أمور استوقفتني

                                   

يرى المقربون مني أنني منشغلة أكثر من اللازم بما يجري على الساحة المصرية من أحداث، وأنني لا أعطي اهتماماً كافياً في مقالاتي لما يجري من انتهاكات في بلادي، وعلى الأخص فيما يتعلّق بملف المرأة وملفات الفساد المالي والإداري.

كتبتُ كثيراً عن أوضاع المرأة في الداخل، وطالبتُ بسن قوانين تحفظ حقوقها المدنية. وهاجمتُ الفساد المتفشّي في دوائرنا الحكومية، ودعوت إلى وجوب التصدّي له من خلال تطبيق قوانين حازمة، ومساءلة المسؤولين المتورطين في هذا النوع من القضايا. إضافة إلى رواياتي التي تكاد لا تخلو واحدة منها عن تصوير ما يجري في مجتمعي من خلف الأستار!

مقالاتي الأخيرة التي يدور محتواها حول ثورات "الربيع العربي" وتبعاته، كان لمصر النصيب الأكبر منها، وهذا يعود كما ذكرتُ سابقاً إلى مكانة مصر التاريخية، ولإيماني المطلق بأن نجاح ثورة مصر ستكون لها آثار إيجابية على المجتمعات العربية الأخرى، وفشلها سيترك آثاراً مدمرة عليها، وهذا القول لم يأتِ من فراغ فالجميع يُدرك هذا وإن لم يُصرّح به جهاراً!

كانت قد استوقفتني في الأيام الماضية، التغريدة التي أطلقها الداعية السعودي (سلمان العودة) والتي أثارت الكثير من الجدل. وتتضمن العبارة "موفق ومُعان أيها الرئيس، وأرجو أن يكون الله بعث معك ملكاً يُسددك". وحقيقة لا أعرف إن كانت عبارة «العودة» تغمز على أن معارضي الرئيس مرسي يُعتبرون من الفئة الباغية التي يجب محاربتها كما أفتى بذلك مؤخراً أحد الشيوخ السلفيين في مصر، أم أنه أراد أن يُعبّر دون قصد عن تأييده لخطوات الرجل!

الأمر الآخر الذي استوقفني وأثار حفيظتي، دعوة عدد من الدعاة السلفيين المصريين إلى استنساخ التجربة السعودية، بإقامة هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على أرض مصر بحجة حماية المجتمع من الانفلات الأمني والأخلاقي الذي شاع بعد ثورة 25 يناير نتيجة الانقسامات والخلافات السياسية الحادة. هذا الأمر دفع مؤسسة الأزهر إلى إعلان رفضها القاطع لذلك على أساس أن لا مرجعية في مصر إلا للأزهر الشريف، وأن الدعوة لإنشاء هذه الهيئة يُعتبر تعدياً على مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية.

من المعروف أن هذه الهيئة تأسست منذ فجر تاريخ الدولة الإسلامية لمراقبة الأسواق من الغش والتدليس، ولم يكن من صميم عملها التضييق على حريات الناس كما يجري اليوم! لذا من يعتقد بأن مصر من الممكن أن تتحوّل إلى دولة دينية، فهو مخطئ وساذج فكريّاً! ولن يفلح أي حزب أو جماعة مهما بلغت قوتها من إلغاء تاريخ دولة ذات حضارة عريقة ممتدة لسبعة آلاف سنة بجرّة قلم!

مصر دولة ذات أغلبية مسلمة، لكن المجتمع المصري معروف بتلاحمه مع كافة طوائفه، ولم يتعوّد على أن يضبط أحد تصرفاته أو يترصّد خطواته باسم الدين! والمرأة المصرية لن تقف صامتة أمام ما يجري حولها من دسائس لسلبها حقوقها التي نجحت في تحقيقها إلى أن وصلت لقبة البرلمان. والجميع يعلم أدوارها البطولية في دحر المحتلين عن بلادها منذ حملة نابليون بونابرت إلى خروج الإنجليز من مصر. وستقف بالمرصاد لكل من يُحاول لجمها وإعادتها لعصور "الحرملك"!

التاريخ لا يمكن أن يعود للوراء أبداً مهما اتسعت أحلام الدعاة المتطرفين في تحويل أوطاننا إلى بؤر من التطرف الفكري! ولن تنجح الأحزاب الدينية في استغلال الدين لبرمجة الناس على قوائم الحلال والحرام! المجتمعات العربية فلت عيارها واستيقظت من سباتها وأدركت أنها لم تعد بحاجة لوصي شرعي يتحكّم في مقدراتها الحياتية بعد أن تجاوزت مرحلة المراهقة وتحررت من السجن السلطوي!
 

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

744 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع