محطات في تأريخ شرطة العراق / قصة التأسيس

          

محطات في تأريخ شرطة العراق.....قصة التأسيس ،قراءة في وثائق ومراسلات تأسيس شرطة العراق

                         

                                         

          
التاريخ الذي تحتفل به شرطة العراق عيدا لتأسيسها في التاسع من كانون الثاني من كل عام على أساس أنه تاريخ إنشاء مديرية الشرطة العامة عام 1922 ، تسبقه أحداث ووقائع مهمة مهدت لنشوء وتشكيل هذا الجهاز الوطني الهام .

فبعد انهيار الدولة العثمانية وسقوط العراق بأيدي قوات الاحتلال البريطانية, ومن ثم تأسيس الحكم الوطني في 23/8/1921 كانت هناك اجتماعات ومراسلات أعقبت إصدار بيان البوليس رقم 72 لسنة 1919 (الذي ألغى نظام البوليس العثماني المؤرخ في 2 مايس 1908).

وقد وجهت دائرة القائد العام لقوات مابين النهرين (ميسوبوتاميا) على أثر عقد إجتماع موسع في  2/1/1921 اوضحت فيه ان المجتمعين  وجدوا ضرورة تشكيل مديرية للأمن العام Public Security  في نطاق وزارة الداخلية. كما ناقش الاجتماع موضوعين آخرين هما إرسال قوات إلى منطقة (عانة)، ومناقشة موضوع (الرميثة) و(السماوة) و(الديوانية) والاضطرابات الحاصلة فيها.

            

           جعفر العسكري وبكر صدقي وأخرون بعد أخماد ثورة العشائر في الرميثة

 وفي أثر الاجتماع وجهت دائرة القائد العام لقوات ما بين النهرين رسالة برقم (12) في 3/1/1921 بتوقيع النقيب كلايتون مساعد المستشار لوزارة الدفاع معنونة إلى وزارة الداخلية تشير فيها إلى مقررات الاجتماع المخصص لبحث مستقبل قوات الليفي ليشعره أن بالإمكان وضع مشروع مقترح بتشكيل الأمن العام يرفع إلى مجلس الوزراء مع التوصية بأن يكون وزير الداخلية قائدا عاما للأمن العام.
وفي العاشر من كانون الثاني 1921 وجه وزير الداخلية جوابا برقم (414) إلى دائرة القائد العام لقوات مابين النهرين أعلن فيها موافقة المجلس الأعلى على المبادئ الواردة في الرسالة عدا إن تعيين مدير عام للأمن العام منوط بمجلس الوزراء.

              


وزير الداخلية يقترح

وفي 11/1/1921 وجه وزير الداخلية طالب النقيب رسالة إلى سكرتارية مجلس الوزراء تضمنت المقترحات لتشكيل الإدارة الأمنية العمومية (Public Security Department Of ) تحت إدارة وزارة الداخلية طالبا إدراجها ضمن منهاج الاجتماع المقبل لمجلس الوزراء وكالآتي:
1.تشكيل إدارة الأمن العمومي يكون مرجعها وزارة الداخلية ويعين مديرا عاما لها مسؤولا أمام وزير الداخلية، وتكون له من جهة الراتب أشبه بدرجة متصرف من الدرجة الأولى.

                      


2.يعين نوري باشا السعيد الذي كان رئيسا لأركان الجيش الحجازي ـ مديرا عاما لها.
3.تنقل أمور الدرك (زاندرمة) و المليس (شبانة) من إمرة وزارة الدفاع إلى وزارة الداخلية كشعبة.
واقترح وزير الداخلية أن يضم التشكيل الجديد كلا من:
1.قوة البوليس الحالية.
2.إدارة السجون الحالية.
3.شعبة المخازن لتقوم باحتياجات جميع الشعب التابعة إلى دائرة الأمن العام كتجهيز الأقمشة والسلاح والنقليات والذخائر وما أشبه.
إن تفاصيل الموظفين وغيرهم المطلوبين لادارة الآمن العام ستحضر بعد المداولة مع وزارة المالية وستقدم لتصديق المجلس عند وصول المدير العام.

وزير الداخلية يفاتح وزير المالية
وقد أرسل وزير الداخلية رسالة إلى وزير المالية برقم  491في 11/1/1921 يرجوه الموافقة على استحداث شعبة المخازن المركزية وقال له: (أرجو أن تنظروا لهذه المسألة بعين الأهمية وتسرعوا بإبداء الرأي ولكم سالف الشكر).

   


وزير الدفاع يؤيد الفكرة
كما أجاب الفريق جعفر العسكري / ناظر الدفاع الوطني بكتابه شورى الحرب في 16/1/1921:
صاحب المعالي وزير الداخلية المحترم

جوابا على تحريرات دولتكم المؤرخة 11كانون الثاني سنة 1921 المرقمة تحت 491: اني أتشرف بالاشتراك على اقتراح دولتكم بخصوص تشكيل مديرية أمن العام تضمن أمن الداخلي وأحد مدراء شرطة بوليس) وقوات درك (زاندرمة) في الألوية والاقضية وضم السجون للدائرة المذكورة. وأما مسألة المخازن ستكون أوفق إذا استهلكت مديرية الأمن العام ذلك لمستودعات الجيش العربي للمصارف الباهضة وتصرف عدد المستخدمين ومع ذلك الإرادة إليكم سيدي..
ناظر الدفاع الوطني الفريق جعفر العسكري

   

سر الجواب الفض من وزير المالية ساسون حسقيل:
أما وزارة المالية، فقد أجابت بكتابها 404 في 14/1/1921 المعارضة الشديدة Opposed Strongly  لإنشاء (مديرية للأمن العام) للأسباب أدناه:
1.أن مجلس الوزراء سبق أن أقر بقاء قوات الليفي بأمر وزارة الدفاع في حين أن المشروع الجديد
يضعها جزءا من المديرية المقترحة وأنا لا أفهم لماذا هذه المغادرة لقرارات المجلس.
2.ليس واضحا ما هي العلاقة بين المديرية المقترحة وبين تشكيلات الشرطة الحالية، والليفي، والسجون؟
3.إذا نقلت قوات الليفي إلى الداخلية، ماذا سيكون واجب الدفاع؟ أليست قوات الليفي قوات عسكرية مكيفة لواجبات الشرطة؟ إذا كان ذلك فينبغي تخفيض إعدادها لأن البلاد لا تحتمل مثل هذا العدد الضخم في الشرطة. وإذا بقوا كعسكريين ينبغي أن يخضعوا لوزارة الدفاع.
4.أن هذه الأمور يجب أن تتوضح قبل أية مناقشة لموضوع تأسيس دائرة للمستودعات أو المخازن، إنني أدعوك لتوضيح أكثر لاسباب المقترح أمام المجلس.
5.علمت أنك أصدرت أمرا إلى قوات الليفي في حين أن ذلك يجب أن يكون من وزير الدفاع, يجب علي أن
أحتج على الطريقة التي تعالج فيها أمور خطيرة بدون الرجوع إلى الدائرة المعينة.
ويبدو من اللهجة الشديدة والقاسية من لدن وزارة المالية على عكس الرسالة شديدة الأدب عظيمة المجاملة الموجهة من وزير الدفاع(الفريق جعفر العسكري) الذي يخاطب وزير آخر من درجته هو وزير الداخلية،  بلفظ (سيدي)، علما أن عناصر المالية كان معظمهم من اليهود ابتداء من وزيرها (ساسون حسقيل)

وزير الداخلية يجاوب وزير المالية
وقد أرسل وزيرالداخلية طالب النقيب رسالة الى وزير المالية برقم 900 في 18/2/1921 جاء فيه :
معالي وزير المالية المحترم
عطفا على كتابكم 404 المؤرخ 14/1/1921 نظرا لمطالعتكم على صورة التحرير الذي أرسلته مع كتابي المرقم 491 المؤرخ 11 كانون الثاني 1921 اني لا أظن بان الغاية المطلوبة تحصل بتبادل المراسلات بين هذه الوزارة ووزارتكم .

ان تشكيل الإدارة الأمنية العمومية حسبما افتكر وكما يؤيدني وزير الدفاع بذلك من الامور الجوهرية وضرورية لتوطيد الامن ودعائم السلم في العراق ولذلك اني مرسل التحرير المشار إليه آنفا إلي سكرتير مجلس الوزراء لوضع المسالة على بساط البحث في الجلسة الاتية . وستكون لكم الفرصة حينذاك لتكرا ر معارضاتكم لهذا المشروع وانه من حقوق المجلس ان يبحث في أمر المسالة على ما تستحق من النظر . واذا حاز هذا المشروع موافقة المجلس فاني ساحضر التفاصيل المالية بالمذاكرة معكم والسلام .   
 وزير داخلية العراق

وزيرالداخلية يفاتح مجلس الوزراء
وباليوم نفسه رفع طالب النقيب وزير داخلية العراق رسالة برقم 927 في 18/1/1921 إلى سكرتير مجلس الوزراء تضمنت :

اقدم لكم الاقتراحات الاتية لتشكل إدارة أمنية العمومية تحت وزارة الداخلية لتدرجوها  في مناهج المذكرات الاجتماع مجلس الوزراء المقبل:
أولاًً: تشكيل أدارة الامن العمومية التي يكون مرجعها وزارة الداخلية وتعيين مدير عام يكون مسؤولاً لدى وزير الداخلية وتكون له من جهة الراتب وما أشبه بدرجة متصرف من الدرجة الأولى .
ثانياً: تنقل أمور الدرك (زاندرمة) والمليسي (شبانة) التي كانت تحت وزارة الدفاع الى وزارة الداخلية كشعبة لادارة الأمنية العامة التي ستضم أيضا:
1.قوة البوليس الحالية
2.إدارة السجون الحالية
3.شعبة المخازن المركزية لتقوم باحتياجات جميع الشعب الراجعة الى دائرة الأمنية العمومية كتجهيز الألبسة و السلاح و النقليات و الذخائر وما أشبه.
وزير المالية يسعى لتأجيل النظر بالموضوع
 وسارع وزير المالية وأرسل مذكرة برقم 628 في 22 /1 /1921 إلى وزير الداخلية  جاء فيها:

_ كنت على وشك الكتابة الى سكرتارية مجلس الوزراء بطلب تأجيل النظر في مقترحكم حتى يتم بحثه وتدقيقه بشكل اكثر، ألا أني علمت أخيرا أن المجلس يود تأجيل النظر بالموضوع .

  


مجلس الوزراء يطلب دراسة من وزارة الداخلية
وفي 12 أيلول 1921 وجه سكرتير مجلس الوزراء رسالة برقم 788 الى وزير الداخلية جاء فيها :_
 (بعد الاحترام : أمرت أن ابلغ معاليكم بلزوم تنظيم دائرة للأمن العام ودرس المسألة المتعلقة بها درسا وافيا ورفع بيان مفصل عنها الى فخامة رئيس الوزراء بأسرع ما يمكن والأمر لوليه) .


جواب وزير الداخلية
وفي 29 أيلول 1921 وجه وزير الداخلية رسالته المرقمة 17817 الى رئيس الوزراء جاء فيها :
يا صاحب الفخامة ..
لي الشرف أن اعرض بأن أهم وظيفة تترتب على وزارة الداخلية هي استتباب الأمن الداخلي ومحافظة حقوق العباد وتنفيذ أوامر الحكومة بواسطة مأموري
الأمن من الشرطة و الدرك. ولا يخفى على فخامتكم درجة هذا المسلك للإصلاح والتنسيق، لذلك أرى من الضروري ربط جميع الوسائط التنفيذية والإجرائية بوزارة الداخلية وإدارتها بمعرفة مديرية تتشكل تحت عنوان (مديرية الأمن العام) ونبدأ بإحضار الوسائل اللازمة للقيام بها. وقد لاحظت إن رئيس أركان حرب الجيش العراقي نوري باشا السعيد أهلا لهذه الوظيفة وقادر على تنسيق إدارتها وتأمين الضبط والربط بين أفرادها مع الاعتناء في تعليمهم وتربيتهم المسلكية، فاقترح على معالي مجلس الوزراء العالم تصديق مأموريته لكي نتمكن من الشروع في العمل وما يمكن من السرعة .. والأمر لفخامتكم.
وزير الداخلية

  


مجلس الوزراء يوافق على الفكرة
وفي جلسة مجلس الوزراء ليوم السبت 8 تشرين الأول  1921 نوقشت الفقرة الأولى مقترح وزير الداخلية إنشاء مديرية للأمن العام و أقرت الفكرة. وكتب سكرتير مجلس الوزراء برقم 973 في 20/10/1921 الى وزير الداخلية جاء فيها:ـ
الى صاحب المعالي حضرة وزير الداخلية
بعد الاحترام أمرت أن أجيب على كتاب معاليكم المرقم 17317 المؤرخ في 2تشرين الأول سنة 1921 والمتعلق بلزوم تأسيس مديرية الامن العام أي البوليس، واقتراحكم على المجلس ابقاء سعادة الجنرال نوري باشا السعيد بموافقة معالي جعفر باشا العسكري وزير الدفاع الوطني مدة شهر واحد في وزارتكم لدرس مسالة تأسيس مديرية الامن العام أي البوليس مع وزارتكم ووزارة المالية ووضع منه سكرتير مجلس الوزراء اجا لذلك من قبل الجميع ورفع بيان عن هذا الأمر الى مجلس الوزراء وابلغ معاليكم بان مجلس الوزراء قرر باتفاق الاراء في جلسته لمنعقدة في 5 صفر سنة 1340 هـ الموافق  8 تشرين الأول سنة 1921 قبول هذا الاقتراح والأمر لوليه     

علما أن جميع المراسلات بين المجلس والوزارات كانت تتم باللغة الإنكليزية وأحيانا تترجم وفي أحيان كثيرة تبقى على صيغتها الإنكليزية.. وفعلا تأسست مديرية الشرطة العام يوم 9/1/1922 أي بعد ثلاثة اشهر من قرار مجلس الوزراء واستلم أول منصب مدير عام فيها العقيد نوري باشا السعيد.
تلك هي قصة تأسيس الشرطة العراقية بالوثائق والمراسلات المستخلصة من أرشيف مجلس الوزراء ووزارات الدفاع والمالية والداخلية، وتعكس طبيعة المرحلة الأولى من عمر دولة العراق الحديثة، ونوعية ومستوى المراسلات والحوارات التي كانت تجري آنذاك.

        

                  

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

691 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع