سليماني يدعم موالي بلاده في الحكومة العراقية
بغداد - الخليج أونلاين:أثارت زيارة قائد "فيلق القدس" الإيراني، قاسم سليماني، إلى جامع "أم الطبول"، أحد أبرز جوامع السنة وسط بغداد، الأربعاء (5 ديسمبر)، ولقاؤه الشيخ مهدي الصميدعي، المعتمد من قبل الحكومة مفتياً للسنة في العراق، الكثير من ردود الفعل المحلية؛ بسبب توقيت الزيارة من ناحية الوضع الإقليمي أولاً، والوضع السياسي العراقي ثانياً.
فالمنطقة تعيش نذر مواجهة أمريكية إيرانية؛ بسبب فرض واشنطن عقوبات اقتصادية قاسية ضد طهران، التي هددت بغلق مضيق هرمز ومنع تصدير نفط الخليج في حال منعها من تصدير نفطها.
أما في الجانب السياسي العراقي، فعملية تشكيل الحكومة الجديدة تمر بمأزق؛ نظراً للخلاف "الشيعي" على 8 مقاعد وزارية، أهمها مقعدا وزيري الداخلية والدفاع.
- رمزية جامع أم الطبول
زيارة سليماني لجامع أم الطبول فيها رسالة ضمنية للولايات المتحدة الأمريكية؛ ففي هذا الجامع دارت أشرس عمليات مقاومة الاحتلال عام 2003، إبان دخول القوات الأمريكية الغازية إلى العاصمة بغداد؛ بحسب الضابط السابق في الحرس الجمهوري، أسعد إسماعيل شهاب.
شهاب كان شاهد عيان على آخر المعارك التي أديرت من الجامع الذي يجاور مطار بغداد، وقال لـ"الخليج أونلاين": إن الرئيس الراحل صدام حسين، كان يقود العمليات ضد القوات الأمريكية من جامع أم الطبول.
واستطرد يقول: "أنا شخصياً كنت ضمن قوة من الحرس الجمهوري اشتبكت مع القوات الغازية في المطار صبيحة احتلال بغداد، وكبدنا القوات الغازية خسائر فادحة، ونجحنا في بداية الأمر بإفشال إنزال جوي على حافة المطار الغربية رغم التفوق الجوي الأمريكي".
شهاب يرى أن زيارة سليماني في ظل تصاعد الأزمة بين أمريكا وإيران، "ترسل لواشنطن رسالة عبر رمزية أم الطبول، على أنها قادرة على تحريك الوضع ضدها في المنطقة عموماً والعراق خصوصاً، حيث لديها العديد من أوراق اللعب".
وأكد أن "استخدام سيف الإمام علي كهدية للمفتي المحسوب على سنة إيران، يحمل إشارة إلى هذا المعنى".
وأشار شهاب إلى أن ما يؤكد ما ذهب إليه هو "نشر تفاصيل الزيارة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بالصور، وتصريح مصدر من دار الإفتاء بمعلومات عما جرى بحثه بين الجانبين؛ إذ في العادة تحاط اتصالات السنة بإيران بسرية وكتمان عاليين؛ نظراً لرفض الشارع السني العراقي وإدانته التواصل مع إيران".
وتابع: "الإعلان بهذه الطريقة هدفه إيصال رسالة للأمريكيي، مفادها أن طهران تملك أذرعاً قادرة على خلط الأوراق وقلب الطاولة".
وكان رئيس حزب الأمة، السياسي العراقي مثال الألوسي، المقرب من واشنطن، قال في تصريح صحفي، الخميس (29 نوفمبر): إن "مسؤولين أمريكيين أبلغونا أن إيران هددت بحرق بغداد إذا تم تقليل نفوذها في العراق".
وذكر أن "حرق بغداد يعني أن طهران تعطي أوامر إلى المليشيات في العراق بالتحرك والقيام بأعمال عنف وغيرها".
وأضاف الألوسي أن "الرد الأمريكي على رسالة التهديد، كان بتغيير السفير الأمريكي في بغداد، وكذلك تغيير الطاقم المتقدم بالسفارة في العراق، وزيادة العمل والإجراءات على تقليل أو إنهاء النفوذ الإيراني في البلاد".
- تعزيز نفوذ طهران
وفي حين تحاول الإدارة الأمريكية تقليص النفوذ الإيراني في العراق- بحسب المواقف المعلنة- تسعى طهران إلى تعزيز هذا النفوذ؛ من خلال التدخل في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.
حيث ربط مراقبون بين زيارة سليماني للعراق، ومحاولة مليشيا الحشد الشعبي (مليشيا مسلحة شيعية) فرض قائدها السابق فالح الفياض في منصب وزير الداخلية، محل الخلاف بين فُرقاء العملية السياسية.
الفياض، الموالي لإيران، أصبح مؤخراً عنوان أزمة كبيرة في بغداد، مع إصرار الكتل السياسية المنضوية تحت لواء طهران على الدفع به في أجندة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، بينما يقف تحالف "سائرون" بزعامة مقتدى الصدر، وائتلاف النصر بزعامة حيدر العبادي، ضد تمرير التعيين الإيراني.
زيارة سليماني التي تعتبر الظهور الأول له في العراق منذ مايو الماضي، شهدت مناقشة ملف تشكيل الحكومة مع الصميدعي، بحسب ما أعلنت مصادر من داخل دار إفتاء أهل السنة والجماعة في العراق، التي يرأسها الشيخ مهدي الصميدعي، نقلتها وسائل إعلام محلية.
ويرى مراقبون أن سليماني جاء ليدعم الفياض في تولي حقيبة وزارة الداخلية العراقية، وهو ما ذهب إليه المختص بالشؤون الإيرانية، الباحث كامران شامراني.
شامراني قال لـ"الخليج أونلاين": إن "سليماني يسعى لزيادة حظوظ فالح الفياض مرشح تحالف البناء لوزارة الداخلية الذي أصبح خياراً إيرانياً لا يمكن التفريط به.
وبحسب نظام المحاصصة في العراق فإن وزارة الداخلية من نصيب الشيعة، في حين تكون وزارة الدفاع من نصيب السنة، "لذلك يحاول سليماني عقد صفقة مع الأطراف السنية بهذا الخصوص"، وفق شمراني.
وأضاف: "سليماني حط في أربيل، بعد زيارته لمفتي العراق؛ بهدف إقناع الحزب الديمقراطي الكردستاني بالتنازل عن وزارة العدل، لصالح مرشح غريمه حزب الاتحاد الوطني الكردستاني؛ سعياً لإقناع الأخير بحضور جلسة البرلمان المقبلة والتصويت لتمرير الفياض لتولي وزارة الداخلية ضمن صفقة سياسية مع مختلف الأطراف".
ويعتبر مراقبون سليماني، قائد فيلق القدس، ذراعاً للمرشد الإيراني على خامنئي، ووجه النظام وسياسته القائمة على التوسع وتصدير الثورة؛ حيث يدير أشد ملفات طهران حساسية في اليمن وسوريا والعراق ولبنان.
ويتجاوز لسان سليماني وتحركاته النطاق العسكري إلى المعترك الدبلوماسي، ليسحب بذلك أهم ملفات إيران الخارجية من أدراج مكتب ظريف.
وتأكد ذلك عندما أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن قرار الانسحاب من الاتفاق النووي، وفرض عقوبات على إيران؛ إذ لم يأت الرد من الرئيس الإيراني حسن روحاني على الفور، أو من خلال وزير الخارجية محمد جواد ظريف، بل جاء من خلال تصريح ناري أطلقه سليماني، قال فيه: "حسابكم مع فيلق القدس، ونحن أقرب إليكم مما تتصورون".
771 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع