مشكلتي بعد وصولي إلى كندا ، مغادرا بلدي الأصلي العراق هو نسيان الوجوه والأسماء ( اعتقد ان العديد من الناس يعانون نفس المشكلة ) ، فقد صادفتني طيلة السنوات الماضية اعتبارا من 1999 وحتى الآن ، وجوه أصدقاء وأقارب كثيرين ، التقينا بها في شتى المناسبات ، وبما ان عملي الذي يضعني دائما بين الناس ، فقد زادت كمية تلك الوجوه بشكل كبير ، مما يجعلني اتمعن كثيرا فيها قبل تذكر اسم صاحبها ، وفي العديد من الحالات تلك ، لم اتذكر الإسم ابدا ، رغم ان الوجه كان يبدو مألوفا عندي .
لا ادري ان كان التقدم في العمر هو السبب ، رغم أني مازلت في الـ ( 31) من العمر ..( حسبت النهار فقط ) ، أو انه نوع من أنواع الخرف أو مرض جديد يرتبك بالعين والعقل ، يمنع العين من التعرف على شخصيات سبق للعقل أن اختزنها في ذاكرته ، او ان ذلك هو جرس انذار بدنو الأجل واقترابه ..على كل حال نحمد الله على أن العقل واليد ما زالا يعملان بشكل سليم لتسطير ما يمكن تسطيره من ذكريات ومتابعات يومية ..
تصوروا أعزائي القراء ، أن أحد الأصدقاء أبدى زعله من عدم القاء السلام عليه من قبلي ، رغم أننا سبق وأن لعبنا ( الطاولي ) سوية قبل اشهر ، وصديق آخر أشاح بوجهه عني وحين سألته السبب قال : انت تمر من أمامنا ولا تلقي بالسلام ، لا بل وتنظر نحونا ! معقولة : قلت له ! قال : قبل قليل مررت من أمامي ونظرت الي .. وطنشتني وذهبت ! معقولة : قلت له .. واعتذرت وقبلها المسكين ..
المصيبة .. أن أصدقاء حميمين افتقدتهم لسنوات طويلة بسبب الغربة ، اعرف وجوههم حين نلتقي ، والمصيبة الأكبر ، بأنهم يسألون عن تفاصيل حياتي وعائلتي وبالأسماء .. لكني لا أتذكر أسمائهم ، فأقع في احراج شديد ، لكني اتدارك الأمر بحيلة اخترعتها للخروج من مثل هكذا مواقف ، وهي ، بطلب رقم هاتف الصديق وأبدا بتدوينه في ورقة أو دفتر صغير أحمله معي ، وحين أهم كتابة الإسم ، أنظر اليه فيساعدني بتلاوة اسمه وأتخلص من المشكلة .. الغريب أنه حين يتلو اسمه على مسامعي ، ينفرج أرشيف الذاكرة ويبدأ ببث المعلومات عن العلاقة الحميمة بيني وبينه لأن الدماغ عاد للعمل بشكل صحيح .
المشكلة .. أن أحداثا قديمة جدا ما زالت الذاكرة تبثها بين الحين والحين ، حيث ما زلت اتذكر تفاصيلا دقيقة عن مشاركاتي في الوفود الرياضية التي سافرت معها مرافقا صحفيا بين اعوام 1980 – 1997 ..وأشياء دقيقة اخرى تدخل في صلب عملي الاعلامي ..لكني ضعيف جدا بتذكر الوجوه ..( بعض الوجوه) ..فهل هناك فارق بين تذكر الأحداث ، وتذكر الوجوه .. سؤال أطرحه على أهل الاختصاص علهم يجدون دواء لعلتي الخاصة جدا ..واعتذر من كل من لا اتذكر اسمه لكن ( تلافيف الدماغ) يحتفظ بحبه واحترامه ومودته .
شريكتي في الحياة ، تعيب علي عدم تذكر اشياء عديدة حصلت وتحصل في حياتنا ، وتلومني بالقول :
اذا انت بهذا العمر وما تتذكر .. كيف بالقادمات من السنين .. بس لا تنسانا وتنسى أولادك ..!
ونضحك .. اما هي فتتذكر ( ماذا كانت تلبس بت عم الخياط اللي خيط بدلة عرس بنت خالة جيرانهم قبل دكة رشيد عالي ) .. ودقوا عالخشب !
552 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع