أيام زمان - الجزء السابع / كلية بغداد وجامعة الحكمة

       

      أيام زمان - الجزء السابع /كلية بغداد وجامعة الحكمة

   

    

من المدارس الثانوية المتميزة للبنين في بغداد. تعتبر من أنجح مدارس العراق وأعرق مدرسة ثانوية في القارة الآسيوية، وتضمنت أرقى برامج التعليم والمعرفة على مدى عقود من تاريخها، وتضم نخبة الطلاب حيث تخرج منها العديد من المثقفين المعروفين والمفكرين والأطباء والعلماء وغيرهم، وهاجر أغلب خريجيها وأساتذتها بعيداً عن العراق، بسبب الظروف السياسية غير المستقرة التي واجهت البلد والذين انتشروا في كافة أنحاء العالم حالياً.

           

كلية بغداد (Baghdad College، تختصر إلى BC)، أغلب طلبتها كانوا من اليهود والمسيحيين في عقدي الثلاثينيات والأربعينيات والكثير من الأجانب من العوائل الملكية الراقية.
على ضفاف دجلة، في شارع الأخطل الرابط بين منطقتي الأعظمية والكريعات، على الضفة الشرقية من نهر دجلة، شيدت على الأرض التي كانت قصر رشيد باشا الزهاوي، ثم استقرّ فيه الحاكم السياسي الإنكليزي.

        

ثانوية كلية بغداد تأسست عام 1932 على يد الآباء اليسوعيين الأمريكيين، وتضم خمس بنايات بطابقين، ومازالت المدرسة تحتفظ ببنائها الذي لم تجر عليه أية إضافات.
في عام 1929م وبعد طلب من بطريرك الكلدان الكاثوليك في بغداد، يوسف عمانوئيل الثاني توما، وبتوجيه من البابا بيوس الحادي عشر، وصل إلى بغداد مجموعة مكونة من أربعة آباء يسوعيين أمريكيين وأسسوا كلية بغداد كمدرسة ثانوية للبنين. عرفت بـ "BC on the Tigris" من قبل الآباء، المدرسة كانت تحتوي على كادر من الآباء من مقاطعة نيو أنكلاند اليسوعية. والرهبنة اليسوعية، هي واحدة من أهم الرهبانيات الفاعلة في الكنيسة الكاثوليكية، ومن أكبرها تأسست على يد القديس أغناطيوس دي لويولا في القرن السادس عشر أيام البابا بولس الثالث في إسبانيا.
بينما رحب مسيحيو بغداد بمجيء اليسوعيين، أما المسلمين فقد كانوا في البداية مشككين من اتجاهاتهم. ولكن، لاحقاً قام المسلمون بمدح هذه المؤسسة حيث أصبح من الواضح أن مهمة اليسوعيين كانت لإغناء التعليم، وليس لتحويل المسلمين عن ديانتهم. الثقة كبرت في اليسوعيين في كلية بغداد حيث كانوا يحتفلون بالأعياد المسيحية والمسلمة في ديار طلابهم.
أول اختبار للكلية حصل خلال الثورة المحركة من قبل النازيين في بغداد أيام الحرب العالمية الثانية. ظل اليسوعيين الأمريكيون يعملون في كلية بغداد، وكذلك خلال ثورة رشيد عالي الكيلاني عام 1941م، عندما
كان بقية الأمريكيين يهربون من البلاد. هذه الشجاعة أدهشت رئيس الوزراء العراقي في حينه كثيراً، وبعد قمع الثورة. قام بإرسال ولديه الإثنين إلى كلية بغداد
العراق على مدى تاريخه الحديث، وخلال الخمسينيات، كانت تشكيلة كلية بغداد الطلابية تحتوي على 50% من المسلمين، 35% من المسيحيين الكاثوليك، و15% من المسيحيين الأرثودوكس. وقبل خروج اليهود من العراق بين عامي 1948 و1951، شكل اليهود نسبة ملحوظة من التشكيلة الطلابية. وبمرور الوقت، كبر حرم الكلية ليضم تسع بنايات كبيرة، من ضمنها مدرسة داخلية، مكتبة، ومختبرا.
قبل تأسيس كلية بغداد كانت العوائل العراقية الراقية ترسل أبناءها إلى كلية فيكتوريا في الإسكندرية في مصر. ولكن بعد تأسيس كلية بغداد وقربها وتدريسها العالي الصفات.

                                     

بعد تأسيس كلية بغداد ونجاح هذه التجربة وتطويرها من قبل الآباء اليسوعيين، بدء الآباء اليسوعيين يتسلمون طلبات من عوائل الطلاب طالبوا فيها بإنشاء مؤسسة للتعليم العالي، وبدأ الآباء اليسوعيين بتنفيذ هذه الفكرة. ويقومون بتشكيل مؤسسة أخرى في بغداد عام 1956م، وهي جامعة الحكمة.
وفي عقد الخمسينات أصبحت الكلية مؤهلة تماماً/ لإدارة مؤسسة جامعية لما فيها من كوادر تدريسية وإدارية فقدم الأب توماس هسي اليسوعي رئيس كلية بغداد، طلبا إلى وزارة المعارف العراقية (وزارة التربية العراقية حالياً) في نيسان من عام 1955 منح كلية بغداد الإذن الرسمي للبدء بالتعليم العالي، ويكون التَدريس أربع سنوات ينتهي بمنح المتخرج فيها درجة البكالوريوس، ووافقت الوزارة وفي الثلاثين من حزيران سنة 1956 حصلت الموافقة على تسمية المؤسسة بـجامعة الحكمة، وجاء اختيار هذا الاسم تيمناً بـبيت الحكمة وهو مركز ثقافي قديم أسس في زمن الدولة العباسية في بغداد.
ولقد حَضت جامعة الحكمة بالإعجاب والدعم من المملكة العراقية، وخصوصاً رئيس الوزراء العراقي نوري السعيد، الذي أعطى ارض حكومية ثمنها مليون دينار، مساحتها 272 دونم من الأراضي لبناء الجامعة في منطقة الزعفرانية.
عين الآباء اليسوعيين الأب جوزيف الراين اليسوعي رئيساً لجامعة الحكمة، والتي بدأت الدراسة فيها فعلياً عام 1956، وفي تشرين الثاني سنة 1957 وضع الحجر الأساس للجامعة في منطقة الزعفرانية، وأنجز العمل فيها عام 1959 والذي شهد انتقال الجامعة إليها بصورة كاملة. تضم الجامعة: كلية الآداب. كلية الهندسة. كلية التجارة. معهد الدراسات الشرقية.
بعد حرب 1967 وتُعرف أيضاً في كل من سوريا والأردن باسم نكسة حزيران، وفي مصر باسم نكسة 67 وتسمى في إسرائيل حرب الأيام الستة، تفاقمت المشكلة مع الأمريكان، عندما أغلقت السفارة الأمريكية في العراق، وكالمعتاد بقي اليسوعيين الأمريكيون في المدرسة على الرغم من خروج أغلب الأمريكيين من
العراق.
وبعد ثورة 17 تموز 1968 وأستلام حزب البعث العراقي الحكم في العراق، أدت إلى تغيير كبير في الساحة السياسية في البلاد، وتم تدريجيا تأميم المدارس الخاصة، وبالرغم من معارضة الأساتذة في جامعة بغداد، صدر قانون جامعة الحكمة رقم 190 لسنة 1968، الذي جعل لغة الدراسة من الإنجليزية إلى العربية، ثم صَدر في عام 1969 قرار مجلس قيادة الثورة رقم 342 في عام 1969 بحل الجامعة ودمج كلياتها بجامعة بغداد، قامت حكومة البعث بالسيطرة على جامعة الحكمة.
عمد اليسوعيين أن لا يتدخلوا في السياسة، وعلى الرغم من ذلك، كانوا دائماً مهددين بالطرد. وكانت مشكلة تغيير الحكومة فرصة للتخلص من اليسوعيين وإلغاء عملهم المبدع. وأمرت يسوعي الجامعة بالمغادرة في تشرين ثاني/ 1968. وقام العديد من الطلاب (بالرغم من تحذيرات البعثيين) بالذهاب إلى المطار لوداع الآباء اليسوعيين الذين يسمون في بغداد بـ "الفاذرية".
كما قامت الحكومة البعثية بالسيطرة على كلية بغداد في 24 أب، 1969م، وأعطت أل 33 يسوعي الباقين مهلة ثلاثة أيام لمغادرة العراق. وقد عمل 145 يسوعي في كلية بغداد. توفي خمسة منهم ودفنوا بالقرب من كنيسة المدرسة، التي لا تزال تعود إلى الجمعية اليسوعية، وكلية بغداد بقت كملاك حكومي منذ طرد اليسوعيين. فتحولت أبنية الجامعة إلى معهد التكنولوجيا في منطقة الزعفرانية. وأغلق المرصد الفلكي فيها.
وقعت في هذا العام بعض الأحداث، التي هددت الأمن في منطقة الأعظمية ببغداد، (موقع كلية بغداد) ومن ضمنها إرسال تهديد إلى الكلية نص على أن تغلق المدرسة أبوابها، وإلا سيتم استخدام أسلوب العنف والتهديد بالقتل.
قررت وزارة التربية والتعليم إثر هذا التهديد، نقل طلاب وأساتذة كلية بغداد إلى ثانوية المتميزين، الواقعة في الرصافة 2 حفاظاً على حياتهم، وقد رحبت ثانوية المتميزين بكلية بغداد وبأساتذتها ولكن حصل بعدها صعوبات في الإدارة والتدريس، فقد تم نقل حوالي 1700 طالباً فوق الموجودين في الثانوية، أي أن عدد الطلاب فاق الـ2500 طالب وكذلك الأساتذة الذي بلغ عددهم حوالي 80 أستاذاً وأستاذة، فأصبح الحمل كبيراً على الإدارة في تنظيم الصفوف والجداول وكذلك الصعوبة التي واجهت طلاب كلية بغداد، فمن المعلوم أن منهج مواد كلية بغداد في (الرياضيات - العلوم - الأحياء - الكيمياء - الفيزياء) باللغة الإنكليزية، أما في ثانوية المتميزين فباللغة العربية، مما أحدث تغيراً جذرياً في دراسة طلاب الكلية.
واجه كل من طلاب كلية بغداد وثانوية المتميزين صعوبة في الاندماج والاختلاط، فوصل الأمر إلى الاشتباك بين طلاب المدرستين، وقد وصل الاختلاف إلى أن ينشر مقال في إحدى الصحف تحت عنوان (كلية بغداد ضيف ثقيل)، وكان هذا المقال عبارة عن شكوى إلى الوزير، وبعدها لم يستطع طلاب كلية بغداد الاستمرار حيث عادوا إلى منطقة الأعظمية، والتي كانت تعد منطقة ساخنة حيث سقطت أكثر من مرة قذائف هاون على ساحات لعب كرة القدم وفي أحد الأيام تعرض بعض الطلاب إلى إطلاق نار من سيارة مجهولة عندما
كانوا واقفين أمام المدرسة ولكن دون إصابات.
هذا فضلاً عن عمليات الخطف التي كانت تحدث بصورة شبه مستمرة في شارع الأخطل المؤدي إلى المدرسة المعروف في تلك الفترة بشارع الموت.
بحلول العام الدراسي (2007 - 2008) وبالتحديد في شهر تشرين الأول 2007 استطاعت وزارة التربية فتح كلية بغداد من جديد في موقعها الأصلي، بالإضافة إلى فتح مبنى ملحق في منطقة زيونة مساعدة لطلاب المنطقة للوصول إليها، فصدر أمر وزاري بعودة جميع الطلاب إما إلى الموقع الأصلي أو الملحق وعودة جميع الأساتذة إلى كلية بغداد فعاد قسم منهم إلى موقعها الأصلي والقسم الآخر إلى ملحق كلية بغداد في زيونة وقد أدى هذا إلى الاستقرار الإداري في ثانوية المتميزين وعاد كل شيء إلى ما كان عليه واستقرار كلتا المدرستين. وفي عام 2009 تم افتتاح فرع آخر في جانب الكرخ من بغداد في منطقة البياع، وكان مديرها أحمد سلمان فرج. بعد عام 2008 تم افتتاح فرع لكلية بغداد كلية بغداد للبنات في منطقة الباب الشرقي وتم دمجها مع ثانوية العقيدة العريقة للبنات.

               

تخرج من كلية بغداد العديد من الشخصيات المعروفة من بينهم:
إياد علاوي، رئيس الوزراء العراقي السابق، والمرحوم أحمد الجلبي، النائب في البرلمان العراقي السابق، عادل عبد المهدي، رئيس الوزراء العراقي السابق، ليث كبة، اللورد آرا درزي، جرّاح ومستشار في وزارة الصحة البريطانية. أكمل الدراسة الطبية الأولية في أيرلندا وهو الآن جراح أول في الجراحة التنظيرية في مستشفى سانت ماري في لندن. سفيان أكرم عبد القادر الدوري القائم بالأعمال في تركيا السابق. عيزرا إسحاق، عالم في الطب وهو أول من قام بعملية ترقيع شبكية العين بواسطة الليزر، يهودي فرنسي الجنسية من أصل عراقي. شانت اسانسيليان، موسيقار أمريكي الجنسية ومن أصل عراقي (مسيحي أرمني) غادر العراق في عام 1980 ويعيش حاليا في السويد ولديهِ مسرح موسيقي باسمه، المهندس أحمد العبدلي خبير المفاعلات المحفزة. هشام صالح جراح انف وأذن وحنجرة معروف في بريطانيا وهو بريطاني من أصل مصري. غسان الآلوسي ابن الجراح المعروف حسني الآلوسي، جراح انف وإذن وحنجرة في بريطانيا وهو بريطاني من أصل عراقي.
مصادر: وكالات – تواصل اجتماعي – نشر محرري الموقع
ويكيبديا الموسوعة الحرة.

للراغبين الأطلاع على الجزء السابق:

https://algardenia.com/mochtaratt/48225-2021-03-14-10-41-52.html

     

   

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

840 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع