د.وليد الراوي
سرعان ما ظهر تضارب في اخبار العملية العسكرية في سيناء فالقوات الاسرائيلية ادعت بانها نفذت عملية ضد مجموعة اسلامية" ارهابية" كانت تحاول نصب صواريخ موجه ضدها وقد اسفرت العملية عن مقتل اربعة عناصر ونجاة قائد العملية, في نفس الوقت اعلن تنظيم "اكناف بيت المقدس السلفي" قيام اسرائيل بتوجيه ضربة جوية لمجموعة من عناصرها باستخدام طائرة بدون طيار.
بعد حين ادعى الجيش المصري بانه نفذ العملية ضد هذه الجماعة باستخدام طائرة هليكوبتر نوع "اباشي " فيما ضل الاعلام العربي بين اخذ ورد لكن دون الوصول الى الحقيقة.
ان موضوع المقال لايركز على من نفذ الضربة الجوية ضد هذه المجموعة" الجهادية" حيث طالما تعرض هذا التنظيم للكثير من اعمال التعرض المقابل , لكن الاهمية تاتي في اهمية سيناء ضمن اولويات تنظيم القاعدة العالمي واسباب ذلك.
لقد اصبحت سيناء ملاذا امنا للكثير من المطلوبين امنيا بسب انتمائهم لجماعات "جهادية" سواء من داخل مصر او خارجها حيث استغل هؤلاء ظروف سقوط نظام القذافي ونظام حسني مبارك والفوضى التي عمت هذه البلدان وما تناسق معها من تهريب الكثير من انواع الاسلحة النوعية والتي ساهمت في تعزيز قدرة هذه الجماعات واعطتها قابلية عالية في الدفاع والتعرض.
ان قيام تنظيم القاعدة باستغلال الفوضى السياسية والامنية في بعض بلدان "الربيع العربي" , قد عزز قدرته على التواجد والترسيخ ومن ثم تطوير هيكليات تنظيمه وبنيته العسكرية, بالاظافة الى قيامه بطرح الية للعمل والتنسيق مع القوى الاسلامية الاخرى المعتدلة منها.
ان ما بات يطلق عليه الربيع العربي اصبح بمثابة الدماء التي غذى هذه الجماعات وجعلها تنمو وتتطور.
في العودة الى الجانب الاسرائيلي ,دابت وزارة الامن الاسرائيلية على اصدار تقرير سنوي للمنظمات الارهابية في فلسطين المحتلة , يتم اعادة تقيمه كل سنتين , في اخر تقرير لها شخصت الوزراة 14 منظمة فلسطينية متهمة بالارهاب وقد تظمن التقرير وجود 01 منظمة تؤمن بعقيدة "السلفية الجهادية" وتتركزساحة عملها في الضفة الغربية وقطاع غزة.
في دراسة سابقة لي نشرت عام 2012 تحت عنوان "هل ربحت اميركا الحرب ضد الارهاب" تم احصاء 43 منظمة لها علاقة بتنظيم القاعدة تتوزع في 28 بلدا عدا الخلايا النائمة التي غالبا ما تتواجد في الدول الغربية وبعض الدول الاسيوية .
من مجموع 43 منظمة يلاحظ ان اكثر من 20 منظمة تتواجد في دول عربية ولم يستثنى سوى دولة الامارات العربية, سلطنة عمان,الكويت , قطر والبحرين بالرغم من وجود بعض قادة التنظيم من هذه الدول.
يرى الباحث ان سبب عدم تركيز التنظيم على العمل في هذه الدول الخليجية يعود لكونها تعتبر احد اهم قواعد التمويل المالي فليس من المنطق ان تستهدف بعمليات من قبل التنظيم.
ان تنظيم القاعدة قد استغل الاوضاع الشاذه في سيناء افضل استغلال حيث بدا بانشاء تنظيمات متنوعة الاسماء متوحدة العقيدة والاهداف ساعيا الى تاسيس امارة اسلامية جديدة لمنطقة فلسطين وسيناء , كحال التنظيمات الاقليمية الاخرى وان تكون ساحتها فلسطين وخصوصا قطاع غزة ,حيث لاقى التنظيم دعما من بعض رجالات القبائل العربية وان بث فلم تشيع قتلاهم في عملية الضربة الجوية "المبهمة" الى دليلا على عمق علاقة التنظيم مع ابناء العشائر.
نتيجة لظروف سيناء الجغرافية والسياسية والعسكرية اذ كانت منطقة نزع سلاح منذ توقيع اتفاقية السلام المصرية - الاسرائيلة ساهم ذلك في ان تكون بؤرة لنشاطهم.
لقد استهدفت الجماعات "السلفية الجهادية" المتواجدة في سيناء والتي على علاقة استراتيجية مع حركة حماس , مناطق داخل اسرائيل والاردن كما استهدفت انبوب نقل الغاز المصري الى الاردن واسرائيل عدة مرات وستستمر هذه الجماعات باستهداف اسرائيل والاردن .
لقد اصبحت سيناء ملاذا امنا كافغانستان للجماعات الاسلامية المتشددة اثر انتشار حالة الفوضى في مصر عقب احداث الربيع العربي حيث واصلت الجماعات الاسلامية "السلفية الجهادية " في تهريب الرجال والاسلحة والاموال عبر شبكة منظمة تبدا من تونس و ليبيا مرورا بمصر لتنتهي في سيناء و قطاع غزة.
ان اهمية سيناء للجماعات الاسلامية المتشددة تاتي من عوامل استراتيجية ومنها:
1.قربها من الارض المحتله ومجاورتها الى قطاع غزة.
2.تواصل الحركات الاسلامية المؤمنة بفكر "السلفية الجهادية" في سيناء
مع الحركات الاسلامية في غزة.
3.اهمال السلطات المصرية لسيناء وسكانها لاعوام طويلة.
4.ضعف سطوة المؤسسة العسكرية والامنية المصرية على سيناء نتيجة اتفاقية السلام.
5.تقع سيناء في قلب العالم العربي ويمكنها من التواصل بين تنظيمات القاعدة في كل من شمال افريقيا والجزيرة العربية واليمن.
6.وقوعها على اهم ممر بحري يمكنه من التواصل مع العالم اجمع .
:في فلسطين المحتلة التنظيمات السلفية الجهادية
في تقرير صادر عن وزارة الامن الداخلي الاسرائيلية تم رصد "14" منظمة فلسطينية متهمة بالارهاب تعمل من داخل الضفة الغربية وقطاع غزة وان "10" منها تؤمن بالسلفية الجهادية وهي:
1.تنظيم جحافل التوحيد والجهاد: تاسس في 1\11\2008 يعمل في الضفة الغربية.
2.جيش الامة: يعمل في قطاع غزة.
3.فتح الاسلام: في قطاع غزة له علاقة بفتح الاسلام اللبنانية.
4.حركة جند انصار الله :تعمل في قطاع غزة
5.حركة قاعدة جهاد ولاية فلسطين الاسلامية في الضفة الغربية.
6.حركة جيش القدس الاسلامي في الضفة الغربية.
7.حركة عصبة الانصار: تاسست عام 2010 في الضفة الغربية
8.حركة سيوف الحق : تعمل في الضفة الغربية.
9.جيش الاسلام: تاسس عام 2006 من قبل ممتاز دغمش بعد انشقاقه عن " لجان المقاومة الشعبية".نفذ عدة عمليات اطلاق صواريخ باتجاه اسرائيل كما شارك في عملية اختطاف جلعاد شاليط. .
10. مجلس شورى المجاهدين في القدس الكبرى: وهي من المنظمات الفلسطينية في قطاع غزة والأشد نشاطاً في سيناء في الفترة الأخيرة.
تتواصل هذه الحركات وبشكل متسق مع تنظيمات "السلفية الجهادية" المصرية المتواجدة على ارض سيناء ,بل تعتبر سيناء هي القاعدة الامينة لامدادهم بالمال والسلاح وفي بعض الاحيان بالمقاتلين .
:السلفية الجهادية في سيناء تنظيمات
1. أكناف بيت المقدس: جماعة سلفية جهادية تعلن الولاء الى القيادة العالمية لتنظيم القاعدة, نفذت عدة عمليات منها, تنفيذ عدة هجمات على أنبوب نقل الغاز من مصر إلى إسرائيل. كما اعلنت عن المسؤولية عن إطلاق صواريخ غراد على إيلات في شهر آب 2012 ,كما اعلنت عن تنفيذ عملية في الخامس من آب 2012 على حدود إسرائيل مع مصر حيث قتل 16 من حرس الحدود المصري وهو التنظيم الذي استهدف مؤخرا بالضربة الجوية.
2- أنصار الجهاد: تاسست في العشرين من كانون الأول 2011 وقدمت البيعة الى أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة.
إن الكثير من اعضاء هذه المنظمة هم سجناء مصريون سابقون كانوا ينتمون إلى الجهاد الإسلامي المصري (جماعة أيمن الظواهري في مصر)، وانضموا بعد الإفراج عنهم إلىهذا التنظيم.
3. التوحيد والجهاد في سيناء: وهي نفس المنظمة القديمة , اتهمت المنظمة بتنفيذ هجمات ضد السياح في الفترة 2004 – 2006. وأعلنت المنظمة في تصريح نشر مؤخراُ أن "مصر وجبل سيناء دخلا في مرحلة جديدة سيكونان فيها – بإذن الله – المركز في مواجهة أعداء الله اليهود وشركائهم".
:وأثره على توحيد العمل "الجهادي" اقصاء الرئيس محمد مرسي
ان تطور الاحداث في مصر اثر مهاجمة القوات الامنية مناطق تجمع المتظاهرين المؤيده للرئيس محمد مرسي جعل الموقف متغيرا وخصوصا من قبل جماعات السلفية الجهادية, حيث برز لنا موقفان مميزان للتيار السلفي. يتلخص الاول: الموافقة على خارطة الطريق التي تظمنت عزل الرئيس مرسي وقد تبنى هذا الموقف حزب النور السلفي , اما الموقف الاخر هو موقف جماعة "السلفية الجهادية" والتي ادانت الانقلاب العسكري وشرعت بتنفيذ عمليات عسكرية محدودة في سيناء للاعلان عن الرفض ,ان محدودية العمليات يعود الى ان الجماعات السلفية الجهادية لاتعتبر هذه المعركة هي معركتها الفاصلة.
تسعى السلطات المصرية ومن تساندها من دول عربية على ربط العلاقة بين الاخوان المسلمين مع الجماعات الجهادية ربطا تنظيميا وعقائديا وقد تجسد ذلك بمحاولة اتهام حركة الاخوان المسلمين بالارهاب ومحاولة منعها من العمل كونها جماعة ارهابية , كما ان لقاء القبض على الشيخ محمد الظواهري شقيق زعيم تنظيم القاعدة العالمي الدكتور ايمن الظواهري في محاولة لربط بين السلفية الجهادية والاخوان المسلمين.
أن زيادة نشاط جماعات الجهاد العالمي (السلفية الجهادية ) في سيناء ، بالتزامن مع تزايد وجودهم في سوريا , لبنان والأردن , قد يجعل من منطقة سيناء منطقة امارة اسلامية تناسقا مع استراتيجية التنظيم العالمي في خلق تنظيمات اقليمية للتنظيم.
الدكتور
وليد الراوي
774 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع