مشاهير ماتوا على أرض الرافدين :الكولونيل جيرارد أفيلين ليتشمان

                                           

                          قاسم محمد داود

         

 مشاهير ماتوا على ارض الرافدين :الكولونيل  جيرارد أفيلين ليتشمان

 

كتبت جريدة  بغداد تايمز خبراً جاء فيه " ننعى بكل اسف وفاة اللفتنانت كولونيل جيرارد لجمن  من الآي سوسيكس الملكي الملحق بالأدارة الملكية في العراق .المتوفي في خان النقطة في 12 آب 1920 وعمره /40 /سنه "
كانت النهاية للضابط المغامر ليتشمان (لجمن ) او نجيمان كما كان يسميه العراقيين ،الذي ولد في 27 تموز 1880 في بيترسفيلد ،هامبشاير جنوب إنكلترا.
ما بين ولادته ومقتله كانت هناك حياة حافلة وصعبة اختارها لجمن عن قناعة تامة وقد اخلص لاختياره لاقصى الحدود ، كان في شبابه محباً للحشرات والفراشات والطيور ومال الى الموسيقى ،ترك خلفه كل هذا الشغف وذهب بأتجاه حب آخر كان يميل اليه منذ صباه وكان سببا في فشله في معظم المدارس التي ذهب اليها .
لهذا حزم امره والتحق بالكلية العسكرية الملكية (ساند هيرست )وفيها تذوق لأول مرة طعم النجاح ،فقد أجتاز سنوات الدراسة بتفوق لفت انظار اساتذته .تخرج جيرارد لتشمان من كلية ساند هيرست في التاسعة عشره من عمره والتحق بفوج سوسيكس الملكي برتبة ملازم ثاني وفوج المشاة هذا هو فوج المغامرين الذي يتفق مع طبيعة لجمن الذي وجد في هذا الفوج مايريد .
بعد سنوات من عمله في الفوج المذكور اختار ان يسافر الى المستعمرات البريطانية مع صفاته التي قلما تتوفر في ضابط بمثل سنه .
في التأبين الذي نشرته وزارة الحرب البريطانية بعد مصرعه قالت ماترجمته : (لجمن رجل اقوى من الصعاب .وهو يستطيع السفر والعيش دون الحاجة لاية وسيلة حديثة للراحة .وانه كان معتداً بثقافته الاوربية . وانه كان على قدرة كبيرة لمشاركة القبائل العربية مشاركة وجدانية وثقافية واجتماعية .والعيش على الطريقة العربية الصرفة بالرغم من تمسكه بفكره الأوربي الخالص . )
في 10 شباط سنة 1900 غادر ميناء ساوثمبتون البريطاني الى جنوب افريقيا حيث شارك هناك في حرب (البوير ) وهي حرب امتدت من تشرين الأول 1889م لغاية مايس 1902م بين بريطانيا وجمهوريتي البوير (جنوب افريقيا ) حاليا و(الترانسفال )وأنتهت بأنتصار الجيش البريطاني ،عاد الى بلاده بعد سنتين ونصف   بعد ان خضع هناك لتدريب قاسي على حياة الجندية الشاقة وفنون الرمي وركوب الخيل ، وفي سنة 1903م التحق بفوجه في مدينة سيتا بور في منطقة البنغال .ومن ثم رحل الى التبت سنة 1905 م من اجل تثبيت المصالح البريطانية هناك .
في 1907 م غادر الهند الى البحرين ليبدأ تجربته العربية مع العرب. من البحرين ابحر لجمن الى المحمرة ومن ثم الى البصرة ومكث فيها مدة درس فيها اللغة العربية واستطلع أحوال العرب والقبائل العربية ودرس أحوال العراق السياسية والاجتماعية والاقتصادية وبعد استكمال ما أراد سافر الى بغداد عن طريق نهر دجلة .
في بغداد سكن في بيت سائح هندي(هذا ما تقوله الوثائق)وقد يكون هذا السائح جاسوس يعمل لصالح الحكومة البريطانية التي تحكم بلاده .زار لجمن معظم المدن العراقية مثل : الفلوجة وهيت والرمادي وكربلاء والنجف والموصل .
وفي عام 1909م كان ليجمن ضمن اول بعثة استكشافية في جنوب الجزيرة العربية حيث وجد نفسه متورطاً في معركة  قرب مدينة حائل  بين قبائل شمر من جهة وقبائل عنزّه من جهة أخرى .بعدها حصل على ميدالية (ما غريغور ) التذكارية للاستطلاع عام 1910م ، وبعدها وفي عام 1912 م قام لجمن بحملة ثانية بهدف عبور صحراء الربع الخالي لكنه رفض من قبل ابن سعود عند وصوله الى الرياض وبدلاً من ذلك ذهب الى الاحساء .
اشترك لجمن في كل المعارك التي نشبت بين القوات البريطانية والعثمانية التي جرت في العراق  اثناء الحرب العالمية الاولى  وكاد ان يفقد حياته في معركة سلمان باك ،استطاع في كانون الثاني 1915 عندما كانت القوات البريطانية تحت الحصار العثماني في مدينة الكوت ان ينقذ وحدة الفرسان البريطانية ويهرب بها جنوباً . بعد الحرب عُينَ الحاكم العسكري الأول لكردستان ،بعد ذلك  في 4 مايس 1917م  اصبح لجمن الحاكم السياسي للبادية الغربية .التي تشمل ماكان يعرف بلواء الدليم .
الثاني عشر من آب عام 1920م ،جنوب مدينة الفلوجة وعلى الطريق الواصل بين بغداد والفلوجة كان الموت بأنتظار جيرارد افيلين ليتشمان ،في البناء القديم الذي كان محطة استراحة للقوافل القادمة من مدن الفرات الى بغداد واستخدم مخفراً للشرطة  والذي يسمى (خان النقطة) وسوف يسمى فيما بعد ب(خان ضاري)  حيث كان هناك موعد لقاء بين لجمن حاكم لواء الدليم  (الانبارالآن)السياسي والشيخ ضارى المحمود شيخ قبيلة زوبع التي تسكن المنطقة.
وصل الشيخ برفقة أولاده خميس وسليمان و21 رجل مسلح.  لم يكن والكولونيل موجوداً  في المخفر وعند حضوره ومقابلة الشيخ لم يكن يعلم عن المرافقين له اذ كانوا يجلسون في مكان آخر من الخان ،احتدم النقاش بين الضابط المغامر والشيخ المعتز بمكانته ،اهان لجمن الشيخ ضاري بكلمات نابية وشديدة الهبت الحمية عند الشيخ الذي خرج من المخفر واستنجد بولداه الذين ما ان دخلوا المخفرحتى  وجهوا بنادقهم الى رأس الكولونيل لجمن واردوه قتيلاً ثم اجهز عليه الشيخ بسيفه وعند محاولة المرافق المقاومة قتلوه أيضاً .
في نفس المكان الذي دفن فيه الجنرال ستانلي مود (مقبرة الجيش البريطاني )في منطقة باب المعظم في بغداد يرقد الكولونيل جيرارد ليجمن وتضيع معالم قبره بعد ان خُربت المقبرة بعد دخول محتل آخر الى بغداد ولم يترك خلفه قبوراً لقتلاه كما فعل الاسلاف من الغزاة والمحتلين .

 

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

522 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع