، لدغت الحية السامة زوجة الفلاح، صرخت طالبة النجدة، فأسرع بها زوجها الى المستشفى، وعندما عادت الى المنزل كانت قد اصيبت بحمى شديدة احتاجت فيها إلى الراحة التامة والغذاء، لذا قد قام زوجها بذبح الدجاجة لتكون طعاماً لها في مرضها، ولكن مرض زوجة الفلاح استمر لفترة، وهكذا توافد الأصدقاء والجيران للسؤال عنها، وليساندوا الفلاح طوال تلك الأيام، ولكى يطعمهم الفلاح ضيوفه ذبح الخروف، ولكن للأسف لم تتماثل زوجة الفلاح للشفاء، وفى النهاية توفت، وهكذا حضر كثير من الناس والأقارب إلى جنازتها، واضطر الفلاح هذه المرة إلى ذبح البقرة ليجد لحماً يكفى كل هؤلاء الناس، وكان الفأر يراقب كل هذه الاحداث بحزن من داخل جحره.
هذه الحكاية يا اولادي نتعلم منها ﻛﻢ مرة ﻋﺮﻓﻨﺎ ﺃن ﺷﺨﺼﺎ ﻣﺎ ﻳﻮﺍﺟﻪ ﻣﺸﺎﻛﻞ، فلم نهتم بمساعدته وفضلنا الصمت والتجاهل ﻣﺎ ﺃﺣﻠﻰ المساندة والتكاتف ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺑﺤﻠﻮ الكلام. وتصبحون على خير .

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

778 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع