العفو عند المقدره
بقلم :ابن الرافدين
التسامح من أسمى الصفات التي أمرنا بها الله وعزّ وجلّ ورسله ، فالتسامح هو العفو عند المقدرة والتجاوزعن أخطاء الآخرين ووضع الأعذار لهم، والنظر إلى مزاياهم وحسناتهم بدلاً من التركيز على عيوبهم وأخطائهم .
حينما يقف الجند في حضرة قائدهم الآعلي بلاشك فأنهم يشعرون بهاجس الخوف و تملئ قلوبهم الرهبه و الخشية من اجراء مجهول خاصـة اذا علموا ان هناك عتابا أو حســـابا لهم منه علي أمر لا ذنب لهم .
كان هناك دارين للأستراحة مع مسقف لحماية مولدة التيار الكهربائي عائديتهم لوزاره الدفاع مع شقة لهبوط السمتيات في سفح جبل سري حسـن بيك و علي ارتفاع حوالي 1800 م اسفل القمة التي تعلو بحدود 2519 م عن مستوي سطح البحر. تشمخ نهاية قمة الجبل و التي تخترق السحاب كأنها هرم شاهق يعانق الفضاء فوق عارضـة جبلية.
يوجد بجانب الدور ينبوع ماء متدفق يجود بمائه الثمين باستمرارعلى أرض معطاء ، فيلطف الجو، وينعش النفوس، تنبت علي جانبي مجراه شتي انـواع الورود البرية و النرجس و من المؤكد كان اختيارالموقع لهذا السبب . فأينما وجهت نظرك لا ترى إلا ما يسحر العين من القمم الشاهقه و السفوح الخضراء من اشجار الغابات الباسقة و الوديان التي تجري فيها انهار صغيرة او جداول من المياه و سماع تغريدات المتنوعة للطيور.
هناك الطقس ذو برودة منعشة والسـماء ذات زرقة عميقة أما الرياح فهي باردة في موسم الربيع و هادئة منعشة في الصيف و الخريف و في خلال الشتاء تكون الآجـــــواء مثلجة و باردة كأنك في مناطق من جبال الالب في اوروبا .
ان هذا الموقع يشرف علي حوض سهل قضاء سـوران و الطريق الي قضائي جومان و ميركة سور و يبدو امامك جبل هندرين الشامخ الذي يماثل نفس ارتفاع جبل سـري حسن بك و مدينة راوندوزالعريقه الذي يعانقها و يحيط بها وادي الموت و هو اخـدود جبلي من الاستحالة اجتيازه لكونه شق عمودي لنهر هائج لكونه قادم من منحدرات و فـي خلفها جبل كــورك التي تتربع علي قمته القبه الفلكية و الصـحن الكبير لآغـــراض ابحاث الفضاء و بجانبه سلسله جبال برادوست و بوابة مضيق كلي عــــلي بك . اما علي جانبه الايسر يبدو جبلي زوزك و تاتان و اللذين هم اقل ارتفاعا .
كان هناك مفرزه عسكرية من خمسة مراتب من ذوي المـــــهن من الكهربائى و الـنــجار ومصلح انابيب يشرف عليهم نائب ضابط مع عجله عسكرية وسائق لمعالجة فورية لأية مشكلة قد تحدث في الدور اضافة الي تشغيل و صــــــــيانة المـــــــولدة الكهربائية حيث يقيمون فـــــــي خيمة كبيرة ليست بعيدة عن الموقع.
تدور احداث هذه القصة قبل حوالي ثلاثون عاما و بالتحديد في نهاية فصل الصيف من عام 1988 بعد ان وضعت الحرب مع ايران أوزارها .
في عصراحد ايام من شهر ايلول دخلت طائرتان سمتيتان اجواء قاطع مسؤولية فرقـــــة المشاة / 33 و كان يبدو للناظر انها تنقل اناس من ذوي المكانة الرفيعة لنوعيتها و التي كان تختلف عن الطائرات التقليدية الاخري الروسية الصنع مي 8.
توترت مشاعر افراد المفرزة بـــعد ان سمعوا نوعية ازيز الطائرتين و القادمتين نحوهم بأنه سيحل هناك في الدارين اناس من المكانة الرفيعة فــي الدولة . و ايقنوا سيكون هناك اعمالا يجب تلبيتها و تنفيذها لآجل راحة الضيوف القادمين و حيث ملأت نفوسهم أمــالا عسي ان يرضي الضيوف بها خلال مدة اقامتهم .
ما ان نزلت الطائرتان في شقة الهبوط و تبين لهم ان احداها تقل وزير الدفاع المرحــوم عدنان خيرالله و عائلته و الآخري حمايته . بعد وهلة وجيزة من دخولهم الدار ابلغ احد الحمايات أفراد المفرزة بالمثــول امام السيد الوزير حسب طلبه للاستفسار حول تجاوز قد حصل على احـد الدور بكسراحدي نوافذه و سرقت منها بطانيات. و ما ان وقفوا في حضرة الوزير و سؤاله عن الحدث وهل انهم يقبلون عن مثل هذا الفعل من قبل اناس اخرين في مساكنهم ؟
أجاب مسؤول المفرزه بأنهم لا دخل لهم فيها و انهم قد ارسلوا الي هــذا الواجب منذ فترة ليست طويلة و كانت هنا وحدات اخري تشغل المنطقة .
ارسلت المفرزة الي مقر الفرقه لغرض التحقيق وألادلاء بشهادتهم حول الموضـوع و تشكيل مجلس تحقيقي في مقر الفرقة حول التجاوز الحاصل علي حرمة الدار . علي الفور تم ارسال رسائل فورية ل 17 وحدة من افواج المشــــــــاة و الدفاع الوطني و قواطع الجيش الشعبي و كتائب المدفعية التي اشغلت القاطع و الطلب من أمريها خـــلال تلك فترة المثول امام المجلس بغية ادلاء بشهاداتهم . وأظـــــهرت النتيجة التحقيق ان هناك اعداد من المطلوبين حضورهم كانوا بين شهيد و اسير و مفقود نتيجه القتال خـــــلال السنوات الثمانية من الحرب .
بعد ان اطلع السيد الوزير علي نتيجة التحقيق و دخل دائرة الحزن نتيجة هــــــــــــؤلاء الاشخاص العزيزين علي القلوب لم يحضروا المجلس للسبب أعلاه , وان المسروقات لا تعني شيئا امام مشـــاعر فراقهم لآحبتهم و اهلهم و أصدقائهم و أرضهم و ان الاجــــراء كان فقط من اجل ان يأخذ العدل مجراه و ان لا يكرر الفاعل عملته هذه و أضـــــافة الي قناعته بأن السـارق ربما فعل ذلك بدافع لحماية روحه و ارواح زملائه من حاله الآنجماد و الهلاك , أمــــــر بغلق المجلس و القبول بهذا التجاوز و كتب عبارة الله يسامح الفاعل .
لك الرحمة و الغفران يا شهيد العراق عدنان.
711 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع