ما قويت عليه النيّة قوي عليه البدن

                                            

                       اسماعيل مصطفى

ما قويت عليه النيّة قوي عليه البدن

بين البدن والروح علاقة قوية جدّاً لدرجة لا يمكن معها تصور روح بلا بدن ولا بدن بلا روح، إلّا أن يكون الكائن ميّتاً وليس في عِداد الأحياء.

قبل الخوض في معرفة تأثير النيّة التي تعني القصد والعزم والإرادة للقيام بفعل أو قول معيّن لابدّ من التطرق قليلاً لمنزلة الروح بالنسبة للبدن باعتبارها محل تبلور النيّة سواء كانت في العقل أو القلب أو الذهن أو النفس، فكل هذه المسميات تطلق على الروح التي هي جوهر الكائن الحي، والإنسان على وجه التحديد.

بالعودة للمقولة التي عنونا بها هذا الموضوع (ما قويت عليه النيّة قوي عليه البدن) أو (ما ضعف بدن عمّا قويت عليه النيّة) المنسوبة للإمام جعفر الصادق عليه السلام حسبما وجدته في كتاب ميزان الحكمة، نعرف جيداً أن البدن لا يمكنه أن يقوم بأيّ عمل مهما كان صغيراً أو كبيراً ما لم تسبقه الإرادة اللازمة لذلك والتي يعبّر عنها في أحايين كثيرة بمصطلح النيّة الذي يستبطن معنىً آخر وهو القصد من هذا العمل الذي ينشعب إلى خير أو شر بحسب ما يضمره الشخص.

والحديث الآنف الذكر يتضمن شيئاً آخر غير الإرادة يهدف إلى تكريس فكرة انعقاد النيّة وأهميتها في تحصيل علوّ الهمة لإنجاز عمل معيّن، وقد أثبتت التجربة أن العزم الراسخ لفعل أمر ما يعتمد إلى حدّ كبير على درجة النيّة التي تسبقه، وهذا ما يمكن تلمسه في الممارسات اليومية سواء كانت عبادية أو علمية أو عملية أو غيرها؛ فكلّما قويت النيّة قوي الأداء لترجمتها إلى واقع عملي، وعلى العكس من ذلك كلّما ضعفت النيّة خارت قوى الإنسان وانحطت إلى مستوى لا يمكن معه أداء العمل وهو ما يمكن تعريفه بالكسل أو العجز أو التواني وما شابه ذلك، والأمثلة على ذلك كثيرة وكل منّا قد جرّب بعضها تكراراً ومراراً في حياته، ومن لم يفطن لهذا الأمر حتى الآن عليه أن يجربه ليعرف صدقه وليكتشف كنه الحديث الذي صدّرنا به المقال وهذا مهم للغاية لمن أراد الارتقاء في العزم والإرادة ولمن شاء إنجاز المهام بهمّة عالية، وذلك من خلال عقد النيّة على مباشرة العمل ومن ثم استكماله وإتمامه في نهاية المطاف، ولا يمكننا التقليل من أهمية هذا الأمر بذريعة أننا لا نؤمن بالثواب الأخروي وضرورة تحصيل الأجر الإلهي لأن الجميع يتصرف وفق نوايا معيّنة وإن لم يكن يقصد ذلك، ومن المستحيل القيام بعمل أو إطلاق قول دون إرادة، إلّا أن يكون الإنسان خارج دائرة الشعور وهو في هذه الحالة ليس ضمن دائرة بحثنا ولا يمكن اعتباره نموذجاً صالحاً للاستدلال على بطلان فكرة النيّة والإرادة اللتان تسبقان الفعل أو القول مهما كان نوعه أو شكله أو حجمه.

   

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

672 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع