من ذاكرة البصرة - زيارة الملك فيصل الثاني وخطيبته الى البصرة ١٩٥٧

 غريب دوحي الناصر

من ذاكرة البصرة - زيارة الملك فيصل الثاني وخطيبته الى البصرة ١٩٥٧

تكررت زيارات العاهل العراقي الملك فيصل الثاني الى البصرة بمعية خاله الامير عبد الاله قبل ان يستلم صلاحياته الدستورية وكذلك بعدها. وكانت اهم تلك الزيارات التي قام بها الى البصرة كانت بصحبة خطيبته الاميرة فاضلة محمد علي ابراهيم والذي والدها من احفاد ابراهيم باشا الكبير الذي كان حاكما على مصر، اما والدتها فهي من سلالة سلاطين الدولة العثمانية .

تصف لنا الدكتورة عصمت سعيد زوجة صباح نوري السعيد الذي هو نجل نوري السعيد في كتابها الموسوم (;نوري السعيد .. رجل الدولة والانسان) زيارة ملك العراق فيصل الثاني مع خطيبته الى العراق والى البصرة عام 1957 أي قبل مصرعه في 14 تموز 1958 بعام تقريبا فتقول:" لقد اعدت الجهات المسؤولة في العراق عدة مقابلات لخطيبة الملك فيصل، فقد دعيت الى حفلة في بهو امانة العاصمة ببغداد حضرها صفوة من سيدات المجتمع العراقي وزوجات رجال الهيئات الدبلوماسية في بغداد، حيث كانت الاميرة فاضلة ترحب بهم باللغة العربية الفصحى وكانت تلقي كثير من الاسئلة المتكررة على الحاضرات حول تاريخ العراق والعادات والتقاليد المتبعة فيه اما الخطوة التالية لزيارة الاميرة الى العراق فقد كانت زيارة العتبات المقدسة في بغداد ثم بعدها التوجه الى الكوفة.

الى الكوفة
وحين توجه موكب الاميرة الى الكوفة ارتدت الحجاب وكذلك كافة سيدات البيت الهاشمي. كانت الاميرة تجلس في المقعد الخلفي للسيارة، وكانت الاميرة نفيسة والدة الأمير عبد الاله وهي تركية الاصل تجلس على يمين الاميرة فاضلة وعصمت السعيد تجلس الى يسارها.

وهنا اقترب شخص من سيارة الاميرة وهو يصيح بصوت عالي:" دعوني اتمتع برؤية الاميرة عروسة الملك فيصل الثاني ربما لم تتح لي فرصة لرؤيتها مرة اخرى "وسرعان ما مدت الاميرة يدها لتنتزع الوشاح الذي كان يغطي وجه الاميرة فاضلة قائلة لها: " ابتسمي يا ابنتي العزيزة فقد كنت اتمنى ان يراك الشعب بأسره" . وبعد اتمام زيارة العتبات المقدسة في بغداد والنجف وكربلاء توجه موكب الاميرة فاضلة نحو مدينة البصرة. كانت زيارة الاميرة فاضلة وضيوفها الكرام الى البصرة هي الأروع لانها كانت تتضمن رحلة بحرية على الباخرة الملكية من العشار الى الفاو، وكانت الاميرة فاضلة خلال هذه السفرة البحرية ترحب بمن حولها من الضيوف من السيدات العراقيات وتتحدث معهن باللغة العربية الفصحى مما كان له وقع جميل على نفوس كافة الحاضرين والحاضرات من ضيوف الباخرة الملكية مما عكس جوا من الراحة والاطمئنان في نفس والد الأميرة فاضلة.

وكان عدد الحضور من ركاب الباخرة الملكية محددا ومقتصرا على الملك فيصل الثاني وخاله الأمير عبد الاله والأميرة نفيسة والدة الأمير عبد الاله وكذلك الاميرة فاضلة ووالدتها هانزاد والسيد تحسين قدري رئيس التشريفات الملكية وعدد آخر من المرافقين . لقد كانت هذه السفرة عبارة عن نزهة ومناسبة جميلة لالتقاء الخطيبين خارج حدود الارتباطات الرسمية التقليدية.

ترحيب حافل
كانت مدينة البصرة في ذلك اليوم وتلك الليلة تشع بانوارها ، وكانت اصوات الموسيقى والزغاريد النسوية والهتافات الشعبية تنبعث من كل مكان من الشاطئ القريب من الموكب الملكي. وكان الرجال من الضيوف يجلسون على سطح الباخرة اما النساء فكانوا يجلسون داخل الغرفة الزجاجية التي في الباخرة حيث يجلس الملك فيصل الثاني وخطيبته ووالداها.

اما الامير عبد الاله فكان يجلس مع الرجال على سطح الباخرة حيث الهواء الطلق، بينما كانت هناك مراكب صغيرة تطوف حول الباخرة الملكية وعليها من يعزف ويغني ويدق الطبول . وقد أوعز الامير عبد الاله لإحدى هذه الفرق الموسيقية بالصعود الى الباخرة ليتمتع ضيوف المركب الملكي بما تقدمه الفرقة الموسيقية من عزف واغاني. وفي هذا الجو البديع تمنت الاميرة عابدية ان تكون الملكة عالية ام الملك فيصل الثاني معهم في هذا اليوم في هذه الرحلة والتي كانت قد توفيت بالسرطان في 21/12/1950
لقد شعر جميع الحاضرون في الباخرة بذلك الانسجام وذلك التجاذب الروحي بين الخطيبين، وقد كان الملك فيصل الثاني اثناء الرحلة يشرح لخطيبته اهمية موقع هذه المنطقة وتاريخها الحضاري وأهميتها الجغرافية كمنطقة ساحلية على الحدود العراقية البحرية. وهكذا اخذت الباخرة الملكية تشق طريقها حتى وصلت الى مدينة الفاو. وبعد عودة الموكب الملكي من الفاو الى البصرة استقبل باهازيج الرجال وزغاريد النساء، ومن ثم السفر من البصرة الى بغداد حيث الامل معقودا على زواج الخطيبين، ولكن للأسف
كان القدر بالمرصاد حيث لاقى الملك فيصل الثاني حتفه في اليوم الذي كان مقررا فيه ان يسافر الى تركيا ليعود مع خطيبته، ويتم الزواج.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1023 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع