قصة قصيرة - النبيل والفاتنة /ج٢

                                                    

                              بقلم أحمد فخري

قصة قصيرة - النبيل والفاتنة/الجزء الثاني

من لم يتسنى له الاطلاع على الجزء الاول فبامكانه مراجعته من خلال هذا الرابط

https://algardenia.com/maqalat/51207-2021-10-20-08-14-20.html

ملخص ما نشر

قامت لصة شابة بسرقت بعض العطور الثمينة من اللورد بيتر هادلي في داخل احدى متاجر لندن فامسكت بها الشرطة لتحتجزها بالمركز بغرض التحقيق معها استعداداً لارسالها الى السجن الا ان اللورد بيتر هادلي قرر التنازل عن حقه في امل اصلاح تلك اللصة وتعهد بتوفير برنامج خاص لاصلاحها. اخرجها من مركز الشرطة ثم قرر ان يتركها تنزل من سيارته عندما اتهمته بانه يحتجزها لاسبابه الخاصة. فرجع الى منزله من دونها.

 

وصل بيتر بيته ليرى سيارة والدته الرولز رويس البيضاء واقفةً امام منزله قال، "لقد جائت امي لتعكر مزاجي من جديد". دخل البيت فاستقبلته مدبرة المنزل وقالت له، "الليدي الكساندرا تنتظرك في الصالون سيدي".

دخل عليها الصالون وقال،

بيتر : امي العزيزة ما هذا الحظ العظيم الذي انعم به؟ اراكِ مرتين خلال 24 ساعة!

الكساندرا : كفاك ثرثرة يا ولد. جئت كي اخبرك انني عثرت اليوم على فتاة جميلة جداً ومن نسب رفيع يشرفنا وسيكون ملائماً كي تكون زوجتك لانها من الطبقة المخملية.

بيتر : حسناً يا امي، متى اراها؟

الكساندرا : لقد دعوتها الى الحفلة التي اقيمها كل عام في منزلي دعماً للايتام بالشهر القادم.

بيتر : لكن تلك الحفلة تقيمينها بفصل الصيف اليس كذلك؟

الكساندرا : لقد قررت ان اعملها بعد شهر من الآن. ما رأيك؟

بيتر : حسناً ساكون هناك لاحضر الحفلة لالتقي بها.

الكساندرا : إذا لم تحضر الحفلة فساغضب عليك كثيراً يا بيتر.

بيتر : صدقيني يا امي، ساكون عندك الساعة السادسة مساءاً بعد شهر من الآن.

الكساندرا : إذاً تعال وقبلني كي اذهب من هنا.

قرب من امه وقبلها من وجنتيها فابتسمت بوجهه وتوجهت الى الباب الخارجي. تأفأف بيتر وقال، "سوف لن تتركني بحالي حتى تكبلني بالقيود الزوجية من جديد". صعد الى غرفته وغير ملابسه ثم استلقى على سريره. بالمساء دخلت عليه مدبرة المنزل وقالت،

سلڨيا : آسفة لازعاجك سيدي ولكن هناك شرطي واقفٌ على الباب يريد لقائك.

بيتر : وماذا يريد مني؟

سلڨيا : لا اعلم، يقول انه يريد التحدث اليك وحسب.

بيتر : ادخليه غرفة الاستقبال وساتبعك بعد قليل لارى ما يريد.

سلڨيا : حسناً سيدي.

خرجت مدبرة المنزل من الغرفة فراح بيتر يغير ملابسه من جديد ثم نزل الى الطابق السفلي ليدخل غرفة الاستقبال ويغلق الباب ورائه.

بيتر : نعم يا حضرة الضابط، ما الامر؟

الشرطي : انا لست ضابطاً يا سيدي انا رئيس عرفاء.

بيتر : نعم يا حضرة رئيس العرفاء. ماذا تريد مني؟

الشرطي : لقد بعثني مدير مركز شرطة كنزنغتون كي اتحقق من وجود السيدة هايزيل عندك بالقصر.

هنا علم بيتر انه اقحم نفسه بورطة كبيرة ليس فيها من مخرج لانه كفل تلك المعتوهة هايزل وساعد على اخلاء سبيلها ولانه كان يعتقد انها ستعود اليه طواعيةً، لكنه اخطأ بالحكم عليها. يبدو ان صاحبه ستيفن كان على حق عندما ابدى امتعاضه من تلك الفئة من البشر. "يا الهي الآن انا في ورطة مع الشرطة، ماذا ساقول له؟ هل سيقتنع بطريقتي في ترك الامور لهايزل حتى تراجع اللصة نفسها وتأتي اليّ بمحض ارادتها؟ يجب ان اعطي هذا الشرطي جواباً والا فانه سيلقي القبض عليّ لانني ساعدت على اطلاق سراح مجرمة، ماذا اقول يا ترى؟ اجل لقيتها، لقد وجدت الحجة المقنعة"

بيتر : اعتقد انها تتمشى بالحديقة.

الشرطي : هل بامكانك ان تناديها كي تأتي لاراها سيدي؟

بيتر : لا، لا، لايمكنني ان افعل ذلك. فجزء من برنامجها التأهيلي هو ان اجعلها تتجول بالقصر متى ما شائت لكي تشعر بكونها انسانة حرة يمكن الوثوق بها.

الشرطي : سامحني يا سيدي فانا غير مقتنع بكلامك. يبدو انها هربت منك وانت لم تتمكن من التحكم بها وتبقيها عندك. اتعلم ما معنى ذلك؟

بيتر : ماذا يعني يا حضرة الضابط، عفواً يا رئيس العرفاء؟

الشرطي : انك ستأتي معي كي تقدم اقوالك بالمركز وتقر انها هربت منك لكي نقوم بالبحث عنها.

بيتر : اؤكد لك يا رئيس العرفاء انها موجودة بالقصر لكننا لا نعرف مكانها بالضبط. القصر كبير جداً كما ترى وسنأخذ ساعات طوال كي نعثر عليها ارجوك صدقني.

الشرطي : قف وتعال معي هيا.

وبينما هما يهمان بالخروج سمعا صوتاً انثوياً من الخلف يقول، "لماذا جائت الشرطة؟"

نظر الرجلان باتجاه الصوت واذا بها هايزل تدخل الغرفة مرتديةً بيجامة رجالية وشعرها الكستنائي مبعثراً. قربت من بيتر وقبلته من وجنتيه وقالت،

هايزل : هل جاؤوا ليلقوا القبض عليّ من جديد؟

بيتر : لا يا عزيزتي. هم يقولون انك هربتِ من القصر. وانا تصورت انك تتنزهين بالحديقة.

هايزل : كنت اشعر بتعب كبير فقررت ان انام، وبما انني لا املك ملابس نوم تخصني بعد لذا قمت باستعارة بيجامة من دولاب احد الخدامين بالقصر ارجو ان لا يغضبك ذلك.

بيتر : لا يا عزيزتي. غداً ساشتري لك كل ما يلزمك من ملابس.

اقتربت من الشرطي وقالت،

هايزل : ها انذا يا حضرة الضابط ماذا تريد مني؟

الشرطي : انا رئيس عرفاء گلبرت. جئت لكي توقعي على اوراق اثبات حضورك هنا.

هايزل : يا الهي، هل هذا يعني انك ستأتي كل يوم لاثبات حضوري؟

الشرطي : كلا، كلا انه فقط للمرة الاولى.

وقعت هايزل على الاوراق وسارت مع الشرطي حتى الباب الخارجي قالت،

هايزل : رجاءاً ابلغ سلامي للسيد رئيس المركز واخبره انني اشتقت اليه كثيراً. وداعاً.

اغلقت الباب وراء الشرطي ورجعت حيث وقف بيتر الذي كان ينظر اليها باستغراب كبير قال،

بيتر : كم انت مجنونة! كيف دخلت القصر واين عثرت على تلك البيجاما الهزلية. تبدين كالمهرجين، وما الذي جعلك تغيرين رأيك؟

هايزل : قبل كل شيء، تعال اجلس بقربي واطلب لي كأساً من البراندي كي اقص عليك ما حدث لي منذ ان تركتك بالسيارة.

ذهب بيتر الى كرة ارضية فتحها واخرج منها قنينة براندي صبها بكأسين ليعطي واحداً منها لهايزل قال،

بيتر : كلي آذان صاغية. تفضلي يا هايز تكلمي.

هايزل : عندما تركتني بالامس ذهبت الى منزلي، اقصد الزاوية التي اعتدت ان انام فيها على ناصية الطريق ورحت افكر بمجريات اليوم فتذكرت العمل الانساني الذي قمت به باطلاق سراحي من الحجز وكيف تركتني اذهب بمحض ارادتي وكيف قررت ان اخلي بوعودي واهرب منك. لكنني شعرت شعوراً متسخاً... قذراً...

قاطعها وقال، "تقصدين شعوراً بالذنب"

هايزل : اجل شعوراً بالذنب لذلك قررت ان اعود اليك.

بيتر : فجئت الى هنا، اليس كذلك؟ لماذا لا تقولين بانك كنت مخطئة. فليس العيب ان يخطئ الانسان لكن العيب ان لا يعترف بخطئه فيتراجع ويعتذر. وهذه هي اقصى درجات النبل.

هايزل : حسناً تريد ان تمرغ انفي بالوحل. اجل كنت مخطئة آسفة، غبية، حيوانة.

بيتر : انت لست غبية يا هايز لكنك بدأت تنزلين من حصانك المرتفع وتعترفين بخطأك وهذه هي الخطوة الاولى نحو الصلاح والرقي والتقدم.

هايزل : حسناً انا هنا، كيف ستبدأ تأهيلي؟

بيتر : بعد ان تنتهين من مشروبك هذا، ستصعدين للطابق العلوي وتأخذين حماماً ساخناً ثم تنامين نوماً هانئاً. غداً صباحاً ساخذك لاحدى المتاجر واشتري لك بعض الحاجيات الاساسية.

هايزل : حسناً.

بيتر : يجب ان تتعلمي وتقولي شكراً.

هايزل : المهم، انا ذاهبة لانام. وداعاً.

بيتر : بل قولي، تصبح على خير.

هايزل : حسناً، حسناً ساقولها، تصبح على خير، هل رضيت؟

صعدت هايز الى الطابق العلوي فرجع بيتر الى حاسوبه ليواصل عمله. فتح الحاسوب وصار يكبس على الازرار. التفتت هايز ونظرت اليه وهي تقف فوق السلم وابتسمت قائلة، "انه حقاً يملك قلباً من ذهب".

باليوم التالي استيقظت هايزل على دوي طرق شديد على باب غرفتها فقفزت وفتحت الباب لترى الخادمة تقول،

الخادمة : صباح الخير سيدتي.

هايزل : حسناً، صباح الخير، ماذا هناك؟

الخادمة : السيد بيتر ينتظرك على مائدة الافطار.

هايزل : سالحق بك بعد ان اغتسل.

الخادمة : حسناً يا آنسة ساخبره بذلك.

رجعت هايزل الى الفراش وغطت رأسها باللحاف ونامت ثم فكرت وقالت، "سيأكلون الطعام كله ولن يتركوا لي شيئاً. سيقولون وقتها انهم يعلمونني درساً بالاخلاق او يقولون تأهيلاً. يجب علي ان اداهمهم فوراً". انتفضت واقفة وراحت ترتدي ملابسها الرثة ثم نزلت مسرعة فوجدت بيتر واقفاً اسفل السلم ينتظرها قال،

بيتر : صباح الخير يا هايز كيف كان نومكِ؟

هايزل : جيد. هل اكلتَ الطعام كله؟

بيتر : كلا لم اباشر بعد. كنت انتظركِ. تعالي، لقد احضرت لك بريجيت الكثير من الاكلات اللذيذة لانها لا تعرف ماذا تحبين. تفضلي اجلسي.

جلست على الطاولة الكبيرة التي تتسع لـ 20 نفراً. عاينت كل الاطعمة المفروشة فاصيبت بالذهول وسألت،

هايزل : متى سيأتي الباقون؟

بيتر : ليس هناك باقون، انا وانت فقط.

هايزل : وماذا عن الخدم؟

بيتر : سيأكلون في حجرة الطعام المخصصة لهم يا هايز. شاي ام قهوة؟

هايزل : اريد كوكا كولا.

بيتر : الكوكا كولا لا تصلح لوجبة الافطار لان فيها غازات كثيرة.

هايزل : حسناً اريد جعة.

بيتر : وهذه لا تجوز ايضاً. المعدة تبدأ عملها في الصباح وعليك اطعامها مواد سلسة كي تقوم بدورها بشكل منتظم.

هايزل : حسناً اعطني ما شئت إذاً فانا جائعة.

نظر بيتر الى الخادمة بريجيت واومأ برأسه بمعنى باشري بتقديم الطعام.

بعد الانتهاء من الافطار خرجت هايزل مع بيتر الى الخارج ليفتح لها السائق الباب فتدخل من يمين السيارة وتزحف الى يسارها لكن السائق طلب منها ان ترجع الى ناحية اليمين لان اليسار هو مكان السيد بيتر. الا ان بيتر اومأ للسائق مارتن بمعنى لا بأس دعها تجلس حيثما تشاء. التف بيتر حول السيارة وجلس على يمينها فسأل السائق سيده عن الوجهة قال،

بيتر : خذنا الى متجر هارودز.

اعترضت هايزل بشدة وقالت،

هايزل : ارجوك يا بيتر، لا اريد الذهاب الى هناك. سينظرون الي نظرة ازدراء. دعنا نذهب الى متجر آخر.

بيتر : حسناً، خذنا الى سلفردجز.

قاد مارتن السيارة وسط زحام لندن ماراً ببارك لين فماربل ارݘ ثم تجول بالشوارع الخلفية حتى اوقف السيارة خلف متجر سلفردجز فنزلا وسارا على الاقدام حتى دخلا المتجر العملاق من البوابة الرئيسية الستة بشارع اوكسفورد. كانت هايزل تنظر مشدوهة تتوقع ان يمسك بها رجال الامن باي لحظة لانها سبق وان سرقت الكثير من الاشياء من هذا المتجر. الا ان شيئاً من ذلك لم يقع لانها كانت بصحبة بيتر. "آه يا بيتر كم انت عظيم، الكل يحبك ويحترمك، ليس لانك غني بل لانك انسان طيب ومتواضع وماذا؟ يا الهي لماذا افكر به بهذه الطريقة؟ لماذا اشعر بشيء غريب داخل معدتي عندما اتذكره. هل هو... هل هو... لا، لا كفاكِ ثرثرة ايتها الغبية. هذا الرجل من عائلة نبيلة ومن جذور الملوك والامراء. كيف يمكن له ان...؟ اغلقي فمك يا معتوهة وتمتعي بهذه الفرصة الذهبية التي جائت وسقطت في حجرك لانها لا تأتي مرتين في العمر"

 

قسم العطور

وقفت هايزل امام احدى عشرات اكشاك العطور التي مروا بها وسط المتجر فقال لها،

بيتر : اختاري عطراً يناسبكِ يا هايزل.

هايزل : دعني اجرب هذا.

رفعت زجاجة وصارت ترش بها على وجهها وايديها فقال لها.

بيتر : على رسلكِ، لا تكثري من الرش لان الامر سيتعقد عليك وسوف لن تتمكني من التمييز بين عطر وآخر.

ابتسمت بوجهه وقالت بسرها، "انه لا يعلم انني كنت اتعطر بالمجان كل يوم من المحلات بحجة رغبتي بالشراء لكنهم كانوا يطردونني عندما يفهمون مقصدي".

هايزل : هذا العطر لا يعجبني. دعنا نذهب الى الكشك الذي هناك.

بيتر : حسناً كما تشائين.

سار الاثنان نحو كشك كتب عليه (ديور). حملت احدى زجاجات التجريب وقرأت اسمها فلم تجيد قرائته قالت،

هايزل : (جي-آ-دورا) ما هذا؟ هل كتبو الاسم باللغة الصينية؟

بيتر : انه بالفرنسية يا عزيزتي وتلفض "شَادور" وتعني احب.

هايزل : انه عطر جميل جداً واعجبني كثيراً حتى زجاجته غريبة وتشبه الدمعة.

قال بيتر للبائعة اريد 150 ملي يا انسة لو سمحتِ.

هايزل : توقف يا بيتر. هل نظرت لسعره؟ انه باهض الثمن.

بيتر : لا عليك عزيزتي. لا تبالي بشيء عندما تكونين معي لا تنظري الى الاسعار فانتِ اغلى من كل شيء.

ابتسمت ابتسامة صادقة وشكرته. وضعت البائعة زجاجة العطر بكيس ورقي اصفر اللون حملته هايز ليواصلا السير نحو كشك آخر كتب فوقه (دولݘي اند گابانا) فسأل بيتر البائعة،

بيتر : هل بامكانك ان تعرضي للآنسة (ذه اونلي وان) لو سمحتِ؟

امسكت البائعة بقنينة عطر ورشت بها على بطاقة عرض ثم قدمتها لهايزل فاخذتها وشمتها ثم قالت،

هايزل : يا سلام انها حقاً رائعة. اجل اعجبتني كثيراً.

بيتر : إذاً اعطني واحدة ذات ال 100 ملي.

بقي الاثنان يتجولان بالمتجر حتى صار بايديهما ست زجاجات عطور فاخرة بعدها انتقلا الى قسم الملابس فوقفا امام الالبسة النهارية. اختارت هايزل ثلاثة سراويل واثنا عشر قميصاً ثم انتقلا الى قسم الفساتين فاختارت اربعة فساتين جميلة بعدها نصحها كي تأخذ بدلة رسمية، فاختار لها واحداً باللون الازرق القاتم ثم دخلا قسم الملابس الداخلية فالتفتت اليه وقالت،

هايزل : هيا، اذهب انت بعيداً وتجول بالمتجر ثم ارجع بعد قليل.

بيتر : حسناً كما تشائين.

صارت هايزل تختار الملابس الداخلية حسب قياسها حتى انتهت باختيار العشرات منها ولما عاد بيتر كانت جميع مقتنياتها في الاكياس وما كان عليه سوى ابراز بطاقته الائتمانية ثم حمل الاكياس معها. خرجا من المتجر محملين بعشرات الاكياس من كل حجم قالت،

هايزل : هذا يكفي اليوم. دعنا نعود الى المنزل الآن.

بيتر : وهل يعقل ذلك؟ انت لم تختاري اي حذاء بعد.

هايزل : حسناً ماذا تقترح؟

بيتر : دعنا نضع المشتريات بالسيارة اولاً ثم نواصل التسوق.

رجع الاثنان الى المراب فشاهدا مارتن واقفاً خارج سيارته يدخن سيجارة. ارتبك كثيراً لما رآهما ورمى سيجارته على الارض ثم فتح لهما الصندوق الخلفي ليضعوا فيه المقتنيات ثم عادا بعد ذلك الى الشارع الرئيسي ليكملا التسوق. سارا بشارع فرعي حتى وصلا الى محل كتب عليه (روسل اند بروملي) قال،

بيتر : هذا افضل متجر للاحذية في لندن. ستختارين منه بعض الاحذية هنا يا هايز.

دخلت واختارت ثلاثة احذية جميلة قالت له بعدها،

هايزل : لقد تعبت اليوم يا بيتر، دعنا نعود للبيت فانا ساموت من الجوع.

بيتر : لا يجوز عزيزتي، يجب ان اشتري لك هاتفاً نقالاً.

فرحت كثيراً لما قال، ابتسمت بوجهه وقالت،

هايزل : اريد هاتفاً من الذي يمكنني من ان أرى فيه شكل المتصل. فانا اشاهد الكثير من الفتيات يحملنها ويتحدثن مع من يهاتفون.

بيتر : كل الهواتف الحديثة بامكانها ان تعمل ذلك لكني ساخذ لك افضل ما في السوق انه يدعى اي فون 13 ماكس.

دخلا متجر للهواتف وطلب من البائع ان يعرض عليها اي فون 13 ماكس. اخرجه من الڨترينا وعرضه عليها فتفحصته ثم وضعته بداخل جيبها الخلفي للسروال ثم اخرجته ثانية وقالت،

هايزل : لا، لاينفع، انه كبير جداً ولا يدخل بسلاسة في جيبي. اريد ان ارى هذاك.

اشارت بيدها الى هاتف آخر كتب عليه (اي فون 13 ميني). اخرجه البائع وعرضه عليها. امسكته وتفحصته جيداً ثم وضعته بداخل جيبها الخلفي لسروالها فسألت بيتر قائلةً،

هايزل : هل بامكاني ان ارى من يهاتفني على شاشة هذا الهاتف؟

بيتر : اجل، قلت لك سابقاً جميع الهواتف تمكنك من فعل ذلك ولكن لماذا اخترتِ هذا بالذات؟

هايزل : لانه اصغر حجماً وبامكاني ان اضعه في جيب السروال الخلفي.

بيتر : إذاً خذيه واختاري اللون والغلاف المناسب له.

هايزل : اريد الازرق، ولا اريد غلافاً. اريده هو فقط.

بيتر : كما تشائين.

دفع بيتر ثمنه بالبطاقة ثم خرجا من المتجر قال،

بيتر : ستعودين انت بالمشتريات الى المنزل بينما اذهب انا الى العمل بالشركة.

هايزل : اريد ان اذهب معك الى الشركة. هل هذا ممكن؟

بيتر : ستذهبين معي الى الشركة بالتأكيد ولكن ليس اليوم. اذهبي انت فقط وساراك بالمساء. سيوصلني مارتن الى مقر الشركة اولاً ثم يرجع بك الى المنزل.

هايزل : وما هو رقم هاتفك النقال؟

بيتر : اطلبيه من بريجيت ستعطيك رقمي.

هايزل : طيب بيتر.

قبلته من وجنته ونزل بينما بقيت بداخل السيارة حتى ارجعها السائق الى القصر. ارادت ان تحمل الاغراض بنفسها لكنه قال لها ان الخدم سيقومون بايصال المشتريات الى غرفتها. دخلت من المدخل الرئيسي فاستقبلتها الخادمة بريجيت وحيتها قائلة،

بريجيت : مرحباً بك سيدتي هايزل.

هايزل : انا لست سيدة احد. رجاءاً نادني هايز مفهوم؟

بريجيت : مفهوم.

هايزل : ارديك ان تساعديني.

بريجيت : ساكمل بعض المهام بالبيت وسالحق بك في غرفتك فيما بعد سيدتي... اقصد يا هايز.

هايزل : ساكون بانتظارك.

صعدت هايزل الى غرفتها ووضعت جميع الاكياس على سريرها الكبير وراحت تخرج الاغراض منها وتجربها ناسية الجوع والعطش. ابتدأت بالسروال الجينز الازرق جربته فاعجبتها الشقوق التي على الركبة كثيراً وقالت، "انها المودة الآن، ساصبح مثل باقي فتيات البشر". وقفت امام المرآة وراحت تستعرض جسمها ثم قالت، "ربما سوف لن يعجبه جسمي النحيل الهزيل، اعتقد انه يفضل البدينات اللواتي يكتنزن الكثير من الشحم واللحم. ما هذا يا فتاة؟ هل رجعت الى تخاريفك الغبية؟ لا تفكري به ابداً. انه ليس لك مفهوم؟ فكري بكل العز والدلال الذي انت فيه الآن. سوف لن تضطري للسرقة مرة اخرى ولن يضعك احد بالسجن بعد الآن. سوف يخاف منك الجميع ويخدموك لتصبحي سيدة مجتمع... اوه لا احب ذلك انا احب ان اكون انسانة عادية بسيطة وحسب. خلعت السروال وراحت تجرب الملابس الداخلية وتستعرضها امام المرآة ثم لبست فوقها الفستان الاحمر. قالت، "لقد اختار بيتر هذا الفستان، انه جميل حقاً لكنني ابدو فيه وكأنني دمية". لا اعلم كيف يحبون هذا النوع من الالبسة. خلعت الفستان ثم ارتدت الفستان الثاني الابيض اللون فنظرت الى نفسها بالمرآة وقالت سارتديه عندما... عندما... هل جننت ثانية؟ انسي الامر يا غبية فبيتر لا يمكن ان يكون لك او حتى يفكر فيك. لانه يريد ان يقترن بواحدة من طبقته الارستقراطية المخملية، تتصرف بالاناكين او اعتقد يسمونه الايتاكين او الاتاكاست. لا اعلم ماذا يسمونه لكن الرجل ليس لي انا، نقطة رأس سطر. كوني واقعية واحمدي الله انك تستمتعين بهذا العز والترف قبل ان يزول منك باحدى الايام. لن يطول الوقت حتى ارتكب حماقة كبيرة فاطرد من البيت وارجع لايامي العصيبة. سابقى هكذا حتى تنتهي فترة تأهيلي. آه يا بيتر آه. وفجأة سمعت اصوات اقدام تقترب من غرفتها تبعها طرقٌ على الباب. فاذنت واذا بها الخادمة.

بريجيت : اردت مني المساعدة يا هايز اليس كذلك؟

هايزل : اجل ادخلي عزيزتي بريجيت، اردت ان اسألك إن كنت تعرفين كيفية استعمال هذا الهاتف؟

بريجيت : يا الهي، ما هذا؟ لا اصدق.

هايزل : ما الامر يا بريجيت؟ هل حصل شيء؟ لقد اخفتيني، قولي لي ماذا رأيت؟

بريجيت : انت جميلة حقاً يا هايز، تكادين تشبهين الاميرات الحسناوات بهذا الفستان الابيض الجميل وكأنك عروس. بل عروس من النوع الرفيع. سيجن سيدي بيتر عندما يراك بهذا الفستان. انت حقاً فاتنة.

هايزل : احقاً ما تقولين يا بريجيت؟ ربما انت تبالغين، او ربما طلب منك بيتر كي تقولي مثل هذا الكلام. ارجوكِ توقفي عن النفاق.

بريجيت : ابداً، ابداً يا هايز اقسم بالله ان جمالك اخّاذ. لماذ كنت تختبئين وراء الملابس الرثة؟

هايزل : لانني فقيرة ولم اكن املك غيرها.

بريجيت : الآن عليك ان تستمتعي بهذه الملابس التي لا يحلم بها احد.

هايزل : لكنني هزيلة وقلت ربما كان بيتر يحب السيدات البدينات.

بريجيت : بالعكس انت مخطئة جداً. لقد كانت زوجته المرحومة پينالوپي نحيفة مثلك تاماً لانه لا يحب الا السيدات الرشيقات. سوف يجن جنونه اذا رآك بهذا الفستان الابيض.

هايزل : شكراً لك. وماذا ينقصه إذاً؟

بريجيت : طبعاً إذا كنت ذاهبة الى حفلة ما فيجب ان تعملي تسريحة لشعرك في الصالون. فشعرك طويل وجميل جداً وستكونين اجمل بتسريحة رائعة. او ربما سيطلقه لك مصفف الشعر كي تستعرضين جماله. آه يا هايز كم انت جميلة.

هايزل : إذا استمريت بهذا النمط من الكلام فقد اصدقك يا مجنونة. حسناً هيا اخرجي من هنا، شكراً لك. لحظة واحدة توقفي. هل تفهمين بهذه الهواتف؟

بريجيت : يا سلام انه احدث واغلى الهواتف الذكية يا هايز انه جميل جداً. ساقوم بتعليمك على استعماله الآن.

هايزل : لا، اذهبي انت الى الاسفل وسالحق بك فيما بعد كي تعلميني عليه بعد الغداء فانا جائعة جداً وبامكاني ان تناول فيلاً كاملاً.

خرجت بريجيت من غرفتها فراحت تستعرض فستانها الابيض ثانية وتنظر الى خصرها الجميل فابتسمت وقالت، "هيا اخلعي الفستان يا حمقاء وادخليه الدولاب قبل ان يتسخ ". عليّ الآن ارتداء سروالي الجينز الجديد وانزل الى الطابق السفلي كي اتغدى ثم ادع صديقتي بريجيت تعلمني على الهاتف. نزلت الى الطابق السفلي ونادت على بريجيت فالتقتها بالصالون وقادتها الى صالة الطعام حيث جلست فتناولت وجبة الغداء على عجالة ثم جلستا سوياً وراحت بريجيت تعلمها استعمال هاتفها. في بادئ الامر وجدت صعوبة عندما كانت تحاول الضغط على الازرار الافتراضية ثم ترفع اصبعها فتعمل تلك الازرار. استغرقت كثيراً حتى بدأت تستوعب فكرة لمس شاشة الهاتف لكي يستجيب للمساتها. بالآخر قالت،

هايزل : الا ادخلتي رقم هاتف بيتر اريد ان اتصل به بالمرئي؟

بريجيت : تقصدين مكالمة فيديو. ساعطيك الرقم وعليك ان تدخليه بنفسك كما علمتك، موافقة؟

هايزل : اجل موافقة، هيا.

اعطتها الرقم فبحثت قليلاً عن ايقونة جهات الاتصال فوجدتها وادخلت اسم (بيتر الوسيم) والرقم الذي املته عليها بريجيت. بعدها ضغطت على آلة التصوير كما علمتها فسمعت الهاتف يرن. بعد قليل اجاب بيتر لتراه في شاشتها فصرخت.

هايزل : يا الهي لا اصدق. انا اراك يا بيتر، هل تراني؟

بيتر : اجل اراك، مبروك يا هايز هاتفك الجديد. كيف وجدته؟ هل اعجبك؟

هايزل : اعجبني كثيراً، كثيراً يا بيتر انا جداً سعيدة، شكراً.

بيتر : تعجبني فرحتك بهاتفك الجديد. هذه هي اول خطوة لحياتك الجديدة يا هايز. ولكن سامحيني فعندي اجتماع مهم جداً بعد قليل وعلي ان اذهب الآن. ساراك لاحقاً بالبيت.

هايزل : حسناً بيتر، واسمع، اسمع، توقف.

بيتر : ماذا؟

هايزل : شكراً مجدداً يا بيتر، انا جداً سعيدة.

اغلقت الخط فابتسم وقال في سره، هذه المسكينة فرحت بالهاتف. كم تبدو جميلة وهي فرحانة.

بالمساء رجع بيتر الى منزله فرأى هايزل تركض نحوه وتحتضنه وتقول، مرحباً بك يا بيتر. انا سعيدة لمجيئك (بون ڨينو دون ڨوتر ميزون).

بيتر : يا سلام. لقد بدأت تتعلمين الفرنسية. من علمك ذلك اهي بريجيت؟

هايزل : اجل بريجيت. لقد تعلمت منها الكثير. لقد بدأت بتعليمي الاتكيت ورقص الڨالس.

بيتر : هذا رائع. هل العشاء جاهز؟

هايزل : (بيان سور).

بيتر : إذاً دعنا نأكل فانا اشعر بالجوع.

جلس بيتر وهايزل على مائدة الطعام فنظر اليها وهي تسحب الفوطة وتضعها على حجرها ثم قالت،

هايزل : لقد اخطأت بريجيت بوضع السكين الى جهة اليسار. يجب ان تكون على جهة اليمين.

بيتر : انا الذي غيرت مكانها كي اختبرك يا عزيزتي. (براڨو) لقد نجحت بالاتكيت.

هايزل : انا قلت لك سابقاً. انا تلميذة مجتهدة. سوف تفتخر بي فيما بعد.

بيتر : وما هو برنامجك القادم؟

هايزل : ابتداءاً من الغد ولمدة اسبوع كامل سوف تعلمني على طريقة السير والتعامل مع السيدات الراقيات.

بيتر : وبعدها؟

هايزل : وبعدها ساتعلم اسلوب الحديث وكيفية الاستماع الى الناس وابداء الجواب الدبلماسي عندما احرج بالكلام.

بيتر : انا سافتخر بك كثيراً. سيكون افضل اختبار لك عندما تأتين معي لحظور الحفلة السنوية التي ستقيمها والدتي في قصرها دعماً للايتام بالشهر القادم. ستتالقين وستكونين نجماً لذلك الحفل.

هايزل : سوف لن اخيب ظنك يا بيتر سوف ترى.

بعد العشاء تمنى لها نوماً هانئاً بعد ان اخبرته ان الفتيات المهذبات ينمن مبكراً حفاظاً على جمال بشرتهن. صعدت الى الطابق العلوي بينما توجه بيتر الى مكتبه كي يكمل اعماله.

باليوم التالي خرج الى العمل مبكراً وعندما استيقظت هايزل سألت بريجيت عنه، اخبرتها بانه ذهب الى العمل فاتصلت به بهاتفها الجديد ليرد عليها،

بيتر : صباح الخير هايز.

هايزل : صباح الخير بيتر، لقد خرجت الى عملك دون ان تكلمني.

بيتر : لانكِ كنت غارقة بنومك فقبلتك من جبينك ولم اشأ ايقاظك.

هايزل : هل ستعود للغداء؟

بيتر : كلا، ساكون غارقاً باعمالي اليوم لذا بامكانك ان تتغدي في القصر. لا تنسي ان تواصلي دروسك.

هايزل : بالتأكيد بيتر.

اغلقت الخط معه ونادت على بريجيت كي يواصلا دروسهما.

بالايام التي تلت بقيت هايزل تتلقى الدروس حتى اصبحت بارعة بكل شيء وحتى اللغة الفرنسية صارت تتحدث منها الكلمات والجمل المهمة كالمجاملة ورد السلام والاستفسار عن الصحة وما شابه. وبعد مرور شهر كامل جاء موعد الحفلة السنوية التي تقيمها والدة بيتر لذا ارادت هايزل ان تكون مستعدة لها تماماً لان بيتر اراد ان يرفع رأسه بها. لذا ذهبت الى صالون الحلاقة وقام مصفف الشعر بالاعتناء بشعرها فاتصل بها بيتر هاتفياً وسألها،

بيتر : متى ستكونين جاهزة يا هايز؟

هايزل : ساعتان على اكثر تقدير.

بيتر : حسناً ساكون قد اتممت كل اشغالي. سالتقيك بالبيت وننطلق من هناك سوياً.

هايزل : حسنا عزيزي.

رجع بيتر بعد ان اكمل جميع اعماله ودخل الدار، حيته المدبرة بريجيت فسألها عن هايزل قالت انها ستنزل من غرفتها بعد قليل. وفجأة هبطت هايزل من السلم تتبختر مرتدية بدلة سهرة حمراء طويلة فنظر اليها بيتر وفتح عينيه وفمه لاقصى درجة. بقي مندهشاً بجمالها ورشاقتها وقد رأى فيها صورة لم يرها من قبل. انها تغيرت تماماً عما كانت عليه في السابق. وقفت امامه وسألته، هل انت مستعد؟

       

                                 هايزل

بيتر : لا... اقصد قليلاً... اقصد نعم انا مستعد. ولكن ما هذا الجمال يا فتاة؟

ابتسمت ابتسامة عريضة ثم اغمضت عينيها وخفضت عينها للارض وقالت،

هايزل : هل عجبتك يا بيتر؟

بيتر : عجبتيني؟ هل قلت عجبتيني؟ يا فتاة انت اجمل امرأة شاهدتها في حياتي.

هايزل : ميرسي ميل فوا، ڨوزيت تري شَانتي.

بيتر : يا الهي، انت سيدة مجتمع من الطراز الاول. ولكن ينقصك شيء مهم.

نظرت اليه باستغراب وقالت،

هايزل : (كيل) ماذا؟ هل تبعثر مكياجي مرة ثانية؟

بيتر : كلا. تعالي معي.

امسك بيدها واخذها الى مكتبه ثم فتح الخزنة الحديدية واخرج منها علبة رصاصية اعطاها لهايز. فتحت العلبة فانبهرت بما رأت. انه طقم يحتوي على قلادة واقراط مرصعة بالالماس والزمرد الاخضر.

      

هايزل : يا الهي ما هذا؟

بيتر : لا يصح ان تذهبي الى حفلة من هذا النوع وتنقصك المجوهرات.

هايزل : اعدك بانني ساعتني بها جيداً واعيدها اليك عند الرجوع الى هنا.

لكنه لم يجبها. سحب القلادة من العلبة والتف حولها ليقف وراء ظهرها ويضعها على صدرها، فرفعت شعرها الكستنائي بتأني كي لا تفسد تسريحتها فقام بربطها من الخلف ثم التف حولها كي يقف امامها ومد يده كي تعطيه الاقراط فسحبت واحدة واعطته اياه ليشبك بها اذنها اليمنى ثم فعل الشيء نفسه باذنها اليسرى. بعد ان انتهى من تلك المهمة الرائعة وقف امامها يستمتع باللوحة الفنية التي ينظر اليها قال،

بيتر : سوف لن ترجعيها، انها لك.

هايزل : ولكنني لا يمكن ان اقبل مثل...

وضع سبابته على شفتيها كي يسكتها ثم امسك بكتفيها وسحبها الى عنده ليقبلها فاستقبلت شفتيه بشفتيها المفتوحتين المتعطشتين لحبه منذ ان جاء بها الى قصره. طال امد القبلة حتى وضعت يدها على صدره ودفعته قليلاً قالت،

هايزل : الحفلة، اقصد امك، اقصد علينا ان نذهب.

بيتر : اجل هايزتي المالحة.

هايزل : ماذا؟ كيف تقول مالحة؟

بيتر : لان اسمك هايزل وتعني البندق الذي احبه مالحاً.

هايزل : تحبه؟ هل انت؟ هل هذا يعني انك؟ هل تقصد انك؟

بيتر : اجل يا هايزتي انا احبك. لقد وقعت بحبك منذ ان كنا في مركز الشرطة وانا اناضل كي اخرجك من الحبس.

هايزل : اما انا فلا.

بيتر : الا تحبينني؟

هايزل : احبك لكنني وقعت بحبك عندما وثقت بي وتركتني ارحل من سيارتك دون ضمانات. فقررت ان ارجع الى بيتك وارتديت البجامة اللعينة.

بيتر : بصراحة كان منظركِ مضحكاً جداً. كنت تشبهين تشارلي شابلن.

ضحك الاثنين وخرجا من مكتبه الى مدخل الدار فقابلتهما بريجيت قالت،

بريجيت : ما هذا يا هايز؟ تبدين كنجوم هوليوود. انت اجمل امرأة شاهدتها بحياتي.

هايزل : كفاك نفاقاً يا بشعة.

ضحكت بريجيت وقبلتها ثم قالت،

بريجيت : اذهبي الآن واحرقِ القلوب. دعيني افتخر بتلميذتي النجيبة.

فتح السائق مارتن الباب الايمن لهايز فجلست لانها صارت تعرف الاصول الآن وان الرجل يجب ان يجلس الى يسارها. جلس بيتر وقال، "هيا بنا يا مارتن". ادار مارتن محرك السيارة وانطلق بهم في شوارع لندن ثم انتقل السائق الى الخط السريع متجهاً الى مدينة وندزر حيث قصر الكساندرا هادلي والدة بيتر.

امام القصر تجمهر حشد كبير من المصورين والصحفيين ليغطوا ذلك الحدث الكبير الذي تحضره جُلّ الطبقة الارستقراطية الراقية ببريطانيا والتي نظمتها الكساندرا هادلي دعماً للايتام والمشردين. وقفت السيارة وفتح السائق الباب فخرجت هايزل منها ليهجم عليها الصحفيون يمطرونها باسئلة كثيرة لكنها لم تجب على اي واحد منها. خرج بيتر من الجهة الثانية فتهالك عليه الصحفيون هو الآخر وصاروا يسألونه عن هايزل فلم يجبهم وواصل سيره حتى امسك بيد هايزل ودخلا قاعة الاحتفال. نظر جميع الحضور باتجاه الباب ليصدموا بالمفاجأة الكبيرة التي حضرها لهم اللورد بيتر هادلي وصاروا يتسائلون، من هي هذه الحسناء بصحبة بيتر؟ هل هي عشيقته ام خطيبته ام هي سكرتيرته ام ربما تزوجها بالسر! لم يستطع احد ان يتنبأ حتى والدة بيتر سؤلت عدة مرات فكان جوابها دبلوماسياً جداً. كانت تقول، "السيدة مدعوة من قبل اللورد بيتر وهي مرحب بها". دخل الحظور وبدأت الموسيقى فراح الازواج يرقصون ليدخل بيتر ممسكاً بيد هايزل الى حلبة الرقص وصارا يؤديان رقصة الڨالس وكأنهما متزوجان منذ سنين عديدة. كانت اعينهما ملتصقتان ببعضهما البعض والابتسامة التي تملأها السعادة بادية على وجهيهما. بعض الناس قالوا انها اميرة من موناكو وبعضعهم اعتقد انها مليارديرة من بروناي لكن الجميع اجمع على انها مفاجأة الموسم وهي اللغز الاكبر لتلك السهرة التي لن تُنسى ابداً. وعندما كانوا يسألون اللورد بيتر عنها كان يجيب اجوبة مبهمة يزيد من فضولهم وتحرقهم لمعرفة شخصيتها. حتى والدته الليدي الكساندرا سألته عنها قال انها شخصية مدعوة من قبله وانه سيخبرها عنها فيما بعد. استمر الحفل وصار الجميع ينتظر موعد التبرعات حتى اوقف عريف الحفل الجوق الموسيقي وطلب من الحضور الصمت والتجمهر امامه ثم قال، "الآن سيبدأ التبرع من قبل الحضور. من سيكون المتبرع الاول؟" عم الهدوء بالصالة وفجأة سمع الجميع صوت هايزل تقول 50000 جنيه. صفق الجميع لذلك الاعلان، فسأل عريف الحفل 50000 جنيه من الليدي؟ فاجابته، "ليدي هايزل". قال العريف، "هل هناك المزيد؟" صرخت سيدة اخرى وقالت، "1000 جنيه" فسأل عريف الحفل 1000 جنيه من الليدي؟ فاجابت، "مگريگر". بعدها سمعوا والدة بيتر تقول "100000 جنيه" فصفق لها الجمهور. وتوالت التبرعات من كل حدب وصوب. بعد ان انتهت التبرعات اعلن عريف الحفل ان المجموع وصل الى 945000 جنيه. فصفق الجميع وعادت الموسيقى والرقص. قالت هايزل لبيتر سامحني يا بيتر ساذهب للحمام اريد ان اعدل مكياجي. سارت خارج القاعة متجهة الى الحمام فدخلته لترى سيدات يعدلن زينتهن فرحبن بها لتسألها احداهن،

السيدة : هل انت حبيبة اللورد بيتر هادلي؟

فاجابتها بطريقة ذكية وقالت،

هايزل : ومن لا يحب بيتر هادلي. انه كالريح الدافئ في شهر ديسمبر وهو امنية كل فتاة.

ابتسمت بوجههن وخرجت من الحمام بعد ان اكملت زينتها لترجع للحفلة. سارت بممر طويل ضيق راجعة لقاعة الاحتفال. فور دخولها القاعة فاجأها الضجيج والموسيقى الصاخبة وروائح دخان السجائر المتصاعدة من كل مكان فشعرت انها تختنق. اخترقت القاعة كاملةً وسارت نحو الباب الخارجي تبغي استنشاق الهواء النقي. نزلت درجات السلم الخمسة الخارجية ودخلت الحديقة المظلمة لتشعر بانتعاش كامل فور دخول الاوكسجين الصافي الى رئتيها. رغم قساوة البرد الا انها رحبت به وصارت تتجول بالحديقة المظلمة الموحشة. فجأة سمعت صوت رجل وامرأة يتهامسان بصوت منخفض جداً خلف الدغل. انتابها الفضول وارادت ان تستمع لما يقولان لانها سمعت اسم بيتر تنطق به المرأة فقربت منهما دون ان يشعرا بوجودها لتسمع الرجل يقول،

الرجل : لحد الآن لم تتم الصفقة بين الشركة والمندوب الماني بعد. وهذا بالحقيقة من صالحنا.

المرأة : متى ستقترح عليهم التعامل مع المندوب البرتغالي؟

الرجل : سانتظر بيتر حتى يقرر الغاء الاتفاق المبدئي مع الالماني اولاً ثم اقترح عليه البرتغالي.

المرأة : ماذا لو غير بيتر رأيه ووافق على الالماني؟

الرجل : اطمئني من ذلك يا مار فبيتر يثق بي ثقة عمياء وهذا ما شجعني كي اخبره بان عرض الالماني لا يجدي للشركة لان الاجهزة التي سيرسلونها الينا ليست مطابقة للمعايير الاوروبية. وكذلك اخبرت المندوب الالماني ان شركتنا لا تدفع الاقساط بالوقت المحدد وهذا ما اخافه وجعله يخرج من قاعة الاجتماع فقط لان بيتر تأخر قليلاً عن الاجتماع.

المرأة : هل الاجهزة غير مطابقة للمعايير الاوروبية حقاً؟

الرجل : كلا، ولكنني فقط قلت ذلك لبيتر كي اجعله يلغي الاتفاق مع الالماني.

المرأة : وكم ستبلغ العمولة برأيك؟

الرجل : وعدني البرتغالي بكومشن نصف مليون جنيه.

المرأة : نحن على اتفاقنا 50-50 اليس كذلك؟

الرجل : بالطبع يا عزيزتي. ركزي انتي اولاً على التمكن منه واتركي الباقي عندي.

المرأة : ماذا لو علم بخطتنا؟

الرجل : سنعرف كيف نتخلص منه بطريقتنا الخاصة. فانا اخطط له كي يقع بالمصيدة ويغادر هذه الدنيا كما فعلتَ بزوجته پينالوپي الغبية.

بدأ الدم يغلي بعروق هايزل وارادت ان تهجم عليهما وتفضح مخططهما الشيطاني لكنها عندما التفت حول الدغل وجدتهما قد غادرا فعلاً. ماذا تعمل يا الهي؟ من هم هؤلاء السفلة الذين يتآمرون على بيتر. بيتر الذي افصح لها عن حبه اليوم وقبلها. يا ترى هل كانت تلك القبلة وليدة الموقف ام انها جائت من صميم قلبه؟ قال انه شعر بالحب نحوها منذ زمن طويل، فهل كان صادقاً بمشاعره؟ ام ربما هو زيراً للنساء، فيقولها لكل فتيات كي يواقعهن؟ هذا كله لا يهم، فإن كان لا يحبني ويريد ان يتزوج بامرأة رفيعة الاصل والنسب فهذا شأنه. لكن ضميرها يحتم عليها كشف تلك المؤامرة القذرة التي تحاك ضده. يجب ان تتحدث معه على انفراد وتكشف له خيوط المؤامرة كي يكون حذراً. لقد انقذها من الحبس وجاء دورها كي تنقذه مما يحاك وراء ظهره. عادت الى داخل القاعة وسارت مسرعة نحو بيتر فوجدته يتكلم مع احد المدعوين. وعندما نادته باسمه كي تجذب انتباهه، نظر اليها وقال،

بيتر : عزيزي مارك، دعني اعرفك على الآنسة هايزل.

اللورد مارك هنتر : تشرفت بمعرفتك يا آنسة هايزل.

هايزل : انشانتي دي ڨو ڨوار مسيو.

اللورد مارك هنتر : هل انت من اقارب بيتر لانني اعرف اقاربه جميعاً ولم احظى بلقائك من قبل؟

هايزل : كلا، التقينا في موناكو قبل بضع سنين.

التفتت الى بيتر وقالت،

هايزل : بيتر، يجب ان نتحدث بامر مهم جداً.

بيتر : فيما بعد عزيزتي فيما بعد فانا اتحدث مع اللورد مارك هنتر الآن.

هايزل : اجل ولكن الامر في غاية الاهمية ولا يتحمل التأجيل.

بيتر : قلت لك، فيما بعد عزيزتي. والآن سامحيني يجب ان اعرّف اللورد على احد المدعوين.

امسك بيد اللورد مارك هنتر وسار معه بعيداً عن هايزل. غضبت هايزل كثيراً لكنها وعدت نفسها ان تتصرف بكل هدوء خصوصاً بهذه الحفلة التي ترقبها الجميع منذ عام كامل وهي تعني الكثير لبيتر وامه الليدي الكساندرا. ذهبت الى الطاولة وسحبت كأساً من الشامپانيا فشربته بجرعة واحدة وكأنها تريد ان تطفئ نار غضبها ثم امسكت بكأس ثانِ وثالث بينما وقف بيتر يتحدث مع اصحابه واقاربه حتى قارب الحفل من الانتهاء وصار المدعوين يغادرون القاعة الواحد تلو الآخر. لم يبقى سوى القليل منهم فذهب بيتر حيث وقفت هايزل وقال،

بيتر : هل تريدين الرحيل؟

اجابته بصوت منتشي،

هايزل : كلا، ما زال هناك بعض المشروب اريد ان اقضي عليه.

بيتر : انت منتشية يا عزيزتي. تعالي معي، سنرجع للدار.

امسك بيدها واخرجها الى الخارج ليفتح مارتن ابواب السيارة فيدخلها وينطلق بهما السائق عائداً الى المنزل. في الطريق لم تنطق بكلمة واحدة، كانت فقط تنظر الى الخارج وتراقب السيارات التي كانوا يمرون منهم ثم دخلوا على الطريق السريع فنامت. وعندما وصلوا الدار حملها بيتر وادخلها الى مكتبه حيث وضعها على اريكة حمراء وذهب للحمام ليبل منديله بالماء ويرجع فيمسح على وجهها. كانت ما بين الوعي واللاوعي وبدأت تتكلم كلاماً غير مفهوم فسمعها تقول، "كنت اريد ان افضحهم لانهم يكيدون لحبيبي المكائد. حبيبي لم يبالي بي وصار يتركني مع تلك الذئاب المسعورة. اردت ان اقول له عن المؤامرة. واي مؤامرة هذه؟ يريدون التخلص منه لكنه لا يبالي بكلامي. عاملني كالحشرة. لديه الحق كل الحق. انا حشرة انا ذبابة، انا لقيطة. التقطني من الشارع وعلي ان اعود للشارع. الشارع بارد والنوم فيه مخيف لكن قلب بيتر ابرد منه"

سمع هذا الكلام فتأثر كثيراً. صب على وجهها الماء ففتحت عيناها وقالت،

هايزل : بيتر، حمداً لله انهم لم يقتلوك بعد. انت مازلت حياً حبيبي.

بيتر : ماذا تتكلمين وعن اي قتل هذا؟ انا هنا ولم ابرح مكاني. تكلمي حبيبتي هايز ماذا بك؟ هل اهانك احد بالحفل؟ هل اسمعتك امي كلاماً غير لائق؟ هل تعالت عليك احدى الساقطات المدللات؟

هايزل : كلا بيتر انها المؤامرة الكبرى.

بيتر : اي مؤامرة هذه؟ عن ماذا تتكلمين؟

هايزل : سمعتهم يتكلمون ويريدون النيل منك.

بيتر : من هم؟ ما اسمهم؟

هايزل : لا اعلم، سمعتهم فقط يا بيتر.

بيتر : ماذا سمعتِ؟ قولي لي هيا؟ تحدثي يا هايز.

هايزل : قالوا شيئاً عن الالماني. يريدون ان يلغوه.

بيتر : اي الماني هذا تكلمي؟

هايزل : هناك عقداً او ماشابه.

بيتر : اتقصدين الشركة التي طرحت لنا المناقصة؟

هايزل : ذكروا الصفقة بين الشركة الالمانية وبين شركتكم.

بيتر : ماذا سمعت بالتفصيل؟ تحدثي ارجوكِ.

هايزل : رجعت مسرعة واردت ان احذرك لكنك رميتني كالحشرة ولم تشأ ان تستمع الى ما اقول.

بيتر : اجل اعترف انني كنت غبياً. انا اعتذر منك كثيراً ولكن حدثيني عما سمعتِ هيا.

هايزل : قال ان الصفقة لم تتم لانها ليس لصالحهم. ثم قالوا عن عرض من شركة او دولة اوروبية اخرى.

بيتر : هل قالوا فرنسية؟

هايزل : كلا، لا اذكر بالحقيقة.

بيتر : بلجيكية؟

هايزل : كلا

بيتر : ربما قالوا برتغالية؟

هايزل : اجل هذه هي. قالوا برتغالية.

بيتر : وما هي اسماء المتآمرين؟

هايزل : لا اعلم.

بيتر : الم تسمعي شيئاً عن كنيتهم او شخصيتهم؟

هايزل : كلا، لكن اعتقد انه كان يناديها مانا او متانا.

بيتر : ربما قال مار؟ حاولي ان تتذكري رجائاً.

هايزل : اجل اجل قال مار. من هي مار؟

بيتر : انها مارتينا هنتر ابنة اللورد مارك هنتر الذي كان بالحفل.

هايزل : هل هي تلك الباربي اللعينة التي تريد ان تزوجك امك بها؟

بيتر : اجل هي بعينها. آه لو اعرف الرجل الذي تتآمر معه. ولكن بالطبع سيكون واحداً من اعضاء مجلس الادارة لان المجلس هو الوحيد الذي لديه سلطة المصادقة او الرفض عن العروض ولكن من منهم؟

هايزل : هذا كل ما سمعت يا بيتر. توقف لحظة، لقد سمعت شيئاً آخر، كانوا يتحدثون عن كوندشن.

بيتر : اي كوندشن هذا؟

هايزل : لا اعلم، لكنها ذكرت كوندشن 50-50.

بيتر : اها، الآن فهمت القضية. يبدو ان المحتال طلب كومشن من المصدر البرتغالي وسيتقاسم المبلغ مع الحقيرة مارتينا مناصفةً.

هايزل : اجل، اردت ان اجري مسرعة واخبرك بما سمعت لكنك كنستني كالصرصار ولم تكترث بي فذهبت الى ناصية المشروب ورحت اتناول القليل من الشمبانيا.

بيتر : القليل؟ يبدو من حالتك انك شربت ثلاث او اربع قناني كاملة ولكن لا بأس يا حبيبتي. ستتحسنين غداً. اشكرك على ما فعلت فانت انقذتيني من مؤامرة كبيرة. والآن قولي لي هل رأيت الرجل؟

لم تجبه وراحت بنومة عميقة فحملها وصعد للطابق العلوي ليضعها بسريرها بعد ان خلع حذائها وملابسها ثم غطاها بلحافها وقبلها من وجنتيها ففتحت عينيها قليلاً وقالت، "احبك يا بيتر" ثم اغلقتها ونامت ثانيةً.

اطفأ النور عليها واغلق الباب ورائه.

في صباح اليوم التالي دخلت بريجيت على هايزل كي توقضها لكنها قالت،

هايزل : اعاني من صداع قاتل يا بريجيت. ارجوك اسعفيني بحبة پانادول.

بريجيت : يبدو انك اكثرت من الشرب ليلة امس.

هايزل : اجل يا عزيزتي. ولكن اين الپانادول؟ رأسي سينفجر وتتناثر الافكار منه.

اخرجت قنينة دواء من جيبها واعطتها حبتين مع كأس من الماء فشربتها وسألت،

هايزل : هل استيقظ بيتر بعد؟

بريجيت : اجل انه ينتظرك على مائدة الافطار. اسرعي واغتسلي كي تتناولا افطاركما سوياً.

هايزل : حسناً بريجيت، انزلي انت واخبريه انني آتية بعد قليل.

نزلت بريجيت واخبرت سيدها بيتر فصار ينتظرها حتى رآها تنزل مرتديةً قميصاً مخططاً بالابيض والاسود وسروال جينز ازرق مقطع من عدة اماكن من ساقها. كانت تبدو جميلة جداً. حيت بيتر وجلست على طاولة الافطار فصبت لها بريجيت قهوتها لتترشفها وتسمع بيتر يقول،

بيتر : ارجو ان تكوني قد انعمت بنوماً هانئاً.

هايزل : نوم؟ لقد كنت اشبه بالقتيلة. اغلقت عيني بالليل وفتحتها على طرق المجرمة بريجيت بالنهار.

بيتر : ارجو ان تتذكري المزيد عما اخبرتيني عنه بالامس.

هايزل : وهل اخبرتك بشيء؟

بيتر : عزيزتي الا تتذكرين ما قلتيه عن ذلك الحديث الذي سمعتيه؟

هايزل : اي حديث هذا؟ انا لا اذكر شيئاً.

بيتر : هل يعقل ذلك؟ هل نسيت كل شيء بعد ان صحيتِ من نشوتك؟

هايزل : انا امازحك حبيبي. انا لازلت اتذكر كل شيء.

بيتر : الرجل المتآمر بالتأكيد يكون عضواً من اعضاء مجلس ادارة شركتنا. فلدينا 9 اعضاء بالمجلس والمجلس هو الجهة الوحيدة التي تقرر على المصادقة او رفض العقود.

هايزل : وكيف ستعرف هويته؟

بيتر : دعني اسألك يا هايز، لو سمعت اصوات اعضاء المجلس كلهم فهل تتمكنين من تمييز المجرم منهم؟

هايزل : استطيع ان اميزه من وسط مليون صوت.

بيتر : إذاً ستأتين معي اليوم الى الاجتماع وستستمعين لاصواتهم جميعاً كي تخبريني بصوت ذلك الخائن المرتشي.

هايزل : ساذهب معك الى القمر لو شئت يا حبيبي. كلما اريده هو ان احميك واساعدك مثلما انقذتني وصرت تغفر هفواتي والآن انت حبيبي.

بيتر : غيري ملابسكِ الى الطقم الازرق القاتم الذي اشتريناه من سلفردجز يجب ان يكون مضهرك لائقاً لمثل هذا الاجتماع.

هايزل : الا ينفع سروالي الجينز هذا؟ انه آخر صيحة.

بيتر : كلا.

هايزل : حسناً، ساكون جاهزة في غضون نصف ساعة. موافق؟

بيتر : اجل هذا جيد سانتظرك هنا بالاسفل حتى تنزلين ولكن ارجوك استعجلي.

نزلت بعد 45 دقيقة مرتديةً الطقم الازرق تفح منها رائحة دولݘي اند گابانا. يوحي منظرها على انها سيدة اعمال كبيرة. تأسفت لتأخرها لكن بيتر اخبرها ان كل شيء على ما يرام. ركبت الى يمينه بسيارته وانطلق بهم السائق متجهاً الى مقر الشركة. في الطريق قال لها،

بيتر : اسمعي مني يا هايزتي المالحة، ساقدمك للمجلس على انك ضيفة مستمعة فقط. لذا سوف تجلسين وتستمعين لحديثهم. وعندما تتعرفين على صوت المتآمر المجرم سوف تعلميني عنه بايمائة من رأسك. مفهوم؟

هايزل : مفهوم حبيبي. سافتح اذني كالصقر لاخرج الفأر الحقير من جحره.

وقفت سيارته الليموزين امام مقر الشركة وفتح لهم السائق فنزلا منها وتوجها الى الطابق الثاني عشر. استقبلته سكرتيرته بتي وقالت، "جميع الاعضاء بانتظارك سيدي". دخل بيتر الاجتماع وقدم لهم هايزل على انها مستمعة فقط ولن تبدي اي رأي او تشارك باي من نشاطات المجلس فرحبوا بها. جلست هيزل على الكرسي. اومات لبيتر وابتسمت بوجهه بكل صمت. قال، "ليبدأ الاجتماع" فقال احد الاعضاء،

عضو : اليوم علينا ان نصوت على المناقصات بخصوص الاجهزة فقد اخرنا الامر كثيراً.

نظر بيتر بعين هايزل وكأنه يسألها، "اهذا هو الخائن؟" فهزت برأسها مغمضة عينها بمعنى (لا). هنا خطرت لبيتر فكرة كي يجعل كل عضو من الاعضاء يتكلم وبشكل انفرادي حتى يفتح المجال لهايزل كي تستمع لاصواتهم جميعاً قال،

بيتر : حضرات الاعضاء، بما اننا وصلنا الى نقطة فاصلة ومهمة لنختار عرضاً من بين العروض المطروحة علينا. ساطلب من كل واحدٍ منكم ان يتكلم باسهاب عن رأيه في العروض واي عرض من العروض يفضل الالماني او الفرنسي او بلجيكي او البرتغالية. دعوني اذكركم ان قرارنا اليوم هذا سيترتب عليه صرف مبالغ كبيرة تتحملها الشركة في شراء الاجهزة والا فاننا سندخل بطائلة مالية خطيرة وخسائر لا يعلم بها الى الله. لذا وبكل ديمقراطية. ساطلب منكم جميعاً التحدث بالدور بشكل دائري ولنبدأ بك انت اولاً تفضل يا سيد كليف.

تحدث العضو الثاني كليف لمدة خمسة دقائق فنظر بيتر بعين هايزل لكنها هزت رأسها لتعلمه انه ليس الشخص المطلوب. وقف العضو الثالث والرابع حتى تحدث جميع اعضاء المجلس ولم يقع اختيار هايزل على اي واحد منهم. طلب بيتر من الجميع استراحة لمدة عشر دقائق فوقف الاعضاء واتجهوا الى طاولة في زاوية الغرفة وضعت عليها اباريق شاي وقهوة بينما خرج بيتر الى خارج قاعة الاجتماع فتبعته هايزل ليسألها،

بيتر : كنت اعتمد عليك كي تكشفي لي العضو المتآمر. ماذا حصل يا هايزتي؟ لماذا لم تكتشفيه بعد؟ هل كنت منتشية وفقدت القدرة على التمييز؟

هايزل : يا بيتر لقد شربت الخمر بعد ان سمعت الحديث. كلا لم يكن اي واحد من هؤلاء الاعضاء.

بيتر : ولكن كيف كيف كيف؟ اعضاء المجلس هم الوحيدون الذين يعرفون بتفاصيل العروض. يجب ان يكون واحداً منهم. دعنا نرجع الى قاعة الاجتماع، حاولي هذه المرة ان تركزي اكثر حبيبتي. ذلك امر مهم وخطير جداً.

هايزل : حسناً هيا نرجع.

رجع بيتر وهايزل الى قاعة الاجتماع وتحدثوا كثيراً لكن هايزل لم تتمكن من ان تميز الخائن من اصوات المجتمعين. قال بيتر،

بيتر : سنؤجل الاجتماع ليوم غد حيث سنتخذ القرار النهائي بخصوص المناقصات.

وقف الجميع وصاروا يخرجون من قاعة الاجتماع فذهبت هايزل الى بيتر وقالت،

هايزل : انا آسفة يا حبيبي. لم اتمكن من اصطياد الخائن.

بيتر : لا عليك حبيبتي. سوف يظهر عاجلاً ام آجلاً. نزلا الى الطابق الثاني ودخلا مكتب بيتر فعرض عليها فنجاناً من القهوة. بهذه الاثناء دخلت عليه سكرتيرته وقالت،

بتي : سيد بيتر، لقد جاء السيد ستيفن لزيارتك.

بيتر : دعيه يدخل، انه لا يحتاج لاذني بالدخول فهو صديقي المقرب.

نظر الى هايزل وقال،

بيتر : ساعرفك على اعز صديق عندي انه ستيفن صديق الطفولة وامين سري ويعمل كاستشاري بشركتنا. سوف تحبينه كثيراً.

دخل ستيفن الى مكتب بيتر فذهب بيتر عنده، وضع ذراعه فوق طتفه وقال يا ستيفن دعني اعرفك على هايزل،

ستيفن : تشرفت بمعرفتك يا هايزل. هل تعرفت على بيتر مؤخراً؟

لكن هايزل لم تجبه، كانت مشدوهة واكتفت بالنظر الى ستيفن بتعجب وراحت تدور حوله وكأنها تلعب معه لعبة الكراسي المويسيقية. بقيت تدور حوله ثم امسكت بمعطفه وسحبته اليها وقالت،

هايزل : مسكتك ايها الحقير النذل. انك انت الكلب المتآمر القذر.

ارتبك بيتر كثيراً واراد ان يصلح الخطأ الذي ارتكبته هايزل قال،

بيتر : حبيبتي هايز انت مخطئة، هذا صديقي المقرب. نحن اصدقاء منذ الطفولة هو ليس عضواً بالمجلس.

هايزل : لكنني ميزت صوته. انه هو بدون ادنى شك. هو الذي تحدث مع مار واخبرها عن البرتغالي ومبلغ نصف مليون جنيه كومشن وكيف سيقتسم الارباح معها 50-50. عرفته من صوته يا بيتر انه صديقك المقرب الذي يخونك مع مار التي تريد امك تزويجك بها.

ستيفن : ماذا تقول هذه المعتوهة؟ انا... اقصد انا ومارتينا لا نعرف بعضنا البعض ولم يسبق لي ان رأيتها حتى.

تقرب بيتر من صديقه ستيفن بهدوء كبير وصار يدور حوله كما فعلت هايزل ثم قال،

بيتر : من اين عرفت ان اسمها مارتينا إذاً؟ هايز قالت (مار) ولم تقل مارتينا. كيف عرفت اسمها يا ستيفن يا صديقي العزيز اخبرني قبل ان اقطعك ارباً بيدي الاثنتين. هيا تحدث ودافع عن نفسك؟

ستيفن : هذا جنون، انت تعلم ان مار هو مختصر لاسم مارتينا. الكل يعلم ذلك، لا تستمع لهذه المعتوهة انا لم ولن اتآمر ضدك ابداً. انت تعرفني منذ الطفولة.

بيتر : ولماذا لا يكون ماريستا او مارابيل او ماريانا او ماريكارمن؟ لماذا اخترت مارتينا؟

هايزل : هيا اخبره كيف قلت "سنعرف كيف نتخلص منه بطريقتنا . فانا اخطط له كي يقع بالمصيدة ويغادر هذه الدنيا كما خططت لقتل زوجته پينالوپي". كيف كنت ستتخلص من بيتر ها؟ هل كنت ستقتله؟ تكلم ايها الخائن الحقير.

ستيفن : مهلاً، مهلاً. انتِ اللصة التي سرقت عطور بيتر في متجر هارودز اليس كذلك؟ صحيح اني لم اراك وقتها لكنني اعرف مدى جنون صاحبي وكيف يمكن ان يقع بشباك اي فتاة بعد ان ماتت زوجته. ولذلك انت تحاولين التخلص من جميع اصدقائه اليس كذلك؟

نادى بيتر حارس الامن بالشركة وطلب منه التحفظ على ستيفن لحين يأمره بعكس ذلك فصرخ ستيفن،

ستيفن : انت لست شرطياً ولا يحق لك القاء القبض عليّ. ساقاضيكم جميعاً وسادخلكم السجن. انتم اخطأتم بحقي وسانتقم منكم. خرج بيتر وقال لهايزل، "اتبعيني". فركضت هايزل تتبع بيتر لتسأله،

هايزل : الى اين؟

بيتر : سنوقع بالساقطة الاخرى شريكة ستيفن.

هايزل : وكيف ستفعل ذلك؟

بيتر : ساواجهها بالحقيقة التي سمعناها للتو.

هايزل : كلا يا بيتر دعني اتولى الحديث معها وانت ستسجل حديثها بهاتفك. هل تعرف كيف تفعل ذلك ام اعلمك؟

بيتر : اعرف اعرف اطمئني.

ركب بيتر وهايزل السيارة وطلبا من السائق ان يأخذهما الى منزل مارتينا بمنطقة هامستيد هيث. بعد نصف ساعة وقفت اللموزين امام البيت فنزلا منها ليضغط بيتر على جرس الباب فتفتح له مارتينا واندهشت كثيراً قالت،

مارتينا : اهلاً وسهلاً بيتر. لقد احضرت المرأة المجهولة معك، تفضلا.

ادخلتهم الى صالة الضيوف وقدمت لهما القهوة،

هايزل : لقد احضرني بيتر الى هنا كي اتعرف عليك وقال بانك ستكونين زوجة المستقبل. مبروك لك يا مارتينا.

مارتينا : شكراً لك يا... يا... لا اعرف اسمك بعد!

هايزل : اسمي هايزل وبامكانك ان تسميني هايز. لقد عينني بيتر كعضوة بمجلس ادارة الشركة لانني اشتريت حصة بقيمة 9% من الشركة. جئنا للتو من اجتماع مجلس الادارة وقد قرر المجلس ان يمنح العرض للشركة البرتغالية.

ابتسمت مارتينا لانها تصورت ان خطتهما قد نجحت. لكن هايزل اردفت قائلةً: بعدها ذهبنا للمطار كي نودع ستيفن، احد اصدقاء بيتر والذي ذهب الى سويسرا في اجازة طويلة.

مارتينا : مـــــــــــاذا ذهب الحيوان ستيفن الى سويسرا؟ لماذا؟

هايزل : هل تعرفين ستيفن يا مارتينا؟

مارتينا : ماذا يهم؟ انا اعرفه وحسب. لقد ذهب وسوف لن يعود ابداً.

هايزل : وكيف تعرفين ذلك يا مارتينا؟ كيف تعرفين انه ذهب بلا رجعة؟

مارتينا : لانه كان سيقتسم... لقد خانني وحسب.

هايزل : اجل خانك واخذ العمولة من البرتغالي ولم يقتسمها معك 50-50 اليس كذلك؟

مارتينا : نعم ولكن كيف عرفتِ؟ هل اخبرك ستيفن بذلك؟

اخرج بيتر هاتفه النقال واعاد التسجيل الى مارتينا ليعلمها ان ردة فعلها كانت مسجلة على هاتفه ثم اتصل بالشرطة واعطاهم عنوان مارتينا. بعد قليل امسكت الشرطة بمارتينا بعد سماع التسجيل وبنائاً على تهمة بيتر لها في امل ان يتم التحقيق بالمركز. اتصل بيتر بموظف الامن وطلب منه ان يُحضِر ستيفن الى مركز الشرطة وان يستدعي محامي الشركة الى هناك. فور دخول الجميع مركز الشرطة بدأ بيتر يشرح للضابط كل خيوط المؤامرة الا ان ستيفن انكر التهمة وادعى ان ليس له علاقة باي شيء مما يتهمونه به. لكن ضابط الشرطة امر اعوانه باستدعاء مندوب الشركة البرتغالي السيد فرناندو جوزي ومندوب الشركة الالمانية السيد هانز ولفگانگ من فندق الهيلتون كي يحضرا للشهادة. وعندما وصلا مركز الشرطة ادخل الضابط المندوب الالماني الى ردهة الاستجواب وقال،

الضابط : يا سيد هانز ولفگانگ ما هو سبب زيارتك للمملكة المتحدة؟

هانز ولفگانگ : جئت الى هنا كي اقدم عرضاً لشركة الرحمة لتعليب وتصدير لحوم الابقار.

الضابط : وهل وافقوا على عرضك؟

هانز ولفگانگ : كلا. لقد جائني احد الاشخاص الى الفندق واخبرني بانه يريد مبلغاً من المال كقومسيون والا فانه سوف لن ينجح الصفقة. اخبرته وقتها ان شركة الرحمة إذا كانت تبحث عن الجودة فاجهزتنا هي الافضل وسوف لن اوافق على منحه اي رشوة.

الضابط : هل تستطيع ان تتعرف على ذلك الشخص إذا رأيته ثانية؟

هانز ولفگانگ : بالتأكيد.

سأل الضابط نفس السؤال الى البرتغالي فاعترف البرتغالي انه وعد شخصاً بمبلغاً من المال كي ترسو الصفقة على شركته. نظر الضابط نحو الرجلين وطلب منهما التعرف عى الرجل من خلال استعراضه خلف المرآت. فأختارا ستيفن من بين الرجال العشرة.

الا ان هايزل ذهبت الى الضابط وقالت،

هايزل : بما انك توجه له التهم، لماذا لا توجه له تهمة القتل؟

الضابط : قتل من؟

هايزل : سمعته يقول لتلك العاهر مارتينا انه قتل زوجة بيتر المرحومة پينالوپي.

الضابط : هل لديك الدليل على ذلك؟

هايزل : انا الشاهدة. انا سمعتهم باذني. الا يكفي ذلك؟

الضابط : كلا انت سمعتهم ولم تشاهديهم، يجب علينا ان نتحقق من ذلك. سابعث اليوم بالفريق الجنائي الى منزل ستيفن ومنزل مارتينا بعد ان احصل على اذن من القاضي.

بعد ثلاثة ايام

استُدعيَ مارتن وهايزل الى مركز الشرطة ليخبرهما الضابط بنتائج التحقيق النهائية قال،

الضابط : قبل ثلاثة ايام قمت بارسال قوة مؤلفة من ستة عناصر شرطة وفريق تحقيق جنائي ليفتشوا بيت ستيفن. وبعد التفتيش المكثف لم يجدوا اي دليل يدينه بجريمة القتل. بعدها غادروا بيته وذهبوا الى بيت مارتينا وفتشوه بمشط دقيق فعثروا على عقد غالي الثمن. واجهنا مارتينا به وسألناها عنه قالت انه عقدها وقد اشترته قبل سنين طويلة بنفسها من باريس. صادرنا العقد معنا وعرضناه على عدة صياغ للمجوهرت بلندن حتى تعرف عليه احدهم وقال انه هو من صنعه بنفسه وقد باعه الى السيد ماگنوس ولسون. ذهبنا بعدها الى السيد ماگنوس ولسون والد المرحومة پينالوپي ولسون وعرضنا عليه العقد فاخبرنا بانه هو من اشتراه لابنته پينالوپي بيوم خطوبتها من اللورد بيتر هادلي. دخلنا على مارتينا وواجهناها بالعقد ووصولات شراء العقد من الصائغ فانهارت وصارت تبكي ثم اعترفت بكل شيء. قالت انها كانت عشيقة ستيفن منذ زمن بعيد. اخبرها بيوم من الايام ان لديه خطة ستمكنه من ان يصبح مليونيراً. والخطة تكمن في ان يتخلص من زوجة صديقه بيتر ثم يزوجها له.وقال بانه ثري جداً وانه سوف يتخلص منه ويقتله بالنهاية ليرجعا لاحضان بعضهما البعض فوافقته عليها. لكنه هو الذي قتل پينالوپي بيده ليطلق النار عليها. بعدها ذهبنا الى المتهم ستيفن واخبرناه بان مارتينا قامت بالاعتراف عليه بقتل پينالوپي وانها اخبرتنا بكل شيء عن التآمر منذ البداية وانه هو الذي نفذ عملية اطلاق النار على پينالوپي. وقتها انهار ستيفن هو الآخر وقال، "تلك الغبية طمعت بعقد رخيص بينما كان بامكانها ان تصبح مليونيرة. ما كان يجب ان تبقي العقد لديها". فاخبرنا وقتها بانه تخلص من المسدس اداة الجريمة ورماه بنهر التايمز. وبهذا قدمنا كل الادلة وشهادات الشهود الى النيابة العامة لتتخذ الاجرائات اللازمة في ادانتهما ومحاكمتهما ليُزَجّا بسجون لن يخرجا منها ابداً.

هايزل : اخيراً انتصرنا على السفلة.

بيتر : هذا كله بفضلك انت يا هايزتي المالحة. والآن يا حضرة الضابط، هل تأذن لي بالتحدث مع ستيفن؟

الضابط : بالتأكيد، تعال معي.

سار الضابط يتبعه بيتر ودخلا زنزانة الحجز حيث جلس ستيفن على احدى المساطب فوقف بيتر امامه خلف القضبان وقال،

بيتر : كيف فعلت كل ذلك يا ستيفن؟ انت صديقي منذ الطفولة. وثقت بك وصرت استشيرك بكل شيئ. كنت احبك كما احب اخي واعتبرتك اخاً لم تلده امي. انت تعلم مدى حبي لزوجتي پينالوپي لكنك قمت بقتلها بدم بارد كي تستحوذ على ثروتي من خلال خطتك الدنيئة. كيف تمكنت من فعل ذلك يا ستيفن؟

ستيفن : انت انسان مدلل ومغرور ولا تستطيع الشعور باحاسيسي. كنت تلعب بالملايين وانا انظر اليك بكل حسد. لم تفكر يوماً ان تمنحني احدى تلك الملايين كي اتنعم بها كما كنت انت تتمرغ فوقها. كنتَ دائماً تفترض انني ارستقراطي واني املك الاموال الطائلة مثلك. لكنني كنت اكاد اعاني من الفقر لولا ذلك المرتب الهزيل الذي كنت تمنحني اياه. ماذا كنت تسميه؟ اجل اجل كنت تسميه مرتباً رمزياً. لماذا؟ لانني صديقك ولا استحق مرتباً دسماً كما كنت تدفع لاعضاء مجلس ادارتك؟

بيتر : وبدلاً من ان تجلس معي وتصارحني بكل ذلك قمت بالتآمر مع تلك الوضيعة مارتينا وقتلتما زوجتي اليس كذلك؟

ستيفن : وكنت على استعداد ان اقتلك واقتل حتى امك إن اضطريت لذلك.

بيتر : كم انت رخيص يا ستيفن. هل تذكر الحديث الذي دار بيني وبينك عندما كنا نتناقش عن الجريمة والمجرمين؟ قلت لي وقتها "الارستقراطي الذي يأتي من جذور نبيلة، يبقى انساناً شريفاً سوياً وغير قابل للفساد او ارتكاب الشرور والمعاصي. اما الذي من طبقة الرعاع فبامكانك ان تبقيه محبوساً بالسجون لانه لا يستحق الحياة". والآن انت ستدخل السجون مع انك محسوب على الطبقة الارستقراطية النبيلة. بينما اصبحت اللصة هايزل من النبلاء.

ستيفن : هل ستتزوج من تلك اللقيطة.

بيتر : هذا شيء لا يعنيك ابداً. ما يعنيك الآن هو حياتك الجديدة التي ستقضيها بالسجون وكيف ستكوّن علاقات جديدة مع اقرانك. تذكر انك وسيم وسيكون لديك الكثير من المعجبين بداخل السجن. وداعاً يا صديقي.

رجع بيتر الى حيث وقفت هايزل فقالت له،

هايزل : اعتقد ان مهمتي الآن قد انتهت وبامكاني ان اغادر بيتك لتتركني حرة طليقة اليس كذلك؟

بيتر : اجل عزيزتي، لقد تغيرتِ و اصبحت انسانة مختلفة تماماً وبامكانك ان تنعمي بحياة حرة شريفة آمنة.

هايزل : سآخذ ملابسي واخرج من بيتك اليوم.

بيتر : بامكانك ان تخرجي باي وقت تشائين اليوم، غداً او اي يوم آخر.

هايزل : بل ساخرج اليوم لو سمحت لي بذلك. شكراً لك يا بيتر.

خرج الاثنان من مركز الشرطة لتخبره هايزل بان لديها بعض الامور تريد ان تعملها بالمدينة وستلحق به بالبيت لاحقاً. ركب بيتر سيارته فسأله سائقه،

مارتن : هل جرت الامور على ما يرام بالداخل؟

بيتر : اجل يا مارتن، المجرمون ثبتت عليهم التهمة وسوف يبعثون للمحكمة ليزجوا بالسجون مدى الحياة.

مارتن : وماذا عن السيدة هايزل سيدي؟

بيتر : ذهبت لتعمل بعض الامور بالمدينة وستعود للقصر بعد قليل. فقد تأهلت بشكل كامل وبامكانها مغادرة منزلي. ساعطيها مبلغاً من المال يساعدها كي تفتح مشروعاً ترتزق منه.

مارتن : هذا امر غريب.

بيتر : لماذا هو غريب يا مارتن؟

مارتن : لا شيء سيدي، كنت اتحدث مع نفسي وحسب.

وصل بيتر الى القصر لتستقبله خادمته بريجيت وتسأله نفس السؤال فيخبرها عن خيانة صديقه المقرب ستيفن حيث تآمر مع مارتينا بقتل زوجته. ثم اخبرها برغبة هايز مغادرة المنزل لانها حصلت على التأهيل اللازم. هزت برأسها وقالت،

بريجيت : وهل ستتركها تغادر يا سيدي؟

بيتر : بالطبع، انا لا املك السلطة على منعها. هي حرة وبامكانها ان تغادر متى ما شائت الآن.

بريجيت : بل بامكانك ان تطلب منها كي تبقى معك.

بيتر : باي صفة ستبقى معي يا بريجيت، انا اعزب ووجود سيدة معي بالبيت بصورة دائمة دون صفة معينة سيكون مصدراً للغيبة والنميمة.

بريجيت : غيبة من ونميمة من يا بيتر؟ اتقصد الطبقة الارستقراطية المخملية التي لا يهمها سوى اكل طعامك والنبش بخصوصياتك؟ ام ربما تقصد الطبقة الارستقراطية المخملية التي انجبت اعز صديق لك ستيفن وخطيبتك مارتينا التي تآمرت معه لقتل زوجتك والنيل منك ومن اموالك؟ اسمح لي لاقول لك بانك حمار واحمق وغبي ولا تعرف عدوك من صديقك.

بيتر : كيف تتجرئين على التحدث معي بهذه اللهجة يا بريجيت؟

بريجيت : لان جميع العاملين بقصرك هذا ومن ضمنهم سائقك الشخصي يحبون هايزل ولانك لازلت طفلاً ساذجاً لا تعرف كيف تتصرف.

بيتر : لا اعرف كيف اتصرف؟ ما هذا الكلام؟ انت تتحدثين معي بنمط لم اعهده بك من قبل.

بريجيت : طبعاً لولا ذلك لما فرطت بميول قلبك. انت تحب هايزل وهي تحبك. فكيف تستطيع ان تتركها ترحل فقط لارضاء اؤلئك الذين خذلوك؟ فحتى امك لا تعرف الخير من الشر والصح من الخطأ. اخبرني سيدي كم مرة ترى امك بالشهر؟ ولو بقيت معك هيزل بقصرك هنا فكم مرة ستراها باليوم؟ لذلك اقول بانك غبي. وانا مستقيلة من عملي لانك لم تعد تستحق خدماتي.

ذهبت بريجيت الى غرفتها لتجمع اغراضها فلحق بها بيتر الى الغرفة وقال،

بيتر : اتركي من يدك يا بريجيت، اريدك ان تبقي هنا.

بريجيت : قراري كان نهائياً سيدي. ساذهب لاقيم لدى اختي فلورنس.

بيتر : ارديك ان تتحدثي مع هايزل وتقنعيها لتبقى هنا.

بريجيت : لماذا؟ وباي صفة ستبقى؟

بيتر : تبقى كما كانت في السابق. وكأن شيئاً لم يتغير.

بريجيت : هذا قرارك انت يا بيتر. عليك ان تضع الحدود لمشاعرك كي ترسم سعادتك المستقبلية. انت فقط من يستطيع ذلك وليس خدامتك السابقة.

بيتر : حسناً ساطلب منها البقاء لانني احبها.

بريجيت : تحبها و...؟ و... تكلم؟

بيتر : وساطلب يدها للزواج.

ابتسمت بريجيت وسألت،

بريجيت : هل انت صادق يا سيدي؟ وماذا عن الطبقة المخملية؟

بيتر : بامكاننا ان نمسح احذيتنا بتلك الطبقة المخملية البالية.

بريجيت : انت عظيم يا بيتر. الآن اصبحت تتكلم بشكل صحيح.

قفزت عليه واحتضنته بقبضة قوية ثم اخلت سبيله وقالت،

بريجيت : إذا كنت صادقاً بما تقول فدعنا نجهّز لها مفاجئة فور دخولها الدار. ما قولك؟

بيتر : فكرة رائعة يا بريجيت هيا نادي للجميع.

حضر كل الخدم والطباخين ومعهم السائق واسرعوا بالتواري خلف الاثاث في صالة الضيوف ثم اطفأوا جميع انوار المنزل انتظاراً لعودة هايزل الى القصر. بعد ربع ساعة سمعوها تفتح الباب وتدخل فتفاجأت بالظلام الدامس وقالت بصوت مسموع،

هايزل : ما هذه الترهات؟ لماذا أطفئت جميع الانوار؟ هل انقطع التيار الكهربائي؟ دعني اخرج هاتفي كي ارى مفتاح النور.

فتحت ضوء هاتفها وسارت صوب زر الكهرباء فاضائت صالة الضيوف لتنير الاجواء ومع الانارة سمعت الجميع يصرخ "مفــــــــــــاجأة". رجعت الى الخلف ما بين خائفة وفرحة ثم استوعبت ما جرى لتبتسم وتقول،

هايزل : شكراً لكم جميعاً لانكم تحتفلون بتوديعي ولكن ذلك لم يكن ضرورياً.

بريجيت : لقد اعددت لك حفلة صغيرة يا هايز.

هايزل : وهل دعيتم الطبقة المخملية لحضورها؟

فسَمِعَت من بعيد صوت بيتر يقول كلاماً غير مفهوم. سارت نحو مكتبه وفتحت النور هناك لتجد بيتر راكعاً على احدى ركبتيه بوسط المكتب حاملاً بيده علبة حمراء قطيفة وينظر اليها بتأمل وكأنه يتوسل اليها. ذهبت نحوه وقالت،

هايزل : شكراً يا بيتر، انا لا اريد اي هدايا حيث انا ذاهبة.

بيتر : انت لن تذهبي لاي مكان. انا اريد ان اقول لك كلمة واحدة فقط.

هايزل : قلها ودعني اذهب لحالي فسيارة (الاوبر) تنتظرني بالخارج.

فتح بيتر العلبة ليبرز اكبر خاتم الماس شاهدته هايزل بحياتها قال،

بيتر : هل تتزوجيني يا هايزتي المالحة؟

تسمرت هايزل بمكانها وانعقد لسانها لانها تفاجأت بشكل كبير لم تتوقعه ابداً. ادارت رأسها للخلف فرأت جميع العاملين بالقصر يقفون على باب المكتب يبتسمون ويومئون برأسهم وكأنهم يقولون نعم بشكل جماعي بدلاً عنها. رجعت ونظرت لبيتر فوجدته ينظر اليها بتوسل وكانه ينتظر نتيجة الامتحان. سارت نحوه وقالت،

هايزل : موافقة.

وقف بيتر والبسها الخاتم ثم دنى بشفتيه نحوها فاستقبلتهما بشفتيها المفتوحتين ليلتحمان بقبلة طويلة اثارت ضجيج الخدم وتصفيقهم فهجموا عليهما وراحوا يحتضنوهما ويهنئوهما بكل حرارة.

وهكذا انتهت قصة السارقة التي سرقت عطور اللورد من هارودز وبعدها تمكنت من سرقة قلبه لتصبح سيدة قصره.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

708 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع