مابين 6/1 و 9/1 مناسبتان وطنيتان

    

        مابين 6/1 و 9/1 مناسبتان وطنيتان

   

    
   
                    
في السادس من كانون الثاني عام 1921 تأسس الجيش العراقي، وفي التاسع من كانون الثاني 1922 تأسست الشرطة العراقية، وهما مناسبتان درَج العراقيون على الإحتفال بهما عبر السنين تعبيراً عن الإعتزاز بمؤسستين وطنيتين شامختين كان لهما تاريخ حافل ودور هام، ومفصلي، في مسيرة الوطن، وأمنه، منذ تشكل الحكم الوطني في العراق عام 1921.


92 عاماً على تأسيس جيش العراق و91 عاما على تأسيس شرطة العراق، جناحا أمن واستقرار العراق، وصاحبا السجل الحافل بالانجازات لمصلحة الوطن. ففي 6 كانون الثاني عام 1921 تأسست أولى وحدات القوات المسلحة العراقية، عقب ثورة العشرين المجيدة 30/6/1920، وتشكيل أول حكومة وطنية عراقية بادرت ببناء نواة الجيش العراقي في 6/1/1921 حيت تم تشكيل فوج صغير حمل اسم (فوج موسى الكاظم) لم يتجاوز تعداده حينها الـ 4000 من المراتب والضباط، معظمهم من ضباط سابقين كانوا يعملون في الجيش العثماني، واتخذ ثكنة تقع في الكاظمية الواقعة في العاصمة بغداد مقراً له. كما تشكلت وزارة الدفاع العراقية ترأسها الفريق جعفر العسكري، واعتمد الجيش بداية على المتطوعين، وفي العام 1931 استقل العراق من بريطانيا، وكانت القوة الجوية العراقية قد شكلت، تبعتها بعد سنوات القوة البحرية.

              


في 1936 أشترك الجيش العراقي في أول انقلاب عسكري بقيادة الفريق بكر صدقي قائد الفرقة الثانية وشكلت وزارة جديدة برئاسة حكمت سليمان، كما ساهم الجيش العراقي في انتفاضة مايس التحررية 1941، وكان الجيش العراقي عندها يتألف من أربعة فرق من المشاة كاملة التجهيز والقوة، وتضم كل فرقة مشاة على ثلاثة ألوية. الفرقة الأولى والثالثة كانت تتمركز في بغداد. اما الفرقة الثانية فكانت في كركوك والفرقة الرابعة كانت متمركزة في مدينة الديوانية، على خط السكك الحديدية الرئيسي الممتدة من بغداد إلى البصرة.
كما كان للجيش العراقي دور بارز ومشهود في كل معارك الأمة، وبالأخص الحرب العربية الإسرائيلية 1948

         

كما شارك بالمعارك الأخرى ضد العدو الصهيوني، حرب 5 حزيران 1967، وحرب رمضان-اكتوبر المجيدة عام 1973 ضد العدو الصهيوني، ولا زالت توجد مقبرتان لشهداء الجيش العراقي في سوريا والاردن، كما شارك جيشنا الباسل في الانتفاضات الجبارة التي قام بها شعب العراق ضد المستعمر البريطاني وأدواته وأعوانه ومنها مايس 1941، كما أن الجيش العراقي هو الذي حمى بغداد من فيضان 1954 بجهده الهندسي وشجاعة منتسبيه من المراتب والضباط الغيارى.
       


وفي العام 1958 كان الجيش العراقي يتألف من أربعة فرق مشاة. أما خلال سنوات الحرب الأيرانية –العراقية فقد تضاعف حجم الجيش بشكل كبير، حيث بلغ تعداد الجيش 200,000 جندي في 12 فرقة و3 ألوية مستقلة عام 1981، ثم إلى 500,000 في 23 فرقة وتسعة ألوية عام 1985. وعشية ما تسمى حرب الخليج الثانية عام 1991 وصل تعداد الجيش العراقي إلى 1,000,000 فرد موزعين في 42 فرقة ما بين مدرعة ومشاة آلية وسبعة فيالق، و 20 لواء من القوات الخاصة، مجموعة في سبع فرق، بالإضافة إلى ستة فرق من الحرس الجمهوري العراقي.

   


وبعد الغزو والإحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، قام الغزاة بمشورة عملائهم من إصدار قرار بحل الجيش العراقي، ومن ثم لجأوا إلى تأسيس ماسمّيَ بالحرس الوطني ليكون نواة الجيش الجديد، والذي تأسس للأسف على أسس طائفية وغير مهنية. حيث شكل أول لواء في الجيش الجديد نهاية عام 2003 وهو اللواء الأول تدخل سريع الذي يعتبر بذرة الجيش الجديد الذي يتكون اليوم من حوالي 15 فرقة مشاة وواحدة منها فرقة مشاة آلي، ويبلغ تعداده حوالي 350000 الف عنصر.
يشهد العراقيون بأن جيشهم كان جيشاً مهنياً ومتطوراً ورائداً في رفد أشقائه من الجيوش العربية الأخرى بالخبرة والتجربة الميدانية والكفاءات القتالية التي يفتخر بها ولم يبخل بها بل جعلها متوفرة في مراكز التعليم والتدريب وفي الكليات والأكاديميات العسكرية. فقد كانت الكلية العسكرية وكلية الأركان وأكاديمية البكر للدراسات العسكرية العليا قد خرجت الكثير من الضباط والقادة العسكريين العراقيين وكذلك العرب من مختلف الدول العربية، وكان يمثل كافة شرائح الشعب العراقي بفعل (قانون التجنيد الإلزامي) على مدى مراحل نموه سواء كان في العهد الملكي أوالعهود الجمهورية التي تلته، وبالتالي كان جيشا لكل العراقيين.

    


تاسيس الشرطة العراقية
في التاسع من كانون الثاني عام 1922 تشكلت قوات الشرطة العراقية، لتنهض مع شقيقها جيش العراق الباسل بمهمة حماية امن الوطن والمواطنين، واللذين كان لهما عبر التاريخ مواقف وبطولات ترسخت في تاريخ حافل مجيد إمتد عقوداً من الزمن، قدّم فيها كل من الجيش والشرطة بمختلف تشكيلاتهما أمثلة رائعة في التضحية والفداء والإيثار والحرص على أمن الوطن.

   


ففي عام 1920 صدر بيان البوليس رقم 72 لسنة 1920 لغرض تنظيم وتحديد (واجبات وصلاحيات الشرطة) بعد إنشاء دولة العراق الحديثة آنذاك. وفي عام 1922 تم تعيين عدد من العراقيين كضباط في الشرطة العراقية وبوشر بالاستغناء عن الضباط الانكليز واليهود في هذا المرفق الحيوي في حياة المواطنين العراقيين وإحلال ضباط عراقيين بدلاً عنهم في واجبات وخدمات الشرطة.

               

وفي 9/1/1922 تشكلت (مديرية الشرطة العامة) ونسب لقيادتها العقيد نوزري السعيد خريج الكلية الحربية بالأستانة. وفي عام 1924 أصدرت وزارة الداخلية العراقية حينذاك (تعليمات الشرطة) لحين صدور أول قانون لخدمة الشرطة هو (قانون خدمة الشرطة وانضباطها رقم 7 لسنة 1941) والذي أعقبه (قانون خدمة الشرطة رقم 40 لسنة 1943) وتعديلاته.
لقد كان للرجال الوطنيين الذين تسلموا مهام قيادة وزارة الداخلية ومديرية الشرطة العامة مآثر وطنية حافلة سجلها لهم تاريخ العراق، بالمواقف المخلصة والنزيهة تجاه الوطن والشعب ووضعوا حجر الأساس لقوة الشرطة ومعها مختلف التشكيلات الوطنية مثل الأمن العامة والجنسية والمرور والدفاع المدني وكلية الشرطة، كي تقدم الخدمات للمواطنين وتحفظ أمنهم وسلامة أرواحهم وممتلكاتهم والدفاع عن القيم والقوانين.

  

وظلت على مدى عقود كثيرة تسير بفكر وطني والتزام أخلاقي وشعورٍ عالٍ بالمسؤولية القانونية والأخلاقية.
وقد قاومت الشرطة الوطنية كل محاولات البعض في تحويلها الى جهاز لقمع الجماهير، فكانت دوما الأقرب إلى الجماهير واندمج في (جهاز الشرطة وسائر الأجهزة الأمنية الأخرى) رجال أكفاء.. مخلصون.. غايتهم خدمة الوطن قلوبهم مشدودة الى وطنهم.. وفية لشعبها.. لا تعرف الانحياز والتكتل والولاءات الطائفية..

      

وخلال سِفْرِها الممتد من 1922 حتى 2003 كانت الشرطة العراقية حارسة للشعب، قريبة من آلامه وأفراحه، وساهمت في الواجب الوطني، والحضور حيثما يقتضي داعي الوطن ومنادي الجهاد، وقدمت كواكب من الشهداء على طريق حرية العراق والحفاظ على امنه واستقراره.
وشهدت الشرطة تطورا وتقدما ملحوظا واهتماما من الدولة برعاية شؤون منتسبيها فصدر قانون خدمة الشرطة 148 لسنة 1969 وتطورت مؤسسات الشرطة حتى باتت الشرطة العراقية يشار إليها بالبنان بين سائر الأقطار العربية، وشهدت معاهد وكليات الشرطة والأمن ومؤسساتهما التدريبية والتعليمية استقبال العديد من رجال الشرطة العرب للتدرّب والتعلم وكسب الخبرات، حيث استقبلت متدربين من الأردن وسلطنة عمان ومن اليمن والسودان والمغرب والجزائر والصومال وموريتانيا، مثلما كانت المعاهد العسكرية العراقية (الكلية العسكرية، الكلية الفنية العسكرية، كلية الأركان، جامعة البكر للدراسات العسكرية العليا، المعهد العالي لضباط قوى الأمن الداخلي) قبلة للعديد من المتدربين والدارسين العرب من مختلف البلاد العربية في العلوم العسكرية. وكنا نفتخر حين نلتقي بالأخوة قادة الشرطة وكبار ضباط الشرطة العرب في المؤتمرات والندوات العربية والدولية حين نسمعهم وهم يفخرون بكونهم من (خريجي العراق)، لأن العراق كان مدرسة للعرب ومصدر إشعاع حضاري وعلمي.
 لقد كان قرار حل الجيش العراقي وحل الأجهزة الأمنية، أحد ثمار مأساة غزو العراق وتمرير المؤامرة الصهيونية في حل الجيش العراقي العملاق، وحل تنظيمات الشرطة والأجهزة الأمنية والاستعاضة عنها بتشكيلات هزيلة متهرئة فاقدة للولاء والانتماء الوطني لا تتوفر فيها ابسط شروط اللياقة والانتماء الوطني، والمواصفات الخلقية والبدنية والثقافية، فضلا عن شيوع التزوير والانتحال والشهادات الكاذبة والتطوع بالرشوة، وإدخال عناصر من ذوي السوابق الإجرامية وأفراد ميليشيات بدون أية مؤهلات علمية، وقد أقرت ادارة الاحتلال الامريكي، وكذلك جميع من تسنموا مهام وزارة الداخلية بعد الغزو، بان بناء الشرطة الجديدة تم على أسس خاطئة وفوضوية، بإعتماد امعيار الكمي الطائفي على حساب الكفاءة والمواطنة..

  

وكان (قرار زج الميليشيات الحزبية) في الشرطة هو أسوأ قرار بعد قرار بريمر حل الجيش العراقي والأجهزة الأمنية، فكانت النتيجة هي تخبط عناصر الشرطة بين الولاء للأحزاب والميليشيات وبين تنفيذ مقتضيات القانون والانضباط الوظيفي وخدمة الشعب، حتى صارت الشرطة براسين بدلا من رأس واحد، وعانى أمن البلد كثيرا بسبب هذه الازدواجية والسياسة الخاطئة.

   


وبالرغم من اعتراف مسؤولين في قيادات وزارة الداخلية بعد الغزو بان مجموع اعداد الشرطة فاقت الـ 950 الف عنصر حاليا... وهو عدد (مهول جدا) قياسا الى ما كانت عليه أعداد الشرطة قبل 2003 لا تتجاوز بكل حال 50 الف للشرطة و15 الف لجميع التشكيلات الاخرى من طوارئ ودفاع مدني ومرور وجنسية.!!!! لكن الشرطة وبالرغم من الحصار الاقتصادي والعلمي الجائر المفروض على العراق، وبتلك الأعداد القليلة العدد، كبيرة الكفاءة والمقدرة والإنتاجية، حققت الأمن والنظام والسكينة والراحة وكانت الناس تتمتع بأفضل حالات الأمن، وكان العراق واحة للأمن والطمأنينة لا يعرف الجرائم المنظمة ولا المخدرات، بل شهدت المنظمات الدولية المتخصصة بان العراق من أنظف بلدان العالم من المخدرات... كما إن الدولة كانت حريصة على تحديث جهاز الشرطة وإدخال احدث التقنيات العلية وإيفاد الضباط لتطوير خبراتهم وكفاءاتهم.. وبعد ان كان العرب يوفدون شرطتهم الى العراق تلمسا للخبرة والتعلم.. تأسفنا حين شاهدنا عناصر الشرطة العراقية الجديدة يتدربون في بلدان كانت بالأمس القريب توفد شرطتها إلينا للتعلم واكتساب الخبرات.
بخمسين ألفا حققت الشرطة العراقية أمنا يتذكره كل العراقيين بألم وحسرة وندم، بينما عجزت شرطة المليون من حماية نفسها قبل ان تتمكن من حماية المواطن.. بل ان عدد الذين طردتهم وزارة الداخلية بعد 2004  جاوز الستين ألف عنصر لفسادهم وتورطهم في ممارسات لا قانونية...
لا أدعي بأن (الشرطة) قبل 9/4 كانت أمة من الأنبياء والصالحين!!! بل كانت تضم صالحين مثلما تضم فاسدين، ومرتشين وكانت هناك ممارسات لا إنسانية ولا قانونية، ولكن على الأقل كان هناك شعور عام بين العراقيين جميعا بالأمن والإستقرار.. وكانت هناك ثقة بإجراءات الشرطة، ومعرفة بشخوصها وإداراتها.. عكس الحال اليوم.
تحية لذكرى تأسيس جيشنا الباسل الحاضر الغائب المفتقد في الليلة الظلماء.. وتحية للشرطة العراقية في ذكرى تأسيسها وفق الله العاملين لما فيه خير العراق وأمنه وإزدهاره.

     

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1282 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع