المرحوم أكرم الوتري في ذمة الله
بقلم : الدكتور فهمي القيسي
في رثاء المرحوم الدكتور أكرم الوتري
للموت جلالٌ أيها الراحلون
كما لهُ حرارة وألم وشعور بالغ بالفقد
نحن وحدنا من تمتد به الحياة نبكيكم
ونذرفُ الدمع في وداعكم
ونُشيعكم لمثواكم الأخير
ونحن لا نكاد نصدق اننا لن نراكم بعد اليوم
لماذا يثير الموت هذه الرهبة الكبرى؟
ولماذا نبكي الراحلين وقد امتدت بهم مراحل اخرى لمحطات اخرى انتظاراً لحياة اخرى
ونحن سائرين اليها شئنا ام ابينا؟
اننا في الحقيقة لا نبكيهم انهم رحلوا
بل نبكي انفسنا لانهم تركونا وحدنا
كل آلامنا ودموعنا وفراقنا وقلقنا أننا لا نراهم بعد اليوم في دنيانا
وقد كانوا جزءا في حياتنا او بقية من رفاقنا
اننا نبكي من اجلنا نحن
لا من اجلهم
لانهم رحلوا
فلن يشعروا ببكائنا
ولن يستعيدوا شيئاَ مما مضى
ولن يكون بمقدورهم ان يضعوا شيئاً لأنفسهم أو لنا
نحن اذن من يجزع لان الراحلين انطفأت شموعهم في حياتنا
ولان رحيلهم اعلان كبير بأن قطار العمر ماض
والأيام حبلى والقدر محتوم
وللموت جلالٌ ايها الباقون
واني لا أشك لحظة ان للموت رحمات بالأحياء قبل ان يكون برداً وسلاماً على المؤمنين الراحلين
فمن رحماته انه يدرأ الشر والظلم عن نفوس جُبلت على القلق في حتمية النهايات
ويستعيد نفوساً اخرى لمواطن البذل والعطاء والتسامح
لأنها مدركة انه حق لاريب فيه
وهي تقوى التي جبلت على الخير
والا فكثير من القلوب قُدَّ من صخر أو حديد
لا ذاكرة الموت تضعهم ولا انحدارهم قمة العمر لأسفله يوطن نفوسهم على بذل الخير أو كف الظلم والاذى
لقد رحل عن الدنيا وهو زاهد فيها
ولم يكن زيادة عليها
وقد تركها احسن مما وجدها
لقد أثارت فاجعة رحيل الدكتور أكرم الوتري غصة في الحلق
وانحساراً لمدد الرفقة الجميلة
وانطفاء لومضة نبل انساني
واذا اجتمع في المرء النبل وحب الخير وكرامة النفس والوقوف عند الحق فقد ترك الدنيا وهي أحسن مما وجدها
وفي هذا عزاءاً لنا
الدكتور فهمي القيسي
15/شعبان/1434ه
أكرم الوتري
الدكتور أكرم داود أحمد الوتري (العراق).
ولد عام 1930 في بغداد.
حاصل على ليسانس الحقوق من العراق 1952, ودكتوراه القانون من سويسرا 1969.
دواوينه الشعرية: الوتر الجاحد 1950.
أعماله الإبداعية الأخرى: عدد من القصص منها: سعيد رغم الألم 1945 ـ الإيمان 1946, وترجمة عن الإنجليزية للشاعر الهندي طاغور بعنوان: جني الثمار 1952.
مؤلفاته: نظام الانتداب والوصاية الدولي (رسالة الدكتوراه) النظرية المحضة في القانون (ترجمة) ـ فن صياغة القوانين.
ممن كتبوا عنه: مصطفى الناعوري (المقتطف 1948ـ1949) وخيري العمري (الأديب 1950 ـ 1951), وحياة شرارة (الأقلام 1991).
عنوانه: 28 زقاق 15 محلة 641 ـ حي الخضراء ـ بغداد.
884 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع