للأسف الشديد لم يعد خد العراقية قيمراً

            

                   عندما كان العراق عراقاً

         

بقي الخد ناصعا عندما كان مرآة لحريتها وكرامتها لذلك نقله ناظم الغزالي في نص جبوري النجار الموغل في بغداديته ولحن ناظم نعيم الخارج عن الذائقة السائدة آنذاك، إلى المدن العربية كأجمل ما تكون عليه الأغنية، فخد العراقية كان كالقشطة المصفاة من حليب الجاموس ناصع البياض، فصار قيمرا، أشبه بقمر يفتتح به الحبيب صباحه.

لكن ويا للوجع، لم يعد خدها قيمرا وصار ساقية شاحبة تنهمر فيها الدموع من دون أن تورق زهرة أمل واحدة، يا لدمع العراقيات فالعراق لم يعد عراقاً، وصاحبة الخد الناصع الذي تحول إلى ساقية دموع شاحبة تكاد تجسدها صورة الفتاة “نجلاء” ذات العشرين عاما التي تعمل في أشق المهن على الرجال، فكيف بجسدها الغض وجوعها ووحدتها المخيفة، وكيف للبلاد كل البلاد ألا تشعر بالعار؟

كأن الدكتورة وردية بطلة رواية “طشاري” لإنعام كجه جي، قد أوشكت على التخلي عن حلمها تماما هي التي تركت العراق من دون عودة، فلم يتبق لها في بلدها ما يبقيها ولا ما يمسكها عندما رأت “السرسرية” يحتلون الطرقات ويحكمون البلاد.

نجلاء التي مرت حكايتها أمام العدسات كواحدة من ملايين قصص ذوات خدود القيمر أو سيدات زحل وفق الروائية لطفية الدليمي، تركها زوجها واستحوذ على ابنتها الكبيرة وترك لها ابنتين بعد أن تزوجها وفقا لقانون تبادل زيجات كان سائدا في زمن التخلف العشائري قبل عقود وعاد مع سقوط البلاد في لجة الديني، وهي اليوم تعمل تحت شمس البلاد الحارقة في معمل لصناعة الطابوق (الآجر) أشد المهن قسوة على أجساد الرجال الأشداء.

تعيش هذه البنت الغضة مع طفلتيها في هيكل طيني من دون أن يشعر لا أهلها ولا زوجها بالعار العشائري، الذي ينتفضون لأجله عندما ترتفع في داخلهم الغريزة البدائية، كما لم تخلع العمائم الحاكمة سوداء وبيضاء جبتها بعد أن سدت رائحة العار أنوفهم. إنهم لا يستنشقون رائحة عارهم.

من لي بسليمة باشا مراد وهي تغني عن العراقية أم العيون السود؟؟؟

                      

بالأمس انتفضوا بأصواتهم القادمة من الخرافة التاريخية لأن ثمة من حاول أن يعيد مساحة أمل للشارع بمسابقة لملكة جمال العراق، من أجل أن يعيد لذوات خدود القيمر إحساسهن بالجمال، صرخوا بأشد ما يكون الصراخ معبّرا عن السقوط في العمق الآسن لدين وفق مصالحهم، لأن ثمة من يحاول إخراج العراقية من الكيس الأسود التي وضعت فيه.

لا يريدونها إلا ناحبة حافية سائرة مع جموع الرعاع باتجاه المراقد والقبور، وفي وقت استراحتهم يشرعون قانونا تكون فيه العراقية أداة لزواج المتعة.

المصدر:ميدل ايست اونلاين

الكاتب :كرم نعمة

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1471 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع