قارئة الفنجان ..قصة قصيرة

                                          

                        جابر رسول الجابري


أبطأت في سيري دون حؤول , وأنا أتجه صوب الدار التي أروم اليها الوصول , ترددت كثيرا لهذا الحضور , الا أن فضولي دفعني لكشف المستور , وأن أقف بين يدي قارئة الفنجان , لعلي أطلع على غيب الخلد  والأذهان ,

وقع نظري على رقم توسط الباب , فتأكدت بأنه هو المرام وفيه الآراب , مددت يدي وبالسبابة ضغطت زر الجرس , فتناهى لسمعي صوتا كصوت صهيل الفرس , ثم أتبعه صوت نباح كلاب , وان هي الا لحظات إنفتح بعدها الباب , وأنبرت منه عجوز ذي جسد رهيف , حافية القدمين مشاشها لين وريف , فارعة الطول عيونها حوراء , تتمابل في غنج فاضحة الحياء , على شفتيها رسمت لي إبتسامة , نظراتها كقوس لا تخطي سهامه , تذري منها ريح شذاها عطور , فوقفت عند ذلك باهتا مبهور , فاغرا فاهي لا أنبس نبسا أو أسمع , بل تسمرت في مكاني بليدا لا أوزع , عجوز تبدو على هيئة فتاة , عجبا أرى لا أصدق ذلك هيهات , لكني صحوت من هذا الحال , بعد أن تكرر عليّ السؤال :

- هل من خدمة

أجبتها وفي صوتي خفوت , كأسير كان في عنوت :

- مساء الخير سيدتي ---- أليس هذا منزل عصمتي ؟

وكان ذلك أسمها كما قيل , وهو عنوان للشرف النبيل ,

اجابت وفي صوتها غنج ودلال , كأنها ادركت معنى السؤال

- عمت مساءا يا غريب , أرى في عينيك سهادا ونحيب

أشارت لي بالدخول ويدها على الباب عضوض , فانبرى خلفها كلبا ربوض , يهز بذيله المقروض

دخلت الى صالة فيها كثر الدمى , أجملها كلبا كما قالت قضى ,ان هو الا تعبير لما وفى , ثم سألتها عن غريب الأصوات ,  قالت هو الكلب والجرس ينبهاني كلما حضر آت ,

وبعد أن إحتسيت القهوة من الفنجان , قالت لي أنت غريب تيه ترتع في البلدان  , ولكن كنت تعرش في وطن ولك فيه أمان , أما شعبك الآن الآن ، لا أمن لهم ولا أمان , أمة يقودها الفساد وسراق الاديان , تتبعهم فتنة جهل يؤمها قطيع من خرفان , دمار وخراب لا حياة لإنسان , عجبا ؟ قالت - وطن عريق ومن أعرق الأوطان , قلت بلى صدقتي والرحمن , قالت أذن هو العراق ذلك المكان , اجبتها بنعم وقد إغرورقت عيناي ودمعي  بان , قالت لا تياس فهناك أمرا في الحسبان , فقمت من مكاني ألوذ كلوذ عطشان - يا خالتي أما آن الأوان , قالت ياولدي لن يستمر الحال على ظلم أو طغيان , ولن يقف الشعب مكتوفا وهو يهان , سيأتي يوم ينصب فيه الميزان , وبالعدل والحق سيحكم .... أي وحق القرآن , قلت متى الفرج ؟ الأرض والسماء ملئت بنار ودم ودخان , وشعب سجين أسير خلف القضبان , يتضور جوعا وألما وحرمان , يحكمهم لصوص حكومة كانت أو برلمان , رعاع لا عهد لهم ولا أمان , قالت صبرا يا غريب سيولد الحسين في هذا الزمان , ان لم يثور الشعب يوما سيبقى في هوان , أبا الاحرار قد حل البلاء فكر علينا بثورة الايمان .


المملكة المتحدة - بيرمنجهام - الحادي عشر من تشرين الثاني 2014

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

814 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع