قصة قصيرة الصقر الابيض / الجزء الاول

                                                     

                           بقلم أحمد فخري

       

قصة قصيرة - الصقر الابيض /الجزء الاول 

في شارع تيرنبايك وسط مانهاتن بمدينة نيويورك
في ليلة السبت 17 مارس 2018 سارت دورية الشرطة سيراً بطيئاً. جلس العريف سالفو في السيارة ينظر الى المارة ويأمل انتهاء ورديته لذلك اليوم الطويل باسرع وقت وكأن الزمن قد اصبح يحبو على بطنه ولانه يشعر بالارهاق والملل بينما انهمك شريكه وصديقه المقرب دوك بالقيادة. بقي سالفو يسبح بسراديب افكاره ويستحضر ذكريات الماضي مع زوجته الحبيبة كات التي اشتاق اليها كثيراً بالرغم من انه لم يفارقها سوى منذ هذا الصباح الا انه يشعر بقوة مغناطيسة خفية تجذبه نحوها ولا يقدر ان يتخلص من هذه القوة. كذلك حبيبته وعشيقته الثانية ديانا التي تعلق بها وتعلقت به هي الاخرى منذ اللحظة الاولى التي ولدت فيها. استرجع ذكرياته فترائى له مشهد زوجته كات وهي تلدها بالمشفى. كان وقتها متوتراً لاقصى الدرجات لانه سيصبح اباً للمرة الاولى في حياته. وفور ولادة المولود الجديد ومجيئه للدنيا بدأ يسمع صرخاته وكأنه ينادي عليه فانطلق نحو الطبيبة وسألها "اهو ذكر ام انثى؟" فاجابته، "المولودة انثى. لقد رزقك الله بملاك جميل وشعر اسود فاحم". قبل الولادة احترم سالفو رغبة زوجته ولم يصر على معرفة جنس الجنين من خلال الموجات فوق الصوتية لان ذلك سيجعل اللعنة تحل على العائلة باسرها كما تعتقد قبائل الشيروكي الهندية التي تنحدر منها زوجته كات. سألها مرة عن معنى اسمها (كاتوري) فقالت له ان اسمها يعني الروح. لقد عانى كثيراً من مشاكل العنصرية التي اقلقتهما وحامت فوق رأسيهما. كذلك عدم تقبل المجتمع الابيض لفتاة من اصول هندية حمراء كي تعيش بوسط الحي. اما الآن وقد اصبحت تتأقلم على الاجواء وصارت ابنته ذات الاربع سنوات تعتاد على روضتها الجديدة... فجأة قطع سلسلة افكاره نداء باللاسلكي يقول، "الى جميع الوحدات المتواجدة بمنطقة هلكرست عليها التوجه فوراً الى عمارة رقم 1702 بشارع تيرنبايك لمداهمة مشتبه به بعملية دعم تراكمي"
هنا سأل دوك شريكه سالفو،
دوك : ماذا يقصدون بعملية دعم تراكمي؟
سالفو : انهم يداهمون موقع للمجرمين ويحتاجون الى دعم اضافي.
سحب سالفو المكرفون وقال، "الوحدة 51 تستجيب. سنصل الى الهدف خلال 6 دقائق"
ضغط على زر صفارة الانذار فصارت الاضواء الزرقاء تدور فوق السيارة وبدأ دوك يقود السيارة بسرعة جنونية. قامت السيارات الاخرى المتواجدة بالشارع تنحرف جانباً كي تفسح لهم المجال وصاروا يعبرون اشارات المرور الحمراء دون توقف واصبح الامر مخيفاً للغاية بالنسبة لسالفو لانه يعرف تمام المعرفة ان شريكه لم يعتاد على قيادة السيارة بسرعات عالية مثله. لكنه ابى ان يعلق على سياقته كي لا يجرح شعوره. وصلا الى العنوان المحدد فوجدا اربع وحدات تحاصر المكان فاوقفا سيارتهما ونزلا منها. ما هي الا ثوانِ حتى اصبح المكان يعج بسيارات الشرطة. اخرج سالفو وشريكه البنادق من الصندوق بمؤخرة السيارة ولبسا الستر الواقية ثم تموضعا واحتما خلف سيارتهما تأهبا للاطلاق وصارا ينتظران المزيد من الاوامر. خرج الكابتن كارتر وبيده مكبر صوت، قربه من فمه وقال، "المكان محاصر، ارموا اسلحتكم على الارض، اخرجوا وايدكم مرفوعة الى الاعلى". حالما اكمل هذه العبارة ابتدأ اطلاق النار من شباك الشقة في الطابق الاول نحو تجمع الشرطة لكن رجال الشرطة انزلوا رؤوسهم ولم يصاب احد باذى. هنا جاء دور الشرطة باطلاق النار واثناء ذلك تكلم الكابتن باللاسلكي هذه المرة وتحدث مع القناص ليسأله،
الكابتن : هل انت جاهز؟
القناص : نعم سيدي.
الكابتن : هل تمكنت من معرفة عدد الجناة؟
القناص : ربما هم 4 او 5 سيدي من الصعب التحديد.
الكابتن : اطلق عليهم متى ما سنحت لك الفرصة.
القناص : سافعل سيدي، انا جاهز.
بقي اطلاق النار يُتَبادل من الطرفين وبقي الكابتن ينتظر النتائج من القناص وما هي الا ثوانِ وسُمِعَ دوي بندقية القناص. ثم سُمِعَ القناص يقول باللاسلكي،
القناص : لقد اصبت واحداً منهم سيدي.
الكابتن : يبدو ان موقعك ممتاز. ابقى بمكانك وترقب باقي المجرمين.
استمر اطلاق النار بين الطرفين لساعة كاملة حتى سمع دوي اطلاقة ثانية من بندقية القناص وقال،
القناص : نلت من واحد آخر سيدي.
الكابتن : احسنت يا بوبي. واصل متابعة اولاد الزانية حتى تنهيهم.
وبتلك اللحظة جائه سالفو وقال،
سالفو : سيدي لقد خسرنا عدداً كبيراً من رجالنا بين قتيل وجريح ولا زال تموضع المجرمين جيداً. دعني ادخل العمارة بنفسي وانهيهم.
الكابتن : حسناً يا سالفو ولكن اريدك ان تتوخى الحذر.
سالفو : ساطلب منك ان تعطي اوامرك كي يفتح الجميع النار بآن واحد ليجبر الجناة كي يتراجعوا الى الخلف ويتواروا عن الشبابيك فاقوم انا بالركض مكشوفاً الى مدخل العمارة دون ان يروني.
الكابتن : طيب سالفو ساخبر الجميع عندما تعطيني الاشارة.
نادى الكابتن رجاله باللاسلكي وقال، "ليتوقف الجميع عن الاطلاق ويقومون باملاء امشاطهم حتى امر بفتح النار فتطلقون كلكم بآن واحد"
وعندما اومأ سالفو للكابتن من بعيد يعلمه بانه مستعد للتقدم اذاع الكابتن وقال "ابدأوا بالاطلاق جميعاً"
انفتحت ابواب جهنم وصار الرصاص يتطاير من كل الجهات باتجاه الجناة. قام سالفو باستغلال تلك الحيلة وركض وهو منكشفاً نحو باب العمارة فدخلها ثم اشار بابهامه للكابتن من بعيد يعلمه انه نجح بالدخول للعمارة. صعد سالفو السلم ببطئ شديد يتسلق سلمة بعد أخرى رافعاً سلاحه بيده اليسرى محاولاً عدم اصدار اي صوت ينذر المجرمين بوجوده. وسط اصوات الطلقات الذي ملأ المكان تقرب سالفو من باب الشقة التي حدد فيها الجناة ثم تحدث باللاسلكي بصوت منخفض جداً وقال، "ليتوقف الجميع عن الاطلاق ودعوا الجناة يقومون بالرد على اطلاق الرصاص الآن"
امر الكابتن بالتوقف عن الاطلاق فصار المجرمون وحدهم يطلقون بشكل مكثف. استغل سالفو تلك الحالة ورفس الباب فانفتحت على آخرها ليجد اثنان من الجناة بجانب شباكين ممسكين ببنادقهم الآلية يطلقون النار على الشرطة. صوب مسدسه بسرعة كبيرة وقتل احدهم. وما ان انتبه المجرم الثاني لما حصل، سحب بندقيته من الشباك وصوبها نحو سالفو لكن سالفو كان اسرع منه فاطلق عليه رصاصة من مسدسه اردته قتيلاً. سكت صوت الرصاص بالمكان وعم الهدوء. كان الكابتن متوتراً جداً وخائفاً من ان يفشل سالفو بمهمته. اشار لجميع عناصر الشرطة كي يبقوا اسلحتهم على اهبة الاستعداد حتى يعرفوا ماذا حل بسالفو. فجأة تكلم سالفو باللاسلكي وقال، "لقد قضيت على المجرمين الذين كانا يطلقان النار من الشباك والآن ساتجول بالشقة واستقصي الامر عسى ان اجد المزيد منهم، تأهبوا ولكن لا تدخلوا الشقة بعد". فتح احدى الابواب وصرخ باعلى صوته، "تجمــــــــد وارفع يديك الى الاعلى" فرأى شاباً عشرينياً واقفاً امامه رافعاً يديه للاعلى. وامامه طاولة ملئى بغبار ابيض واكياس بلاستيكية واداوت لصنع المخدرات وتعبئتها. امر سالفو بحزم كبير،
سالفو : ابتعد عن الطاولة.
تحرك الشاب الى الخلف رافعاً يديه وقال،
المجرم : لقد ابتعدت وانا غير مسلح. لا تطلق النار ارجوك.
تكلم سالفو باللاسلكي وقال، "المكان مؤمن بامكانكم الدخول الآن" امر سالفو الرجل بالابتعاد عن الطاولة والذهاب الى زاوية الغرفة ثم سأله،
سالفو : ما اسمك؟
المجرم : جيوفاني.
سالفو : اسمك الكامل؟
جيوفاني : جيوفاني بليني.
سالفو : الله، الله، لقد حصلنا على جائزة اللوتو اليوم ايها الامير الصغير.
وما هي الا ثوانِ ودخل الشقة جمع كبير من عناصر الشرطة ثم دخل الضابط (جي ار) احد مساعدي الكابتن كارتر الى الغرفة التي فيها سالفو فرآه يثبت الاصفاد على يد المجرم من الخلف ويقرأ له حقوقه الدستورية. ثم بعد مرور دقيقتين دخل الشقة المزيد من عناصر الشرطة يتفحصون الجثث ويتجولون بداخل الغرف والردهات. دخل الكابتن كارتر وهو يبتسم وقال،
الكابتن : لقد ابليت بلاءاً حسناً يا سالفو، انا متأكد من انك ستحصل على ترقية يا بطل.
سالفو : انت لازلت تجهل المفاجئة سيدي. انتظر الآن حتى تسمعها.
الكابتن : ما الامر؟ تكلم، ما هي المفاجئة؟
سالفو : المجرم الذي امسكت به للتو، اسمه جيوفاني بليني وهو الابن الاوحد لانجلو بليني وكما تعرف، فانجلو هو الاب الروحي وزعيم عصابة المافيا سيدي.
الكابتن : انا لا اصدق. كيف حصل ذلك؟ نحن لم نخطط لمثل هذا النصر.
سالفو : يبدو ان ابنه جيوفاني كان يعتقد انه في مأمن من الشرطة عندما قرر ان يترأس عملية تعبئة المخدرات بنفسه.
الكابتن : انت قدمت لنا مافيا بليني على طبق من ذهب. كن على ثقة بانك تنظر الى ترفيع اكيد.
سالفو : شكراً لك سيدي. ما هي حصيلة خسائرنا؟
الكابتن : لقد خسرنا 4 من رجالنا ولدينا 12 جريح اثنان منهم بحالة حرجة.
هنا استمع سالفو الى احد خبراء الشرطة بالمخدرات وهو يقول، "يبلغ وزن المخدرات التي امسكنا بها الآن 17 كغم من الهروين الصافي مما يجعل قيمة الشارع لهذه المداهمة 65 مليون دولار". صفق احد رجال الشرطة وقال، "انه النصر المؤزر يجب علينا ان نحتفل هذه الليلة. هل تأتي معنا الى الحانة يا سالفو؟
سالفو : كلا يا عزيزي، يجب علي ان ارجع الى بيتي فابنتي ديانا مريضة ويجب ان اكون الى جانبها.
ركب سالفو السيارة وعاد بها الى بيته فدخل الباب الرئيسي وصعد الى الطابق العلوي. شاهد زوجته كات تخرج من غرفة ابنته ديانا سألها،
سالفو : مرحباً حبيبتي. كيف حالها اليوم؟
كات : انها بخير، لقد انخفضت حرارتها الى 98.5 وهذا جيد جداً. سوف لن ارسلها الى المدرسة غداً ايضاً.
سالفو : عظيم، يجب عليها ان تتعافى تماماً قبل ان تذهب للمدرسة. فهي محظوظة لانها تملك افضل ام بسائر قارة امريكا.
كات : اشتقت اليك كثيراً يا حبيبي. لماذا تأخرت؟
سالفو : اليوم زوجك قام بعمل بطولي كبير ومن المؤكد ان اترفع بسببه.
كات : ماذا فعلت؟ هل القيت القبض على لصوص قاموا بسرقة البنك المركزي؟
سالفو : اكبر من ذلك بكثير. اليوم القيت القبض على ابن زعيم اكبر مافيا بمانهاتن وهي مافيا (بليني) المسؤولة عن توزيع كل المخدرات بنيويورك.
كات : إذاً تعال معي الى غرفة النوم ودعني اقدم لك التهاني واقلدك وسام الشرف على طريقتي الخاصة.
دخل الاثنان غرفة النوم فذهب سالفو مباشرة الى الحمام كي يستمتع بدوش ساخن. وبينما هو يغطي جسده برغوة الصابون شعر بيد زوجته كات وهي تدفعه من الخلف وتدخل معه بجسدها العاري، التفت نحوها وقبلها قبلة ساخنة ثم صارا يمارسان الحب تحت شلال الماء. بعدها حملها ورجع بها الى السرير وناما بين احضان بعضهما نوماً عميقاً. في صباح اليوم التالي استيقظ سالفو باكراً على صوت المنبه يدق معلناً موعد الاستيقاظ. اغلق المنبه وتوجه نحو الحمام. وبينما هو يغسل اسنانه دخلت عليه كات واحتضنته من الخلف وصارت تقبل رقبته فاستدار نحوها وقبلها ثم قال،
سالفو : لو استمرينا بهذ الحال فسوف لن اذهب للعمل اليوم. دعيني ارتدي ملابسي واتفقد ديانا ثم انزل الى الطابق الارضي كي اتناول افطاري.
كات : واصل ارتداء ملابسك حبيبي وساعد لك البيض المخفوق مع الحليب كما تحب، فانت تستحق هذه الوليمة بعد الاشغال الشاقة والعمل الدؤوب الممتع ليلة امس.
سالفو : انك تعرفين ما احب يا عمري. انت حقاً الزوجة المثالية كما انتخبوك بمجلة الاسرة السعيدة لهذا العام.
كات : وانت بطلي ايها الصقر الابيض. كم انت كذاب، فليس هناك مجلة الاسرة السعيدة اساساً.
سالفو : يجب ان تستحدث مثل هذه المجلة وتكونين انتِ رئيسة تحريرها.
قبل خمس سنوات عندما تقدم سالفو ليطلبها للزواج. كان الدها كثير التحفظ ازاء زواج ابنته الهندية من رجل ابيض لكنه اعجب بسالفو كثيراً حينما انقذ احد اطفال القبيلة من الغرق وهو يلهو ببحيرة بالقرب من معسكر الهنود فمنحه لقب (الصقر الابيض). ثم اقيم لهما عرس على طريقة قبائل الشيروكي إذ بقيت كات بخيمتها (التيبي الحمراء) بينما قام سالفو بمصارعة ابطال القبيلة وتغلب عليهم جميعاً ما عدى شقيق خطيبته الاكبر فقد كان يملك قوة عظيمة تعادل ثوراً ضخماً لذلك أطلِقَ عليه اسم (ماتو) بمعنا الدب الكبير. كذلك قام سالفو باصطياد افعى مسمومة وسلخها ثم تناول لحمها بعد ان شواه. كان سالفو محبوباً لدى جميع افراد القبيلة حتى ان والدها عرض عليه ان يتزوج زوجة هندية ثانية الا ان سالفو شكره بكل ادب واخبره انه لا يمكن ان يفرط بحب كات فاقتنع والدها. وبذلك مارسوا مراسيم تدخين الغليون سوية بخيمة الرئيس وصار وقتها صهراً ابدياً لهم وعضواً من قبيلتهم. واليوم هم لا زالوا يحبونه ويحترموه بعد السنين الخمسة تلك وهو يحبهم ويقوم بزيارتهم مع زوجته وابنته ديانا.
في ذلك الصباح ركب سالفو سيارته وقام بزيارة خاطفة للقاضي دنفر براون وتحدث معه بامر مهم جداً، بعدها عاد الى عمله بمركز الشرطة. اوقف السيارة بالمراب ودخل فوجد مكتب الاستعلامات فارغاً. دخل الى قاعة ثانية فوجدها خالية من افراد الشرطة هي الاخرى. "يا الهي، اين ذهب الجميع؟". دخل القاعة الرئيسية التي يجتمع فيها رئيس المركز بباقي عناصر الشرطة فوجدها مظلمة. "ماذا يجري هنا؟ هل قام احدهم بخطف جميع عناصر المركز؟" فجأة اشتعلت الانوار وسمع حشد كبير يصرخ "مفـــــــــــــــاجئة" وبدأ التصفيق. كان الجميع ينتظرون قدومه كي يحتفلون بعمله البطولي الذي قدمه بالليلة السابقة. وقف الكابتن كارتر مدير مركز الشرطة ورحب بسالفو ثم خطب بالجميع وقال،
الكابتن : حضرات السيدات والسادة الكرام. نريد ان نعزي عوائل العناصر الشرفاء الذين قدموا ارواحهم لاجل خدمة مجتمعهم وبلدهم ونتمنى لأولئك الذين جرحوا بالشفاء العاجل. اليوم نود ايضاً ان نحتفل بالعمل البطولي لزميلنا سلفادور لويجلياني الذي قام به بالامس باقتحام شقة المجرمين ثم القى القبض فيها على (جيوفاني بليني) ابن رئيس المافيا (انجلو بليني). وبذلك اغلقنا صفحة كبيرة وسددنا صفعة قوية على وجوه جميع تجار المخدرات بنيويورك عموماً والى عصابة (بليني) التي تربعت عرش الهروين منذ اكثر من نصف قرن خصوصاً. وبهذه المناسبة اود ان اعلمكم ان الجميع سيمنع من ان ينادوا زميلنا سالفو بالعريف لانه اصبح من الآن (رئيس عرفاء سالفو لويجلياني) ومن ينسى ذلك ستترتب عليه عقوبة كبيرة وبشعة وهي تقبيل رئيسة عرفاء سيسيل. (بدأ الجميع يضحك) والآن اطلب من زميلنا سالفو ليتقدم ويلقي كلمة بهذه المناسبة.
بدأ التصفيق والصفير من كل زاوية بارجاء القاعة فوقف سالفو على المنبر وقال،
سالفو : اخواني الاعزاء. يبدو ان مديرنا الكابتن قد اخطأ عندما منحني الترفيع. لانني لم اقم باي عمل بطولي. انا فقط كنت بحالة ازمة شديدة واردت ان ادخل دورة المياه بالعمارة لاقضي حاجتي، فتوقع الجميع انني دخلت لاقتحام الشقة.
انفجر الجميع بالضحك والتصفيق.
سالفو : دعوا المزاح جانباً الآن. انا لم ولن اتمكن من انجاز مهمتي لولا عملنا جميعاً كفريق واحد. فانتم دعمتموني وفتحتم النار بالوقت المناسب كي تلهوا به الجناة حتى يتشتت انتباههم فادخل انا العمارة ثم اصطادهم كالجرذان الواحد تلو الآخر. لكنني اريد ان انبهكم الى نقطة مهمة جداً وهي ان عملنا لم ينتهي بعد وان علينا ان نكون على اقصى درجات الحذر لان عصابة بليني سوف لن تسكت على الامساك بابن الاب الروحي زعيم المافيا. وهذا يعني ان نكون على اقصى درجات التأهب ونحسب حساب كل شيء، لان كل شيء وارد. لا اريد ان اطيل الحديث، اولاً اريد ان اترحم على قتلانا الاحباء الذين فقدناهم ونريد ان ندعوا بالشفاء العاجل لجرحانا. كذلك اريد ان اقول شكراً للجميع فقد عملنا وتحركنا كعائلة واحدة وفريق واحد وضربنا بيد من حديد.
انفض الاحتفال وذهب كلٌ الى مكتبه فجاء الكابتن وقال لسالفو،
الكابتن : يجب علينا ان نبدأ التحقيق مع جيوفاني بليني فوراً. هل تأتي معي؟
سالفو : كلا يا كابتن توقف. انا لا اوافقك الرأي ابداً يا سيدي. انت تعلم ان والد جيوفاني رجل خطير جداً وسوف لن يرتاح حتى يحرر ابنه من ايدينا فنرجع الى المربع الاول وكأن شيئاً لم يكن.
الكابتن : وماذا تقترح يا رئيس عرفاء؟
سالفو : لننقله الى مكان سري لا يعرفه سوى انا وانت حتى يحين موعد المحاكمة. ما رأيك؟
الكابتن : فكرة طيبة جداً. ولكن الى اين؟
سالفو : ساخذه معي الآن بشكل سري ثم اخبرك عندما نصل المكان. سيأتي معي شريكي دوك لانني اثق به كثيراً.
الكابتن : حسنا، قوما بنقله فوراً. انا واثق منكما تماماً.
نزل سالفو ودوك الى القبو حيث تكمن زنازين المركز ففتحا باب احداها فسألهم،
جيوفاني : اهلاً عريف سالفو، اهلاً بالبطل المقدام، هل اشتقت الى وجهي الجميل وجئت تزورني؟
سالفو : بالحقيقة والواقع فإن حذائي الذي دعست به على غائط الكلاب اليوم هو الذي اشتاق لمؤخرتك. هيا اغلق فمك واستدر لاثبت الاصفاد على معصميك.
جيوفاني : الى اين ستأخذني يا معتوه؟
لم يجبه وقام بتكبيله ثم سحبه سحبة قوية ووضع غطائاً اسوداً من قماش فوق رأسه، التفت الى شريكه وقال،
سالفو : سنأخذه من الباب الخلفي، سر انت امامنا واشهر سلاحك.
سار دوك وفتح الباب الحديدي الخلفي فتبعه سالفو يتأبط السجين. كانت سيارة مدنية اعتيادية غير معلمة واقفة امام الباب الخلفي. ادخلا سجينهما بالمقعد الخلفي ثم اراد دوك ان يقود السيارة الا ان سالفو اعترض وقال انه هو الذي سيقودها بنفسه فذهب الى جهة اليمين وجلس بجانب سالفو. انطلقت بهم السيارة بشوارع مانهاتن ثم بدأ الامر يختلط لدى دوك وصار لا يعرف الطرق التي يسيرون بها فسأل شريكه،
دوك : الى اين تأخذنا يا سالفو؟
سالفو : لا تسأل ارجوك.
هنا نطق جيوفاني من الخلف وقال،
جيوفاني : انه يأخذنا الى مكان سري كي لا يأتي ابي ويحررني من ايديكم ايها الزناديق.
دوك : ان زميلي سالفو يعرف ما يفعل. اغلق فمك انت واستمتع بالرحلة فسوف تحرم من التنزه بالهواء الطلق لسنين طويلة.
سالفو : لا تتحدث معه يا دوك ارجوك.
سارت السيارة لمدة ساعة كاملة ثم اوقف السيارة بمكان نائي وادخل الجميع الى كوخ مهجور وقال،
سالفو : يجب علينا ان نعري المتهم من ملابسه تماماً.
دوك : لماذا؟
سالفو : لا تناقش فقط افعل ما اقوله لك.
بدأ دوك وسالفو يعرون سجينهما حتى صار عار من الملابس تماماً. بدأوا يفتشان ملابسه بدقة تامة فوجد سالفو مرسلة الكترونية صغيرة جداً بداخل ياقة قميصه. فضحك وقال،
سالفو : يا سلام يا جيوفاني. يبدو ان لديك محبين بمركز الشرطة. لقد زودوك بمرسلة كي يستدل بها والدك عليك اليس كذلك؟ ها هي المرسلة ساضعها هنا بهذا الكوخ.
دوك : لماذا لا تحطمها يا سالفو؟ سيعرفون مكاننا.
سالفو : لدي غاية بفعل ذلك يا دوك. ثق بي ارجوك وسوف ترى. دعنا نلبس السجين ملابسه ثم نواصل الرحلة.
اخرج ورقة من جيبه وكتب عليها بعض السطور ثم وضع المرسلة الصغيرة عليها وتركها فوق المنضدة بوسط الكوخ. ركب الرجال الثلاثة السيارة وغير سالفو الاتجاه هذه المرة ليأخذ طريقاً مغايراً.
بمقر العصابة بمانهاتن
سأل رئيس العصابة انجلو بليني احد مساعديه وقال،
انجلو : هل تمكنتم من رصد موقع ابني جيو؟
رامبو : اجل سيدي. كان بمركز الشرطة هذا الصباح لكنهم نقلوه الى مكان بالريف بالقرب من بحيرة ودكليف. يبدو انهم ارادوا اخفائه هناك.
انجلو : خذ معك 20 رجلاً يا رامبو واذهبوا اليه واجلبوه فوراً. اريدك ان تأتني بخاطفه حياً، اريد ان اقلع عينيه بيدي قبل ان اقتله، مفهوم؟
ركب 21 رجلاً سيارتين كبيرتين وانطلقوا بها قاصدين بحيرة ودكليف يتابعون اشارة المرسل الالكتروني. وبعد ساعة اوصلتهم اشارة نظام تحديد المواقع الى الكوخ صغير فاوقفوا السيارتين. قال رامبو، "لقد حبسو جيوفاني بهذا الكوخ. لا اريد اي اخطاء. يجب عليكم ان لا تصيبو احداً بخدش. ليذهب 4 منكم ويقفوا الى خلف الكوخ بينما نقتحم نحن الباب من الامام.
رفع الجميع الاسلحة الاوتوماتيكية واصبحوا على اهبة الاستعداد. رفس رامبو الباب فدخلوا الكوخ الفارغ. شاهدوا ورقة وجهاز الارسال الصغير موضوعاً فوقها على المنضدة بوسط الكوخ. التقطها رامبو وقرأها فجن جنونه وصار يضرب على الطاولة بعصبية هستيرية. اخرج هاتفه من جيبه واتصل بزعيم المافيا وقال له،
رامبو : سيدي لقد وصلنا الموقع لكنه فارغ. يبدو انهم كانوا قد اعدوا لنا مفاجئة.
انجلو : ما هي المفاجئة؟
رامبو : عثرنا على جهاز الارسال الالكتروني ومعه ورقة كتب عليها. "اهلاً بكم يا شباب. اردنا ان نرفه عنكم ونجعلكم تستمتعون بالمناظر الخلابة والجو النقي على هذه البحيرة الجميلة. كلبكم المدلل جيوفاني بامانتنا لا تقلقوا عليه، حظاً اوفر بالمرة القادمة. ملاحظة: ابلغوا سلامي للعم انجلو واخبروه انه غبي جداً ولازال يستعمل الطرق التقليدية للـ (كوزا نوسترا). مع كامل تحياتي وحبي، سالفو"
انجلو : يبدو اننا نتعامل مع شرطي خبيث. ارجعوا الى مانهاتن باسرع وقت.
اغلق الهاتف ونظر الى مساعده ويده اليمنى وقال له،
انجلو : يا دينو اريدك ان تأتي لي بكل المعلومات عن ذلك الشرطي الذي اخذ ابني جيو.
دينو : فوراً سيدي.
رفع دينو هاتفه وقام ببعض الاتصالات ثم عاد وقال،
دينو : سيدي لقد اتصلت برجلنا المزروع بداخل مركز الشرطة وعلمت منه ان الكلب الذي يخفي ابنك جيو هو سالفو لويجلياني برتبة رئيس عرفاء ومساعده دوكلاس. وجيوفاني هو نفسه الذي داهم الشقة وقتل جميع رجالنا ليلة الحادث والآن هو يحتفض بجيوفاني كي لا نستطيع الوصول اليه ونحرره.
انجلو : يبدو ان اسمه ايطالي مثلنا، جيد جداً. اريد المزيد من المعلومات عن عائلته ومحل سكنه.
دينو : انه متزوج من امرأة تدعى كاتوري وابنته طفلة ذات الاربع سنين اسمها ديانا.
انجلو : كاتوري؟ ما هذا الاسم القبيح هل هو اسم لاتيني او يهودي؟
دينو : كلا سيدي. انه اسم هندي. لا اقصد هنود الكاري بل اقصد الهنود الحمر.
انجلو : وهل مازال هناك هنود حمر لحد الآن؟ ظننت اننا قمنا بابادتهم جميعاً وتخلصنا من شرهم.
دينو : هناك قلة قليلة منهم فقط سيدي وهم تحت حذاء الحكومة الامريكية.
انجلو : هل لديكم عنوان بيته؟
دينو : بالطبع سيدي انهم يسكنون في بيت بشارع بولتيمور اڨنيو بالضواحي.
انجلو : امسكوا بزوجته وابنته وخذوهما الى مزرعة الخيل التي اشتريتها قبل عامين. ابعث برجلين لاحضارهما الآن.
دينو : سمعاً وطاعة سيدي.
في مركز الشرطة
وقف الملازم (جي ار) احد مساعدي الكابتن كارتر مدير المركز يتحدث معه فسأله،
جي ار : اين ذهب سالفو ودوك بالسجين؟
الكابتن : لا اعلم، لقد اخذاه منذ 4 ساعات ولم يتصلا بي بعد.
جي ار : هل تعتقد انهما سيخفونه بداخل الولاية ام خارجها؟
الكابتن : لا اعلم.
جي ار : عندما يتصلون بك سيدي حاول ان تعرف موقعهم.
الكابتن : لماذا انت مهتم كثيراً بموقعهم يا جي ار؟ ولماذا كل هذه الاسئلة؟
جي ار : كي نتأهب لنجدتهم إن طلبوا منا النجدة، اليس كذلك؟
الكابتن : لا تقلق، سوف يعلمونا بموقعهم إن احتاجوا للدعم. انا متأكد من ان سالفو يعي ما يعمل.
جي ار : انا قاق عليهم لا اكثر سيدي.
الكابتن : لا تقلق، وتوقف عن اسئلتك.
وبنفس اليوم
امام باب منزل رئيس عرفاء سالفو
وقف اثنان من رجال عصابة بليني وهم بغاية التأهب. قرعوا جرس الباب ففتحت لهم زوجته كات فسألوها،
المجرم الاول : عفوا سيدتي على الازعاج، هل هذا منزل رئيس عرفاء سالفو لويجلياني؟
كات : اجل انا زوجته، تفضلوا.
المجرم الاول : لدينا هدية نود ان نعطيها له.
ظنت كات ان زملائه بمركز الشرطة قد اعدوا له مفاجئة بمناسبة ترفيعه وبعثوا له بهدية فاجابت،
كات : بامكانكما ان تعطوني الهدية وساوصلها له عندما يعود الى البيت.
اخرج الرجل جهاز (تيزر) كهربائي من جيبه وقام باطلاقه عليها فسقطت على الرض وهي ترتعش من شدة التيار الكهربائي. وبعد ان اوقف الجهاز اصيبت بالاغماء. قال المجرم لزميله،
المجرم الاول : دعنا نحمل المرأة للداخل.
دخل المجرمان حاملين كات واغلقا الباب ورائهما ثم اجلسوها على كرسي بغرفة الصالة وقاما بربطها بالحبال. انتظروها حتى تستعيد وعيها فسألها،
المجرم الاول : اين ابنتك؟
كات : لا اعلم.
صفعها صفعة قوية جعلت الدم يسيل من اسنانها وانفها،
المجرم الاول : (عيـــــــع) جواب خاطئ قلت لك اين ابنتك ايتها الزانية؟ نحن لم نأتي لنلعب معك.
كات : وانا قلت لك لا اعلم.
نظر المجرم بعين زميله وغمز بعينه مع هزة قصيرة برأسه بمعنى اذهب وفتش المنزل. فصعد الى الطابق العلوي ثم نادى زميله من هناك وقال،
المجرم الثاني : لقد وجدت الطفلة ساجلبها معي.
كات : ارجوكم اتركوها بسريرها فهي مريضة.
نزل المجرم الثاني حاملاً الطفلة ديانا بيد واحدة وكأنها حقيبة وهي تصرخ وتضربه على صدره. جاء الى غرفة الصالة وابتسم وقال،
المجرم الثاني : لقد احضرت الزانية الصغيرة.
كات : ارجوكم لا تؤذوها، انها طفلة بريئة. اتمنى لو اعرف ما هي مشكلتكم؟
المجرم الاول : سوف اسألك سؤالاً واحداً اريدك ان تجيبي عليه جواباً واحداً وواضحاً. اين زوجك؟
كات : زوجي ذهب هذا الصباح الى عمله بمركز الشرطة ولا اعلم اي شيء عنه بعد ذلك.
المجرم الاول : احضر الطفلة واجلسها على هذا الكرسي بالقرب من امها.
رُبِطَتْ الطفلة ديانا على كرسي بجانب والدتها فصرخت،
ديانا : انتم جبناء جداً. ابي سيلقي القبض عليكم جميعاً وسيزجكم بالسجن واول واحد فيكم زعيمكم الغبي.
صفعها المجرم الثاني ثم وضع الشريط اللاصق على فمها وسأل امها،
المجرم الثاني : يا كات نحن لا نريد ان نلحق الاذى لا بك ولا بابنتك لكننا يجب ان نعرف مكان زوجك فوراً والا فان ابنتك ستفقد اصابعها الواحد تلو الآخر كل خمس دقائق. والوقت يبدأ الآن تك توك، تك توك، تك توك.
اخرج اداة قطع الاسلاك من جيبه ووضع اصبع الطفلة ديانا بين فكيه ثم نظر الى كات وقال،
المجرم الثاني : والآن هل انت مستعدة؟ دعنا نبدأ، اين زوجك؟
كات : لو كنت اعرف مكان زوجي لاخبرتكما وانقذت ابنتي من هذا التعذيب الوحشي. ارجوك صدقني انا لا اعرف مكانه.
وبهذه الاثناء رن هاتفه النقال ففتحه وقال،
المجرم الثاني : نعم سيدي.
انجلو : هل امسكتم بزوجة ذلك الشرطي اللعين؟
المجرم الثاني : اجل سيدي انها معنا مع ابنته الصغيرة بداخل البيت.
انجلو : وماذا تنتظران يا غبي؟
المجرم الثاني : قلنا لنحقق معها حتى نعرف مكان زوجها ونقدم لك خدمة.
انجلو : انه ذنبي يا حمار. انا الذي بعثت برجلين معتوهين لجلبهما. طلبت منك ايها الاحمق ان تجلبهما الى المزرعة لا ان تحقق معهما.
المجرم الثاني : طيب، طيب سيدي سنأخذها بالسيارة الآن.
انجلو : لا تنسى ان تحضر الطفلة معها.
المجرم الثاني : بالتأكيد سيدي لا تقلق. وهل يعقل ان ننساها؟
اغلق الهاتف وقال لزميله،
المجرم الثاني : يجب علينا ان نفك عنهما الحبال ونعصب عينيهما ثم نأخذهما الى المزرعة الآن.
فك المجرمان الحبال من كات والطفلة ديانا واخرجاهما خارج المنزل وادخلاهما السيارة وانطلقا بهما.
ببيت رئيس العصابة
انجلو : يجب علينا ان نذهب الى المزرعة الآن يا دينو.
دينو : سنأخذ الرينج روفر سيدي فهي انسب لتلك الانواع من الطرقات.
انجلو : اريد مايك ان يأتي معنا.
دينو : حاضر سيدي.
ركب الرجال الثلاثة السيارة وانطلقوا باقصى سرعة.
دينو : لا تقلق سيدي، سنصل الى هناك باقصر وقت.
انجلو : هيا واصل القيادة وتوقف عن الثرثرة فقد سئمت من تطميناتك الفارغة.
بمكان ما يبعد ساعاتين عن نيويورك بقرية مهجورة
سأل دوك شريكه سالفو قائلاً،
دوك : اين نحن؟
سالفو : في قارة امريكا الشمالية.
دوك : اعرف ذلك ولكن اين بالتحديد؟
سالفو : لا تقلق عزيزي، نحن بمكان آمن لا يعرفه حتى الجن الازرق.
دوك : طالما انك تعرف ما تعمل فنحن بامان لان اللعب مع المافيا هو شيء مرعب.
سالفو : قبل كل شيء اعطني هاتفك الخلوي.
دوك : ما هذا؟ ايعقل ذلك؟ هل تشك بي يا سالفو؟ انا شريكك وصديقك المقرب.
سالفو : ابداً يا شريكي ولكنه اجراء احترازي. انا ايضاً اغلقت هاتفي واخرجت البطاقة منه. والآن ساخبرك ماذا سيحصل: سوف يقومون باختطاف زوجتي وابنتي كي يساومونا عليها فهذا هو ديدانهم. ثانياً سيتصلون برئيسنا الكابتن كارتر وسوف يعلمنا هو بنفسه بذلك.
دوك : وماذا لو عذبوهما؟
سالفو : انهم اذكى من ذلك، لا تقلق يا دوك. هم على يقين، إن عذبوا زوجتي وابنتي ديانا فنحن بدورنا سنعذب جيوفاني، لا تقلق. هذه هي قواعد اللعبة.
دوك : اتمنى ذلك.
سالفو : ساخرج انا الآن. ارديك ان تبقى هنا وتراقب الكلب جيوفاني ولا يغفل عن عينك ولا للحظة واحدة. لا تغادر المكان مهما حصل.
دوك : وماذا عن الطعام؟ وباقي المستلزمات؟
سالفو : ساتولى ذلك بنفسي، كن مطمئناً.
بمزرعة الخيل بمنطقة تبعد 100 ميل عن قلب نيويورك
اوقف دينو السيارة وهبط منها انجلو زعيم عصابة المافيا ثم تبعه دينو ومايك ودخلا احدى المباني بالمزرعة فشاهدا كات وابنتها ديانا مكبلين بالحبال على الكراسي وافواههم مكممة. وقف بجانبهما الرجلان الذان احضراهما الى المزرعة. امر انجلو قائلاً،
انجلو : يا اغبياء ارجعا انتما الى المنزل، لقد انتهى دوركما.
نظر الى مايك وقال،
انجلو : فك اللثام عن المرأة وابنتها يا مايك.
قام مايك الرجل الستيني المسن بفك اللثام عن كات وازاله من فمها فصارت تحرك فمها وتمرنه كي يرجع الى حالته الطبيعية. نظرت كات الى رئيس العصابة وقالت،
كات : هل تعتقدون ان زوجي سينصاع لمطالبكم ويسلمكم ذلك الكلب اللقيط يا انجلو؟
انجلو : حاسبي على لسانك يا امرأة فانت تتطاولين على ابني الوحيد. يبدو ان رئيس القبيلة لم يعلمك الادب ايتها الهندية الوقحة. اتمنى لو استطيع ان اخرج الجنرال كاستر من قبره كي يعلمك الادب.
كات : لقد تعلمت الادب جيداً يا انجلو، ولكن مع الناس الذين يستحقونه فقط. انت شخص عنصري وضيع ولولا ذلك لما كنت تشيد برجل ساقط مثل الجنرال كاستر الذي حرق مخيمات اصحاب الارض الاصليين ودمر كل شيء لديهم وقتل ما يقرب من 6000 منهم بيوم واحد كانوا بين اطفال ونساء وشيوخ. انا سعيدة لان زوجي الصقر الابيض سيحلق عالياً بالسماء وسيقصفكم جميعاً ايها مجرمين.
ضحك عليها انجلو وطلب من مساعده دينو ان يحضر لهم الطعام فخرج دينو واختفى بسيارته ليلبي اوامر انجلو. دنى انجلو منها وقال،
انجلو : اخبريني يا كات، هل اعجبكم المكان هنا؟
كات : انت تستهزئ بي لا محال. الا تعرف ان ابنتي مريضة وتحتاج لعناية خاصة بينما سنبقى هنا بالبرد الشديد وليس لدينا اغطية. هل تسمي تلك معاملة حسنة؟ يا لك من انسان شرير منحط.
انجلو : لا تقلقي يا كات ساطلب من مايك ان يعطيكِ اغطية كافية وسوف نحضر لكِ طبيباً كي يعالج ابنتك. هل رضيتِ عنا؟
كات : دعنا نرى إن كنت ستصدق القول.
تجول انجلو بالمبنى قليلاً ثم اخرج سيجارة من نوع هافانا وصار يدخنها وينظر بكل فخر من نافذة المبنى يطالع بعض الخيول في حضائرها فهو يعشقها منذ الصغر. وبعد نصف ساعة وقفت سيارة بالخارج ونزل منها دينو حاملاً معه كيساً ورقياً كبيراً عليه علامة مكدونالد الصفراء ودخل به المبنى.
انجلو : لماذا تأخرت يا دينو؟
دينو : المطعم بعيد سيدي انه بمدينة ليك سيتي وقد وجدت هناك صيدلية اشتريت منها الادوية لعلاج الطفلة.
رفع انجلو يده وصفع مساعده دينو صفعة قوية وقال له،
انجلو : اغلق فمك يا احمق، الم اطلب منك عدم البوح باسم المدينة؟
دينو : انا آسف سيدي، انها زلة لسان.
اعطى الطعام والدواء لكات فسأل دينو،
دينو : الا تناولت شيئاً يا سيدي؟
انجلو : كم انت اخرق. الا تعلم انني اعاني من السكر وقد منعني الطبيب من كل اطعمة القمامة هذه؟ هيا ايها الاحمق اتني بطعامي الخاص من السيارة.
دينو : اكرر اعتذاري سيدي، ساحضر لك طعامك.
بعد ان انتهى الجميع من تناول الطعام قرب انجلو من كات وقال لها،
انجلو : ساخبر مايك عدم تكميمكما من الآن فصاعداً وعدم ربطكما بالحبال فانتما لا تستطيعان الهرب لاي مكان. لاننا بمنطقة نائية.
كات : وهل تنتظر مني ان اقول شكراً؟
خرج انجلو بعد ان صادر هاتف مايك الذكي واستبدله بهاتف قديم يصلح فقط للمكالمات الهاتفية ثم ركب السيارة مع دينو فودعهما مايك وعاد الى المبنى. نظر الى كات وديانا وقال،
مايك : بامكانكما التجول بشكل عادي هنا ولكن اياكما الخروج خارج المبنى مفهوم؟
اومأت كات برأسها دلالة على الموافقة وصارت تعتني بابنتها وتسقيها الدواء وتتحدث معها فسألت،
ديانا : متى سنعود لبيتنا يا امي؟
كات : قريباً يا حبيبتي.
ديانا : هل سيأتي ابي لينقذنا من ايدي الرجال الاشرار؟
كات : بالطبع يا ديانا، هو بطل وسوف يقضي عليهم جميعاً. لا تقلقي. والآن اريدك ان تنامي وسوف تحلمين بابوك.
ديانا : انها الساعة السادسة يا امي. ولا زالت السماء مضيئة. فكيف تريديني ان انام؟
كات : اعلم ذلك لكنكِ مريضة وتحتاجين للراحة يا عمري.
امتثلت ديانا لطلب امها فاستسلمت لنوم عميق فور سقوط رأسها على المخدة. باليوم التالي استيقظ مايك مع الساعة السابعة صباحاً. توجه مباشرة الى الحمام وقضى حاجته هناك ثم دخل المطبخ كي يعد الطعام لكنه قرر ان يتفقد الرهائن قبل ان يبدأ باعداد وجبة الافطار. فتح الباب فوجد الطفلة ديانا نائمة بمفردها على السرير. سأل نفسه اين ذهبت الام؟ ربما دخلت الحمام. لكنه تذكر انه هو الذي كان بالحمام للتو لذلك يجب عليه ان يتأكد ربما دخلت الحمام عندما دخل المطبخ. طرق باب الحمام فلم يسمع الجواب نادى من وراء الباب وقال، "هل انت بالحمام يا كات؟". الا انه لم يسمع الجواب. فكر قليلاً ثم قال، "ربما وقع لها مكروه او هي مغمى عليها! يا الهي يجب علي ان افتح باب الحمام وانقذها". فتح الباب فلم يجدها هناك. "اين يمكن ان تكون يا ترى؟ لا مستحيل، هذا لا يمكن، هل تكون قد هربت؟ يا الهي ماذا سافعل؟. يجب ان اعثر عليها فوراً". رجع الى غرفته وارتدى ملابسه على عجالة ثم خرج من المبنى وصار ينظر الى كل الطرق الرملية. قرر ان يتخذ احدى الاتجاهات ويبحث فيها عله يعثر عليها. بقي يسير لاكثر من ربع ساعة يجرجر اقدامه ويعاني من التعب والآلام من جراء ستة عقود عاشها جسده بالسهر والشرب المفرط ولعب القمار ومعاشرة العاهرات. صار يتحدث الى نفسه ويندب حظه قائلاً، "سيقتلني انجلو لا محال. لقد اخبرني انه سيقطع عنقي ويرمي رأسي للكلاب. كلا، كلا قال انه سيقطع سيقاني واقدامي ويرميها للضباع. اوه...لا اذكر ماذا قال ابن الزانية. المهم انه سيقطعني ارباً بعد ان يعذبني. كيف استطعت ان انام دون ان اكبلها بالحبال؟ كم انا غبي اجذب، اهبل، احمق. انا حقاً لا استحق الحياة. لقد استامنني المعلم ولم اصون الامانة. كم انا جاهل!". بقي يسير بهذا الاتجاه لمدة عشر دقائق اخرى حتى لمح شيئاً من بعيد. كلما اقترب من ذلك الشيء كلما ترائى له جسد كات الرشيق وهيئتها وهي منحنية نحو الارض. "اتمنى ان تكون هي. ارجوك يا ربي دعها تكون تلك الهندية اللعينة. اعدك ان لا اعمل عملاً سيئاً بحياتي من الآن فصاعداً. سوف لن اعذب احد ابداً. فقط ساقتلهم وامتنع عن تعذيبهم مهما طُلِبَ مني. إلا اذا طلبها مني المعلم الكبير فسوف انفذ على مضض. اعدك يا ربي على مضض وليس رغبةً مني". ولما اصبحت على مرمى حجر منه تبين له انها فعلاً كات منحنية نحو الارض. دنى منها وقال،
مايك : ماذا تفعلين هنا يا كات؟ لقد افزعتني جداً.
كات : هل ظننت اني سأهرب؟ هاهاها. كيف اهرب وابنتي راقدة بالسرير؟ هل جننت؟
مايك : ماذا تفعلين هنا إذاً يا امرأة؟
كات : اردت ان اعد للجميع وجبة الافطار فلم اجد بالمطبخ الكثير من المواد. لذلك جئت الى هنا لاجمع مستلزمات الافطار. وكذلك اردت ان اجلب بعض الاعشاب الطبية كي اعالج بها ابنتي ديانا لان زعيمكم سوف لن يبعث بطبيب.
مايك : هاهاها وهل تعتقدين ان الغابة هي (سوپرماركت وصيدلية)؟
كات : اجل يا مايك، انها ملئى بالمواد الغذائية، والفرق انها مجانية. انا اجمع الاعشاب والخضار والفطر وقد لقيت بيض الحمام ايضاً. سوف اعد لكم وجبة تعلمتها. ولقيت عشبة (الزارو) وهي ممتازة لعلاج الحمى.
مايك : هل قرأت الوصفة باحدى مواقع الانترنيت؟
كات : كلا، انها وجبة قديمة وشهيرة للامريكيون الاصليون. كانت قبائل الشيروكي تعدها. انا تعلمتها من امي.
مايك : هل ستضرمين النار ثم ترقصين وتهللين حولها قبل ان تجهزيها؟ هاهاها
كات : كم ان دمك خفيف. توقف عن الثرثرة وساعدني بحمل الاعشاب هيا.
رفع مايك حزمة كبيرة من الاعشاب ورجع مع كات الى المبنى ثم ادخلها مباشرة الى المطبخ فسألته،
كات : هل لديك سكين؟
مايك : اجل ولكن... اقصد... انت...آآآآآ...
كات : لا تخف يا مايك. انا سوف لن اطعنك بها. اردت فقط ان اعد وجبة الافطار. هيا ناولني السكين لا تخف.
اخرج سكين سويسري احمر من جيبه متردداً ومدها لها فبدأت تقطع الاعشاب وتعدها. رجع مايك الى الصالة وجلس ينتظر وهو يفكر، "ربما اعدت لي وجبة كي تسممني بها حتى تستطيع ان تهرب مع ابنتها. او ربما ستخدرني ثم تطعنني بذلك السكين. اوه... كم انا جبان، لماذا افكر بهذه الطريقة؟ المسكينة خرجت باكراً لتجمع الاعشاب وانا ظننت انها هربت." وبينما هو غارق بشكوكه وافكاره السوداء دخلت كات حاملة معها طبقاً شهياً وخبزاً خبزته لهم من الاعشاب ثم وضعته على الطاولة وقالت،
كات : لا تبدأ الطعام بعد، دعني اجلب ديانا من الغرفة.
مايك : هيا استعجلي فانا لم اعد احتمل الروائح. يا الهي انت طباخة ماهرة.
ذهبت كات الى غرفة النوم واحضرت معها ابنتها ديانا. ولما نظرت الطفلة للوجبة صرخت واقالت،
ديانا : يا سلام، (پاشا پاشا). لقد اشتقت لهذه الوجبة يا امي. شكراً لك.
مدت يدها واخذت قطعة خبز ثم اغرقتها بالپاشا پاشا ووضعتها في فمها. وقتها اطمأن مايك بان الطعام غير مسموم والا لما سمحت للطفلة ان تأكل منه. تذوق الطعام بنفسه فوجده لذيذ جداً. جلست معهم كات وصارت تأكل منه هي ايضاً. بعد ان فرغ الجميع من الطعام تطوع مايك وقال،
مايك : ساقوم انا بغسل الصحون.
كات : هذا لا يجوز ابداً. ففي تقاليد الشيروكي، المرأة هي المسؤولة عن الطعام من الالف الى الياء. اجلس انت وانا ساهتم بالصحون.
حملت آخر قطعة من الصحون وذهبت بها الى المطبخ بينما جلس مايك يلعب مع الطفلة ديانا. وفجأة تذكر السكين. ركض الى المطبخ وقال،
مايك : اعطني السكين الآن فوراً يا كات. هيا.
نظرت بعينه وبوجهها ابتسامة عتاب وقالت،
كات : ستجدها على طاولة الطعام. يبدو انك لازلت لا تثق بي.
مايك : انا اعتذر منك يا كات. سوف لن يصدر مني شيء من هذا القبيل مستقبلاً، انا اعدك بذلك.
بقي هذا الروتين لعدة ايام حتى اصبح مايك يحب اسراه ويحترمهم كثيراً. كانت كات تأمره ليقوم بعمل بعض المهام كقطع الاخشاب وجلبها للمبنى كي يشعلوها بالليل. كان مايك يطيع اوامرها ولا يخالفها ابداً. وكلما اتصل جيوفاني رئيس العصابة كي يستفسر عن الامور كان مايك يخبره بان كل شيء على مايرام. وفي يوم من الايام كان مايك يجمع الاعشاب التي اوصته عليها كات. شعر بالم شديد بساقه. نظر الى الاسفل فشاهد ثعبان قد لدغه للتو. اخرج مسدسه وقتله بمسدسه. ثم سقط على الارض مغشياً عليه. بعد فترة من الزمن فتح عينيه فوجد نفسه بداخل المبنى وكات وابنتها بجانبه. سأل مايك،
مايك : ماذا حصل؟
كات : لقد سمعت صوت اطلاقة مسدسك فجئت اليك وارجعتك الى المبنى وعالجت ساقك من لدغة الثعبان بالاعشاب البرية.
مايك : اشكرك يا كات. لولاك لمت الآن.
ديانا : كيف تموت وامي شاطرة بطب الاعشاب. لقد عالجتك من اللدغة وعالجتني انا قبلك من الحمى. تعلمت منها كل مهاراتها.
مايك : امك فعلاً انسانة مميزة. شكراً لك يا كات.
كات : ولكن هل تأذن لي بسؤال يحيرني كثيراً. لماذا تدع انجلو يتنمر عليك دائماّ.
مايك : ليس لدي خيار آخر يا كات. إن لم اطعه فسوف يقتلني بدون ان يرمش له طرف. ولكن انا جداً ممتن لمساعدتك وسوف ارد لك احسانك بكل حب واحترام سيدتي.

   

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

586 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع