بغداديات/ مواقف طريفة لنوري باشا السعيد ..

   

  بغداديات / مواقف طريفة لنوري باشا السعيد

                       

                                           

                                   تجميع وإعداد الدكتور/ أكرم المشهداني

   
 
          الله على أيام زمان وناس أيام زمان
 
عُرف عن نوري سعيد تعلقه وحبه للقب (الباشا) مذ كان طالبا بالكلية الحربية بالأستانة...كما عُرِفَ عن الباشا تعلقه بكل ماهو بغدادي وعراقي أصيل.

 

فالباشا إشتهر بعشق الاكلات البغدادية الأصيلة،  حُبّاً جَمّاً  فكان يحب الدولمة والشيخ محشي والتشريب والباجة والتمن والباميا، وكان يطلب أحياناً أن تنقل إليه حيث يكون. ... وكان يعرف ما تمتاز به بيوت أصدقائه وخصومه السياسيين، مِن أكلات بغدادية، لذا كان لا يتردد أحياناً عن أخبارهم بقدومه لتناول الغداء عندهم.

  

كما كان يُحِب تناول الخبز العراقي حاراً مِن تنور أحد جيرانه البُسطاء دون مَحاذير أمنية.
كان يُحِب تناول الطعام على الطريقة البغدادية، بدون تكلّف، مُرتدياً دشداشة وبيَده وبدون مَلاعق أو شوكات.

  

لم يكن لديه مِن المشروبات الاجنبية مايُنافس العَرَق العراقي . أحب الباشا الموسيقى والاغاني العراقية وكان يدمن الإستماع لإذاعة بغداد دون غيرها...لأنه لايريد سماع (وجع الرأس!!)...

      

إعتاد سَماعَ الموسيقى والأغاني التي يحبها عِبر الراديو مِن إذاعة العراق التي كانت تنقل حفلات نجوم الغناء العراقي كزهور حسين وعفيفة اسكندر وسليمة باشا والقبانجي وناظم الغزالي. أما بَيت الباشا فقد كان كأيّ بيت بغدادي بسيط بعيد عَن الزخارف والنقوش والأبهة، وإذا عاد الى البيت كان يلبس الدشداشة أو البيجاما والنعال ويُشغل نفسه بالأمور البيتية كتصليح الراديو أو رَش الحديقة أو مداعبة أحفاده أو رعاية الحيوانات التي كان يقتنيها مِن طيور وقطط وكلاب وقردة (يقول الأستاذ مصطفى القرةداغي: أن غوغاء الثوار نفذوا فيها جميعاً أحكام الأعدام يوم 14 تموز لميولها الأستعمارية ربما!!!).
كما عُرف عن الباشا أيضاً حُبّه للمفاجئات، فقد كان يذهب أيام الصيف لمَكتبه مُرتدياً بنطلوناً قصيراً وقميصاً، وقد يدخل فجأة الى مَجالس خصومه مِن الساسة فيضفي عليها روحاً مَرحة بنكاته الساخِرة وتعليقاته المبطنة.

 

(عُراقْ) لا (عِراق)!!!!
كما عُرف عَن الباشا  أنه يلفظ كلمة عراق بضَم العَين (عُراق)، وليس (عِراق)، وحين سُئِل عن السَبَب في لفظِه لها بهذه الطريقة أجاب "لأني لا أريد أن أكسِر عَين العراق".

     
 
هكذا كان الباشا، وهكذا كانت روحه الطَيّبة. لذا لكل صفاته هذه وأكثر مما لامَجال لذكره هنا أحب العراقيون الطيبون الباشا رغم إختلاف الكثيرين مِنهُم مَعه، ولعل هذا هو السِر في أن أحداً لم يُفكر يوماً بإغتياله رَغم قيامه بأمور كانت تُخالف أحياناً رأي عَوام الشعب، ورَغم تحريض خصومه المستمر ضدّه وقلة الحراسة عليه. فما مِن سياسي عراقي حَظيَ بحُب البغداديين وأثارت مزاياه وخِصاله أعجابهم مثل ما حَظيَ به الباشا نوري، سواء أثناء حياته أو بعد مماته، والسِر هو بَغداديته الصَميمية التي كانت تُكوّن مُقومات شخصيته وتحكم طبائعه وسَجاياه، والتي كان البغادلة ولايزالون يعتزون بها ويفتخرون بمن يبرز بها الى الصَدارة وواجهة الأحداث.
يقول السيد طالب مشتاق في كتابه "أوراق أيامي عن الباشا": " كان الباشا بغدادياً بكل ما في الكلمة مِن مَعنى ودلالة. كان بغدادياً في أخلاقه وشمائله، وبغدادياً في طعامه وشرابه، وبغدادياً في وفائه لأصدقائه وفي عِشرَته ونُكتِه، وبغدادياً في ذوقه الموسيقي وولعه بالمقام العراقي".

          
 
كان معتاداً على شراء فاكهته من محل المرحوم مهدي كَنّو الملقب (إبن گنّو) قرب تمثال الرصافي مقابل سوق الأمانة، واعتاد الناس على رؤيته بعد خروجه من مجلس الوزراء وقبل عبوره باتجاه منزله في كرادة مريم ينتقي فاكهته من إبن كنّو بلا حراسة ولا مرافقين ولا مصفحات ولا مواكب..

  
 
نوري باشا وأغاني الصباح بالإذاعة:
 هذه حكاية أخرى عن طيبة وأريحية نوري باشا السعيد رئيس الوزراء العراقي المخضرم...  تقول الحكاية كما يرويها أصحابها: أن الباشا دأب على الاستماع لبرامج الإذاعة العراقية ونشرتها الإخبارية في الصباح الباكر، وقبل تناوله الإفطار (الريوق)، وكانت قراءة الأخبار آنذاك محصورة بين الإذاعي الشهير الدروبي وموحان بن الشيخ طاغي الطائي.
وفي يوم من الأيام كان موحان هو الذي يقرأ النشرة الصباحية، ثم بثت الإذاعة أغنية (جبل التوباد حياك الحيا) في نهاية النشرة, وهي من قصائد أحمد شوقي المغناة بصوت الموسيقار محمد عبدالوهاب, وما أن سمع الباشا المقطع الأول من الأغنية، حتى تملكه الغضب، واتصل هاتفيا بالإذاعة، وطلب مديرها (محسن محمد علي)، الذي لم يكن موجوداً وقتذاك, فتحدث مع موظف في الإذاعة, وسأله: ((منو هذا اللي كان يذيع النشرة ؟؟؟))....... فقال له: انه موحان ابن الشيخ طاغي، قال: ((جيبوه أكلمه...... قولوا له رئيس الوزراء يريدك))،  فأسرع موحان إلى التلفون،  وكان مضطرباً قلقا،  ولم يكن بعد قد تناول حتى استكان شاي يبلّ به ريقه،  فالتقط السماعة، وأجاب:

((نعم سيدي))....

فجاءه صوت الباشا هادراً من الطرف الآخر: ((وِلْكُمْ وين راح ذوقكم... الناس بعدهم على ريكَهم... وانتو تدقولهم جبل التوباد؟ إتريدون أتبجوهم (تبكّوهم) من الصباحيات.... يعني ما عندكم أغنية بيها خير من الصبح.... أغنية بيها شويه فرحة بهجة ابتسامة....حتى تسمعونهم هاذي الأغنية؟)).
ثم هدأ فجأة... وتغير صوته... وقال: ((إبني موحان خلونا نسمع شي يفرحنا.. مثل اغنية: على شواطي دجلة مُر... أو خدك القيمر... أو خدري الجاي خدري... شوفولكم بستات إتوّنس الناس وتفرحهم؟))...

عندئذ اعتذر موحان بأدب جم.  فبادره رئيس الوزراء بنبرة الأب الحنون بعد أن شعر بحراجة موقف المذيع الشاب: ((إبني موحان أنت تريقت لو بعدك ؟؟)).... فأجابه: ((لا والله باشا))... فقال له الباشا: ((طيب تعال... وجيب وياك صاحبك الدروبي... تعالوا ترّيكَوا ويايه.... شيعجبكم تأكلون ؟؟)). .
وصل الاثنان (موحان والدروبي) إلى بيت الباشا... الذي كان خلف الإذاعة تماما... وما أن جلسا حتى حضر طبق البيض المقلي، وجبن الضفائر، وقيمر السدة، والكاهي، والعسل، وكانت وليمة فطور لا تنسى، جمعتهم في دار الباشا، فخرجا من البيت فرحين مسرورين، وعادا إلى عملهما في يوم مشرق من تلك الأيام البغدادية الجميلة، وقد تعلما كيف يرسما الابتسامة على وجوه المستمعين.

   


كانت النفوس في الماضي طاهرة نقية... لا تعرف الحقد... ولا الكراهية، ورحم الله شاعرنا الجميل محمود درويش عندما قال:((لا بأس من أن يكون ماضينا أفضل من حاضرنا, ولكن الشقاء الكامل أن يكون حاضرُنا أفضل من غدنا. فيا لهاويتنا كم هي واسعة ؟؟))....وبات من المسلم به أن ذكريات ماضينا أفضل من حاضرنا... وسوف تكون ذكريات حاضرنا أفضل من مستقبلنا.. والله يستر من الجايات.


              

معطف الفرو.. وحوار بين رئيس الوزراء ومذيعة
وكتب الأخ مثنى الجبوري يروي لنا رواية عن الباشا وإحدى المذيعات الشهيرات وكالآتي:
في أحد أيام الشتاء من خمسينيات القرن الماضي وكان الجو بارداً جداً ، واثناء عبور نوري باشا السعيد رئيس الوزراء بسيارته الحكومية على جسر الاحرار حاليا ً (جسر مود سابقا)، من جانب الرصافة متجهاً نحو الصالحية بالكرخ، وفي منتصف الجسر شاهد نوري السعيد المذيعة الشهيرة صبيحة المدرس وهو يعرفها كانت تعبر الجسر مشياً على الاقدام، ففتح زجاجة السيارة الجانبية وناداها باسمها طالبا منها الصعود معه في السيارة لإيصالها للإذاعة، وجرت محاورة بين الاثنين:
قال لها رئيس الوزراء: الى أين ذاهبة؟.
أجابته: الى دار الاذاعة و(نوبتي) ستبدأ بعد قليل.
فبادرها بالقول: إن ملابسك لاتتلاءم مع الجو البارد، وألاحظ أكتفاءك بارتداء (بلوزة) فوق ملابسك فقط، وهذا لاينسجم مع طبيعة الجو البارد الذي يفترض التحسب له؟!.
عقبت على ملاحظته قائلة: (قابل عندي معطف فرو حتى ألبسه؟؟؟؟!).
فهم المغزى من تعليقها وأجابها (يامنعولة الوالدين!).
تم أيصالها الى مقر عملها بالاذاعة، ومضى رئيس الوزراء في سبيله.
وقصة موضوع (معطف الفرو) الذي أشارت إليه المذيعة، وما دار حوله من حوار بينهما.تعود الى انه كان رئيس الوزراء قد عاد من خارج العراق قبل أيام، وجلب معه (معطف فرو) لزوجة أبنه صباح، وقامت قيامة المعارضة في صحافتها على ذلك، وكأنه ارتكب (معصية) لايمكن غفرانها، لهذا كانت تلميحات المذيعة التي فهمها رئيس الوزراء، وعقب عليها أيضاً، مفهومة للطرفين. كما أشتهرت المذيعة  في الاوساط الاجتماعية بقفشاتها وهجومها المتواصل أينما وجدت على رئيس الوزراء، وهو يعرف ذلك، ولكنّ سعة صدره ودهاءه المشهود له كان لايترك أي أثر أو ضغينة على من يتحامل عليه، إذ  كان يتعامل مع تلك الظواهر بإيجابية من دون ان تترك اثرا سلبيا في دواخله أو في تعاملاته، وهذه هي الصفات المفترض توفرها في القيادات لضمان السير بسفينة البلاد الى بر الامان.
وفي اليوم التالي اتصل مدير الدعاية العام خليل ابراهيم، بمدير الاذاعة السيد مدحت الجادر، وسلمه مبلغ (خمسة وعشرين دينارا) لإيصالها الى المذيعة، هدية من رئيس الوزراء، لغرض شراء (معطف) لها.
تأمل عزيزي القارئ  لم يغضب رئيس الوزراء من المذيعة، وهي تغمز من قناته بالتعرض الى (معطف الفرو)، بل اكتفى بالرد عليها بتوجيه (اللعنة) لها على الطريقة البغدادية المحببة، ولم يحاول الانتقام منها أو مضايقتها بعملها الوظيفي وهي تهاجمه في محافلها الاجتماعية، بل عمد الى تكريمها!.  وأترك لك تصويب الموقف.


  
نوري السعيد..ومنولوجات عزيز علي:
 في يوم أربعاء من اربعاءات عام ١٩٥٦ استعد المنولوجيست عزيز علي لدخول اســتديو الإذاعة بالصالحية لانشاد مقال ( السفينة ) و( صلّ عالنبي ) وأثناء الانشاد فوجئ بوجود الباشا ( نوري باشا السعيد ) وراء زجاج غرفة مراقبة الاستديو ينظر إليه مع بعض موظفي الاذاعة وقد خيل له انه سيكرمه ... فأنسجم نوري مع المنولوج ... وبعد فترة ترك غرفة المراقبة وعاد بعد قليل وهو يحدق بعزيز علي ويطيل النظر نحوه وبعد لحظات دخل مهندس الاذاعة ( ناجي صالح ) واسرَّ في اذن عزيز علي ( هل تحمل معك مجموعة اشعارك لان الباشا يريد ان يراها ؟) .... فسلمه اياها وهي بخط يده وكان الباشا قد سأله (لك شنو هذا.. دَيحجي من گلبه) فأجابوه:

(لا باشا هذا هو ينظم ها الاشياء وحافظها ويقرأها على الغيب ومدير الاذاعة موافق عليها)...

فطار صواب الباشا وقال وين مدير الاذاعة فأجابوه (طلع قبل إشويه) فقال (لعد جيبولي الاشعار اللي دايگولهه هذا- يقصد عزيز علي).

بعد حين عاد المهندس ناجي ليقول له ( الباشا يريدك ) فذهب عزيز اليه وهو يجهل ماقاله للموظفين.. فقال الباشا وبشكل يوحي بعدم الرضا :

( انت إشدعوة هلكد متشائم.. وداتبجي الناس بهاذي الحجايات .... مو ييزي تتشاؤم.. ييزي مضت علينه اربعميت سنة واحنا نبچي))..

ثم اردف  سائلاً عزيز علي:

(انت شنو شغلك)؟

فقال عزيز: (باشا آني موظف بالگمرك)

فقال الباشا  (واي واي.. إجمالة موظف بالحكومة)

فقال عزيز مع نفسه  (اكلها عزيز افندي خوش تكريم راح يكرمني الباشا). !!

ثم قال الباشا شنو تقصد بـالـ (جَيْ) وشتقصد بعبارة (آخر كل علاج هَلْجَيْ) فقال عزيز مجاوباً:

( باشا انت باشا تعرف الجي)!..

فقال الباشا (إلْمَنْ إتريد الجَيْ) فأجابه ( لم اقصد ناساً معينين). وللعلم (الجي) هو كما تقول العرب (آخر الدواء الكَيْ)..

فدس الباشا المجموعة المكتوبة في جيبه، وقال للحضور:

(بسيطة....)،

ثم غادر المكان.. فخاف عزيز في حينها ... ولم ينم  تلك الليلة .... وفي اليوم التالي ذهب إلى كمرك بغداد حيث كان يعمل مُخمناً فرَنّ جرس الهاتف وحدثه الاستاذ (خليل ابراهيم) مدير الدعاية العام وقال  له (الباشا يريدك) ويبدو انه كان يظن انه شيوعي.
فذهب عزيز  بصحبة خليل إبراهيم مدير الدعاية العام إلى مقر مجلس الوزراء في القشلة واستقبلهما الباشا قائلا (إشتشربون؟)....

فاعتذر كليهما عن طلب شيء ثم قال  الباشا مخاطباً عزيز علي:

(انته يا أخي... الله ناطيك هالموهبة ... إتسفط الكلام مثل ماتريد ... فليش دة تفزز الناس واتبجيّهم ... گول البلد بخير ... وبيه رجال مخلصين يگدرون يقضون على هالعيوب والآفات.. ليش تلزم بس الجوانب السلبية وماتذكر الجوانب الايجابية؟؟)...

  ثم توقف عند كلمة في مقال (حبسونا) يقول عزيز علي  فيها (مجلسكم مجلس اشرار) وقال له:

(بالله هذا اشلون حچي؟)..

  فأجابه عزيز (انني اقصد مجلس الامن وليس مجلس الامة!!)...

  فقال نوري باشا: (ليش آني غشيم هذا الحچي مايعبر عليَّ) .

فسكت ثم اعاد اليه المجموعة وغادر نوري السعيد المكان بدون ان يصدر أي عقوبة بحق عزيز علي... لكن (خليل إبراهيم) الذي بقي في غرفة الباشا بعد خروجه ... قال خليل إبراهيم لعزيز(الباشا تأكد انت موشيوعي وصار معجب بيك هواية) !!!...

وهنا قال عزيز مخاطبا مدير عام الدعاية: (أرجوك ان تشطب اسمي من برامج الاذاعة)..
وفعلا خاف عزيز علي على نفسه كثيرا بعد هذه المقابلة الساخنة، وفعلاً لم يذهب إلى الاذاعة في الاربعاء الذي تلا الحادثة رغم اذاعة اسمه ضمن استعراض البرامج....وموعد برنامجه في ذلك اليوم لكن جريدة الاهالي زادت مخاوف عزيز علي حين هاجمت الباشا في اليوم التالي، وقالت انه ذهب إلى الاذاعة لاسكات اصوات الحق المتمثلة بالادباء والشعراء.. فأزداد عزيز خوفاً وشعر ان عدم ذهابه هو السبب في ذلك وكي لاتتطور الامور أكثر ذهب في الاسبوع التالي وانشد مقال (انعل أبو الفن لابو أبو الفن) ليندب حظه العاثر في الفن..

(أنعل أبو الفن.. لا بو أبو الفن.. مو راح أنجن..)) وهو جواب على المقابلة.

   

وبعد ثورة ١٩٥٨ تحدث المرحوم الدكتور مصطفى جواد إلى عزيز علي بأحد أسرار مقابلة له مع المرحوم نوري السعيد: (كنتُ عند نوري باشا في أحد الايام ومصادفة أدار مؤشر الاذاعة فسمع مقالك (الفـن.. أنعل أبو الفن!!!) وتابع المنولوج بكامله.... ولكنه  عندما انتهيت، قال لي: (شوف شوف هذا إبن الـگــ.. كاعد يشتمني)!!!!.
   

   

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1056 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع