العراق يطوي أسوأ أعوامه وينتظر الأسوأ

          

العرب  - سلام سرحان/بغداد - تكشفت في العام 2015 أبعاد الأزمة المالية العراقية مع استمرار انهيار أسعار النفط العراقية وتعمق الترهل والانهيار الشامل لجميع قطاعات الاقتصاد رغم محاولات الإصلاح التي وعد بها رئيس الوزراء حيدر العبادي واستمرار التظاهرات المطالبة بمكافحة الفساد.

ورغم الوعود الكثيرة لم يتمكن العبادي من اتخاذ أي خطوات تذكر باستثناء شد أحزمة التقشف من خلال خفض الإنفاق الذي طال الطبقات الفقيرة أكثر من الطبقات المتنفذة وأبواب الفساد التي لا تزال مفتوحة على مصراعيها، حيث لم تعد عوائد النفط تكفي سوى جزء بسيط من الميزانية التشغيلية المترهلة التي تعيل أكثر من 7 ملايين موظف ومتقاعد.

الحدث الأبرز في العام الماضي كان الكشف عن بعض ملفات الفساد الكبيرة، رغم أن الحكومة لم تتخذ أي خطوات للمحاسبة وتعقب الفاسدين الذين نهبوا وبددوا مئات المليارات من الدولارات حتى الآن. ويأمل العراقيون في العام المقبل بتحريك تلك الملفات.

وكشفت الوثائق التي سربها رئيس اللجنة المالية في البرلمان أحمد الجلبي، نماذج لعمليات بيع العملة من قبل البنك المركزي العراقي، والتي بلغ مجموعها خلال حكم رئيس الوزراء نوري المالكي بين 2006 إلى منتصف 2014 نحو 312 مليار دولار.

وذكرت بالأسماء والأرقام حجم الأموال التي تم الاستحواذ عليها بطرق غير مشروعة وأسماء المصارف والشركات والعقود الوهمية التي تسربت من خلالها تلك الأموال.

كما تم الكشف عن وثائق عقود تراخيص النفط المجحفة التي أبرمها الرئيس السابق للجنة الطاقة الوزارية حسين الشهرستاني في حكومة المالكي، والتي تمنح شركات النفط الأجنبية 21 دولارا لكل برميل، إضافة إلى دفع مصروفات الشركات دون تحديد سقف واضح، الأمر الذي يلتهم جميع عوائد صادرات النفط تقريبا.
ويبدو أن عوائد النفط العراقية في ظل أسعار النفط الحالية والتي من المرجح بقاؤها في تلك المستويات في العام المقبل، لن تغطي سوى جزء بسيط من الميزانية التشغيلية، خاصة في ظل عدم تسليم إقليم كردستان لأي مبيعات نفطية للحكومة المركزية.



وكرست حكومة أربيل انفصالها الاقتصادي بالتوقف التام عن تسليم صادراتها النفطية للحكومة الاتحادية منذ يوليو الماضي، بل إنها استحوذت بشكل كامل على صادرات حقول محافظة كركوك، وأصبحت تجد مشترين في الأسواق العالمية دون صعوبات.

وفي المقابل توقفت بغداد عن تسليم حصة الإقليم في الموازنة البالغة 17 بالمئة، ليتكرس واقع الانفصال الاقتصادي.

ولجأت الحكومة العراقية في نهاية العام الراحل إلى أول خفض لسعر صرف الدينار لتقليل التزاماتها الثقيلة ومواجهة الأزمة المالية الخانقة، في خطوة من المرجح أن تؤدي إلى ارتفاع التضخم ونقل جزء من أعبائها الثقيلة إلى كاهل العراقيين.

وأعلن البنك المركزي في ديسمبر زيادة سعر بيع الدولار للبنوك بنسبة 1.37 بالمئة ليصبح السعر الرسمي للدولار 1182 دينارا بعد أن ظل ثابتا عند 1166 دينارا منذ العام 2003.

وأقرت الحكومة العراقية موازنة تقشفية للعام المقبل بلغ حجمها نحو 88 مليار دولار مقارنة بنحو 102 مليار في العام الراحل، وتوقعت عجزا يزيد عن 20 مليار دولار.

لكن التقديرات الواقعية ترجح أن يتضاعف العجز الفعلي، إذا استمرت أسعار النفط عند مستوياتها الحالية، لأن الموازنة استندت إلى سعر 45 دولارا لبرميل النفط، وهي مستويات أعلى بكثير من الأسعار الحالية ومن توقعات الأسواق للعام المقبل.
وفي منتصف العام الراحل أعلنت بغداد عن خطة لإصدار سندات دولية بقيمة 6 مليارات دولار، لكنها تراجعت عن ذلك بسبب ضعوط شعبية بسبب تكلفة الاقتراض المرتفعة التي بلغت أكثر من 11 بالمئة، وهو ما يمكن أن يورط العراق بالمستقبل في أزمة كبيرة.

وقرب نهاية العام أعلن العراق أنه وجد سبيلا جديدا للاقتراض بمعدلات فائدة منخفظة من الأسواق الدولية، بسبب ضمانات سيقدمها البك الدولي لجزء من سندات بقيمة ملياري دولار.

كما خطى البنك الدولي خطوة كبيرة لتفهم حجم الأزمة الخانقة التي يعاني منها العراق، حين رفع قروضه للبلاد إلى نحو ملياري دولار. وأكد أنه سيساعد بغداد في الوفاء بالتزاماتها تجاه إعادة هيكلة الاقتصاد للحيلولة دون سقوط العراق في براثن أزمة أكثر عمقا.

وكشف البنك في ديسمبر أنه سيقرض العراق 1.2 مليار دولار دعما طارئا لمساعدة البلاد على مواجهة التداعيات الاقتصادية الناجمة عن محاربتها لمسلحي تنظيم داعش وهبوط أسعار النفط.

وأكد البنك الدولي أن بغداد تعهدت بإجراء إصلاحات اقتصادية لمعالجة الاختلالات الهيكلية، ومن بينها بذل جهود لرفع كفاءة الشركات المملوكة للدولة وتحسين الإدارة في قطاع الطاقة وتقليص هيمنة المصرفين التجاريين الحكوميين، الرشيد والرافدين لإفساح المجال أمام البنوك الخاصة.

وتحدث خبراء عراقيون أن البنك طالب العراق بإجراءات تقشف قاسية تتضمن خفض الرواتب وتقليص عدد العاملين في الدولة وخفض الدعم الحكومي، والتي يمكن أن تؤجج الاحتجاجات الشعبية لأن الدولة هي المعيل الوحيد لجميع العراقيين في ظل شلل الاقتصاد. ودخل العراق أخيرا ضمن برنامج مراقبة صندوق النقد الدولي، بعد أن ظل لوقت طويل بعيدا عن أي رصد لسجل أدائه الاقتصادي. وسيترتب على الحكومة العراقية الالتزام بشروط الصندوق، التي قد تكون صعبة التنفيذ، والتي تتضمن خفض الدعم الحكومي عن السلع الأساسية.

وأعلن الصندوق أنه اتفق مع السلطات العراقية على أن يقوم الصندوق بمراقبة سياسات بغداد المالية والاقتصادية، كأساس لبرنامج تمويل محتمل في العام المقبل.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

712 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع