كانت الجامعات العراقية طموح طلاب من بلدان مختلفة
بغداد - عمر الجنابي - الخليج أونلاين:لعشرات السنين كانت الجامعات العراقية طموح طلاب من بلدان مختلفة، يفخرون بحملهم شهادة من جامعاتها في تخصصات مختلفة، وهذا ما تغيّر بعد غزو البلاد في 2003، لتشهد الدراسة الجامعية في العراق انتكاسة كبيرة؛ لأسباب عدة، أهمها مصالح الأحزاب السياسية.
يشير مختصون إلى أن التدنّي الكبير الذي شهدته مستويات الطلبة من حملة شهادات الجامعات العراقية كان نتيجة التدخلات السياسية والحزبية، وانتشار الكليات الأهلية، التي تحوّلت إلى مصادر لتمويل الأحزاب والشخصيات في العراق.
التعليم في العراق، بحسب خالد الأحمد، عضو الهيئة التدريسية في جامعة الفارابي الجامعة، بعد أن كان يمتلك نظاماً يعدّ من أفضل أنظمة التعليم في المنطقة، "بات على وشك الاحتضار؛ وذلك بسبب الجامعات والكليات الأهلية غير الرصينة وغير المعترف بها، التي لا تستقطب سوى الطلبة المتدنّية معدلاتهم، ليوازوا أقرانهم في الكليات الحكومية الأخرى".
وأضاف الأحمد في حديث لـ "الخليج أونلاين": إن "كثرة الجامعات الأهلية في العراق بعد عام 2003، وخصوصاً الجامعات غير المعترف بها، عظّمت من مشاكل التعليم في العراق، وساهمت برفع نسبة البطالة بين صفوف الشباب"؛ عازياً سبب ذلك إلى "غياب التنسيق والتخطيط مع الجهات الحكومية في وزارتي التعليم العالي والتخطيط".
وأشار الأحمد إلى أنّ "بعض الجامعات والكليات الأهلية غير المعترف بها، رغم الوعود الحكومية بإغلاقها، ما تزال مستمرّة في استدراج الطلبة داخل أروقتها لمنافع مادية".
وكانت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أعلنت، في وقت سابق، عن أسماء الكليات والمعاهد التي فتحت أبوابها دون إجازة رسمية، ودون أن تحظى بالاعتراف الحكومي، حيث يبلغ عددها 16 جامعة وكلية، وكانت الوزارة توعدت بإغلاقها كافة.
وعن الأسباب التي دفعت الطلاب للدراسة في الجامعات الأهلية، سواء كانت معترفاً بها أم لا، قال الباحث علاء القيسي، في حديث لـ "الخليج أونلاين": إن "معظم الطلاب الذي يدخلون الجامعات غير المعترف بها لم يدخلوها لغرض التعليم والحصول على شهادة تؤهلهم علمياً وعملياً للعمل بمؤسسات الدولة، وإنما دخلوها لغرض التسلية والترفيه".
وأشار إلى أن "بعض الكليات غير المعترف بها تحوّلت حدائقها إلى متنزهات، وفيها مقاهٍ للأركيلة، دون إدراك الطالب العراقي نفسه ولا الجهات الحكومة المختصة ما تؤثّره هذه الأجواء داخل هذه الجامعات في مستوى التعليم في العراق".
وتابع القيسي: "بعض هذه الكليات تعود لأشخاص وأحزاب سياسية، وأُسست لغرض تمويل أحزابهم منها، دون الاكتراث لحال التعليم، الذي وصل به الحال لما هو عليه الآن".
- شهادة دون اعتراف
ومن جهتهم، شكا عدد من الشباب لـ "الخليج أونلاين" عدم قبولهم في دوائر الدولة لغرض التعيينات؛ بسبب تخرّجهم في هذه الجامعات، محمّلين الحكومة العراقية مسؤولية ذلك.
وقال الشاب كريم الدراجي، إنه تخرج في "المعهد العربي العالي"، ولم يكن يعلم أنه من ضمن المعاهد والجامعات غير المعترف بها، واكتشف هذا الأمر بعد تخرجه ومحاولته الحصول على فرصة عمل في دوائر ومؤسسات الدولة.
وأكد أن عدم قبوله للعمل داخل مؤسسات الدولة بسبب شهادته غير المعترف بها كان بمثابة "الصدمة القاتلة" له، مشيراً إلى أن "عناء سنوات التعليم وأجور الدراسة الباهظة، التي تزيد على 2000 دولار سنوياً، ذهب أدراج الرياح".
ودعا الحكومة العراقية إلى "إيجاد حل لمئات الخريجين ممن تخرجوا في هذه الجامعات، وتحمّل كافة المسؤولية لما يعانيه الشباب الخريجون، والطلاب الذين خدعوا بهذه الجامعات؛ لكونها سمحت لها بفتح أبوابها في بغداد والمحافظات الأخرى".
- الحكومة هي المسبب
سياسيون عراقيون يؤكدون أن المسؤولية تقع على كاهل الحكومة؛ التي تسمح بافتتاح جامعات لم تستوفِ الشروط المطلوبة، وتحوّلها إلى تجارة محمية من قبل أحزاب وشخصيات نافذة.
وفي حديثه لـ "الخليج أونلاين"، أكد عضو مجلس النواب العراقي، طلال حسين الزوبعي، أن "ضعف الدولة وعدم امتلاكها معلومات دقيقة حول الجامعات الأهلية غير المعترف بها كان السبب الرئيس خلف وجود وتأسيس جامعات غير رصينة كهذه، تسيء إلى سمعة التعليم في العراق".
واعتبر الزوبعي "منح هذه الجامعات شهادات غير معترف بها جريمة ويجب محاسبة القائمين عليها".
وحمّل الزوبعي "وزارة التعليم والبحث العلمي مسؤولية وجود وانتشار مثل هذه الكليات والجامعات في العراق"، مطالباً الحكومة بـ "إنزال أشد العقوبات على من يقدمون على فتح مثل هذه الجامعات، وتغريمهم وتعويض كافة الطلبة المتضررين منها".
729 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع