د.عبدالرزاق محمد جعفر*
لم استطع التكهن بعدد العوانس في الوطن الـعـربي , وما هو سـبب التفاوت في العـدد بين اي قـطرعربي وآخر؟.. .وما العوامل التي ادت لزيادة نـسبها في اي مجتمع عربي ؟, وما العلاج لهذه الظاهرة؟.
بداية لابـد أن نعـرف من هي العانـس؟.. وما مخاطر العـنوســة ؟....
العانـس وفق وجهة نظري,.. يمكن تصـنيفها الى ثلاثة اصـناف هي:
اولاً: المرأة غيرالمتزوجة والتي تتربص لنصـيبها منتظرة الوقت الذي يطرق فيه بن الحلال بابها لخطبتها,.. ومن ثـم دخولها واياه في عــش الزوجية,.. والمرأة هنا تعيـش بكنف عائلتها وملتزمة بالوازع الديني والأعراف الأجتماعية, ولن تحيد عن الطريق امام المغريات لحرفها عن الطريق المسـتقيم, مهما طال الزمن لأنتظار العريــس!
ثانياً: المرأة الصـبية التي زفت الى بعل لا ترغبه!, ولسـبب اوآخر تخنع لأرادة اهلها وترضـى بنصيـبها, .. ولكن وبعد مرورالزمن تجد نفسـها عانـس لعدم مقدرة الزوج على تطبيق ما حللًه الله بسـبب مرض ألـم به اولأنحرافه جنسـياً او لكونه وضـيع يسـلك طرق الدعارة مع بنات الهوى ويترك زوجته في وضـع مؤلـم, او قـل هو اشــد الماً من آلام العانس من النوع الأول, وهذا الألـم هو الذي عناه (عالم الجنـس فرويد), حيث قال:
ليـس هناك من ألـم يضـاهي ألم العانــس
ثالثاً : المرأة غير الملتزمة بأي وازع ديني او اجتماعي, ولم تطق صـبراً بأنتظار الموعـد لقدوم فارس الأحلام , وتردد شـعر الهادي ادهم:
يارجائي انا كم عذبني طول الرجاء
انا لولا انت لم احفل بمن راح وجاء
ثم تنجرف بتيارالرذيلة تحت اسـماء متعددة,.. وتتلاقفها الذآب البشــرية,
وتغطس في الحياة البراقة غيرآبهة بأسـرتها كأم ولا بالمسـتقبل القاسـي المتربص بها وهي تردد مع سيدة الطرب العربي أم كلثوم:
قـد يكون الـغـيب حـلواً
أنـما الحـا ضـر أحـلى!
ما ان تـفـقـد تلك المرأة بريق جمالها او مواهبها الفنية, حتى يزدريها
المجتمع وتكون لقمة سائغة تتاهفت عليها الذئاب البشرية ,.., وبهذا سـتـفـقـد هذه الأنثى من هذا الصـنف دينها و دنياها !
انني على ثقة تامة بأســتحالة القضـاء على ظاهـرة العنوسـة وتحديد العدد بالتكهـن لا يحـل المشكلة , فعلماء الأجتماع لديهم الخبر اليقين, كما قال الشــاعر:
تســائل عن حصــين كل ركب وعـند جهينة الخبر اليقين
تحتوي جعبتي على العديد من الحقاق الكاشــفة لظاهرة العـنوســة في المجتمعات العربية,.. اضـافة لأطلاعي عن كثب لأســبابها , منذ منتصـف القرن الماضـي والى يومنا هذا , بحكم زيارتي واقامتي في العـد يـد من الأقطار الأوربية والعربية .
سـأسـرد وجهة نظري لبعض الجوانب المتعلق بهذا الموضــوع الشــائك,.. آملاً من القارئ تقبلها قبولاً حســناً,.. اي بحســن نية, وليـس ( بتوثية عراقية!),..لأني لســت راغباً في نشــرغســيل اي مجتمع عربي
فكلنا في الهم ســوا, كالمثل المصري ما فيــش حـد أحسن من حـد!!
لا بـدً من التطرق الى اهم الأسـباب التي تؤدي لزيادة العنوســة في مجتمعاتنا العربية في عصـرنا الراهن,.. واولى تلك الأسـباب, انتشـار الأجهزة الحديثة للأتصـالات, مثل الكمبيوتروالتلفون النقال, .. حيث انتشـرت في كافة المدن العربية الكبرى وصارت في متناول عامة الناس!
كسـًـرت هذه الأجهزة الحواجز التي كانت تفرض على الفتيات لمنعهن من تباد ل مشـاعرهن العاطفية مع بعضًـهن او مع الشـباب, والتي كانت من المحرمات, او قل خطوطاً حمراء,.. تفرضـها الرقابة العائلية, ..
فمن أمـن الـعقوبة أسـاء الأدب
ومن البديهي عـدم ألتزام الأنسـان بكبح غرائزه ان هـو فقـد الواعـزالديني اوالعقاب, وقـد زاد الفجوربتـفـشي مراكزالمتعة المحرمة وتجارة المسـكرات والمخدرات,فعزف الشـباب عن الزواج , وغطست الشـرائح الضالة في مسـنقع الرذيلة, وادى هذاالوضع المـزري الى تفاقـم ظاهرة العنوسـة!
وهكذا صـرنا نعيـش في مرحلة أنهيارالقـيم الأجتماعية الموروثة,.. وصاركل من يلتزم بها اضحوكة لشـريحة معينة أعمت الرذيلة بصرها وبصـيرتها,..والأمة تجتتـر آلامها المتعددة, وادرنا وجوهنا عن المقترفين
لمثل تلك الممارسـات الشـاذة !
اوضـح علماء الأجتماع تأثيرالأباحة الجنسـية على ارتفاع عدد العوانـس في كل ارجاء المعمورة,.. فقد تسـاهل المجتمع وغض الطرف عن ممارسـات مشـكوك فيها تحدث بين الجنسـين قبل الزواج الشـرعي في الخفاء اوالعـلن..تحت مسـميات لا حصـر لها!
لا أريد الخوض في هذه الظواهر, واترك ذلك لعلماء الدين والأفـتاء
لا بد من ذكر أثـرالوضـع الأقتصـادي المتفاوت بين طبقات المجتمع الواحد في اي بلـد عربي, والذي أتاح الفرص للأغنياء والمتنفذين للسـفربحكم العمل او السـياحة او العلاج, فوقع العديد من ضـعـفاء النفوس في مسـتنقع الرذيلة واسـتهوتهم مراكزالدعارة وكافة النوادي الموسـومة بمسـميات لاحـصـر لها!
كما ان العـوانـس غير الملتزمات بأي وازع ديني اوعائلي, دخلنً هذه البوابة تحت ذريعة " أكل العيـش عاوزكـده", وانغمسـن في اقدم مهنة عرفها التاريخ!
لا بـد من الأشـارة الى عـدم الأسـتقرارالسـياسي في معظم البلدان العربية, مما ادى الى الهجرة, و تفشــي الدعارة المقنعة عند شـريحة معينةً, فازدادت نسـبة العنوسـة مع مرور الزمن, وقد اعطت عقاقيرمنع الحمل وعملية اعادة العفة,الأمان من الفضيحة!
اما ما يـسمى بالحداثة, فقد تمخض عنها مصطلحات لا حصـر لها, منها الصـداقة والخطيب , لتكون سـتاراً لمزاولة المحرمات, وخاصـة عندما تطوق العانـس بالذآب البشـرية, حتى لو وضـعـت تحت البند السـابع
من الصـعب تدوين كل مسـببات العنوسـة او زيادة نسـبها في اقطارنا العربية, بالرغم من تشـابه العوامل , وان وجد تفاوت في النسـب , فأنه لا يعني زوال ناقوس الخطر, فقد قيل ان قطرة السـم تفسـد برميلاً من العسـل , وليس من يدعي القضـاء على هذه الظاهرة بعصـا موسـى!
فمن أسـباب ازدياد العنوسـة توفـر فرص العمل لدى شـريحة كبيرة من النسـاء, مما سـهـل على بعضـهن تحين الفرص لأشـباع نزواتهن الجنسية المتفجرة, ولم يوفـقـن في الزواج,.. وقـد يقع المحضـور, الذي يحول دون الزواج, و تتطورالأمورمن سـيئ الى أسـوأ!
أما البلدان العربية التي خاضـت الحروب او مقاومة المحتل اوالتي عاشـت بكنف الأسـتعمار المباشــر لفترة طويلة, فقد انخفضـت فيها فرص الزواج التي تؤدي بدورها للزيادة في نســبة العنوسـة!
ان الأتصـالات الحديثة كـسرت الحواجزبين الجنسـين واختفى الواعز العائلي , واختفت اهمية ولي الأمربمنع الخروج من البيت البته,..فها هي الفتاة تسـرد عواطفها المتأججة بالصـورة والصـوت,مما سـاهم بشـكل غيرمباشـربزيادة العنوسـة بين النسـاء ممن لم يلتزمن بأي واعز يردع عواطفهن!
هكذا تزاول مثل هذه الشـريحة المتعة الموقتة لحين وصـول الأمر الى الأبواب الموصـدة فيقع المحذور ويصـعب العلاج وتضـيف هذه الحالة رقماً الى عدد العوانـس!
*استاذ في جامعة بغداد
904 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع