العلاقه بين عبد الكريم قاسم ونوري السعيد

                                        

                       صديق المجلة ـ بغداد

لم يكن اسمه معروفا على المستوى الشعبي ولكنه قفز فجأة امام الناس بعد ثورة الرابع عشر من تموز 1958 واصبح يتداول على السن العامه منذ ذلك اليوم وانشغلوا به حتى صفقوا له ورفعوه الى مقام الاوحديه ولكن بعد حين مالذي جعلهم يتمنون موته كل يوم بل وقد حاول بعضهم قتله..

                                           

لقد ظهر قاسم في وقت تم به تحقيق بعض الامنيات وامنيات اخرى ذهبت ادراج الرياح وبدأ التخبط في كل المجالات السياسيه الداخليه والخارجيه وتميز عهده بالمتناقضات سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ,, رجال ثاروا على الملكيه ولكنهم علقوا على اعواد المشانق بعد حين واخرين هاربين خارج العراق او مودعين في المعتقلات او متقاعدين تحت المراقبه ..

كان قاسم يحب ذاته كثيرا ويحب الاطراء والمديح الامر الذي جمع حوله المنافقين والمنتفعين والانتهازيين وعندما ازفت الساعه تخلوا عنه وتركوه وحيدا يلاقي مصيره المحتوم ..

لقد كان وطنيا وحسن السيره في خدمته المدنيه والعسكريه ولكنه كان مصاب بجنون العظمه ومصدقا لكل مادح ولكل دجال يظهر له ما ليس فيه ..

يعاب عليه انه ترك الموصل وكركوك والبصره والمسيب تستباح من قبل الذئاب وهو يجلس في مقره مزهوا بمدالياته ورتبة دون ان يحرك ساكنا واعدم رفاقه الثوار في ايام رمضان بعد اشهر قليله من الثوره ..

 

 لقد كان يكره العروبه والقوميه العربيه لعقدة في نفسه يقال انها بسبب قيام القوميين بقتل ابن عمته الزعيم محمد علي جواد قائد القوه الجويه ولذلك كان موقفه من القوميين كما هو معروف..

اخرج العراق من حلف بغداد واصدر قانون الاصلاح الزراعي وفي نفس الوقت اعدم مجموعه خيره من الضباط وارضخ العراق لحكم عسكري ديكتاتوري..

      

لقد كان يصدق بانه عبقري وان صورته ظهرت في القمر وفي بيضة الدجاجه وغير ذلك من الخزعبلات التي تدل على حبه لنفسه وجنون العظمه..

لقد حارب القوميين وحارب الوطنيين وشق الشعب الى طوائف واعاد القضيه الكرديه الى الظهور مرة اخرى بعد ان انتهت وجر الشعب الى الاقتتال والاحتراب الاهلي واباح البلد الى المليشيات الشيوعيه تعبث به كما تشاء وعلى الطريقه الاستالينيه التي قززت نفوس الناس والعالم .

ومع كل ما مر وما فعل الا ان العلاقه بينه وبين نوري سعيد ظلت محط اهتمام العديد من الباحثين ولكن لم يتوصل احد الى سر هذه العلاقه الفريده التي تمتد الى سنين قد تصل الى اكثر من عشرة سنوات ,,

  

العلاقه مع نوري باشا السعيد

لقد كانت العلاقه بين عبد الكريم قاسم ونوري السعيد علاقه غامضه يشوبها الكثير من الاسرار والتساؤلات والابهام ولم تستطع الايام كشف هذه العلاقه وخباياها وخاصة ان لنوري السعيد اسلوبه الغامض في تصريف السياسه العراقيه والعلاقه مع الاخرين ..

هناك محطات يستوجب الوقوف اماها وتبيان حقيقتها :

1 .كان قاسم معروفا بين الضباط انه من جماعتة نوري السعيد ومحسوبا عليه وكان الباشا السعيد يحبه ويثق به الى ابعد الحدود وكان يسميه باسم الدلال ( كرومي ) .

2 .وعندما رفض رفيق عارف رئيس اركان الجيش الموافقه على تعين عبد الكريم قاسم آمرا للواء المشاة / 19 ذهب قاسم الى نوري السعيد يخبره بذلك الامر و الذي اصدر امرا بتعينه في منصب آمرا للواء ذاته متجاوزا رئيس اركان الجيش .

                                                                       

3 .كان رفيق عارف يتابع قاسم ونشاطه لشكه في ميوله الشيوعيه ولانه محسوبا على نوري باشا وقد ابلغ رفيق عارف شكوكه هذه الى الباشا السعيد وارسل الباشا في طلب قاسم واخبره بها ,, قال قاسم ان رفيق عارف يتقصده ويكرهه لانه محسوبا على الباشا السعيد ولااعتقد ان مثل هذا الكلام ينطلي على نوري سعيد المخضرم بالسياسه العراقيه لمدة ثمانيه وعشرين سنه ولكن ماهو السر في ذلك ؟

4 .بالرغم من معرفة جميع ضباط الحركه الوطنيه بهذه العلاقه الا انها لم تطرح في اجتماعات الحركه ولم تناقش اسبابها والفائده او الضرر منها ؟؟ وكان بالامكان الاستفاده منها في التخطيط والتنفيذ للثوره ؟

5 .وفي زياره قام بها الباشا نوري السعيد الى قاعدة ( H3 ) عندما كان قاسم امرا للقوه الموجوده فيها طرح بعض الضباط الوطنيين اغتيال نوري السعيد اثناء زيارته ولكن قاسم وقف موقفا معارضا بل ومشددا على استقبال الباشا باحسن استقبال وزين المعسكر والهتافات والاهازيج والاحترام المبالغ به ؟ وقال لهم بالنص ( استقبلوا الباشا بالسرور والترحاب والهتاف والهوسات ) ..

لقد كان نوري سعيد يحبه كثيرا ويعتبره من الضباط المخلصين،هكذا كان يتعامل قاسم مع السعيد .. هل هي طريقه لاستغلال السعيد للوصول الى مناصب عليا في السلطه ؟ ام انه لم يكن يحلم يوما في القيام بانقلاب على السلطه ؟ ام ان ذلك بتوجيه من جهات خارجيه تعرف ماذا تفعل ويثق بها السعيد ؟ ام انها خطه لخط رجعه اذا ماحصل شيء ؟ ..

6 . لقد كان قاسم خارج بغداد عند تنفيذ الانقلاب ولم يدخل بغداد الا بعد ان اطمأن من نجاح الحركه .

                

7 .ان مرافق نوري سعيد ( وصفي طاهر ) اطلق عدة رصاصات على جثة نوري سعيد وهو ميت للتاكد من وفاته وهو ايضا شغل منصب مرافق عبد الكريم قاسم بعد ذلك مباشرة وكان قاسم يوما ما مرافق لنوري السعيد ايضا؟؟

8 .يقول اخوه حامد قاسم لقد تفاجئنا بما حصل يوم 14 / تموز/1958 وورود اسم عبد الكريم ولم نكن مصدقين لانه كان يحب نوري باشا كثيرا وعندما كنا نذكر الباشا بشيء من النقد كان يقول :

الباشا خوش رئيس وزراء وايا كان يأتي في مكانه لايمكن ان يكون بكفاءته ..!!

ترى هل كان يعي ما يقول وهو لايعلم انه سيكون ذلك البديل للباشا ؟

   

9 .واثناء محاكمة عبد السلام محمد عارف في محكمة الشعب قال ( لقد كانت خطة مدبره بيني وبين الزعيم لستر فعاليات الحركه فيقال على الزعيم انه محسوبا على نوري السعيد ويقولون عني اني محسوبا على رفيق عارف وبذلك نتخلص من الجواسيس وقد نجحنا في ذلك) ..

الا ان كل ذلك لم يكن مقنعا ولا مبررا لخداع نوري السعيد ذلك السياسي المخضرم والذي لديه عيون في كل مكان ولديه عدة قنوات يستقي منها معلوماته منها تأتي من لندن مباشرة وهو الذي خبر العراق واهله لمدة ثمانيه وعشرين عاما ويعرف بواطنها كما يعرف ظواهرها ..

10 .في مقابله بين قاسم والشيخ عبد الستار الكبيسي الذي رفع عريضه يشكو فيها قطع نصف راتبه التقاعدي وكانت العريضه شديدة اللهجه حتى استدعاه قاسم الى مكتبه وقال له لم يكن باقي امامك الا ان تسبني ؟ فرد عليه الشيخ الكبيسي وهل تعتقد انه لايوجد من يسبك ؟ ان هذه الافعال لم تكن تحدث حتى في عهد نوري السعيد وهنا تنهد قاسم بحسره وهو يضرب بكفه على المنضده قائلا ( نوري سعيد رجل ما جابته جيابه ) ؟ اذا لماذا قتلتموه ؟؟

11 .موقف نوري السعيد عند غياب قاسم عن الدوام لفتره اكثر من تسعين يوما حيث وجد في لندن من قبل السفاره العراقيه تحت ذريعة العلاج وموقف نوري في الغاء الغياب وتدخل السفاره البريطانيه لجانب قاسم؟

هذا كان موقف عبد الكريم قاسم من نوري السعيد ولم يجد اي من الباحثين تفسيرا لهذه العلاقه ولا الموجب لها وهنا بعض الاحتمالات لموافقة قاسم على تصفية نوري السعيد :

1 . ان يكون قاسم يمثل دورين في موقفه من نوري سعيد خداعا لغرض التمويه .

2 . ان يكون قاسم مزودج الشخصيه بحيث يغيررأيه وقراره عندما يريد الموقف .

3 . ان تكون هناك جهة خارجيه ذات نفوذ قوي مارست ضغوطا على قاسم واجبرته على قتله.

4 . ان يكون الشيوعيون قد قررو ا تصفية نوري السعيد وقبول قاسم مرغما .

ستظل هذه العلاقه لغزا محيرا بين قاسم وبين نوري السعيد والتي استمرت لاكثر من عشرة سنوات وعندما كان قاسم مرافقا لنوري السعيد واستمرت لما بعدها علما ان ترشيح المرافقين للملك ونوري السعيد يتم باستمزاج رأي الانكليز دائما ..

رحم الله نوري السعيد ورحم الله عبد الكريم قاسم فكلاهما من رجال العراق الذين خدموه باخلاص وشرف ..

صديق المجله / بغداد

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

647 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع