الخطوة الاخيرة نحو الهاوية

                                                   

                                بسام شكري

الخطوة الاخيرة نحو الهاوية

لقد بدأت التأويلات والتحليلات حول عدم استقرار النظام الديني القائم في ايران منذ بداية الثمانينات عندما قام الملالي بسرقة الثورة الإيرانية وتهميش كافة قوى الثورة الإيرانية والتفرد بالسلطة وقد مر ذلك النظام بفترات قوة وضعف عديدة وقد استغل الحرب مع العراق لزيادة نفوذه والقيام بإجراءات عديدة من اجل تكميم الافواه وبسط السيطرة الكاملة ومن اجل إعطاء ذلك النظام الشرعية الدينية فقد ظهرت فكرة الولي الفقيه المعصوم وتلك الفكرة الغير واردة في الدين الإسلامي ولا حتى في المذهب الجعفري وقد أوصل الغلو بالخميني حدا بحيث روج لفكره الولي الفقيه الذي يعني انه الاله لان لا احد معصوم من الخطأ الا الله سبحانه وتعالى وحسب مفهوم العصمة من الخطأ, واستمرت فكرة الولي الفقيه المعصوم من الخطأ تلازم الفكر الديني لنظام الولي الفقيه , وعلى ذكر فكرة الولي الفقيه المعصوم من الخطأ والذي يحكم ايران حاليا بشخصية على خامنئي , ففي بداية هذا العام سألني احد الأصدقاء وهو عضو في البرلمان الأوروبي في جلسة نقاشية في بروكسل عن سبب تأخر مفاوضات الملف النووي الإيراني فأخبرته عن موضوع الولي الفقيه السائد في ايران وكيف ان العالم يتفاوض مع ايران في حين ان المفاوض الإيراني لا يعترف بالبشر لأنه يتفاوض من مبدأ انه ممثل الولي الفقيه الذي هو الإله والجانب الأوروبي هم من البشر فكيف يتفاوض بشر مع اله ؟ علما ان كل مفاوضات تقوم بها إيران او تعاملها مع العالم مبنية على ذلك الأساس هو ان الله "الذي هو الولي الفقيه " هو الطرف في المفاوضات ومن ذلك المنطلق فان مفاوضات الملف النووي الإيراني لن تنجح في ظل فكرة نظام الولي الفقيه لو بقيت عشرة قرون كاملة.

ان ما يجري في العالم اليوم بعد الغزو الروسي لأوكرانيا قد غير المعادلة الدولية وموازين القوى المحلية والعالمية فالحرب الباردة قد انتهت منذ ثلاثين سنة لكن خلال السنوات العشرين الماضية قامت ما تسمى الامبريالية الامريكية باستغلال ايران في نشر الفوضى في المنطقة من اجل ان تستمر أمريكا بابتزاز دول الخليج طلبا للحماية الامريكية من ايران وامريكا قد سلمت العراق لإيران على طبق من ذهب بتحالف مكشوف ونهب ثرواته الهائلة على مرأى ومسمع من العالم اجمع واطلقت يد ايران في سوريا ولبنان واليمن ومن جانب اخر قامت روسيا بحماية ايران من ما يسمى الحصار الأمريكي وتوفير الدعم الكامل لها خلال مفاوضات الملف النووي الإيراني لغرض استعمالها في احتلال دول المعسكر الإمبريالي الأمريكي والضغط على أمريكا وعلى دول الخليج العربي وبقية الدول العربية في نفس الوقت , لكن الذي كشف اللعبة الامريكية الروسية في المنطقة هو الغزو الروسي لأوكرانيا فقد زالت هيبة أمريكا واحترامها من قبل الدول العربية واخذ العرب يتصرفون بمعزل عن الضغوطات الامريكية والوعود الكاذبة بالحماية من التمدد الإيراني.
ايران في وسط هذا الصخب مستمرة في سياستها لم تفهم مستجدات الأمور بطريقة واقعية ولم تتمكن من تغييرها لكونها لاعب أساسي في اللعبة الامريكية الروسية ومتورطة في الكثير من الملفات لكن أوروبا قد استفادت من متغيرات الغزو الروسي لأوكرانيا والعجز الأمريكي عن مواجهة ذلك الغزو فأخذت بالتعامل جديا مع الملف النووي الإيراني ويوم امس اصدر مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بيانا انتقد ايران على عدم تعاونها وقد اثار ذلك حفيظة ايران التي تتصرف وفق ردود الأفعال بتهور وغرور مستغلة الدعم امريكي والروسي لها , المفاجأة الغير متوقعة للنظام الإيراني ان الشارع الإيراني بدأ يغلي فمنذ اكثر من شهر وثورة الاحواز اشتعلت من جديد بسبب ضعف الخدمات وردائه مياه الشرب والغلاء الفاحش واخذت قوى الثورة ومنظمات المجتمع المدني الاحوازي بالتوحد والتنسيق فيما بينها وعقد المؤتمرات العلنية في أوروبا والأحزاب الكردية الإيرانية من جانبها بدأت تتوحد في جبهة قوية وتظهر للإعلام الدولي كقوة متماسكة وهناك تظاهرات واسعة في الجانب الإيراني من إقليم بلوشستان, وسيطرة ايران الحديدية على العراق بدأت تخف في ظل صراع المافيات الحاكمة على السلطة ففي شمال العراق اخذت تركيا تزاحم ايران في احتلال الأراضي العراقية واخذت شكل الصدامات العسكرية بينهما في منطقتي شمال سنجار وسنوني , اما في محافظة السليمانية لم تتمكن ايران من إزاحة بافل الطالباني وتنصيب لاهور شيخ جنكي رجلها القوي والمسؤول عن تجارة المخدرات والأسلحة وغسيل الأموال حاكما فعليا على السليمانية وعلى الرغم من قيام لاهور شيخ جنكي بمحاولات اغتيال ثلاثة من الشخصيات الكردية المهمة بالسم لكي يخلو له الجو لكنه بقي بدون صلاحيات رسمية , ومحاولات ايران اختراق الحدود الأردنية العراقية بمشاغله الجيش الأردني من جانب الحدود السورية بحجة تهريب المخدرات قد فشلت وانكشفت اللعبة وموسم الصيف قد حل وادى الى موجة جفاف غير مسبوقة في ايران أدت الى موجة غضب شعبي داخل ايران فماذا سيحل في ايران لو فشلت مفاوضات الملف النووي الإيراني او اصدر مجلس الامن الدولي قرارات جديدة بالتدخل العسكري الدولي في ايران لوضع حد للمماطلة الإيرانية في الوصول الى اتفاق حول الملف النووي وروسيا مشغولة الان في حربها مع حلف الناتو في أوكرانيا ؟
من الطبيعي سوف تثور كل الشعوب الإيرانية وسوف يحصل لإيران ما حص للاتحاد السوفييتي ولاتحاد جمهوريات يوغسلافيا، بقي على العراقيين ان يكونوا جاهزين لسد الفراغ السياسي الذي سيسببه هروب العصابات والميليشيات التابعة لإيران من العراق وعلى اليمنيين ان يخططون لمرحلة ما بعد الحوثيين لإصلاح ما خربه الحوثيين وإعادة ما نهبوه , وعلى السوريين ان يخططون لمرحلة ما بعد نظام الأسد الذي اصبح مكشوف الظهر بسبب انسحاب القوات الروسية من سوريا والانهيار المتوقع للنظام الإيراني في إيجاد نظام سياسي جديد وسد الفراغ السياسي بأسرع وقت وكل تلك المتغيرات التي سيتركها تفكك إيران . ان سقوط نظام ولاية الفقيه سيؤدي الى إعادة ترتيب تحالفات دول المنطقة مع قوى ما بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. وكما قيل لقاسم سليماني: هكذا سار الى حتفه، فإننا سنقول لإيران هكذا سارت الى حتفها.
فكيف ستخطو إيران الخطوة الأخيرة نحو الهاوية وقد تهيأت كل الظروف لذلك؟

الباحث
بسام شكري
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1059 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع