سعيًا إلى الحصول على مال سهل يرفد خزينتها العامة، تمنح دول كثيرة جنسيتها أو الإقامة فيها مقابل تدفقات استثمارية. المطلوب التحقق من أن أصحاب هذه التدفقات ليسوا من المحتالين أو المتهربين من الضرائب.
إيلاف من دبي: عندما واجه الملياردير الروسي مالك نادي تشيلسي لكرة القدم، رومان أبراموفيتش، مشكلات في تجديد تأشيرته البريطانية، لجأ إلى سويسرا. لكن السلطات السويسرية رفضت طلب إقامته بعدما قالت الشرطة إنه "خطر السمعة"، مع أنه ينكر ارتكاب أي خطأ.
يحمل أبراموفيتش الآن جواز سفر إسرائيليًا يسمح له بالسفر من دون تأشيرة إلى بريطانيا، ويقوم بتحويل فندق سابق إلى منصة أعمال خاصة به في تل أبيب. فإسرائيل تمنح جنسيتها لأي يهودي يطلبها.
بحسب تقرير نشرته مجلة "إكونوميست" البريطانية، تزدهر خطط المواطنة والإقامة مقابل البيع التي تُراوح قيمتها في العادة بين 100 ألف ومليوني دولار.
تبيع أكثر من 12 دولة جوازات سفرها، كما تبيع حوالى 100 دولة الإقامة في ربوعها. وازدهرت أعمال المحامين والمصرفيين والمحاسبين والاستشاريين ووكلاء العقارات لخدمة "مهاجري الاستثمار".
فائدة مباشرة
يشمئز كثير من الناس من فكرة بيع جوازات السفر. فالجنسية رابط مقدس، كما يقولون، ويجب منحها لمن يثبتون جدارتهم لحملها فحسب.
يسألون: لماذا السماح للأغنياء بالقفز فوق الطابور، خصوصًا أن بعض هؤلاء محتالون أو متهربون من الضرائب يريدون ملجًا آمنًا يخفون فيه غنائمهم أو يغسلون فيه أموالهم؟
ثمة أسباب مشروعة لرغبة أي إنسان في الحصول على جواز سفر ثانٍ. فرجال الأعمال كثيرو التنقل بين البلدان الفقيرة أو المسلمة يواجهون متاعب للحصول على التأشيرات، إلا إذا كانوا يحملون جواز سفر لدولة أخرى.
ويسعى آخرون إلى الحصول على جواز سفر إضافي ليكون بمنزلة تأمين ضد أي اضطهاد يمكن أن يتعرضوا له. يريد أكثر من ثلث الصينيين الأثرياء جواز سفر أجنبيًا (ما يعني الاستخفاف بحظر الصين مبدأ المواطنة المزدوجة).
لذا، تكتسب البلدان التي تلبي هذا الطلب فائدة مباشرة: سهولة الحصول على المال لرفد الخدمات العامة. بالنسبة إلى دول الكاريبي التي ضربها الإعصار مثلًا، كان منح جوازات السفر مقابل المال شريان الحياة.
يقول تقرير إكونوميست: "بغض النظر عمن يربح، فمبدأ منح الجنسية مقابل المال نفسه على محك الصدقية. فللدول كل الحق في الاحتفاظ بالجنسية لمن يحاولون أن يصبحوا مواطنين فعليًا لا شكليًا، من خلال تعلم اللغة مثلًا. لكن لهذه الدول أيضًا كل الحق في بيع جنسيتها لمن يرغب، إذا وافق الناخبون. فالمواطنة مسألة أساسية تتعلق بالكفاءة الوطنية في الأصل".
باب خلفي
يضيف التقرير أنه ينبغي عدم تقييد بيع الجنسية... ولكن!
تحتاج الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى الاتفاق على مبادئ مشتركة تحكم هذه العملية، لأن جواز سفر إحدى هذه الدول يصلح للعيش والعمل في هذه الدول كلها.
تواجه الدول الصغيرة التي تبيع الكثير من جوازات سفرها خطرًا آخر. إذا تجاوزت ذلك، يمكن أن يفوق عدد الناخبين المُوطّنين عدد الناخبين المواطنين، لذلك ربما ترغب بعض الدول في تقييد حقوق تصويت أولئك الذين يحصلون على الجنسية، كاشتراط الإقامة الدائمة في البلد لمدة معينة في كل عام.
على الدول التي تبيع جنسياتها، كبيرة أو صغيرة، أن تبذل المزيد من الجهود للتخلص من الأشخاص غير المرغوب فيهم. في كثير من الأحيان، تفتح برامج التجنس مقابل الاستثمار، بابًا خلفيًا لدخول الأموال القذرة.
أبرز مثال على ذلك الأموال الروسية غير المشروعة التي تم غسلها من خلال قبرص، إحدى أكثر البلدان حماسة لبيع جوازات السفر في الاتحاد الأوروبي.
حان الوقت لفرض قواعد أشد صرامة وفق مبدأ "اعرف عميلك" ووفق قائمة سوداء تضم دولًا تقدم ملاذات للمحتالين. ثمة حاجة ملحة أيضًا إلى نواظم صارمة لإحباط مساعي مشتري جوازات السفر للتهرب من دفع الضرائب لحكومات بلدانهم الأم.
تختم إكونوميست تقريرها بالقول: "ثمة طرائق سليمة لمنح الإقامة أو الجنسية للأجانب المستعدين لدفع ثمنها، لكن التحريض على المجرمين ليس واحدة منها".
853 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع