طلقني وسايرني

                                               

«إذا غفلت عن قهوتك.. تبرد فما بالك.. بمن تُحبّ؟!»
صرخت في وجهه: «طلقني وسايرني». لم يفهم. سألها: ما بك؟ أي جني سكنك؟ ماذا تريدين؟

كان قد مضى على زواجهما أكثر من عشر سنوات، يعيشان كما يعيش معظم الأزواج. حياة روتينية، بخلطة الملل والبرود.. يستمران بها بلا سبب، إلا لأنه ما من خيار آخر. كان يقضي معظم وقته خارج البيت، وحين يعود إليه، يقضي ما تبقى من وقته على هاتفه النقال.
 هو لا يراها، لا يلحظ ما تلبس، لا ينتبه لأي تغيرات فيها، لا يشعر بحزنها ولا يشاركها فرحها. أما الأولاد فهم مسؤوليتها وحدها تماما، كالمطبخ والتنظيف والتسوّق وباقي ما تبقى من مهمات، كانت واجباته تقتصر على أن يكون رجل البيت.. هكذا بالاسم فقط.
تحمّلته طويلا وكثيرا.. هي لم تفكر بالطلاق أبدا، كانت رغم كل شيء تحبه ولا يمكنها الاستغناء عنه، كل ما تريده هو أن يلتفت إليها، أن يلاحظها، أن يعاملها كإنسانة وشريكة له في الحياة. تريد أن تشعر بعاطفته، بشوقه إليها، باهتمامه بشؤونها. تريد أن تعود بها الأيام إلى حيث عقدت الحلم على حياة طويلة سعيدة معه، حلم جميل ما لبث أن تبخّر.
كانت تستعيد في رأسها قصة تلك المرأة التي سمعتها منذ أيام، سيدة في سنها تعيش أحلى أيام عمرها مع زوجها في شقة صغيرة مؤثثة بالحب ومفروشة بالشوق. كانت قد تزوجته لعدة أشهر، لكن تحت ضغط بعض أفراد أسرتها، ونتيجة لإصرار أطفالها (من زواج سابق)، ورغبتها في الاحتفاظ بهم في حضانتها، اضطرت إلى الطلاق.
لكن الحب لا يعرف المستحيل، لا أولاد ولا عائلة يمكنهم أن يفصلوا قلبين، تعاهدا على الحب. هو لم يتخلّ عنها، بل أصرّ على الاحتفاظ بها، واسترجاع علاقتهما، عادت إليه، لكن هذه المرة بالسر، وبعقد شرعي. وجدت نفسها تعيش أحلى أيامها كـ«عاشقة حلال». بيتهما الجميل أثثه بالحب، وزرعه بالورد. شاركها كل دقيقة من حياتها وهي معه، وعندما تغيب، كان يطمئن عليها في كل ثانية. ضحى من أجلها لسنين، وتحمّل اضطرارها للزواج السري والتخفي كي لا تخسر أولادها. تعودا أن ينسقا أوقاتهما ليلتقيا. تسرق ساعة من هنا، ساعتين من هناك. تخطط لإجازة في بلد ما، فتقودها قدماها لدفء حضنه، تعيش أحلى أيامها معه، ثم تعود لحياتها كأم وابنة مطيعة حين تضطر.
هما زوجان في نظر الشرع والقانون، لكنهما «حبيبان» في نظر أنفسهما، فاستمرت علاقتهما خارج الملل والروتين. هي تشتاق إليه وهو يشتاق إليها، وحين يلتقيان يحاولان استغلال كل دقيقة معا ليعوضا أيام البعد والحرمان.
عادت المرأة «المنسية» تصرخ في وجه زوجها: طلقني بالعلن وسايرني بالسر.. فلربما تعود لا لتحبني، ولا لتعشقني، بل فقط لتراني.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

835 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع