جمال رخيص للفرجة!

                                          

                               زينب حفني


قديماً قالوا بأن هناك ثلاثة أشياء رئيسيّة تتحكّم بمصير العالم.. السلطة والمال والثالثة تُدار بدهاء المرأة من خلف الأبواب المغلقة! فهناك نساء بكافة أرجاء العالم أغدق الله عليهن نعمة الحسن الفتّان، ونساء أخريات ضن الله عليهن بها وعوضهنَّ بجمال العقل وبنور المعرفة.

هذا العقل يراه الكثيرون ثروة لا تُقدّر لإيمانهم بأن جمال المرأة عمره قصير مقارنة بروعة الفكر وحلاوة الروح التي تظل ملازمة لها إلى أن تذهب الروح لبارئها.

كتب التاريخ تزخر بقصص كثيرة عن المرأة والمكائد التي كانت تُخطط لها لتصل لمرادها، ولكن على الجانب الآخر تُوجد حكاوى مأساويّة عنها وكيف تمَّ تسخيرها واستغلالها جنسيّاً لخدمة رغبات الرجل على مر العصور! وبات من الملاحظ بالعقود الأخيرة تزايد أعداد المنظمات الإجراميّة العالمية المتخصصة في المتاجرة بجسد المرأة، وساعد على رواج هذه التجارة انتشار الحروب وتفاقم المجاعات والفقر التي تكون النساء أولى ضحاياها.

حفلات تنصيب ملكات الجمال التي تحظى بشعبيّة واسعة، أرى بأنها تُهين المرأة وفيها انتقاص لآدميّتها، وإلى اليوم أرفض هذا النوع من الحفلات التي تُشرف عليها شركات عالمية حيث تقوم المشتركات باستعراض أجسادهن أمام أعين الملايين، ليتم اختيار الملكة بالنهاية! وكانت قد أُقيمت مؤخراً بجاكرتا في إندونيسيا مسابقة لاختيار ملكة جمال المسلمات وفازت بها شابة تونسيّة.

لا أعرف حقيقة سبب إقامة مسابقة لاختيار ملكة جمال المسلمات في هذا التوقيت تحديداً؟ أعلم بأن البعض سيهاجمني ويعترض بالقول وما الضير إذا أردنا لفت الأنظار والترويج لجمال المرأة المسلمة بزّيها الإسلامي؟! لقد أوضحت أنني ضد هذا النوع من المسابقات، إضافة إلى أن فيه تحريض على العنصرية المقيتة القائمة على التعصّب الديني! ولم نسمع من قبل عن مسابقة لجمال المسيحيات أو لجمال اليهوديات، لأن المرأة من وجهة نظري ستظل هي المرأة بكل بقاع الأرض.

من حق كل امرأة أن تتباهى بجمالها وتهتم بمظهرها الخارجي من أجل نفسها قبل أن يكون من أجل الآخرين، لكن عليها أن تُوصد الأبواب كافة بوجه كل من يُحاول استغلالها، وأن تصم أذنيها عن النداءات المغرية المشبوهة التي ترسم لها طريقاً وهميّاً للمجد والشهرة وتحقيق الثروة!

أتمنى على المرأة العربيّة أن تُثقّف عقلها، فالنهل من أبواب المعرفة كالنهر من الصعب أن يجف، وتظل مياهه جارية حتى تستخدمها المرأة للدفاع عن آدميتها أمام الوحوش الآدمية التي تُريد نهش جسدها واستغلال أنوثتها بأبشع الوسائل!

أتمنى على المرأة أن تغرس في أذهان بناتها روافد المعرفة، بجانب تأهيلها لواجباتها الأسريّة مستقبلاً، فكلها مرتبطة ببعضها، والمرأة المثقفة قادرة على التعامل مع زوجها وأبنائها حين تدخل معترك الحياة وتُصبح مسؤولة عن بناء جيل المستقبل.

إن المجتمع المتحضّر يقوم على عاتق المرأة المثقفة التي تُربّي أبناءها على احترام كينونة المرأة، وللأسف قابلتُ على مدار حياتي رجالاً ونساءً لا يُجيدون التعامل مع المرأة وينظرون إليها بفوقيّة، فآسف في أعماقي على همجيّة تصرفاتهم، لكنني أعود وأقول في سرّي لو كانوا قد تربوا على أيدي أمهات مثقفات واعيات غرسن بعقول أبنائهن أن المرأة تُمثّل نصف المجتمع لما أقدموا على هذه التصرفات المخجلة!

أعود إلى المرأة متمنية ألا تلتفت للدعوات التي تدعوها لاستعراض جمالها أمام كل من هب ودب، فهذا الجمال إن لم يتم غرس أرضيته بثقافة الفكر وبحور المعرفة، سينظر إليها الرجل بعد أن يذوى جمالها على أنّها مخلوق سطحي مغيّب عن أمور الحياة! واستحضر مقولة جميلة لأحد المفكرين "المرأة إذا ذل عقلها ومات، ذبل عقل الأمة بكاملها وماتت".

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

782 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع