العيد ....

                                                

                             زاهدة عبدالرزاق

سُمّى العيد عيدا لأنه يعود علينا ويتكرر... فلنبتهج جميعا بالعيد.

يمر العراق بظروف صعبة ليست جديدة علينا، فنحن الجيل الذي ولد بعد الحرب العالمية الثانية مررنا بظروف صعبة من ويلات حروب وانقلابات  وثورات وفيضانات وكذلك مرّ اجدادنا بظروف اسوأ بعد الحرب العالمية الاولى  ومجاعاتها. لكن عجلة الحياة لم تتوقف  واستمرت الأعياد تأتي بوقتها من كل سنة... فالعيد جزء من الزمن لنسيان الهموم والتمتع بايامه المعدودة قدر المستطاع . كما ان العيد ليس حكرا على الاغنياء دون الفقراء.... بالتأكيد لا ...ففي النهاية ، ورغم غنى الاغنياء  وفقر الفقراء،  فمحصولهم النهائي من السعادة  والشقاء الدنيوي  متقارب مع ما يبدو في الظاهر من الفوارق . ففي ايامنا الجميلة عندما كنا صغارا كان العيد اكثر جمالا وبساطة رغم فقر الحال. كانت العوائل تنتظره بفارغ الصبر   للاستمتاع بطقوس العيد وبالرغم من ان بعض الجيوب فارغة من النقود لكن القلوب كانت ممتلئة بالقناعة وكان الفقراء يعيشون فرحة تشابه تلك التي يعيشها الاغنياء حيث لا يوجد عيد بدون كليجة ... فالأساس كله واحد طحين وسمن وتمر وجوز او جوز هند وهيل ودارسين وتنور والذي اسغنى عنه بالفرن الحجري ثم ، لاحقا،  فرن الطباخ الصغير الذي قضى على بهجة لمّة الجيران للمساعدة باعدادها وتقلصت الزيارات....  فالعيد  فرصة للصغار ليفرحوا بملابسهم الجديدة  وليشعروا بفرح ابويهم مشاركين لهم فرحتهم بالعيد وكليجة العيد .

 عشت اكثر من نصف عمري بالغربة شرقا وغربا ومررت باشكال الظروف ولم يمر عيد  لم اجهز له بعمل الكليجةوالتي اعتبرها   افضل من اي حلوى اخرى بالعالم  .  فهي وبغربتي تقرب صورة بلدي واهلي واصدقائي... وفرحتي بالعيد علّمتها لبناتي ولزوجات اولادي  . ومنذ السبعينيات وفي اي بلد عشت أُقدم  طبق كليجة عراقية كهدية في العيد و يحبونها كثيرا اضافة الى عروق مصلاوي والتي  يسمونوها  ايراكي باي.

والآن .... يااولادي ويا اخواني لاتتصوروا  الغربة كلها كمرة وضوية .....فالغربة حرمان من الاهل  والاقارب والجيران والمنا سبات المختلفة   واللّمة .... فالعيد لمّة  لا يحس المرء بمرارة فقدانها  الا عندما  يفقد ها ...والحمد لله على كل حال.

من ذكريات العيد في نهاية الخمسينات كان جيراننا في الفيصلية حاج نوري الصواف رحمه الله رجل ميسور الحال يملك خانا كبيرا مقابل بيته . وطوال السنة كانت زوجته  تحلب البقرة وتعمل لبن وفي الصباح يرسلونه الى الجيران بدون استثناء واما في ايام عيد الاضحى المبارك فكان الحاج نوري يُضحّي  كل يوم بقرة 4 ايام العيد  ويوزعها على الجيران والأهل والفقراء وكل من يقصده....

هل يعقل ان لا يوجد بهذا الزمان احد مثله؟

وبنفسس الوقت جاورنا حاج كريم خان اغا  وهو كردي من شمال العراق. واذكر انه  ذهب للحج مع عائلته  وعند العودة وزعوا للجيران على السواء كل بيت صينية مملوئة بهدايا متنوعة من الحج  وكما جرت العادة يُهدى للجيران مسبحة للرجل وغطاء ابيض للرأس.... فهل يعقل  ان لايوجد في العراق احد اخر مثله؟

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1274 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع