الشاعر الراحل صبري بوتاني في اتحاد ادباء دهوك
دهوك/جمال برواري:ضمن الموسم الثقافي الربيعي لاتحاد ادباء دهوك وبحضور عدد من الادباء والكتاب والمقفين ومحبي الادب والثقافه والشعر ضييف الاتحاد الدكتور شوكت السندي في سيمينار ثقافي تحت عنوا ن (الشاعر صبري بوتاني شاعر المقاومة) سلط الدكتور شوكت السندي الاضواء على بعضا من المحطات من سيرة الشاعر الراحل مام صبري والقى مقتطفات من قصائده الثورية والتي تتناول مرحلة المقاومة والانتفاضة كما تطرق السندي بعضا من محطات ذكرياته مع الشاعر عندما كان يعمل في جريدة بزاف والملحق الكوردي وعندما كان يسكن معه في زاخو .
بعد ان انهى الدكتور شوكت السندي محاضرته فتح باب الاسئلة والمداخلات والتي اجاب عنها والتي اغنت الموضوع . شاعر الكدح والنضال القومي صبري بوتاني 1925-1998 في سطور :
تعرفت على الشاعر مام صبري (مام بهدين )في بغداد عندما كان بعمل محررا في جريدة التاخي وفي الملحق الكوردي (باشكو ) كما عملت معه محررا في جريدة بزاف الكوردية في بغداد وكان رئيس تحريها الكتور الراحل نافع عقراوي وكان الاستاذ محمد سليم سواري نائبا لرئيس التحرير وكان معنا الراحل الصحفي الرائد احمد جزراوي والفنان المصمم نزار بزاز استمر صدور جريدة بزاف سنة واحدة ثم توقفت عن الصدور
بدأت مسيرة حياة الشاعر المناضل الكوردي صبري حمد تمر والمعروف (صبري بوتاني)سنة 1925،حينما ولد في قرية (شوشي)بمنطقة (وان) كوردستان الشمالية.نزحت أسرته من موطنها بعد اخماد ثورة اكري داغ والاضطهاد الذي لاقاه شعبه الكوردي بعد تلك الانتفاضة القومية في أواسط الثلاثينيات من القرن العشرين الى كوردستان الجنوبية واستقرت في مدينة زاخو فدخل المدرسة الابتدائية ثم المتوسطة هناك.وعندما أصبح شابا نمت لديه الروح القومية،فانتمى في أوائل الأربعينيات الى حزب هيوا القومي بزعامة الأستاذ رفيق حلمي فأبدى نشاطا ملحوظا في صفوف تنظيماته ولا سيما عندما كان مقيما في مدينة الموصل.
وعندما اندلعت ثورة بارزان الثانية 1943-1945 بقيادة البارزاني مصطفى، أبدى نشاطا سياسيا في تلك المدينة يحث الكورد الموجودين فيها على تأييد الثورة التحررية القومية وإسنادها.فراقبته السلطات الحكومية الى ان ألقت القبض عليه وزجَّته في السجن ردحا من الزمن وظل مخلصا لحركة أمته التحررية.أصبح بوتاني عضوا نشطا في الحزب الديمقراطي الكوردستاني بعد تأسيسه في 16/8/1946فأبدى نشاطا سياسيا ملحوظا في منطقتي الموصل وبهدينان تعرض من جرائه مرات عديدة الى الاعتقال والمطاردة.بعد اندلاع ثورة أيلول التحررية التحق بصفوف الثوار سنة 1963 ليقاتل ضد العدو المحتل من اجل الحقوق القومية المشروعة لامته الكوردية.فاشتغل في أعلام الثورة بكل أخلاص وجدارة .وبعد اعلان اتفاقية 11 اذار 1970 بين قيادة ثورة أيلول التحررية وحكومة بغداد انتقل المناضل بوتاني الى اربيل ليعمل في تنظيمات الحزب الديمقراطي الكوردستاني التابعة الى الفرع الثاني ثم نسب عمله الحزبي الى بغداد ليعمل في اعلام الحزب كمحرر في جريدتي(التآخي)و(برايه تي) وبعد تجدد القتال بين القوات الحكومية وفصائل ثوار أيلول التحق ثانية بصفوف الثورة من 1974 الى 1975 (سنة النكسة)،فعاد الى بغداد محتفظا بموقفه القومي وإخلاصه لنهج البارتي والبارزاني ليعمل كمحرر في مجلات (بيان)و(روشنبري نوي) و(نووسه ري كورد)=(الكاتب الكوردي)تمكن بوتاني من خلال الهجرة المليونية للشعب الكوردي المضطهد بعد انتفاضة شعب كوردستان في آذار 1991 من الوصول الى بلاد النرويج ليمكث فيها كلاجئ سياسي في 1992 ويستقر في عاصمتها (اوسلو) ويشترك هنالك في جميع النشاطات السياسية والثقافية للجالية الكورديه لاسناد قضيتنا القومية وهكذا عاش عيشة الغربة الى ان توفى رحمه الله في يوم 25/10/1998 عن عمر ناهز الثالثة والسبعين.
كان بوتاني شاعرا قوميا مرهف الحس،خصب الخيال،عاشقا لجمال طبيعة وطنه كوردستان الساحرة،يكدح في سبيل عيش كريم في حياته الشاقة،تدور مضامين قصائده حول هذين المحورين،فنراه يصف جبال وطنه ووديانه الخلابة وحياة الناس البسطاء الكادحين من اجل لقمة العيش.فتمكن من خلال سني حياته من صياغة ارق الأشعار وأعذبها بأسلوب شيق وأوزان شعرية خفيفة ومضامين خصبة الأفكار حيث تمكن من جمع وطبع قصائده في ثلاث مجاميع شعرية هي:
1 - شين وشادي-بغداد1979
2 - دلستان-بغداد1984
3 - ده نكي متين وكاره-ستوكهولم 1993
يقول الشاعر في احدى قصائده بعنوان (شفان)= (الراعي):
انني اتنقل
بين السهول والجبال والوديان
وهكذا اقضي اوقاتي
تارة أمام أشعة الشمس الذهبية
وتارة اتفيأ بظل الأشجار
فأرى المناظر كلها غضة نضرة
بألوانها الحمراء والبيضاء، الخضراء والصفراء... فعندما ننظر الى هذه الأبيات نحس لأول وهلة ببساطة صياغتها وصورها الشعرية،ولكن عندما تتعمق في قراءتها تجد انها وصف رائع لمناظر طبيعة كوردستان الخلابة على لسان راع كادح يتنقل بين هذه اللوحات الطبيعية لوطننا.وللشاعر قصائد أخرى تعبر بأسلوب رومانسي شفاف عن مأساة شعبه وحظه العاثر حيث يظلمه الدهر فتدور رحى حياته معكوسة،تعترض مسيرة تقدمه لنيل حقوقه القومية العقبات والنوائب وهكذا يعادينا الزمن فجعل أيادينا معظم الأوقات فارغة من حصيلة كدحنا ونضالنا الدؤوب من اجل حياة حرة كريمة وغد أفضل. وهكذا عاش صبري بوتاني حياة النضال والكدح والشقاء زهاء ثلاث وسبعين سنة متنقلا في ربوع كوردستان الشمالية والجنوبية وبغداد وبلاد النرويج حيث غير موقعه في الحياة ولكنه لم يغير موقفه تجاه نضال شعبه ووطنه من اجل حياة حرة كريمة كباقي الشعوب المتحررة في العالم.
635 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع