الصعلكة في مربد البصرة ..

                                       

           بقلم:  فيصل عبد الحسن* / الرباط

                    

  

كنا إذا مرَّ قطار الحمولة أمام بيوتنا في المعقل واحدث ضجة وضوضاء عرفنا أن عرباته فارغة، فالفارغ كثير الجلبة والضجيج، وهذا ما احدثه المشرفون على مهرجان المربد 11 في البصرة من ضجيج حول مهرجانهم،

وهو فاشل بكل المقاييس، ولم أكن أنوي الكتابة عن شجونه لولا ما كتبه صديقي وزميلي في جريدة الزمان الغراء الشاعر حسن النواب، فما أصابني من إدارة هذا المهرجان من اجحاف وعدم المروءة عزوته خلال الأيام الماضية السابقة إلى الفوضى والفساد السائد في العراق، محاولاً البحث عن الاعذار لهذه الإدارة، وأفراد هذه الإدارة بالمناسبة كلهم يكتبون الشعر، ومن أهل مدينتي البصرة، التي رأيت فيها النورين، نور الحياة، ونور التعليم، ومحبة الثقافة وكتابة الأدب.
المهم أن ما فعلته معي هذه الإدارة يندى له جبين أي مثقف، ويستحق مني لا أقل مما فعل احدهم مع صاحبه في إدارة الأتحاد ذاته، فقد  بعث زميله له" كوامة عشائرية " وتخيل ماذا يحدث في أكبر مهرجان شعري تأريخي وثقافي يعقد في ثغر العراق " بصرة الخير " كما كنا نسميها في الخمسينات والستينات ينظمه أمثال هؤلاء، الأول في الهيئة الإدارية للأتحاد والثاني عضو الهيئة الحسابية في إدارة مهرجان المربد 11 وبعد أختلافهما على أمر نجهله، فيحلان مشاكلهما ب"كوامة عشائرية وفصول وحشوم !!" وهذه" الكوامة " التي قرأنا عنها في مواقع التواصل الاجتماعي، وبعض المواقع الألكترونية، اضحكت كل حزين ومكلوم، وجعلت هؤلاء المتصارعين أضحوكة  الأضاحيك، وقائل من القراء يقول واصفاً تخلف هؤلاء الذين يتناطحون بأنتمائتهم العشائرية ، لو قرأت ما يكتبون لضحكت أكثر، ولعرفت أن حبرهم يصنعونه من وسخ الأظافر، كما هي علاقاتهم ببعضهم، فهم قريبون في فهم العلاقات في اتحاد أدباء البصرة على أنها علاقات بين عصابة، ومجموعة نصب وخداع وكذب وتدليس، ولذلك يحتاج كل واحد منهم إلى طرف قوي يحميه، وليس هناك  أفضل من العشيرة في هذا الظرف الذي تمر به البلاد من الفوضى والفساد.
ولسنا هنا في صدد تقييم ما يكتبون، المهم أنهم ركبوا اعناق أدباء البصرة منذ زمن طويل، ووحده الله يعلم من صوّت لهم واختارهم ليمثلوا أسماء كبيرة كمحمد خضير، كاظم الحجاج، جميل الشبيبي، عبد الكريم العامري، ومحمد صالح عبد الرضا، وغيرهم ...
ارجع إلى صاحبي حسن النواب الذي قرأت عموده في الزمان الغراء تحت عنوان " استفزاز مربدي "، ورأيت بعين الخيال كيف جعلوا منه شحاذاً يدوّر على هذا وذاك لتعويض ثمن بطاقة الطائرة، التي قدم فيها من استراليا لكي يقرأ قصيدة في هذا المهرجان ويرى وطنه؟؟
ورأيته هذا الذي صار إنسانا كاملاً في استراليا، وهو إنسان كامل قبل أن يذهب إلى استراليا، وحاشاه إن لا يكون كذلك، لكنهم يعرفون كيف يذلون الناس في العراق، فحولوه إلى صعلوك يريد تحقيق أبسط حقوقه بالتوسل بهذا، وذاك مرة من أجل تغيير غرفة في الفندق يقول عنها " وضعونا في غرفة ضيقة افتقدت الى شروطها الصحية، مكثنا ليومين بهذه الغرفة البائسة" وقال أيضاً من أجل استعادة ثمن بطاقة طائرة دفعها من مصروف عائلته، الذي هو مبلغ مالي يتلقاه كل شهر كما غيره من أدباء العراق وكتابه اللاجئين في الدول الأجنبية من صناديق المساعدة الاجتماعية في دول اللجوء،" طمأنني صديق حميم من المكتب التنفيذي بدعوتي رسمياً الى المهرجان، كان جيبي شبه فارغ من النقود بعد ان دفعت ثمن بطاقة الطائرة، وان شبح الأفلاس يلاحقني، وان موسم خريف لصعلكة قاسية ينتظرني، اذا ما فشلت إقناع الوزراة بتعويضي، وبرغم مبادرة شاعر مجنون من الأصدقاء الأعزاء بحل ضائقتي المادية والذي تعمل زوجته الشاعرة بمكتب وكيل وزير الثقافة الأخ طاهر حمود، لكن مبادرته تعثرت، مثلما تعثرت محاولة شاعرة عزيزة على قلبي، فلم يكن امامي سوى المراهنة على سمعتي الشعرية والصحفية وشجاعتي المتصعلكة ؟ " ومن مفردة " المتصعلكة " الأخيرة التي ذكرها، عرفت أن الأخوان نجحوا باعادته إلى صعلكة ما قبل استراليا، لكنه قبل أن يستسلم لهم استرجع شيئاً من إنسانيته المفقودة في ذلك المهرجان، عندما حاصروه، فقال " ولذا عمدوا ان يضعوا اسمي في ذيل قائمة الشعراء بجلسة الختام، وليس هذا فحسب بل طلبوا من عريف جلسة الختام ان يستفزني خلال قراءة قصائدي، شعر الجمهور بذلك لكني اكملت القراءة وثمة شعور كان يصاحبني ان عريف الجلسة ماهو الا جلاد ينتظر من ضحيته الأنتهاء من خطبتها حتى يأخذها الى منصة الأعدام، وسمعت عريف الجلسة وهو شاعر حصد جوائز عديدة يقول انا عبد مأمور فإجبته وسمعني جمهور القاعة أقول " الشاعر لا يكون عبداً " يا صديقي النواب طاهر الحمود  وكيل وزير الثقافة هذا الذي أحسن لك اجتماعياً في هذا الموقف وسمح بأعطائك ثمن تذكرة السفر، هو ذاته طاهر الحمود " الموظف الرسمي "الذي اساء إليك وللكتاب العراقيين المدعوين للمربد من الخارج، ومنع عنهم قطع تذاكر السفر وقصرها على المدعوين العرب فقط، وفرض عليك التصعلك على بابه من أجل استرجاع ثمن التذكرة، فهل يستحق مهرجان فيه كل هذه المؤامرات وحقارات المسؤولين وعقدهم، العويل أوتحمل عناء الحضور إليه ؟  وأريد أن أهمس لك " أنهم أرسلوا إلى الأديبات والأدباء العرب من المغرب ومصر وسوريا وغيرها من بلاد العرب أوطاني ! بطاقات الطائرات ووصلتهم عبر بريدهم الألكتروني، وأعطوا البعض منهم أجور التنقل ومصروف الجيب، فإن كان عذرهم أنهم لم يدعوك بشكل رسمي، فإنا دعوني بشكل رسمي، وأملوني بوصول صورة التذكرة لي عبر إيميلي، لكنهم كذبوا ونصبوا عليَّ حتى أخر يوم قبل المهرجان، وفي كل يوم كانوا يكتبون لي ستصلك البطاقة غداً، كنت اعرف حجومهم الحقيقية وكذبهم، واعرف أن وزارة الثقافة العراقية، التي اختطت خطة وزيرها السابق، الذي غادر الوزارة غير مأسوف عليه، عمدت إلى إهانة الكتاب العراقيين المدعوين إلى مهرجانات المربد وجعلهم " يتصعلكون " في باب هذا وباب ذاك لأجل صرف بدل بطاقة الطائرة أوللحصول على بدل تنقل داخل البصرة، المهرجان الذي أسميته ومعي العديد من الأصدقاء المدعوين إلى هذا المهرجان بمهرجان الصعلكة، لقد رفضت الحضور إلى هكذا مهرجان أيها الصديق حتى تصلني بطاقة الطائرة، التي لم تصلني أبداً، وظهر أنهم كذابون في وعودهم كما توقعت، وأنهم ينفذون خطة وزارة الثقافة الموقرة لصعلكة الأدباء وإذلالهم، والحمد لله بقيت معززاً مكرماً في منفاي، وعلى الأقل لم اتصعلك أمام قيافاتهم الفخمة، ومكاتبهم الوثيرة وسكرتيراتهم الشاعرات ! تشبث يا صديقي بمنفاك حتى ينتهي زمن صعلكة الناس واستعبادهم في مهرجانات العراق الجديد.
*كاتب عراقي مقيم في المغرب
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

867 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع