ذكريات لاتنسى عن معرض بغداد الدولى

                                     

                             فلاح ميرزا

          

   ذكريات لاتنسى عن معرض بغداد الدولى/القسم الثالث

    

حضور عدد كبير من الاجانب ومن مختلف بقاع الارض لمناسبة المعرض يضع الاجهزة بوضع الاستنفار والترقب وفتح اذانهم وعيونهم للمحافظة عليهم من كل سوء بقصد او بغيره لاسباب كانت اقرب الى الشك وتوقع ذلك وهى انعكاسات النزاع الحدوى الذى وقع بيننا وبين ايران ونزاع وبهذا المستوى قد تكون له امتدادات سلبية يقوم بها ضعاف النفوس, وعمل كهذا يكون تاثيره كبيرا جدا يؤثر على نشاط المعرض وعلى فرحة زائريه , وبالتأكيد فان اى ارباك لهذا النشاط وبهذا الحشد سيكون له من الاسباب التى تستدعى الحذر والخوف والانتباه لكل صغيره وكبيرة قد تتفاجئ بها الاجهزة الامنية التى جمعت ليلها مع نهارها لمسح المناطق المحيطة بالمعرض وتأمينها حفاظا على سلامة العارضين والزائرين واكيد فان حرصا بهذا القدر من الدقة والانتباه سيوفر للعارضين الراحة والامان وبفضل هذا الانتباه والسهر

    

تمكنت دورات المعرض أن تؤدى مهمتها وتخرج بنتائج أشاد بها الجميع فى الداخل والخارج ولقد استحسان الرأي العام العربى والدولى ورغم شدة النزاع بين الطرفين واستخدام للاسلحة الجوية فان نشاط المعرض لم يتوقف بل ان مشاركة الدول والشركات قد ازداد نوعا وكما وهذا مما يؤكد على مشروعية مطالب العراق التى رفضت من قبل ايران, وبخلاف ذلك ولا اثبات حسن النية تجاهها فقد شارك  العراق فى عام 1994 فى معرض طهران الدولى  بجناح ممثلا بمديرعام المعارض , أن الاجواء المتوترة التى عاشتها بغداد فى ضوء التهديدات الايرانية زادته اصرارا وعزما على مشاركة العراق فى المعارض الدولية وجعلت منه ان يشارك بها موظفين وموظفات وخصوصا فى المعارض الاوربية مما يعطى دليلا للاخرين بحضارة العراق وتقدم وعيه الاجتماعى وثقافته الحديثة المتطورة بعكس ماكانت ايران تدعيه عن ثقافة التغير الذى حصل بنظامها  الجديد الذى تزعمه طبقة من رجال الدين , ان تعامل معرض بغداد مع المعارض الدولية قد فتح للعراق افاق جديدة للتعامل مع الدول الافريقية ودول امريكا اللاتينية وازداد من المبادلات التجارية للسلع والخدمات وتأسست بضوئها اللجان المشتركة فيما بينهما, ورغبة من وزارة الصناعة ومؤسسة الصناعات الفنية فقد اتجه العمل على اقامة معارض عسكرية وقبلها زراعيه ولقد استعان الطرفان بخبراء شركة المعارض لتسهيل مهمة اقامة معارض متخصصة بمنتجاتهم الى جانب قيام وزارة الثقافة والاعلام بمعرض الكتاب الدولى .... لقد اظهرت مشاركات الدول الغربية والدول الاشتراكية نوعا من المنافسة فى المعروضات فكل دول من هؤلاء تتعامل بصناعات متشابهة مما قد يولد ذلك منافسة فى تقديم عروضهم للوزارات سيما وان كثير من الدول ترغب فى عقد اجتماعات لجانها المشتركة مع العراق خلال فترة اقامة دورة المعرض وتكون اغلب معروضاتها مطابقة لاحتياجات الوزارات وشركاتها وهذا يعنى ان تلك اللجان لديها الوقت الكافى للتعرف على الاحتياجات المطلوبة لشركاتها دون الحاجة الى السفر الى تلك البلدان اضافة الى الاستفادة من الخبرة التى ستكسبها من المختصين بالمكائن والمعدات الذين سيتولون اعطائهم المعلومات الكافية والتجربة العملية مجانا وبذلك فانهم قد ضربوا عصفورين بحجر واحد الاول الاطلاع على الخبرة الكافية  لطبيعة الاجهزة لكلا النظامين الراسمالى والاشتراكى والثانى التقليل من نفقات السفر والايفاد واعطاء الفرصة لعدد كبير من العاملين عليها للتعرف على خصائصها وتلك هى الفائدة المتوخاة من اقام المعارض وان الخبرات التى تجمعت لدى العاملين فى الشركات الصناعية والدوائية والزراعية كانت وراء اقامة المعارض المتخصصة التى تهتم بجانب محدد من المعروضات كالحاسبات واجهزة الاتصالات والاجهزة الطبية والافران والات الزراعية كل تلك الاختصاصات تدخل فى برامج وخطط الوزارات لذلك فان الاهتمام بتهيئة عاملين متخصصين فى تلك الانماط يتطلب منهم اشراكهم بدورات تثقيفية وارشادية لتوسيع افاقهم الثقافية وهذا ما كان يسعى اليه معرض بغداد توسيع الثقافة المعرضية عموديا وافقيا وكان كلما يقترب  موعد انعقاد الدورة  يطلب من الدوائر ترشيح موظفين لتدريبهم للعمل مع موظيفى المعارض بصفة متدربين لاعدادهم فى المستقبل للعمل على اقامة معارض متخصصة لوزاراتهم, واعود بذاكرتى الى الوراء قليلا لاتوقف عند الطريقة التى يتم فيها اختيار شعارا للدورة والذى على ضوءه يتم وضعه على المنشور الاعلانى للدورة(البوستر) وموضوع دليل المعرض الذى يحتوى على كافة المعلومات التى يحتاجها العارض والامور الفنية المرافقة للدورة واستعداد الاقسام المختصة لها وبالتاكيد فان الخطة التى يعدها القسم الفنى الذى يضم عدد من المهندسين والبنائين والنجارين وفنى الانابيب المائية والعاملين فى الحدائق لتأمين القاعات والحدائق والازقة وتهيئتها للعرض مسألة ايضا بحاجة الى متابعة وجهد لاسباب تتعلق بقدم القاعات وتهالك بعضها ورداءة سقوفها والاماكن التى اصبحت مأوى للطيور والتاسيسات الصحية كل ذلك يدفعنا الى العمل بجد قبل الدورة علما بان هناك مشروع متكامل لانشاء معرض دولى جديد بواسطة شركة سوسرية واعدت لنا تصاميمة بكلفة خمسة مليون دولار وقد بذلت حهدا واسعا لاقناع المسؤلين على اقامته لكن ظروف الحرب مع ايران قد حالت دون ذلك,علما بان المعارض الدولية التى قمت بزيارتها كانت تبهر العقل وللاسف خاب املى بذلك مثلما خاب امل الرياضين باقامة معلب رياضى افضل من ملعب الشعب,وليس لى تعليق بذلك سوى القول سامحهم الله انهم لايدركوا مايفعلون واذكر اننى عملت فى دولة الامارات عام 1971 ولم تكن الامارات سوى اربعة مدارس ثانوية اثنان فى ابوطبى وواحدة فى دبى والاخرى فى الشارقة ولا معلب ولا قاعة مسقفة وسينما واحدة فى ابوظبى مسقفة ورحم الله الشيخ زايد على مافعله من لاشئ ومن صحراء ونحن نأكل الشوك ومحملين ذهب كل معارض العالم تعمل بنظام حسابى مبرمج ومكيفة الهواء ونحن حتى كهرباء  خربانة مستهلكة فى القاعات لاتتوفر(اليدرى يدرى والما  يدرى قضبة عدس)هذا وضعنا والدول وصل رقم مشاركتها الى 75 دولة وخمسة الاف شركةفى عام 1989وبواردات مليون دولا نقدا علما بان اجور معرض بغداد تعتبر الارخص فى العالم , ان الخبرة التى اكتسبتها فى عملى ومنذ انهاء دراستى الجامعية 1967و قبل ان اكون مديرعام للمعارض وقبلها مديرعام للعلاقات فى الوزارة وفى العمل خارج العراق فى ابوظبى واسبانيا ولندن والمانيا وضعنى شخصا يمتلك القدرة على اتخاذ القرار والعمل وبهذا الحجم والتنوع يحتاج الى مثل هذه الحالة اى يحتاج ان يتصرف بجرأة مع الاخرين دون الرجوع الى مركز القرار وكان لى ذلك مع كثير من العارضين الذين هم احوج للمساعدة وخصوصا بالنسبة للخدمات رغم اننى اعرف ان المركزية التى وضعتها للوزارة للعمل تمنع ذلك ولا بأس فان تدخلات اطراف اخرى ومن جهات امنية لاتتيح لك التصرف ببعض المواقف ولكننى وضعت ذلك خلف ظهرى وعملت بما رأيته صحيحا وخصوصا بالنسبة للامور التى لها علاقة بطبيعة العمل والموظفين ولا ذلك ترحيبا  وتأيدا وغالبا جاء ذلك مطابقا لترشيح الموظفين والموظفات للايفاد والمشاركة فى الجيش الشعبى ومساعدة الموظفين ببعض المواد التى تتركها الدول وفى احيان اخرى وعندما يتطلب الامراتخاذ قرار خارج السياقات فاننى لااتردد فى ذلك مادامت الفائدة ستصب فى مصلحة المعرض واذكر باننى وفى احد الايام مساء طلب منى شخص من ليبيا تسهيل مشاركة بلده وقد قدم للعراق وهو لايعرف ماذا يعمل واراد لدولته جناح بلون اخضر وباسم الجمهورية الليبية ...الخ وبعد التفكير ابغلته اعطينى فرصة لاتصل بالمهندس وابلغك القرار وبالطبع كان الوقت ليلا وحين اتصالى بالمهندس قال لى بان الشخص الذى اعتمد عليه فى مثل هذا العمل انتهى وقته واعرف انه سوف يذهب الى النادى حتى  يشرب فقلت له ابلغه باننى ساجلب له المشروب الذى يفضله زائدا عشاء جيد اذا اكمل العمل الذى ساكلفه به وانتظرت وحصلت الموافقة وخبرت الليبى بما تقرر ففرح وشكرنى وبذلك فقد وفرت للشركة ثلاثون الف دولار لم تكن تأتى لولا هذا القرار؟ واعود الى مابدأت به حول عمل الاقسام فاعداد القاعات وتهيئة حفل الافتتاح يتطلب تشكيل عدة لجان من الشركة والجهات المساندة لها الامن والشرطة وامانة بغداد والكمارك والخارجية وكل من هؤلاء يأخذ دوره فى العمل  وترفع نتائج الاجتماعات الى الوزارة لتقوم بدورها ايضا ابلاغ الرئاسة باجراءاتها بشأن حفل الافتتاح ومستوى حضور الوفود المدعوة ولاشك فأنه كلما يقترب موعد افتتاح الدورة تزداد الامور صعوبة وارباك لان اى تقصير فى الاعداد سوف تضيع جهود العمل الذى استمر عشرة شهور ونحن بهذا الحال لحين اكمال حفل الافتتاح الذى تكون له مراسيم خاصة ويكون صباحا تتخلله خطابات سياسية يعقبها زيارة بعض الاجنحة الوطنية والعربية وعند ذلك يبدء العمل ضمن سياق بروتكولى خاص تتضمن قيام اللجان المشرفة على الاجنحة ببرنامجها فى التعرف على اجنحة الدول وتأشير ملاحظاتها حول المعروضات ومساحات الاجنحة والتصميم والديكور والتى تتحدد بضوءها الجوائز التقديرية والمداليات الذهبية والفضية والبرونزية ويستمر هذا الحال مدة اربعة عشرة يوما ولحين موعد حفل ختام الدورة الذى يقام فى احدى الفنادق الكبرى ويتم الاعداد له بدقة وتنظيم أشاد به اغلب المشاركين ومن الطبيعى ونحن فى سياق الاعداد للدورة فان الاقسام الاخرى التى لها علاقة بالمشاركات الخارجية تأخذ دورها وواجبها فى تهيئة مستلزمات المشاركة فى المعارض الدولية منها تهيئة المعروضات واعداد خرائط تصاميم الاجنحة ووسائل ايصال المعروضات جوا وبحرا وبرا ويبقى الموضوع الاهم والاكثر ارهاقا وقلقا هو ما يحدث ايام الدورة وزيارة المسؤولين وطلباتهم التى تصل احيانا الى اسماع الرئاسة فتصدر التعليمات بتحريمها  وللاسف فان ختام السدر هذا ليس مسك لان الذى اصاب المعرض وهو فى ظل المكانة العالية بين المعارض الدولية اخذت بعض الايادى فى الوزارة تعمل على التقليل من شأنه وخصوصا بعد ان غادر الوزارة الوزير حسن على العامرى وشاءت ظروف دخولنا الى الكويت لتأتى القشة التى قسمت ظهر البعير بذلك انتهى المعرض بدليل ان ارضه وقاعاته تحولت الى مخازن للحنطة والطحين والمساعدات الدولية فى الوقت كانت لى عدت بدائل لاحياء العمل بدوراته رغم المقاطعة الدولية وقدمت بها دراسة لانشاء شركة مشتركة مع احد المعارض الدولية التركية او الالمانية وتلك الدولتان تأخذ على عاتقها تهيئة الشركات للمشاركة لقاء اجور مناسبة ورفض الطلب وختاما كان يا ما كان فى قديم الزمان معرضا يسمى معرض بغداد الدولى وخلصت القصة..

للراغبين الأطلاع على الجزء الثاني:

http://www.algardenia.com/maqalat/16452-2015-05-04-10-44-26.html

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

689 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع