النساء.. ومحنة الحفاظ على الشرف!

                                            

لعمري، اننا مجتمعات عربية، تعيش ازمة اخلاقية تتصاعد بوطأة معيار اخلاقي متعسف فتكون المرأة فيه دوما ضحية وقربانا سهل التداول.

تسجل مجتمعاتنا، عالميا اعلى رقم لضحايا جرائم الشرف، جرائم، تتستر خلفها آلاف التهم الخادعة، فيما يبقى عنوانها المبارك: القتل غسلا للعار وثأرا للشرف. وسيكف الجميع بحثهم عن حقيقة ما خلف العنوان الخديعة، مكتفين بأنه: لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى، حتى تراق على جوانبه الدم! والدم المسال، هو للأنثى الضحية، ويبقى جلادها حرا ناصع الكف!
حسنا، ماذا عن شريكها؟ لا احد يفكر مطلقا بأن ما يوصف بأنه جريمة اخلاقية، لها طرفان، رجل وامراة.. فلماذا يغفل العقاب احدهما ليدفع الطرف الأضعف، كامل استحقاق عقوبته.
نحن نربي بناتنا للحفاظ على شرفهن حتى لو قضين نحبهن لقاء هذا الدفاع، فهناك جانب آخر من الصورة، لنتساءل عن مصير من تقتل المعتدي حفاظا على عفتها؟ ماذا ستكون عقوبتها حين تقتل مغتصبها؟
وقبل ان تتصاعد للرؤوس حمى الاجابة، سأقص عليكم بسطرين مأساة الفتاة اليمنية، من محافظة “اب” بمديرية الحزم، ففي ليلة 21. 10. 2010 وكان الليل يقارب انتصافه، قامت رجاء الحكمي، بالدفاع عن عرضها الذي كان سيهتكه رجل قطع بمقص حديدي شباك بيتها، حاملا سلاحه الشخصي، وضوء كاشف ليستدل على طريقه بعتمة منتصف الليل ليشبع شهوته منها، مستغلا كبر سن والدها، وخلو البيت الا منها ومن اختيها الاصغر منها بسنوات، فعاجلته رجاء بطلق ناري، كانت تنوي إخافته به لكنه أصابه فأرداه قتيلا في ارض دارها!
وشهدت قريتها على الواقعة، لكن عائلة القتيل المتنفذة رفعت جثة القتيل من البيت ومعه كل ادوات جريمته، ولم تنفع شهادات الشهود ممن حضروا الواقعة فور حصولها، واستغلت عائلة المعتدي نفوذها فسجن الاب 6 اشهر، وادينت رجاء الحكمي بعامين سجن، وعند استئناف الحكم عليها، عدلت محكمة الاستئناف حكمها ليتحول، بدل عامين حبس، الى عقوبة: الاعدام شنقا حتى الموت!!
فالمبدأ اذا ان تقتل المرأة الشرقية سواء حافظت على شرفها، أو فرطت به؟ أليست هذه قسمة ضيزى؟
ولا يقتصر المشهد على ضحية مثل رجاء، فهناك حسب الاحصائيات، آلاف غيرها، ممن وارين الثرى بتهم كنّ ضحاياها، وهي قضايا مسكوت عنها، بسبب عار افتضاحها. فكم من قاصرات ذبحن لسفاح من ذوي القربى هتك عرضهن، فتقتل الضحية لينجو هاتك عرضها!
وكنت شاهد عيان على قصص أكثر مرارة روتها لي سجينات زرتهن بالسجون العراقية ادمين ضميري بدموع قهرهن، يبكين اغتيال اعراضهن على يد جلادي السلطة الحاكمة، ومن باب الاستشهاد فإني سأعتمد تصريحات، النائب عن القائمة العراقية “احمد العلوان” عن طلب تقدمت به مجموعة من النواب العراقيين لرئيس البرلمان العراقي “اسامة النجيفي” بعقد جلسة لبحث قضايا تعرض نزيلات السجون العراقية لاعتداءات جنسية واغتصابات، من قبل محققين وحراس وسجانين استغلوا مناصبهم الوظيفية لارتكاب فضائع إجرامية وهتك عرض!
وحسب موقع “العباسية نيوز” فإن وزير العدل عن حزب الفضيلة “حسن الشمري” منع طلبات مقدمة من قبل منظمات حقوقية، وهيئات إنسانية، ونواب برلمانيين، طالبت بزيارة السجون العراقية للاطلاع على حقيقة الأوضاع التي تتعرض لها نزيلاتها،وعادت تلك الطلبات بهامش وزاري: مرفوض!
لتخضع أعراض السجينات لعبث مزاج الجلادين، وأنياب ذئاب رسمية تنهش بهن تحت بند: اغتصاب رسمي. فمن المجرم هنا؟ وممن ستقتص الضحية لنفسها؟
وتتمة لحكاية واحدة من تلك الضحايا، ولم تكن قد تجاوزت عامها السادس عشر، كانت ترفض إخلاءها من السجن، وحين سألتها عن السبب؟ أجابت: وماذا ينتظرني خارج سجني غير الذبح.. فان براءتي لن تشفع لي مع غشاء بكارة مهتوك!! هذه فتاة لم تستطع ان تدفع عن نفسها مغتصبا باسم السلطة.
لكن رجاء الحكمي دافعت عن عرضها، فقتلت المعتدي قبل ان ينجز جرمه، فهل هي بريئة أم مذنبة؟ وما الذي ينتظر منها ان تفعل، وهي ترى رجلا أقدم بمدلهم ليل، على اقتحام بيتها، ليدخله كلص بعدة قاتل، وشهوة ذئب؟
فهل كان يجدر بها، ان تتركه ليتم غايته ثم تنتظر تعزيرها قتلا غسلا للعار؟
فما الذي تقترحه مجتمعاتنا العربية للمرأة كتصرف للحفاظ على شرفها، ما دامت النتيجة ستبقيها، ضحية منحورة الجيد، سواء فرطت بشرفها او دافعت عنه!!
فيا لفخ الازدواج، فحتى القضاء لم يعد يبصر بالمرأة إلا عورة وجب نحرها!.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1156 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع