كيف تصبح سفيرا في دولة الفساد دليل غير رسمي للارتقاء في مستنقع البيروقراطية

دري نوئيل يوسف

كيف تصبح سفيرا في دولة الفساد دليل غير رسمي للارتقاء في مستنقع البيروقراطية

المقدمة:
في عالم السياسة المليء بالمفاجآت، هناك وجهة مثالية لكل طامح يحلم بأن يصبح سفيرًا دون عناء: دولة الفساد! هذه الدولة الخيالية (أو ربما ليست خيالية تمامًا؟) توفر بيئة خصبة لمن يمتلك الموهبة في المناورة، الابتسامات المزيفة، وحقيبة مليئة بالوعود الجوفاء.
هل سئمت من النزاهة؟ هل ترى أن الشفافية مجرد عائق في طريق المجد الشخصي؟ هل تحلم بأن تُرفع صورتك في ممرات الوزارات بينما تبتسم ابتسامة من يعرف كيف يدبّر الأمور؟ إذًا، مرحبًا بك في أكاديمية الفساد العليا، حيث نمنحك شهادة في فنون التلاعب، وشارة الشرف في اللف والدوران. وإذا كنت تتساءل عن كيفية تحقيق هذا الحلم المشبوه، فإليك دليلًا ساخرًا لتصبح سفيرًا في دولة الفساد.
الخطوة الأولى: اجعل نفسك غير قابل للمساءلة، اكتساب مهارة التكيف مع الوضع
في دولة الفساد، لا يهم إن كنت تتحدث خمس لغات أو تمتلك شهادة دكتوراه في العلاقات الدولية. ما يهم حقًا هو قدرتك على التكيف مع الأوضاع. هل تستطيع الإشادة بمسؤول فاسد دون أن ترمش عينيك؟ هل بإمكانك تقديم هدية باهظة الثمن مع ابتسامة بريئة وكأنها مجرد مبادرة ودية؟ إذا كانت إجابتك نعم، فأنت على الطريق الصحيح!
لا تترك أثرًا مكتوبًا. المراسلات الرسمية؟ لا حاجة لها. استخدم كلمات مثل اتفقنا شفهيًا وأنت فاهمني. اجعل كل قرار جماعيًا، حتى لو كنت الوحيد الذي اتخذه. فـاللجنة قررت دائمًا تبدو أفضل من أنا قررت.
نصيحة ذهبية: احرص على تعلم عبارات مثل كل شيء قابل للتفاوض، ونحن هنا لخدمة الشعب (والجيوب).
الخطوة الثانية: كوّن شبكة من المنافقين، بناء شبكة العلاقات أو بالأحرى شبكة المصالح
لا يمكنك أن تصبح سفيرًا دون شبكة علاقات قوية. لكن في دولة الفساد، العلاقات ليست مبنية على الثقة أو الكفاءة، بل على المصالح المتبادلة. ابحث عن الأشخاص المناسبين في الحفلات الرسمية (أو غير الرسمية جدًا)، قدم لهم المديح، ولا تنسَ أن تحمل معك دائمًا مظروفًا صغيرًا يحتوي على هدية رمزية.أحط نفسك بأشخاص لا يقولون لا. هؤلاء هم وقودك في رحلة الصعود. اختر مساعديك بناءً على قدرتهم على قول تمام سيدي بدلًا من هل هذا قانوني؟.
نصيحة ذهبية: لا تقلق إذا لم تكن تعرف أسماءهم الحقيقية، فالجميع هنا يستخدم ألقابًا مثل معالي الشخصية الموقرة أو الصديق العزيز الذي سيفتح لي الأبواب.
الخطوة الثالثة: اجعل الرشوة فنًا راقيًا، امتلك خزانة ملابس فاخرة.
السفارة ليست مجرد وظيفة، إنها أسلوب حياة! استثمر في بدلات باهظة الثمن، ساعات لامعة،
ونظارات شمسية تجعلك تبدو وكأنك خارج من فيلم هوليوودي. في دولة الفساد، المظهر هو نصف المعركة. إذا بدوت ثريًا ومهمًا، فسيفترض الجميع أنك كذلك.لا تسميها رشوة، بل هدايا رمزية، مصاريف ضيافة، أو دعم مجتمعي.تعلم كيف تبتسم وأنت تقبض، وكأنك تتلقى جائزة نوبل في الاقتصاد الموازي.
نصيحة ذهبية: لا تنسَ ربطة العنق الحمراء الجريئة، فهي تصرخ بـأنا هنا لأترك انطباعًا وأخذ شيء في المقابل.
الخطوة الرابعة: احترف فن التبرير، إتقان فن الخطابات الفارغة
السفير الناجح في دولة الفساد يجب أن يكون خطيبًا بارعًا، أو على الأقل، يجب أن يبدو كذلك. تعلم كيف تتحدث لساعات دون أن تقول شيئًا ذا معنى. استخدم كلمات مثل التعاون المثمر، الشراكة الاستراتيجية، والتنمية المستدامة بكثرة. إذا شعرت أنك على وشك قول شيء مفيد، توقف فورًا واشرب كأسًا من العصير (أو أي مشروب آخر قد يُقدم في الحفلات).عندما تُكتشف، لا تنكر فسِّر. قل إنك كنت تسعى لتسريع الإجراءات، أو تحفّز الاستثمار. استخدم كلمات مثل سوء فهم، تضخيم إعلامي، وحملة مغرضة.
نصيحة ذهبية: إذا سألك أحدهم عن رأيك في قضية حساسة، قل: هذا موضوع معقد يحتاج إلى دراسة معمقة، ثم غيّر الموضوع بسرعة.
الخطوة الخامسة: احصل على لقب سفير، تعلم فن الصفقات السرية
السفير في دولة الفساد لا يوقّع اتفاقيات فقط، بل يبرم صفقات. هذه الصفقات عادةً ما تُبرم في غرف مغلقة، أو على ملاعب الغولف، أو حتى في الزاوية الهادئة من مطعم فاخر. لا تقلق بشأن القوانين، ففي دولة الفساد، القانون هو مجرد اقتراح.أو تدوين رقم حساب بنكي في سويسرا. بعد سنوات من التلاعب، سيُطلب منك تمثيل الدولة في الخارج. لماذا؟ لأنك أثبت أنك تعرف كيف تمشي الأمور. في المؤتمرات الدولية، تحدث عن الإصلاحات الجذرية بينما تضحك في داخلك على سذاجة الحضور.
نصيحة ذهبية: احتفظ دائمًا بقلم فاخر في جيبك.لا تعرف متى ستحتاج إلى توقيع وثيقة مشبوهة
الخطوة السادسة: الصبر والمرونة الأخلاقية
أخيرًا، لتصبح سفيرًا ناجحًا، يجب أن تكون مرنًا أخلاقيًا. إذا شعرت بأي وخز من الضمير، تذكر أنك في دولة الفساد، حيث الضمير هو مجرد رفاهية لا يستطيع الجميع تحملها. تحلّ بالصبر، فالطريق إلى السفارة قد يتطلب بعض التنازلات الصغيرة (أو الكبيرة).
نصيحة ذهبية: إذا شعرت بالذنب، خذ إجازة قصيرة إلى جزيرة استوائية (على حساب الدولة، بالطبع) لإعادة شحن طاقتك.
الخلاصة
أن تصبح سفيرًا في دولة الفساد ليس بالأمر الصعب إذا أتقنت قواعد اللعبة: التكيف، بناء العلاقات، الخطابات الفارغة، المظهر الفاخر، الصفقات السرية، والمرونة الأخلاقية. إذا اتبعت هذه الخطوات، فستجد نفسك قريبًا تحمل لقب سعادة السفير، وتتمتع بكل الامتيازات التي تأتي مع هذا المنصب أو على الأقل، بحساب بنكي منتفخ وابتسامة زائفة مثالية.
بالتوفيق، ولا تنسَ أن تحمل معك دائمًا مظروفًا إضافيًا!
ملاحظة ختامية
هذا المقال ساخر، لكنه يعكس واقعًا مريرًا في بعض الأماكن. أن تكون سفيرًا حقيقيًا يعني أن تمثل القيم، لا أن تتقن فنون التلاعب. فالنزاهة ليست ضعفًا، بل شجاعة نادرة.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

689 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع