قصة مقام اللامي

د.رعد العنبكي

في مؤتمر الموسيقى العربي الثاني والمنعقد في بغداد تشرين الثاني عام (1964) تم اضافة مقام اللامي
الى قائمة المقامات العراقية واعتبر من ابتكارات الاستاذ المرحوم محمد القبنجي ( 1901-1988)
ولمعرفة القصة الحقيقة لنشوء وايجاد ذلك المقام ( اللامي) علينا الرجوع الى اوليات القصة :
ففي اعقاب مؤتمر الموسيقى والغناء العربي الذي انعقد في القاهرة – مصر – عام (1932)
استلم الاستاذ المرحوم قارئ المقام محمد القبنجي دعوة من شركة التسجيل الالمانية للمجيئ الى المانيا
لتسجيل بعضا من المقامات العراقية على اسطوانات ( الكرامافون ) ولم يلبي تلك الدعوة في بادئ الامر
وذلك لمرض والده واخيرا قبل الدعوة على امل ان سفرته لاتستغرق طويلا  ولكن بعد وصوله اقتضت
ارادة الله ومشيته ان توفي والده بعد يومين من وصوله الى المانيا !!؟
فكان ذلك الخبر المحزن قد اصابه بصدمة عنيفة ادت به الى شبه غيبوبة فاخذ يصرخ بصوت عال
وينعي ويولول بهذه الكلمات :
اويلاه اولي اويلي يابه يابه !؟
علام الدهر شتتنا وطرنه * * * ليالي اللي مضت ماتعود لي
علام الدهر شتتنا وطرنا * * * عكب ذاك الغرب مالهم وصرنا
وهي اعبوذية رائعة وقد لاحظ عدم مشاركة جوق العازفين معه فاستغرب من ذلك وسالهم عن السبب ؟
فاجابوه بان هذا النوع من المقام اللحني لسنا نعرفه ولم نسمعه سابقا ولم نتدرب عليه فكيف بنا نعزفه
وقال احدهم : يتراءى لنا ياستاذ انك ابتكرت لحنا جديدا !!
فاجابهم المرحوم محمد القبنجي ( ابو قاسم) : اذا كان الامر كذلك دعوني اختار له اسما !!؟
وبما ان المفردات التي وردت في الغناء دالة على النعي والملامة فلا باس ان اسميه :
مقام اللامي
وقد غنى مطرب العراق الاول الاستاذ محمد القبنجي هذا المقام في الاذاعة العراقية بعد افتتاحها عام
(1936)
انتشار المقام في العراق والوطن العربي
فلقد غنى المرحوم ناظم الغزالي هذه الاغنية على لحن مقام اللامي ( والذي يعطي طابعا لحنيا محببا للنفوس:
اقول وقد ناحت بقربي حمامة * * * ايا جارتا ما انصف الدهر بيننا
تعالي تعالي اقاسمك الهموم تعالي
لقد كنت اولى منك بالدمع مقلة * * * ولا خطرت منك الهموم ببالي
ايضحك ماسور وتبكي طليقة * * * ويسكت محزون ويندم سالي
وكذلك غنى المرحوم الغزالي :
قل للمليحة في الخمار الاسود * * * ماذا فعلت بزاهد متعبد
قد كان شمر للصلاة ثيابه * * * حتى خطرت له بباب المسجد
ردي عليه صلاته وصيامه * * * لا تقتليه بحق ديني محمد
ولقد غنى الاستاذ محمد عبد الوهاب اغنية جبل التوباذ – واغنية يلي زرعتوا البرتقال
وهما من نغم مقام اللامي
وغنى الهام المدفعي اغنية ( اشقر بشامة) وكذلك غنى المرحوم فؤاد سالم اغنية
( انا ياطير ) على نغم مقام اللامي
ويعتبر مقام اللامي شكلا من اشكال الحزن وهو ذو طبيعة رومانسية حزينة
والسلم الموسيقي ( النوتات ) هي :
(ري) (مي بيمول) (فا) ( صول ) ( لابيمول) (سي بيمول) (دو) (ري)
ملاحظة :وقصة اغنية ( قل للمليحة في الخمار الاسود ) !!؟ وهي:
تعود الى الشاعر الملقب  (مسكين الدرامي ) واسمه هو( ربيعة بن عامر)
حيث قدم اليه تاجر وهو صديق له يحمل خمرا اشتراها من العراق  والخمرهو(مايغطى به الوجه )
فشكى له حاله من انه قد باع جميع الخمر ماعدى الخمر السوداء لم يستطع اقناع النساء بشرائها
وكان الشاعر ( الدرامي ) مشهورا بشعره الغزلي وكذلك الهجاء وقد انقطع للعبادة زاهدا في الدنيا
فنظم (صاغ) له ثلاثة ابيات وهي ( قل للمليحة - - - ) فذاع خبر الدرامي بانه قد رجع عن زهده
وعشق صاحبة الخمار الاسود فلم تبقى في المدينة مليحة ولا غير مليحة الا اشترت لها خمار اسود
فباع التاجر مالديه من خمر سوداء وعاد شاعرنا ( الدرامي ) الى عبادته
وبهذا اكتفي اعزائي الكرام – ولكم مني اجمل المنى
اخوكم المخلص
الدكتور
رعد العنبكي

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

976 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع