حتى تراثنا الغنائي سرقوه في عرب آايدل

                                            

                          د.ناهدة التميمي

عندما دخلت القوات الامريكية العراق ( فاتحة محررة ) كما اعتقدنا في البداية, فانها اول ما توجهت اليه ومن جاء بمعيتها هو المتحف العراقي ليدمروه .. نعم لقد عاثوا فيه فسادا وخرابا وتكسيرا واول شيء سرقوه كاملا وبكل حرفية ودون ضجة هي لوحة السبي البابلي لليهود .. تلك اللوحة النحتية المهيبة والتي كنت اقف امامها في طفولتي وكاني في كوكب اخر مشدوهة بجماله وسحره وعظمته ودقته وحرفيته .

كانت مدرستي الابتدائية والمتوسطة والثانوية قريبة جدا من المتحف العراقي وكنا نذهب زيارات مدرسية او فردية للمتحف .. وكانت تلك اللوحة تستهويني وتشدني وهي تقف بكل جلال وعظمة في احدى قاعات المتحف المهيبة
تساءلنا ايام الغزو الاولى عجبا لماذا لم يبادر الامريكان الى تشكيل حكومة قوية على عجل لتضبط الامور وتمسك بالوضع بدلا من العصابات التي راحت تحرق ولسبب غير معروف البنى التحتية ودوائر الدولة والعمارات الجميلة وتكسر التحف النادرة في المتاحف وتحرق كل شيء حي في العراق ,, وكان كل شيء في يدها !!!
 طبعا لم ندرك السر الامريكي في الامر وقتها .. وهي انهم يريدون دولة بلا تاريخ ولاتراث كي لاتتذكر الاجيال القادمة منها شيئا, لاتاريخا ولاتراثا يربطها ولانسيجا اجتماعيا ولادولة اسمها العراق
هم لم يحموا في وقتها الا وزارة النفط وخرائطها وكل مافيها, لانهم يعلمون ان اخر برميل نفط في كل الوجود سيخرج من العراق وليس من غيره
تابعت على الفضائيات حينها  الغزو الامريكي وما رافقه من فضائع وحرق وتخريب غير مصدقة ان امريكا بكل قوتها غير قادرة على فرض السيطرة على بلد مثل العراق, خارج من محنة شديدة وكان يمكن ان يرضى بحكومة اخرى تمشي الامور بهدوء وانسيابية دون دمار .. ولكن الجماعة الامريكان كانوا يخططون لغير ذلك .. فالسلام لايعنيهم ولا الانسيابية ولا تمشية الامر ولا مصلحة المواطن .. كانوا يخططون لمجلس حكم يزرع بذور الانقسام ويبدا الخطوات لتقسيم البلد بكل تصرفاتهم , بالاصرار على النتائج الانتخابية المتقاربة دوما بقدرة قادر بحيث لايستطيع اي طرف تشكيل حكومة دون التذلل للاخر, الى اشاعة القتل والذبح وتخريب البيئة والزراعة والمناخ والبشر والنفوس وكل شيء .. ذات مرة ضحكت من شيخ يلبس العقال وكان من اهل الكوت عندما قال بانه وفي طريقه الى بغداد شاهد القوات الامريكية تطلق القذائف على انبوب ماء رئيسي وتخربه .. ماصدقت وقتها ولكني الان اصدق كل شيء
نعود الى عرب آيدل
ضمن التخريب الممنهج لكل شيء في العراق ولجعل البلد بلا تاريخ ولاتراث .. حصل ويحصل عدة مرات في هذا البرنامج ان تسرق اغاني عراقية تراثية جميلة من صميم ارثنا الغنائي والموسيقي وتنسب الى غيرنا .
مرة غنت برواس اغنية للمطرب العراقي الكبير ناظم الغزالي وهي اغنية احبك واحب كلمن يحبك .. فما كان من لجنة الحكم الا ان تكيل المديح والثناء على مطربة اخرى باعتبارها هي صاحبة هذه الاغنية .. ولااظن ان لجنة تحكيم شغلتها الموسيقى والغناء ليست فقيهة بعالم الغناء وعائدية الاغاني
ثم مالبثت ان غنت ديانا حداد اغنية تراثية عراقية صميمة وهي بين العصر والمغرب مرت لمة خيالة .. وقد غنتها من قبل المطربة العراقية سهام .. فماكان من لجنة التحكيم الا ان كالت المديح لسميرة توفيق لانها صاحبة الاغنية حسب قولهم ولهذا التراث النادر ( الاردني او ربما اللبناني ) الذي انتشر عنها وراح المطربون ياخذونه منها
 ومرة كنت استمع الى لقاء مع سميرة توفيق في الراديو وكانو يشيدون باغنية ياعين موليتين ياعين مولية (جسر الحديد) انكطع من دوس رجلية .. وهذه الاغنية كما هو معروف مؤلفها عراقي وملحنها الفنان الكبير رضا علي الذي لحن اغلب واكثر اغاني سميرة توفيق شهرةً .. وبدلا من ان تعترف ان هذه الاغنية عراقية ومؤلفها وملحنها عراقيين .. قالت وبالحرف الواحد انها تراث اردني
وفي ذلك الزمان عندما غنت سميرة هذه الاغنية لم يكن هنالك جسر حديد في كل الوطن العربي الا في العراق وبغداد الصرافية على وجه التحديد
 قبل ايام ظهر اعلان عن جلسات وناسة على ام بي سي وطبعا ضمن الاعلان مقطع لاغنية عراقية صميمية وهي ثاري البنات اشكال مثل الجفافي .. وحدة تخون بساع واحدة توافي .. كان يغنيها مطرب كويتي ويدعي انها كويتية
كل شيء سرقوه منا .. نفطنا .. سيادتنا كرامتنا .. دمائنا .. حتى تراثنا الغنائي والموسيقى اصبح شذرا مذرا وكل من هب ودب تنكبه وادعاه ..
د. ناهدة التميمي

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

858 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع