صابر الدوري وزيارتي الى سجن العدالة في مدينة الكاظمية‏

                                    

                      المصور علي الفتلاوي

تناقل الكثير من الكربلائيين وتهامسوا فيما بينهم بان هناك العديد من شيوخ وصحفيي كربلاء ومحبي (الفريق الركن صابر الدوري الحسيني) من أهالي المدينة  قد ذهبوا  لزيارته في سجنه ومعتقله للاطمئنان عليه بعد أن تأكدوا بان لا احد سوف يسألهم عن هويتهم الحقيقة وأنهم سوف يردون جزءا من فضل الرجل عليهم وعلى مدينتهم..

لم اصدق ما سمعت وتناقله الكثيرون من الأهالي إلا أنني قررت البحث عن أكثرهم صدقا مع نفسه وأكملهم شجاعة وكرم ممن ذكرت أسمائهم ضمن الزائرين  فتوجهت إليه مسرعا أتحرى وابحث عن الحقيقة .

طالما غمرني هذا الشخص الكربلائي  الأصيل  بكرمه الأخلاقي عند لقائنا في فترات متباعدة إلا إنني لم  ألتقية أو أزوره منذ فتره طويلة ...وما أن لمحني ادخل عليه محل عمله حتى فهم غايتي من زيارته  فقال لي .....علي أنت اليوم ضيفي على الغداء فعل أنت مرتبط بعمل ما ؟؟ أم نخرج الآن إلى (مطعم در النجف) لتناول الغداء؟  فأجبته من غير تردد أنا متفرغ كليا لغداء اليوم.

ما أن وصلنا إلى المطعم حتى بادرني بالسؤال ..من المؤكد انك اليوم معي من اجل حبيبك وأخباره أليس كذلك؟

هطلت دمعة من عيني تحمل الحمم كدمعة أمي حينما فقدت والدي باستشهاده في حربنا مع إيران.. 

قال لي تماسك لا داعي للبكاء فأنت علي

قلت له أستحلفك بسيد الشهداء هل رايته حقا ؟ وهل تحدثت معه وجها لوجه ؟

قال نعم رأيته كما هو, وكما كان هنا بيننا, باستثناء الشيب الأبيض الذي غطى شعره وجعله كقديس حكيم..استقبلنا بفرحة غامره عندما لمحنا من بعيد وكأنه صابر الدوري محافظ كربلاء الذي استقبلنا من سنين في مكتبه يوما ما سويه.

بالرغم من إن جميع المعتقلين كانوا في نفس المكان إلا انه كان أكثرهم حركة واستقبالا وترحيبا للعدد الكبير الذي جاء إليه من دونهم  حتى أننا التففنا حوله حلقات تلو الحلقات لنتمكن من سماع كلامه ونشغل حيز اصغر من عددنا , أجلسني قربه بعد أن اعتذر لأحد أقاربه وطلب منه إفساح المجال لي للجلوس مكانه لأنني صاحب خطوة كما قال.

وأكمل صديقي من غير أن أقاطعه...رغم مسحة المرارة التي بدت على محياه  جراء السنين الطوال التي قضاها في سجنه إلا انه كان شامخا مزهوا بإيمانه بالله وبسيرته الطيبة التي جعلت العشرات يتوافدون إليه في سجنه وكان ممتنا لكربلاء وأهلها لوقوفهم بجانبه في محنته عندما قدموا طلباتهم للمحكمة الجنائية وابلغنا أن نسلم له وننقل تحياته لكل كربلاء وأهاليها حتى انه يتذكرنا جميعا وبالأسماء, وشكر لنا سعينا للوصول إليه وقال بأنه لن ينسى هو وعائلته وعشيرته موقف كربلاء منه ..وقال إنشاء الله تبقى رؤوسكم مرفوعة وسأكون كما عهمدتوني فكل الذي كنت أخشاه أن تهتز صورتي لا سامح الله في عيون وقلوب شعبي وأهالي كربلاء خاصة الذين عرفوني عن قرب , فانا اعتز بخدمتي في الجيش العراقي وفي كربلاء واشعر بان ضميري مرتاح لان خدمت العراق في كل مكان عملت فيه واحمد لله على نعمته التي جعلت محبتي في قلوبكم وها انتم اليوم تزوروني حتى في سجني الذي قال عنه سيدنا يوسف (مقبرة الأحياء وشماتة الأعداء واختبار الأصدقاء) فثبت لي بأنني كسبت في كربلاء إخوة وأصدقاء وأهل  يتنافسون مع أبناء مدينتي وأقاربي للوصول إلي سجني هذا..ابلغه الجميع بان كربلاء تذكره كل يوم وتشكر له ما قدمه لها ولأهلها وزيارتنا التي ستكرر دوما حتى يكون طليقا ستسمر إنشاء الله وفاءا من أبناء الحسين لمن خدم الحسين سيد الشهداء والذي لا يخلو مجلس من ذكره الطيب طيلة السنين الماضية لأنه ضوء ساطع في تاريخ المدينة التي أحبها وأحبته ..

لم استغرب ما قاله صديقي الشجاع الكربلائي الأصيل عن زيارته وكلامه عن صابر الحسيني إلا أن ما المني هو امتنانه منا ومن كربلاء ونحن لم نستطع أن نقدم له جزء مما قدمه لنا لكن هذه هي كربلاء الحسين الوفية تفي للأوفياء حتى وان لم تستطع أن تصل إلى الحد المطلوب منها فهذا وسام آخر لكربلاء وأهلها  التي تواصلت مع من خدمها حتى في سجنه..

قررت حينها الذهاب إليه لأفي بالعهد والوعد  مع صديقي الذي وعدني بمرافقتي في موعد الزيارة القادمة وعقدنا العزم على الذهاب وفعلا توجهنا إلى بغداد العاصمة وأنا احمل معي هديتي إلى عمي أبا فراس وهي عبارة عن مسبحة زورتها سيدي أبا عبد الله الشهيد وأبا الفضل العباس سلام الله عليهما وبقايا لثمان شموع أوقدتها نيابة عنه في ثمان سنين مضت في الخامس عشر من شعبان من كل عام بذكرى مولد الإمام الحجة (عج ) وأنا يمر أمام عيني شريط من ذكرياتي مع عمي ومعلمي وقدوتي مليئة بالعمل وحب الخير والعفة والنزاهة وما أن رأيت قباب سيدي ومولاي موسى بن جعفر عليه وعلى أبيه وجده الصلاة والسلام حتى فاضت عيني بدمعها الذي لا ينضب وقلت له بحرقة أما آن الأوان  يا عترة رسول الله ؟؟ آلا يكفي ثمان سنين من الامتحان لتختبروا من يحبكم ومن يبغضكم ؟؟

وصلنا إلى بوابة سجن العدالة ووجدنا طوابير من البشر ينتظرون دورهم بالدخول إلى السجن لزيارة أقاربهم وهم يتهامسون بان مسئولي السجن منعوا الدخول من غير هوية تعريفيه بالإضافة إلى عدم السماح بالزيارة إلا من هم يتمتعون بقرابة الدرجة الأولى بعد عرض هوية تثبت ذلك وعدم السماح للمواد الغذائية بالدخول منعا باتا بأمر وزير العدل الجديد ؟؟!!

نزل علي الخبر كالصاعقة ..ا أكون على مقربة من عمي وقدوتي وسندي ولا أستطيع الدخول عليه.. أ أكون قاب قوسين أو أدنى من أن أكحل عيناني برؤيته وامنع بهذه السهولة...

لن تصدقوا ما حدث لي حينها من شوقي لرأياه... لكن لا ملجأ من الله إلا إليه.. واليه وحده المشتكى  وهو حسبه وحسبنا في الدنيا والآخرة.. وبرغم فرحتي التي لم تكتمل بسماع أخباره من صديقي الشجاع الوفي الذي قبلت عيناه التي نظرت إلى وجه عمي أبا فراس  السمح إلا إني شعرت كان هاتف هتف بداخلي يقول  انك لن تراه في سجنه وستراه قريبا بقوة الله وشفاعة آل بيت النبوة سلام الله وصلاته عليهم أجمعين وهو طليق حر لأنه  سيبقى حر هذاالزمان
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الگاردينيا: الأخ المصور/ علي الفتلاوي.. مادتكم هذه نشرتموها قبل سنتان وستة أشهر في عدد من المواقع.. ننشرها مجددا حسب طلبكم.. فقط للعلم لاغير.. مشكور أبو حسين الورد..

 

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1132 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع