هل يستحق عادل مراد كل هذا التجني ؟؟

                                             

                                                   بقلم/ عباس عزيز

تشهد الساحة السياسية في العراق منذ امد ليس بالقريب منعرجات ومنعطفات وازمات متلاحقة ، غذتها العزة بالنفس لدى بعض القيادات وعدم قبول الاخر ، ، اضافة الى التقدير الخاطئ للظروف والعوامل الذاتية والموضوعية والمتغيرات المرحلية التي مرت وتمر بالعراق والمنطقة ككل ، فضلا عن العديد من القضايا والتداخلات الاقليمية والمحلية الى جانب الكثير من العوامل الاخرى التي نحن لسنا بصدد ذكرها الان .

الا ان اللافت للنظر والمثير للدهشة سياسة تكميم الافواه التي تنتهجها بعض الاحزاب والقوى السياسية ، التي تعتبر نفسها ممثلة لشريحة واسعة من المواطنين ، وتنصب نفسها في احيان اخرى بالحزب الاوحد الذي لا ينطق الا بالحق ولاخير فيمن عارضه . هذا الى جانب وضعها خطوطاً حمراء وعصي في عجلة اي سعي او جهد يبذل لايجاد نوع من التقارب والتفاهم بين الفرقاء السياسيين واطراف الازمة الراهنة .
الحراك السياسي في كوردستان عانى ومازال ما بعد السقوط وتغيير النظام في العراق عام 2003 من هيمنة احزاب السلطة واحتكارها القرار السياسي وارادة الشعب الكوردي ، ولعل السياسة التي ينتهجها الحزب الديمقراطي الكوردستاني في المرحلة الراهنة تعكس جزءا كبيرا من هذه السياسة والرؤية الضيقة التي تطرح في دربها تساؤلات كثيرة وكبيرة تحتاج الى توضيح .
فالحزب الديمقراطي الكوردستاني ، يطالب تارة بوحدة البيت الكوردي وهو اول المتجاوزين عليها ، ويحتكر تارة اخرى المواقع والادارات وحتى المدارس ومراكز الشرطة وكذلك مواقف القوى والاحزاب الكوردستانية تحت مختلف المسميات .. واخيرا يحاول وضع ملف القضية الكوردية ، في نفق مظلم إنسجاما لمواقف تركيا والسعودية وقطر,بالضد من مصالح شعب كردستان وتحالفاته الستراتيجية التأريخية ..
فالتحالف الكوردستاني في مجلس النواب العراقي ، غدا وسيلة بيد بعض اعضائه من ممثلي الحزب الديمقراطي الكوردستاني الذين لا ينفكون في اطلاق التصريحات وكيل التهم لتحقيق مكاسب حزبية او شخصية ، دون العودة لممثلي الاتحاد الوطني الكوردستاني وحركة التغيير والقوى الاسلامية الكوردية، ووضعوا بمواقفهم المتشنجة هذه ، الكورد مرغمين في خانة العداء لتيارات واسعة من العراق وفي مقدمتهم التحالف الوطني الحليف التأريخي للكورد .
الا انهم لم يكتفوا بذلك ، بل زادوا، وباتوا يقمعون بشتى السبل كل من خالفهم الرأي والتوجه ، فبالامس اشترطوا على رئيس الوزراء حرمان حركة التغيير من حقها كممثل لشريحة واسعة من الكورد من الحصول على وزارة من وزارات الدولة الاتحادية والتفوا عليها وعلى المعارضة في الاقليم في امور واستحقاقات كثيرة ، كما خلف استغلالهم للاتفاقية الستراتيجية الموقعة مع الاتحاد الوطني الكوردستاني منذ عام 2007 خللا كبيرا في موازين القوى والتوزيع الاداري في الاقليم ،، الا ان الادهى من كل ذلك هو سعي بعض قيادات هذا الحزب الى منع الاصوات المعتدلة الوطنية الغيورة, ممن رافقت المسيرة الوطنية للزعيم الراحل الملا مصطفى البارزاني الذي كان يؤيد الحوار والتفاهم وكانت له علاقات وطيدة بزعماء الحركات التحريرية في العراق الى جانب علاقاته المتينة بالمراجع الدينية وخصوصا المرحوم السيد محسن الحكيم ، من قول الحق ووضع النقاط على الحروف بشأن مايدور في الاقليم وعلاقته التي باتت في مهب الريح مع المركز .
فبينما تسعى اطراف مخلصة واشخاص عرفوا بتأريخهم النضالي المشرف لاخماد نار الفتنة وايجاد مخارج مقبولة منطقية للازمة السياسية الراهنة ، والحفاظ على علاقة الاقليم بالمركز وعلى رأسهم الرئيس جلال الطالباني حامي الدستور وراعي الحوار، يخرج علينا قليلو الخبرة من السياسيين ليسكبوا الزيت على النار ويؤججوا النعرات والصراعات والتناحر والفرقة ، غير مدركين لخطورة المرحلة وتداعياتها.
فها هو احد المواقع الالكترونية للحزب الديمقراطي الكوردستاني (بيامنير)، يطل علينا بتوضيح غريب شكلا ومضموناً ، يطعن فيه باخلاص وولاء المناضل الكوردي البارز عادل مراد ، ويحاول ان يضعه في خانة الطابور الخامس ، لا لشيئ سوى انه تجرء ، كما لم يفعل غيره من قبل ، على قول الحق والصدق في كثير من الملفات والقضايا الملحة على الساحتين الكوردستانية والعراقية .
الامر الذي يفرض على كل مواطن غيور ان يتساءل : اولم يكن الاجدر بقيادة البارتي التي تناصب العداء لهذه الشخصية المعروفة بوطنيتها الخالصة وعدم خضوعها لاي نظام او طائفة او مذهب على حساب انتمائها الكوردي العراقي الاصيل ، ان تتكبد عناء البحث فيما طرح من نقاط هامة ولو لبرهة ، اولم يكن الاجدر بالحزب الديمقراطي الكوردستاني ، ان يبحث في حقيقة ما اشار اليه من تجاوز وغياب لعدالة التوزيع واحتكار للسلطات والمناصب الحكومية والثروات في الاقليم ، مستندا بذلك الى العديد من الاحصاءات والدراسات الدقيقة الحديثة .
فعادل مراد الذي كان عضوا ناشطاً في الحزب الديمقراطي الكوردستاني في جامعة بغداد, منذ ستينات القرن الماضي وتسنم مواقع قيادية في نفس الحزب خلال فترة السبعينات ، وكان رئيسا منتخباُ لاتحاد طلبة كوردستان , في مؤتمري تموز من عام 1970 وشباط من عام 1972 ، حينما كان اتحاد الطلبة انذاك يمثل مختلف الافكار والتوجهات السياسية الكوردية ولم يكن حكرا على الحزب الديمقراطي الكوردستاني ، وهو الذي احتفل الحزب الديمقراطي الكوردستاني قبل ايام بمؤتمره الرابع عشر, ناسيا او متناسيا توجيه دعوة الى رئيسه الشرعي السابق عادل مراد, للمشاركة في مراسم الاحتفال .
كما ان عادل مراد الذي كان ومازال قدوة لاغلب قيادات البارتي الحالية والسابقة ، عانى ويعاني من صراحته الكبيرة ، ووطنيته الزائدة التي تعلو جميع الاعتبارت الاخرى ، كان قد طرح خلال تصريحاته التي رافقت الازمة السياسية الاخيرة ، الكثير من الامور الملحة والمفصلية التي يبدو انها اثارت حفيظة بعض قيادات البارتي ، مستمدا ذلك من تأريخيه النضالي الطويل ضمن صفوف الحركة التحريرية لشعب كوردستان ، التي انفرد مع ثلة من الوطنين الشرفاء ( الرئيس مام جلال ، د. فؤاد معصوم ،نوشيروان مصطفى امين والدكتور كمال فؤاد والاستاذ عبد الرزاق عزيز الفيلي ) ، بوضع اسسها من جديد عبر تاسيس الاتحاد الوطني الكوردستاني في 1/6/1975، الذي أزال اليأس والقنوط والانكسار من نفوس شعب كردستان و رفع لواء الثورة الديمقراطية في كردستان من جديد، بعد نكسة الثورة الكوردية الوطنية المسلحة , التي اعقبت اتفاقية الجزائر المشؤومة ، عام 1975 ، اذا كان مسؤولا للعلاقات الخارجية للاتحاد الوطني ومازالت علاقاته وطيدة بالاحزاب العراقية والعربية ، والتي عايش خلالها كثير من الانظمة والاف الشخصيات والقيادات الثورية والديمقراطية البارزة على الساحة السياسية العراقية والعربية ، والشرق اوسطية والتركية والايرانية ، فضلا عن اداركه وقراءته ورؤيته الدقيقة والموضوعية للمتطلبات السياسية للمرحلة الراهنة ، وكان احد اهم المنظمين للخلايا الثورية التي تصدت للدكتاتورية الفاشية العفلقية في جبال كردستان وبغداد ,عدا تشكيله عشرات اللجان للاتحاد الوطني الكردستاني في مختلف بلدان العالم عامي 1975 و1976 كما يشهد له الجميع بسعيه الدؤوب عبر علاقاته الشخصية والحزبية للتقريب بين حكومتي المركز والاقليم وردم الهوة وفتح افاق اوسع للحوار والتواصل البناء عبر مختلف السبل والوسائل المتاحة .
وبعد سقوط الدكتاتورية في نيسان 2003 ساهم بجد وتفان في بغداد والجنوب , من اجل اعادة هيكلية العلاقات الوطنية العربية الكوردية واستضاف العديد من الشخصيات والاحزاب العراقية الديمقراطية والقومية والاسلامية في كوردستان لتمتين العلاقات التأريخية بين الكورد ومكونات الشعب العراقي الاخرى , ولاطلاع الاخرين عن كثب على تطورات الاوضاع والموقف الكوردي تجاه القضايا الملحة على الساحة السياسية في العراق ، اداركاً منه لاهمية فتح قنوات للحوار العربي الكوردي ، والتي كان اخرها استضافة 37 شخصية من نخب واكاديميين وكتاب ومحللين سياسيين قدموا من بغداد الى السليمانية في 16/10/2012 التقوا بالعشرات من كوادر ومسؤولي الاتحاد في السليمانية واجروا حوارات صريحة حول مستقبل البلاد وزاروا حلبجة المنكوبة وجامعات الاقليم ، ورتب لهم بدعم من الدكتور برهم صالح زيارة الى اربيل التقوا خلالها بمحافظ اربيل ورئيس برلمان كوردستان ، ختموه بلقاء رئيس الاقليم مسعود بارزاني واستمعوا الى ارائه الوطنية تجاه مختلف القضايا ، وطرحوا رؤاهم حول الكثير من القضايا ، بينما لم يكلف الحزب الديمقراطي الكوردستان نفسه منذ العام 1998 ولحد الان بارسال اية شخصية او وفد من الذين استضافهم ، الى السليمانية للاستماع الى اراء الاتحاد الوطني الكوردستاني ، واذا كان ذلك يدل على شيئ فانه يدل على حرص عادل مراد , على وحدة الموقف الرسمي والشعبي الكوردية ، وتعريف الاخرين بابعاد واستحقاقات القضية الكوردية .
ان الحزب الديمقراطي الكوردستاني مطالب اكثر من اي وقت مضى ان يعيد بناء حساباته وتصوراته ، قبل ان يرجم الناس بالغيب ، ان يتفاعل بشكل موضوعي بناء من مطالب الشعب الكوردي ، التي يمثل فيها عادل مراد ، وغيره من الوطنيين الشرفاء شريحة واسعة لا يمكن ان يستهان بها ، وان يخرج من صومعته الحزبية , وان ينفتح على الاخرين في الاقليم وبغداد ويتقلبهم كما هم وليس كما يريد ان يكونوا ، وان يتقبل بصدر رحب الانتقادات الوطنية البناءة التي توجه الى الحزب الديمقراطي الكردستاني والى حكومة الاقليم التي يمتلك فيها حصة الاسد ، حتى ولو جاءت من ابسط المواطنين ، ناهيط عن القيادات البارزة ومؤسسي الثورة الجديدة لشعب كوردستان ، وان يدرك بان المرحلة الراهنة من عمر العراق الذي اختار الكورد البقاء فيه اختياريا ، لا تتحمل المجاملات الزائفة ، وهي مرحلة يمكن ان تجر على العراق وشعبه الويلات والدمار لسنوات طوال ، ما لم تدرك خطورتها وان يتم التعاطي معها وفقا للحلول الوطنية ، فعلى الحزب الديمقراطي الكوردستاني ، وهو اقدم واعرق الاحزاب العراقية ، ان يكون اول المبادرين المنفتحين على الاخرين وان يسعى لاحتواء مختلف الطروحات والاراء المعارضة ضمانا لمصلحة الكورد في عراق ديمقراطي اتحادي ، وحتى لا تكرر الاخطاء التاريخية والمأسي التي ساقتها الانظمة السابقة على شعب كوردستان وابرزها اتفاقية 6 آذار المشؤومة، وبخلافه فان مصير العراق وكوردستان على حد سواء ، سيكون مجهولا وخطيرا ، سنقدمه جميعا بتعنتنا ومكابرتنا على طبق من ذهب الى اعدائه لقمة سائغة  ...

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1060 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع