ماذا في " الصندوق الاسود" للقاصة سحر ملص ؟


كتبت : رنا خالد

ماذا في " الصندوق الاسود" للقاصة سحر ملص ؟

الرواية التي امامي ، قرأتها اكثر من مرة ، وتاه عليّ وصفها ، فهي تتأرجح بين الرواية ذات الغموض ، وبين الرواية ذات الرسائل المجتمعية ، وبين هذا وذاك ، فأنا وصفتها برواية تثير الدهشة حيث مضامينها تتجول على مساحة ادبية شاسعة المدى ، فهي تتحدث عن حارس بناية ، مثقف ، انهى دروسه التعليمية في بلده ، ثم غادر الى بلد آخر ، بحثا عن الرزق ، غير انه يُصدم بواقع مؤلم ، فلم يجد عملا يناسب تحصيله ووعيه ، وعندما يعيياه الحال ، فأنه يرى نفسه حارسا لبناية ، تضم عددا من الشقق تسكنها عوائل ذات مشارب عدة ، ومستويات معيشية مختلفة .. وهنا تبرز عند الوافد ، الباحث عن عمل ، توازع نفسية ، يستغلها في الحصول على " فوائد " مادية ... وقد كانت مؤلفة الرواية " د. سحر ملص " موفقة جدا باختيارها عنوان ( الصندوق الاسود ) وهو الاسم الشهير في عالم الالغاز والحوادث ذات الطبيعة المبهمة .

هي رواية استهدفت فيها القاصة احداثا جرت في اروقة عمارة سكنية ، توزع ابطالها بين الحارس الجديد ، والعوائل الساكنة فيها وعلى انفعالات تلك الشخصيات، وتحليل مشاعرها الوجدانية، ورسم الافعال اليومية ونتائجها ، وقد جرى هذا الجانب على الاهتمام بمجريات الأحداث، حيث اهتمت القاصة اهتمامًا بليغًا بوصف الشخصيات من الداخل أكثر من الخارج، واكثرت من الحوار الداخلي للتعبير عن الذات الإنسانية.
و شخصياً اتطابق مع قول القاصة ، حين ذكرت "نحن البشر تقودنا الحاجة احيانا الى عمل لسنا مقتنعين به او ربما يكون محطة وتمر من حياتنا بعد ما قطعنا مسافة زمنة معينة طويلة او قصيرة ،وهذا يقود بعض البشر الى سلوك خطا او غير مرحب به خٌلق نتيجة تلك الظروف " بمثل هذه السطور، بدأت القاصة متحدثة عن روايتها "الصندوق الأسود" حيث اختارت العنوان الذي يضم تحت عباءته اسرارا تخص من يسكن البناية، وكما تقول القاصة "جاءت روايتي لتختزل حكايا وأسرار الناس من خلال صندوق صغير لا يأبه به أحد، بل هي نفايات نلقيها بلا مبالاة ففي الوقت الذي ننام فيه قريري الأعين قد يكون هناك ثمة من يعبث في خفايا حياتنا ويتتبع تاريخنا وآثارنا إنهم حراس البنايات الذين نأتمنهم على حياتنا وأسرارنا"
الرواية دارت احداثها بصوت بطلها حارس البناية السيد فلان .. شاب يعمل في مبنى مؤلف من خمسة طوابق، والعديد من الشقق السكنية فيه، عانى هذا الشاب العربي ليس من عمله فحسب، وانما من تعامل الناس معه وكأنه مخلوق من كوكب اخر، لا سيما وان الرواية تجسدت صوت مغبون في حياتنا اليومية، وربما لا يهمنا امره، لكنها احتوت بنفس الوقت على غرابة وجمالية في طرح تلك الاسرار الخاصة واعطت مساحة للقارئ من التفكير بكل ما يدور من حوله هو غير مبال بمن حوله انهم يعانون من تلك الصرفات.
هذا الخيال الخصب الذي تمتلكه الكاتبة ، تجسد باختيارها بطل الرواية، من وجهة نظري، ليرينا الواقع وقضايا المجتمع الاردني وكذلك العربي بأسلوب سلس متجانس بسيط تختلط فيه الأوراق في بداية قراءتها قليلا لكن مع التركيز ، يبدا التواصل مع الاحداث، ومع هذه الرواية الخصبة تجد نفسك مع شيء جديد من عالم الروايات الرائعة.
باختصار اقول .. جعلتني هذه الرواية اعيش مشاعر جديدة، فهربت من الواقع بطريقة إيجابية ، كونها منظومة فكرية إبداعية كاملة..

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

982 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع