خاب وخسر

                                           

                                مثنى عبيدة

حينما يجري المرء عملية حسابية بسيطة لمجريات حياته وما مر بها يكتشف انه أصاب هنا  وخسر هناك سواءً على الصعيد المعنوي والروحي أو على الصعيد المادي وتكبر في عينه حجم الخسارة كلما كان ضررها كبير على  حياته ومستقبله وترى علامات الحسرة والأسف بادية عليه .

لكن هناك خيبة وخسران ما بعدها من خسرنا ولا يعوضها طوال عمره أذا  فاته الندم والاعتذار والمبادرة إلى تصحيح ما فات إلا أن ذلك الخسران والخيبة يتجسدان  في عقوق الوالدين ........ وما إدراك ما الوالدين.. وما ما أدراك ما الخسران ونتائجه على الولد العاق .
 
أخي الكريم .. أختي الكريمة ..
 
الكثير منا هم أباء وأمهات ويودون أن يجدون الرعاية والبر من قبل أبنائهم ويدعون الله أن يكون أبناءهم من الصالحين والناجحين في حياتهم وان يواصلوا العناية والاهتمام والبر بأهلهم وخصوصاً الوالدين . لذا علينا نحن أن نعطي الانطباع الحسن والصورة الطيبة للبر والإحسان للوالدين حتى نجني ثمار ما نزرعه
لقد نصت الآيات القرآنية الكريمة على وجوب طاعة الوالدين واحترامهما واستمرار خدمتهما ورعايتهما طوال عمرهما كما ورد في الآية الكريمة
قوله تعالى ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا( .
 
لقد قرن الله تعالى توحيده وعبادته حق العبادة بالإحسان إلى الوالدين طوال عمرهما وان تقادمت السنين وبلغا من الكبر عتيا وضرورة العناية بهما ورعايتهما والدعاء لهما .
بل أن الله عز وجل وصانا وأمرنا بالبر للوالدين حتى لو كانا مشركين
 
( وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ  
وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَي الْمَصِيرُ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) .
 
أن أكثر ما أخشاه على نفسي وعلى أحبتي أخوتي وأخوتي وكل من يطلع على هذه المقال هو أن يكون ممن ينطيق عليه حديث المصطفى سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم القائل :
 
"خاب وخسر خاب وخسر خاب وخسر.. من أدرك والديه عند الكبر -أحدهما أو كلاهما- ولم يدخلاه الجنة".
والله هذا هو الخسران والخيبة أن نحرم أنفسنا من فرصة متاحة ودعوة ربانية مجانية مفتوحة لنا لكي نحضى بدخول الجنة والفوز بالنعيم من خلال رعاية الوالدين فلا نخسر هذه الفرصة ولا نجعل قلوبنا قاسية .
 
أن أمي وأمك وأبي وأبيك ينتظران منا مكالمة هاتفية أذا كنا بعيدين نسأل فيها عنهما ونطمئن عليهما ونرجوهما الدعاء لنا ولأطفالنا أما أذا كنت داخل البلد نفسه فلا تحرم نفسك من هذه الفرصة العظيمة بادر إلى زيارة أمك وأبيك وأطلب منهما العفو والصفح عما بدر منك أذا كنت مقصر في حقهما أو منقطع عن زيارتهما لفترة قصيرة أو طويلة أو كنت في لحظة غضب قد انقطعت عن زيارتهم
 
أخي أختي
ثق أن العمر قصير وأن أمك وأباك سيغادرون هذه الدنيا كما نحن من خلفهم سائرون فلا تجعلوا حياتهم صعبة مريرة لا تقاطعوهم  لا تؤلموهم  لا تظلموهم اتقوا الله فيهم قوموا بزيارتهم قبلوا أياديهم وأرجلهم وجباههم الكريمة
ثقوا لن يطردوكم أو يغضبوا عليكم حتى لو عاتبوكم وصرخوا بوجوهكم تحملوا واصبروا لأنهم سرعان ما سيبكون ويحتضنوكم ويدعون لكم
أرجوكم لا تدعوا الفرصة تضيع ونحن في شهر الرحمة والغفران شهر رمضان المبارك
لا تنسوا هذا الحديث
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله )
 
يا الله انظر لأهمية التواصل والمحبة والبر للأهل ولصلة الأرحام فهل ترغب أن تكون ممن قطعهم الله ؟؟
 
من حقك أن تبرر وأن تنشغل بأمور الحياة والمعيشة وغيرها من مشاغل
من حقك أن تفخر بابناءك وأموالك ومركزك وما حصلت عليه من حقك كل شيء حصلت عليه ولكن لماذا تنسى أهم حق عليك وهو البر للوالدين
انظروا أيها الأحبة الكرام إلى عظمة هذا الأمر
جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أشتهي الجهاد، ولا أقدر عليه. فقال صلى الله عليه وسلم: (هل بقي من والديك أحد؟). قال: أمي. قال: (فاسأل الله في برها، فإذا فعلتَ ذلك فأنت حاجٌّ ومعتمر ومجاهد)
أنك تستطيع أن تجمع كل ذلك الأجر والإعمال من خلال بسمة وكلمة وفعل طيب مبارك أسمه البر للوالدين
 
أهمس أليكم أحبتي وأقول أغلبنا يقرءا ويطلع على هذه الآيات الكريمات والأحاديث النبوية الشريفة وحتى الكتب السماوية الأخرى ويستمع إلى قصص كثيرة عن هذه المواضيع ولكن دعونا لا نمر عليها مرور الكرام بل علينا العمل بموجبها وبما جاءت به من حث على عمل هو في قمة الأعمال الصالحة ولا يعلوه إلا عبادة الله تعالى وتوحيده والصلاة انه البر بالوالدين ...
 
فلا تحرم نفسك أيها الصائم في هذا الشهر الفضيل من هذا العمل الجليل وثق بان ذهابك للمسجد والصلاة والاعتكاف وصيام رمضان كلها تبقى غير كاملة أن لم تبادر إلى زيارة أمك وأبيك وتعتذر لهما وتطلب الصفح والعفو منهما
 
بادر ألان ولا تتأخر فلا تدري من منكما إلى لقاء ربه أبكر ولا تدع عيونهم ترنو إلى الباب وهم ينتظرون إطلالتك عليهم خصوصاً أذا كنت أنت الابن البكر لهما لأنك الكبير وأول فرحة لهما يوم ولادتك فلا تخذلهما فتذل نفسك يوم العرض على الله ..
اتقوا الله في أمهاتكم خصوصاً الأرامل منهن اللواتي تحملن الصعاب في سبيل تربيتكم  
أخوتي أخوتي
 
لن تجدوا أحرص عليكم من الأم والأب فلا تفقدوا هذه النعمة الربانية ولا تحرموا أنفسكم من دخول الجنة من باب ٍ مفتوح سيغلق يوم تغمض عيونهم ويذهبون لرب ٍ كريم سنقف بين يديه يوماً..
 
أختم بكلمة هي ملخص لكل حياتنا كلمة تنطق بها شفاه أمهاتنا الكريمات فيها الفوز والسعادة لنا
 
( يمه آني راضية عليك الله يرضى عليك )
 
هل أنت مستعد أن تحرم نفسك من هذه الدعوة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
 
ادخل على أهلك اليوم وأحمل لهم البشرى والسعادة وأنظر لعيون أمك وأبيك وأهلك قد ترى الدموع تنزل وتهل حناناً وعتباً واشتياقا ولكنها ستكون دموع فرح باستقبالك وعودتك إليهم وستعلو الضحكات والدعوات .. تخيل هذه الصورة وحققها على أرض الواقع وستنجو بإذن الله من الخيبة والخسران وتكون من السعداء والفائزين بالجنة والرضوان وما ذلك على الله بعزيز...

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1150 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع