نظرة في قطوف التجربة لهاشم مطر

مؤيد عبد الستار

نظرة في قطوف التجربة لهاشم مطر

قطوف التجربة محاولة في نقد النقد يغامر في خوضها الاديب هاشم مطر، وأزعم انها مغامرة بسبب ندرة من يقدمون على هذا الباب النقدي الصعب، لان من أولى مهام الناقدضرورة إحاطته بمجالات ثقافية متعددة وأن يتسلح بقاعدة بيانات علمية وأدبية واجتماعية واسعة تجعل منه صاحب رأي نقدي موثوق يركن اليه الاديب والقارئ ورجل الشارع ، لذلك فان التعليق على كتاب هاشم مطر - قطوف التجربة - الذي خصصه لمنجز الاديب اللامع سهيل سامي نادر بحاجة الى المام كبير بما كتبه سهيل نادر، وإحاطة أوسع بأفكار وآراء هاشم مطر المنشورة في كتبه ومقالاته و محاوراته ، فالاحاطة الواسعة بافكار وآراء هاشم والاطلاع الواسع على منجز الاديب سهيل سامي نادر ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها في حالة تقديم دراسة نقدية أو قراءة وافية للكتاب الذي ساتناوله من زاوية القاء نظرة فقط، وأتمنى أن تتاح فرصة أخرى في الكتابة عنه بشكل مفصل .
ولا بأس أن نشير الى ما أبداه المعماري الكبير خالد السلطاني من إعجاب في مقدمته للكتاب إذ كتب : ( هو نص ،أراه ، جميلا وبليغا زاخرا بالافكار والرؤى ، والتي استطاع هاشم مطر أن يوظفها بكفاءة لبلوغ هدفه ) ص12
الكبير خالد السلطاني ومن بين ما كتب ( ومن أجل القاء نظرة تطبيقية سنتناول الفصل المعنون : حكايات سامي ص 101 لنلقي نظرة فاحصة عليه ، لنقدم نموذجا لما جاء في الكتاب من اسلوب و معالجة تندرج تحت عنوان نقد النقد .
يشير هاشم مطر الى طريقة سهيل سامي نادر في الكتابة ويبين أنه يفتتح موضوعاته باقصوصة أو خبرية يجتهد أن يضع فيها ما سيكون خادما لسرديته . ويعد هذه الحالة تقنية ناجحة فيها قدر من الاثارة عند كتابة مقال أو القاء محاضرة .بالاضافة الى التلقائية التي يتميز بها تعشيق النص مع ما اختاره الكاتب سهيل سامي .
وياخذ هاشم مطر مثالا من كتابات سهيل، المقال المعنون ( غير المترابط ) . هذا المقال الذي ينطوي على ثلاث متناقضات هي:
- الموت
- الذكرى
- الولادة
وكيفية بناء الجسور بينها والتي يخضعها الكاتب للعادي الميسر .
ولكي لا نعيد ما جاء في معالجة هاشم مطر للمقال ( غير المترابط )
نوجز الاحداث التي جاءت مفصلة في المعالجة بنقاط محددة :
- يلتقي سهيل بصديق قديم في مدينة سويدية .
- خبر موت الصديق الذي يأتيه عبر الهاتف من زميلته ( دنى غالي ) التي لها خلافاتها مع صديقه الراحل .
هذه الاحداث تجري وهو في لقاء مع صديقه ( خالد بابان ) لقاء في لجة الغبطة.
ويؤكد هاشم مطر أن سهيل سامي نادر يجمع بين أكثر من نقيض في كتاباته . ص 102
ويركز في مقاله ( غير المترابط )على فكرة العزلة، ويضيف سهيل الى العزلة كلمة ( عن وعي ) لتصبح المقالة مبحثا قائما بذاته .
وعن كيفية اشتغال نصوص سهيل ، يذهب هاشم مطر الى أن سهيل لايضعنا في موقع التساؤل عن نهاية محددة مهما بلغ حجم الاثارة والتشويق فتصبح الحكايات اشارات في جسم المقال. وهو يستخدم التنوع اللغوي الذي تتظافر فـيه الحقائق بالمخيلة .
كما يستخدمالتأجيل والتقديم مثل حائك سجادة يطرزها بعدد من الالوان، غير مترابط في الادوار والمواضيع والاحاسيس ، مثل ولادة حفيد ورحيل عزيز ، وذكريات صديق ورثاء أربعيني لصديق آخر، أوجز نهايتها في قوله : في تلك اللحظة راحت دموعي تسيل من دون إرادتي.
يلجأ هاشم مطر الى الناقد الياباني Shigehiko Hasumi ص 108 في دعم رؤيته لتحليل النص، ليؤكد أن هدف الفعل الكتابي هو القارئ وينتقل الى اشكالية المألوف وغير المألوف فيورد مثلا من الموسيقى الرحبانية ، رائعة زياد الرحباني مع فيروز في مجموعة ( كيفك انت ) التي أسس فيها الرحباني ثقافة صوتية ولحنية جديدة ، أثرت في شعراء الاغنية والنصوص لتحصل على نماذج ابداعية فاقت المألوف . ص 109.
وبعد أن يستطرد هاشم في تحليله لمقالة سهيل ينظر وراءه متعجبا ليتساءل : كل هذا عن مقال لسهيل ؟
هذا الاستفهام لا يلبث أن يحصل على ايضاح مبرر بمقولة للفيلسوف كانط : النظر للادب بوصفه موضوعا قابلا للتجريب في المكان والزمان فتحا وليس مواربة أو مجاملة . ص 111
ويخلص الى أن منجز سهيل سامي نادر تجربة تأثرت بالثقافة الغربية من جانب ومن جانب آخر امتلكت مؤهلاتها .كما تأُرت بالمجهودات المغاربية حصرا .
ويرى هاشم أن المنتج الادبي لسهيل هو اخضاع الكتابة الى نوع مختلف من المقال يحمل اوجها مختلفة ومتعالقة تنتظمها فنية تلقائية .
ويعقب متسائلا : هل كان الكاتب يتعامل مع نفسه ولنفسه حينما كان يعتمد فنيته ؟
ولمن يرغب معرفة الاجابة على هذا التساؤل الرجوع الى قطوف التجربة والاطلاع على تفاصيل النقد والتحليل المفصل الذي قدمه الكاتب الناقد هاشم مطر نظرا لعدم عدالة اختصار كتابه وظلم الجهد الذي أفاض في عرضه وتحليله .
وأخيرا لايسعني الا أن أشيد بهذا المنجز النقدي و الدراسة المعمقة لادب سهيل سامي نادر وأجدني ملزما باقتباس ماجاء في مقدمة المعماري الكبير خالد السلطاني للكتاب : إن فكرة تأليف مثل هذا الكتاب - الذي سعى الصديق هاشم الى تبنيها وتحقيقها هي نوع من إبداء إيماءة تحية والاحتفاء بمبدع والاعلاء من شأن الكلمة .

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

869 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع