كردستان العراق بانتظار وحدة (الاتحاد) و(التغيير).

                                           


بعد (4) سنوات (2008-2012) من القطيعة بين جلال طالباني أمين عام الأتحاد الوطني الكردستاني (الاتحاد) ونوشيروان مصطفى رئيس حركة التغيير التي انشقت عن (الاتحاد) ثم تو سعت بسرعة قياسية دلت على أن مايقارب النصف من (الاتحاد) التحقوابها بدليل تساوي المقاعد الى حد ما والتي نالها الطرفان في أخر انتخابات تشريعية جرت في اقليم كردستان.

حصل قبل أيام تطور لافت، أثر عودة طالباني من المانيا التي زارها لتلقي العلاج، في العلاقة بين الرجلين وبين التنظيمين في ان معا بأتجاه التطبيع الذي كان متوقعا لأسباب سنذكرها لا حقا. يذكر أنه بعد (4) سنوات أيضا (1994-1998) من الاقتتال بين (الاتحاد) والحزب الديمقراطي الكردستاني (حدك) حصل التطبيع بينهما وبين ادراتيهما الحكوميتين بوساطة امريكية أشرفت عليها مادلين اولبرايت يوم كانت وزيرة للخارجية الأمريكية . ويعد توحيد  الأدارتين الكرديتين من اهم مكاسب ذلك التطبيع إضافة الى قيام الحزبين بتوحيد مواقفهما وتحالفهما المتمثل في (التحالف الكردستاني) .

ويذكر أيضا أنه بعد (4) سنوات (1983-1987) من اقتتال أخر بين (الاتحاد) و(حدك) في العقد الثامن من القرن الماضي.فأن الاحتراب بين الحزبين توقف. ويشاد بجهود المرحوم ادريس بارزاني في ايقاف القتال بينهما ، وكان
من ثمار ذلك تأسيس الجبهة الكردستانية التي انضمت اليها (5) احزاب كردستانية اخرى كذلك لمقاومة حكومة صدام حسين ، ومن المنجزات الهامة لتلك الجبهة، الأعداد للانتخابات البرلمانية الكردستانية في 19-5-1992 فقيام الديمقراطية في كردستان .

ويذكر كذلك أنه بعد (4) سنوات أيضا (1966-1970) بين (حدك) بقيادة المرحوم مصطفى البارزاني وبين التنظيم الذي انشقق عن (حدك) بقيادة طالباني والمرحوم ابراهيم احمد والذي سمي اي التنظيم بالحزب الثوري الكردستاني ، فأن الوحدة  عادت الى (حدك) بعد أن أوفد المرحوم البارزاني نجله المرحوم ادريس الى لندن للتفاوض مع طالباني وابراهيم أحمد لأجل طي صفحة الخصومة الدموية بينهما، وتحقق ذلك بفضل جنوح الجانبين للسلم سواءً بسواء. وبذلك سد الطريق امام حكومة البكر – صدام انذاك من استغلالها للفرقة بينهما لصالح بغداد وعلى الضد من الحركة الكردية.

مما تقدم، نخلص الى أن عمر الخصومات الكردية – الكردية كان قصيرا لا تتجاوز فترته الزمنية ال (4) سنوات على وجه التقريب، وان الصلح والوئام كانا خاتمة لكل جفاء بين المتحاربين الكرد فيما بينهم . عليه وتأسيسا على ذلك، يبدو ان دخول حزبا طالباني ونوشيروان مصطفى في وحدة اندما جية سيتم تلقائيا دون عوائق، اذا تم تغليب العقل والحكمة وبعد النظر والمصلحة القومية  الكردية على اية مصلحة اخرى مثل الحزبية الضيقة، والجميع الان بانتظار وحدة بينهما تتوج التطبيع الذي اسفر عن زيارة نوشيروان مصطفى الى الرئيس جلال طالباني للترحيب به والتهنئة على سلامته، ويسرع من التطبيق فيما لو اقدم طالباني على رد الزيارة  الى نوشيروان مصطفى. ويشجع على ذلك، ان عصر الانشقاقات في الاحزاب والحركات الوطنية، قد أفل منذ عقود، وبمقدوري القول ان عقد الستينات من القرن الماضي بالأخص، كان عقد انشقاقات في معظم الاحزاب والحركات الوطنية سيما في العالم الثالث، ففي ذلك العقد دبت الانشقاقات في الاحزاب العراقية الرئيسية الثلاثة: حزب البعث والحزب الديمقراطي الكردستاني  والحزب الشيوعي العراقي، وفي الخارج والعالم المشار اليه فأن الانشقاقات طالت اكثرية الاحزاب والحركات وعلى وجه الخصوص الاحزاب الشيوعية كتحصيل حاصل للخلاف الصيني – السوفيتي. والذي يمييز الحالة الكردية، ان المتخاصمين الكرد في العراق اعادوا الوحدة الى صفوفهم، في حين بقي الانشقاق على حاله في الحزبين العراقيين الاخرين، الى أن انتهي بزوال المنشقين في كليهما.
ويلاحظ، ان الانشقاقات وقعت اصلا في مجتمعات متخلفة انسحب تخلفها على احزابها وسياسيها، فعلى سبيل المثال شهدت معظم الاحزاب الشيوعية في العالم الثالث انشقاقات في صفوفها، بين موالية للسوفيت وبين موالية للصين، في وقت لم يشهد الحزبان الشيوعيان في الصين والاتحاد السوفيتي السابق اي انشقاق، كون البلدين، حضاريان ومتقدمان، والقول ذاته يسري على الاحزاب البرجوازية القومية  في العالم نفسه ( الثالث)، ففي الوقت الذي انشقت في معظمها على نفسها فان الاحزاب الحاكمة في امريكا وبريطانيا .. الخ لم تشهد اي انشقاق.  لقد ولى زمن الانشقاقات وكذلك الانقلابات العسكرية وظواهر سلبية اخرى. لذا نستطيع القول، ان الانشقاق الذي وقع في (الاتحاد) ولد في زمان غير زمانه، وجاءت حالة شاذة محسوبة على زمن مضى، غريبة على الحاضر المعاش.
والذي يمهد بسهولة الى تحقيق الوحدة بين الحزبين (الاتحاد) والتغييرويشجع على ذلك، ان الانشقاق الذي حصل في (الاتحاد) لم تصاحبه معارك أو مصادمات دموية بين الاصل والفرع ان جاز التشبية وذلك على النقيض من الانشقاقات والخلافات الكردية – الكردية الاخرى التي ادت الى نزاع دموي بين اطرافها.
ومن العوامل المساعدة على ترتيب الوحدة الاندماجية بينهما، توحيد الاحزاب الكردية السورية ضمن المجلس الوطني الكردي السوري قبل اسابيع لأجل نيل الحقوق القومية للكرد في سوريا، وفي كردستان ايران توحد جناحا الحركة القومية  الكردية: الحزب الديمقراطي الكردستاني الايراني وحزب ( كومه له) لمقاومة النظام الايراني، ما يعني انه لم يبق سوى الاتحاد والتغيير لم تهب عليهما رياح الوحدة والاندماج.

ان الذي يقوي من احتمال توحيد هذين الحزبين هو غياب وسيط بينهما، رغم ان الوسيط مقبول طالما يسعى الى تحقيق هدف بنيل، كالوساطة الامريكية التي اتينا على ذكرها، مايفيد ان الخلاف بينهما بسيط قابل للحل بسهولة.  ان وحدة ( الاتحاد) و(التغيير) التي تنتظرها الملايين الكردية بفارغ من الصبر لابد أن تحدث نقلة نوعية في الحياة السياسية الكردستانية شبه الراكدة منذ سنوات تفضي الى انجاز مكاسب هامة للكرد على غرار منجزات الاعمال التوحيدية السابقة، وعلى الحزبين ان لايكتفيا بالتطبيع، اذ ان العلاقات بينهما حتى قبل  الزيارة التي اشرنا اليها، كانت طبيعية الى حد كبير لم تتخللها مصادمات اومعارك، وما عليهما الا ان يخطوا الخطوة التالية  والاخيرة ألا وهي الوحدة، ويأتي الان دور طالباني لرد تلك الزيارة. وليعلم طالباني، ان مايبذله من جهد ومسعى لحل الازمة السياسية في العراق، عمل نبيل بحق، رغم ان الفشل سيكلل جهوده حتماً، فأن الاولى به والحالة هذه ان ينصرف الى اعادة الوحدة الى حزبه والى ترتيب البيت الكردي كذلك، علما ان من السهل تحقيق الأثنين .

ويرتكب خطأ من يتقدم بتفسيرات مغايره للتفسير الذي قدمناه، كان يقول، ان توحيد الحزبين يجر بالضررعلى الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي الى جانب (الاتحاد) يشكل احد طرفي الثنائية التقليدية في تداول السلطة في كردستان لذا يجب تجنب التفكير باضعافه أو إقصائه الذي من شأنه ان يقود الى نظام الحزب الواحد المرفوض سلفا. واذا كان (حدك) قد حقق فوزا على (الاتحاد) في انتخابات عام) 1992 الكردستانية بمقعدين، في وقت لم يكن الاخير منقسما على نفسه، لهذا فأن وحدة (الاتحاد) و( التغيير) لن تضره بقدر ما تنفعه، اذا اخذنا بالاعتبار ان  رذاذ الانشقاق في (الاتحاد) اصابه في اكثر من موقع ومايزال يعاني منه  . والذي يضعف كلا الحزبين (حدك) و(الاتحاد) وكذلك ( التغيير) وحتى في حال تمت وحدة الاخيرين، هو الأبتعاد عن الجماهير، والتوجه بدلاً من ذلك الى كسب تأييد الاحزاب الثانوية أو تشكيل احزاب كارتونية بوجه بعضهما بعضاً. وممارسات اخرى على غرارها، اضرت  بالحزبين( حدك) و(الاتحاد) وجعل الفساد على اشكاله ينتشر في مفاصل الحكومة التي يقودانها. لقد ان الاوان لأستخلاص الدروس والعبر، وتحقيق الوحدة بين الاتحاد والتغيير وترتيب البيت الكردي وتقوية كل الحركة الوطنية الكردية. ان قوة الاحزاب تكمن في توجهها الى الجماهير الشعبية التي تعد بمثابة حليف ثابت ومخلص، في حين نجد ان التحالفات الحزبية سواء كانت بين حزبين او عدة احزاب غالبا ما تكون وقتية وعرضة للأنهيار. رغم اهمية التحالفات في مراحل تأريخية معينة غير انها لن تكون بديلة عن الجماهير الشعبية.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


 

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

635 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع