دراسة نقدية وتحليلية لقصيدة شعرية "

                                              

" دراسة نقدية وتحليلية لقصيدة شعرية " ( بقلم د . وحيد الفخرانى )


                              

     

     ** قصيدة . . " أحبك جداً " . . للشاعرة : لمياء عمر عياد .


                 

أنصت . . سيدى .
أحبك جداً .
وأحب . . أحبك جداً .
وكم هو حبك . . واحة فى صحراء همومى .
وكلماتك . . النبع الصافى .
أحبك . . سيدى .
وما همنى فى حبك . . أن تحبنى .
أو أن تزيد .
فحبى أغرقنى . . وأجتاح كل ما فى .
سأحبك . . رغماً عنك . . ورغماً عنى .
فنواميس حبك . . تعتذر من كل هذا .
وتختلق لها طبيعة . . غير الطبيعة .
وبوح من الصمت . . فى براكين . . تنثر الورد لا حمم .
كفانا الوجع والقهر .
طويت الصفحات السوداء .
واقتنيت أجمل الألوان .
فلننطلق حبيبى ومولاى .
إلى قصر . . رسمته من خيالى .
نعزف حب الخلود .

                                    

** دراسة نقدية وتحليلية للقصيدة :

فى هذه الدراسة . . نتناول القصيدة . . من عدة نواحى رئيسية هى :
أولاً : العرض العام للقصيدة .
ثانياً : الفكرة الرئيسية للقصيدة .
ثالثاً : العاطفة المسيطرة على الشاعرة .
رابعاًً : أسلوب عرض الفكرة . . وفيه نعرض لنقاط أربع هى :
( 1 ) الألفاظ .
( 2 ) التراكيب .
( 3 ) الصنعة الأدبية .
( 4 ) الإيقاع .
خامساً : الخيال .
سادساً : شخصية الشاعرة .
سابعاً : أثر البيئة فى القصيدة .
ثامناً : الخصائص الفنية لأسلوب الشاعرة .
تاسعاً : الحكم العام على القصيدة .


أولاً : العرض العام للقصيدة .

سبق عرض القصيدة عرضاً عاماً فى مقدمة هذه الدراسة . . وقد تبين من العرض العام ، أن القصيدة تمت صياغتها فى قالب الشعر العمودى الحر ، الذى تحرر من كل أوصاف الشعر – سواء من ناحية البحر أو الوزن أو القافية – وبالتالى فالقصيدة تميل إلى الشعر النثرى ، بصورة ظاهرة وواضحة .
وقد جاءت العبارات واضحة وبسيطة ، وإبتعدت الشاعرة عن الكلمات أو العبارات الغامضة .

ثانياً : الفكرة الرئيسية للقصيدة .

تدور الفكرة الرئيسية للقصيدة . . حول مخاطبة الشاعرة لحبيبها ، وبيان قدر الحب الذى تحويه فى قلبها وصدرها للحبيب ، وحلمها الدائم بالإنطلاق مع الحبيب ، نحو تحقيق حلمها الدائم بحب خالد لا ينتهى ولا يموت .

ثالثاً : العاطفة المسيطرة على الشاعرة .

تسيطر على الشاعرة طوال القصيدة . . عاطفة الحب والعشق والحلم الجميل . . وقد لازمتها هذه العاطفة طوال القصيدة ، ولم تفارقها أبداً ، حتى آخر سطر فيها .
وقد ألقت هذه العاطفة بظلالها الكثيفة ، على إختيار المفردات والألفاظ ، وكذلك على التصوير الخيالى , وتأثرت بها الصنعة الأدبية للشاعرة إلى حد بعيد . . وذلك على النحو الذى سوف نعرض له فيما بعد .

رابعاً : أسلوب عرض الفكرة .

وسوف نتناوله . . فى نقاط أربع هى :

( 1 ) الألفاظ : فقد أجادت الشاعرة فى إختيار وإنتقاء الألفاظ المناسبة للتعبير عن فكرة القصيدة . . فجاءت الألفاظ رشيقة ، وقوية الدلالة على المعانى المطلوب التعبير عنها ، وملائمة تماماً لموضوع القصيدة ، مع شيوعها فى العصر الحالى ، بعيداً عن التعقيد أو المبالغة .

( 2 ) التراكيب : ويقصد بها تراكيب الجمل والعبارات فى القصيدة . . وطريقة بنائها . . والملاحظ من خلال القصيدة أن الجمل والعبارات ، قد جاءت جميعها قصيرة ، ذات مقاطع موجزة ، وجاءت ملائمة تماماً لقواعد الجملة العربية المعروفة ،بلا تجاوز أو نقصان . . كما جاءت الجمل والعبارات واضحة الدلالة على المعنى المراد إبرازه وتجسيده . . أما بناء الجمل فقد جاء مترابطاً إلى حد بعيد .

( 3 ) الصنعة الأدبية : أجادت الشاعرة إنتقاء الألفاظ بدقة عالية ، ووضعتها فى سياقها المعروف ، الذى يعطى دلالة معانيها بلا تزيد . . كما تنقلت بين الجمل الخبرية والإنشائية بصورة متكررة ، الأمر الذى أعطى القصيدة رونقاً خاصاً طبيعياً بعيداً عن التكلف أو المبالغة . . ولكن القصيدة لم تحو الكثير من المحسنات البديعية ( من طباق وجناس وسجع وخلافه ) لميل الشاعرة نحو التعبير بالأسلوب النثرى أكثر من الأسلوب الشعرى . . وفى المجمل نستطيع القول بأن الصنعة الأدبية لدى الشاعرة متقنة بشكل كبير إلى حد ما .

( 4 ) الإيقاع : بالنظر إلى طريقة عرض القصيدة ، وسيطرة أسلوب النثر عليها أكثر من الشعر . . فإننا نجد أن القصيدة قد خلت بدرجة كبيرة من عنصر الإيقاع الذى يلازم العرض الشعرى المنتظم فقط ، وإفتقرت القصيدة إلى النغمات والإيقاعات الداخلية بين الكلمات ، اللهم إلا من القليل النادر فى مواضع حصرية . . وهو الأمر الذى أثر بالضرورة على إبراز الإنفعالات والعواطف داخل القصيدة ، وأضعف المعنى إلى حد ظاهر فى بعض المواضع .

ولكن بصفة عامة نستطيع القول بأن أسلوب عرض الفكرة فى القصيدة ، جاء متميزاً بدرجة كافية ، بالنظر إلى الطابع النثرى للقصيدة .

خامساً : الخيال .

إمتازت القصيدة بتوافر عنصر الخيال فيها بشكل ظاهر وملحوظ . . كما تنوعت الصور الخيالية التى رسمتها الشاعرة بكل إتقان وتميز ، مابين التشبيه فى صورته العادية التى غلب عليها التشبيه المضاف والناقص ، وما بين الإستعارة بصورتيها المكنية والتصريحية . . وجاءت الصور الخيالية مبتكرة فى معظمها بعيدة عن التقليد أو المحاكاة . . ونستطيع القول بوجه عام ، أن الشاعرة قد إستطاعت تطويع قدرتها الذاتية على رسم الخيال وتجسيده ، فى صالح القصيدة وفكرتها ودلالة معانيها ، بشكل متميز إلى حد بعيد .

سادساً : شخصية الشاعرة .

برزت ملامح شخصية الشاعرة من خلال القصيدة بوجه عام . . فالشاعرة ذات طبيعة رومانسية حالمة ، تميل إلى الصمت الذاتى الداخلى أكثر من ميلها إلى البوح . . وهى تحب الطبيعة بكل رموزها من سماء ونبع مياه وورد وحتى الصحراء هى عندها جزء من الطبيعة . . وتميل إلى حب الألوان وتكره السواد ، وتحلم بالحب الخالد الأبدى . . وهى فى حبها وفية مخلصة وأمينة .

سابعاً : أثر البيئة المحيطة .

ظهرت البيئة المحيطة بالشاعرة بشكل واضح فى إستخدمها للمفردات التى إستعارتها من بيئتها الشرقية الخالصة ، وقد تكرر ذلك بشكل واضح ، مثل ( الصحراء – النبع – البراكين – الورد والحمم ) . . كما تأثرت الصور الخيالية بمظاهر هذه البيئة فى أكثر من موضع ( صحرا همومى – حبى أغرقنى – نعزف حب الخلود ) .

ثامناً : الخصائص الفنية لأسلوب الشاعرة .

يمتاز أسلوب الشاعرة من خلال القصيدة . . بالدقة المتناهية فى التعبير ، والخيال الواسع الخصب ، والميل إلى الجمل والتراكيب القصيرة ، والتعبير الذاتى عن نفسها وأغوارذاتها ومكنونات صدرها ، وكذلك الميل إلى الخطاب المباشر أكثر من الإخبار عن الحبيب . . كما تمتاز الشاعرة أيضاً بقوة الحبكة الشعرية فى الخاتمة النهائية للقصيدة أكثر من بدايتها ، وهو ما يعطيها القدرة على التأثير الذهنى والعاطفى اللاحق للقصيدة ، وليس المعاصر لقراءتها فقط . ، وتلك ميزة كبرى فى الشاعرة .

تاسعاً : الحكم العام على القصيدة .

القصيدة بوجه عام يمكن تصنيفها ضمن المستوى " جيد جداً " . . وذلك بالنظر إلى القصائد الأخرى الأكثر تميزاً للشاعرة . . وكذلك بالنظر إلى ما أضافته من جديد فى فكرتها وعرضها ، والقيم الإنسانية التى حملت رسالتها ، والمهارات الفنية التى تميزت بها .
وأنا أرى بكل حيادية وموضوعية متجردة عن أى ميل أو هوى . . أن الشاعرة لمياء عمر عياد ، هى واحدة من الشاعرات الموهوبات بدرجة كبيرة ، كما أرى أن المستقبل يحمل لها الكثير من التميز والرقى فى العطاء والإبداع ، إذا ما حرصت على إتقان وتجويد صنعتها الأدبية أكثر وأكثر ، وأتقنت إستخدام أدواتها التعبيرية المتميزة إلى حد بعيد .

تلك كانت دراستى النقدية التحليلية لقصيدة " أحبك جداً " للشاعرة / لمياء عمر عياد . . وأدعو الله لها بدوام التميز والنجاح . .
والله الموفق والمستعان .
( د . وحيد الفخرانى – كاتب وأديب وناقد )
القاهرة – 10 مايو 2013

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

372 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع