الدكتور حسين عبد القادر المؤيد
هزيمة ( حزب الله )
في السياسة تتكلم الحقائق و توضع النقاط طبقا للمعايير، و أما لغة الديماغوجية، فهي للتهريج و التضليل.
نحن أمام مجموعة حقائق، لا يمكن تجاهلها، و لا طمسها:-
١- إن الذي أطلق شرارة الحرب في لبنان ضد إسرائيل في الثامن من تشرين الأول سنة ٢٠٢٣ هو (حزب الله)، دون مبرر قانوني و استبدادا بقرار الحرب. أما أنها دون مبرر قانوني، لأنه و حسب إعلانه فتح جبهة القتال بدافع إسناد حماس و ليس بدافع تحرير أرض لبنانية محتلة أو رد اعتداء إسرائيلي على لبنان، و أن تخوض ميليشيا أو حزب داخل الدولة حربا رغما على إرادة أكثرية الشعب و بتجاهل كامل لمؤسسات الدولة، و دون سلوك السياقات الرسمية عبر مجلس النواب و مجلس الوزراء ، و تزج الدولة و الشعب إجبارا في حرب، فهذا عمل غير قانوني، و يستحق المحاسبة و المعاقبة.
و بالتالي و طبقا للمواثيق و القوانين الدولية، يعتبر هذا الحزب معتديا، و أعطى لإسرائيل حق الدفاع عن نفسها و أمنها. و هذه أول نقطة ضعف في موقف ( حزب الله ).
٢- لم يستطع ( حزب الله ) طيلة الحرب التي فتحها من تحقيق أي هدف من الحرب التي شنها على إسرائيل، فلم يتمكن من إسناد غزة، بأي نحو من أنحاء الإسناد الحربي، و هذا واضح لا يحتاج الى دليل، و أخفق في معادلة الردع التي طالما قرع بها الأسماع و تطاول بها على كل الاعتبارات، بل ظهر زيف مزاعمه و تبجحاته، و في غضون شهرين تلقى أسد الضربات التي أصابته بمقتل و ألحقت به خسائر فادحة و دمارا هائلا.
و هذا يعتبر فشلا سياسيا و عسكريا ذريعا. و هذه نقطة ضعف أخرى ختم بها حربه على إسرائيل.
٣- إن الذي تهالك على إيقاف القتال، و جعله الهدف الرئيس، و لم يوفر سبيلا للضغط أو الوساطة من أجل إيقاف القتال، هو ( حزب الله )، و بالتالي قدم من أجل تحقيق ذلك، تنازلات مذلة تم تدوينها في اتفاق إيقاف القتال. و هذه نقطة الضعف الثالثة.
٤- إن النتيجة التي انتهى اليها ( حزب الله ) بعد كل الدمار و الخسائر و الإخفاقات، نتيجة الخاسرين المنهزمين، و هذه النتيجة حزمة من المفردات المشينة، بدء بعدم تحقيق أهداف الحرب و مرورا بسقوط مبدأ وحدة الساحات، و وصولا الى التراجع و الانتكاسات، فقد أجبر على الانسحاب الكامل من شمال نهر الليطاني، و وافق على انهاء القتال قبل انسحاب إسرائيل من أراضي الجنوب اللبناني التي دخلها الجيش الإسرائيلي في هذه الحرب، و اضطر صاغرا للقبول بتنفيذ قرار ١٧٠١ بكامل بنوده، و انتهى الأمر بوصاية دولية عبر اللجنة التي ستشرف على تنفيذ الاتفاق، و بتعهد أمريكي يضمن لإسرائيل حرية العمل العسكري عند حدوث خرق في الاتفاق، و رضخ لبسط الجيش اللبناني سيطرته على الجنوب و على سائر الأراضي اللبنانية لا سيما المنافذ و المعابر البرية و الجوية و البحرية، و لم يعد بإمكانه طبقا للاتفاق من تحريك أو إنتاج أو استخدام أي قطعة سلاح، و قطع شرايين إمداده بالسلاح، و صار بحماقته سببا لمزيد من نقصان السيادة اللبنانية، في الوقت الذي كان يتبجح بأنه الحافظ للسيادة اللبنانية و المدافع عنها.
و هذه نقطة ضعف رابعة.
٥- أدت حماقة ( حزب الله ) بحربه هذه، الى نكبة حقيقية للمكون الشيعي، و أضعفت هذا المكوّن في الميزان السياسي و الاجتماعي، بل خلقت أرضية لبروز قوة شيعية تؤمن بالوطنية اللبنانية و الاندماج الإيجابي في الدولة اللبنانية، و هذه القوة ستكون ضربة للثنائي الشيعي، و تكون بديلا طبيعيا يعطي مجالا لجمهور المكوّن الشيعي، لإعادة اعتباره بسحب الولاء من الثنائي الشيعي لا سيما من ( حزب الله )، و الولاء للاتجاه المنتمي للبنان و الدولة اللبنانية، و أدت الى نقمة واسعة من الشعب اللبناني، و تراجعت نسب التعاطف و التأييد حتى في صفوف حلفاء هذا الحزب، و أوجدت واقعا شعبيا و سياسيا جديدا صلبا في الوقوف بوجه هذا الحزب، جهة الرفض المطلق لأي شيء يفضي الى تكرار حماقات ( حزب الله )، و جهة عدم القبول بالتغول على الدولة و القوى الوطنية اللبنانية، و أوجدت أرضية لتغيير التوازنات السياسية في لبنان لغير صالح ( حزب الله ).
و هذه نقطة الضعف الخامسة.
٦- بالمعايير العسكرية، تتحقق الهزيمة في ثلاث حالات:-
أ- خسارة الأرض باحتلال العدو لأجزاء من أراضي البلد.
ب- تدمير ملحوظ للقوة العسكرية و خسائر مادية ملحوظة.
ج- الرضوخ لشروط سياسية مذلة.
و إذا كانت إحدى هذه الحالات معيارا في الهزيمة، فكيف و قد اجتمعت كلها قبل توقف القتال، فالجيش الإسرائيلي يحتل أراضي جديدة في الجنوب اللبناني، و تكبد ( حزب الله ) خسائر فادحة جدا بشريا و عسكريا و ماديا، و رضخ من أجل إيقاف الحرب، لشروط سياسية مذلة.
٧- لم يعد سياسيا و عسكريا، بمقدور ( حزب الله) المبادرة بأي عمل حربي ضد إسرائيل، لا بعنوان المقاومة و لا بأي عنوان آخر، و فقد أحد أهم مبررات وجوده بوصفه ذراعا إيرانيا رئيسا في لبنان و المنطقة.
٨- سيعود للدولة اللبنانية زخمها، و كذلك للقوى الوطنية اللبنانية، و سينعكس ذلك سلبا على وضع ( حزب الله ) و دوره في المعادلة.
هذه هي الحقائق التي تفرض نفسها، رغما على المزايدات و المزاعم و الديماغوجيات الزائفة، و لا عبرة بتنطعات الغوغاء و المحبَطين و المزيفين.
948 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع