بغداد - عمر الجنابي - الخليج أونلاين:مع دخول شهر محرم وبداية عام هجري جديد يُحيي المسلمون الشيعة في العراق ودول أخرى ذكرى وفاة الحسين بن علي بن أبي طالب، حفيد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، بممارسة طقوس دينية تستمر أكثر من شهر ونصف الشهر.
ومن بين أبرز هذه الطقوس: إقامة مواكب العزاء، وما يسمى بـ"المواكب الحسينية"، التي يوزَّع خلالها الأكل والشرب على الزائرين السائرين مشياً على الأقدام إلى مدينتي النجف وكربلاء حتى ليلة الأربعين، حيث تعد هذه الليلة إحدى أبرز المناسبات الدينية لدى المسلمين الشيعة، ويقصدها آلاف الزائرين الشيعة من جميع أنحاء العالم.
وفي ظل ما تشهده مدينة البصرة من احتجاجات شعبية غاضبة احتجاجاً على تردي الوضع المعيشي والخدمي الذي بلغ حد تسمم مياه الشرب وإصابة الآلاف من أهالي المدينة النفطية، طالب عدد من ناشطي الحراك المدني في مدينة البصرة الحكومة العراقية والجهات المعنية بإلغاء المواكب الحسينية أو تقليصها، وصرف الأموال المخصصة لها للمدينة لتجهيزها بمحطات تحلية مياه.
وقال القيادي والناشط في تظاهرات البصرة، فؤاد حسين، لمراسل "الخليج أونلاين": إن"ما تعيشه مدينة البصرة اليوم من فقر وبطالة وانعدام في الخدمات بلغ إلى حد العطش الذي ذهب ضحيته آلاف الأشخاص من المدنيين، يحتم على الجميع الوقوف مع أهالي المدينة وتقديم الأهم على المهم"، داعياً الحكومة العراقية والجهات المعنية إلى "إلغاء أو تقليص المواكب الحسينية لهذا العام، وصرف أموالها على محافظة البصرة التي يحتضر أهلها بسبب تلوث المياه".
وأضاف أن"ثورة الحسين كانت ثورة ضد الظلم والاستبداد"، متسائلاً: "هل يرضى الحسين وأتباعه أن تعيش مدينة البصرة هذا الظلم على يد الأحزاب لدرجة أن يموت أهلها عطشاً كما مات الحسين؟"، لافتاً إلى أنه "من الواجب الإنساني أن يلتفت الجميع إلى أهالي البصرة واقتصار المواكب الحسينية على عدد محدد، وعدم المبالغة فيها كما هو الحال في كل عام".
من جهته قال الناشط المدني ياسر الركابي، لـ"الخليج أونلاين": إن "المواكب الحسينية التي تقام بالمناسبات الدينية في الطرق والساحات، وخصوصاً في شهر محرم، أصبحت تجارة رابحة للكثير من أصحاب المواكب"، لافتاً إلى أن "آلاف المواكب الحسينية تُنصب في هذا الشهر وتخصص لها مبالغ مالية تصل لأكثر من 20 ألف دولار".
المواكب الحسينية عبارة عن جموع بشرية تحج الى مراقد آل بيت النبي محمد صلى الله عليه وسلم
وأضاف أن "الزائر الذي يقصد المراقد الدينية يمكنه أن يحمل معه ما يكفيه من الأكل والشرب حتى إتمام مناسك الزيارة التي لا تستغرق أكثر من 72 ساعة، ولا داعي لهذا العدد من المواكب"، مشيراً إلى أن "المواكب الحسينية تحولت إلى شكل آخر من أشكال الفساد المستشري في البلاد".
وقد شهدت مدن ومحافظات العراق ذات الغالبية الشيعية بدء الاستعدادات الإدارية والأمنية للمواكب الحسينية بمناسبة حلول شهر محرم، حيث توشحت المدن والمنازل والأسواق والدوائر الحكومية بالسواد، ورفع رايات الحسين حزناً في ذكرى وفاته.
والمواكب الحسينية عبارة عن سرادق أو خيام تنتشر على طريق المارة، يجلس فيها الزائرون والوافدون من مدن ومحافظات بعيدة الساعون إلى مراقد الأئمة في النجف وكربلاء، ويقدم القائمون عليها الخدمات لهم.
وقال رئيس قسم المواكب والهيئات الحسينية في العراق، رياض نعمة السلمان، في تصريح صحفي: إن "عدد المواكب المشاركة في زيارة عاشوراء هذا العام والمسجـلة بشكل رسمي لدى القسم بلغت ما يُقارب 1500، وهي مجموع المواكب والهيئات العاملة ضمن الحدود الإدارية لمحافظة كربلاء المقدسة فقط".
وأوضح السلمان أن "هذه المواكب والهيئات توزعت بين 200 موكب للَّـطم وضرب الزنجيل تقوم بنشاطات إقامة العزاء، وما يُقارب 1300 موكب وهيئة تقوم بمهام خدمة الزائرين من خلال تقديم الطعام والشراب وتوفير أماكن الإيواء والمبيت وغيرها من الأمور الخدمية".
وفي السياق ذاته قال مصدر من داخل الوقف الشيعي، طالباً عدم الكشف عن هويته، في حديث لمراسل "الخليج أونلاين": إن "عدد المواكب الحسينية المسجلة في عموم العراق هذا العام بلغ ما يقارب 11000 موكب خدمي وهيئة حسينية"، مبيناً أن "بعض المواكب والهيئات الحسينية المسجلة لدى القسم تابعة لشخصيات دينية وسياسية هدفها جمع المال".
وأضاف المصدر أن "المواكب الحسينية في الآونة الأخيرة أصبحت مبالغاً فيها، حيث إن نصف هذا العدد يكفي لخدمة الزائرين"، مشيراً إلى أن "هذا الكم الهائل من المواكب أصبح يشكل عبئاً على الحكومة العراقية، حيث تكلف الدولة ملايين الدولارات سنوياً، كما أنها باتت مصدر إزعاج لعامة الناس بسبب نصب الخيم وسط الطرقات والساحات، فضلاً عن قطع الطرق بحجة تأمين المواكب".
658 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع