ذاكرة البصرة - طريق الساحل :العلامات الفارقة / ح٢

محمد سهيل احمد

 ذاكرة البصرة  - طريق الساحل :العلامات الفارقة / ح٢ 

مستلات
*/ قبل الاحتلال البريطاني ببضع سنين جرى تعبيد طريق الساحل ، غير انه اكتسب اهميته الكبرى حين استخدمته قوات الاحتلال البريطاني كهمزة وصل بين القاعدة الانكليزية في الشعيبة والعشار حيث المنشآت العسكرية 
** /من علامات الشارع المميزة مطبعة التايمس وسينما الحمراء الجديدة الشتوي تليها سينما الحمراء الجديدة الصيفي ، وكذلك فلكة السعدي او فلكة الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم /

 

فيما سبق تحدثنا عن تاريخ هذا الطريق الذي لم يكن ــ ايام العثمانيين ــ سوى الضفة الجنوبية لنهر العشار قدوما من محلة السيمر وانتهاء بتمثال السياب . كان عبارة عن درب ريفي مكسو بالتراب تنطلق عليه عربات الخيل ( البلشقات ) بدءاَ من كراج السيمر لتنتهي حيث ما سوف يطلق عليه مستقبلا ( ساحة عمارة النقيب ) حيث كراج عربات العشار . لم يكن ذلك الشارع ذا اهمية لولا استخدامه كطريق موصل للركاب القادمين من البصرة القديمة من اجل الوصول الى اعمالهم في مركز المدينة المستحدث : العشار .

قبل الاحتلال البريطاني سنة 1914 ببضع سنين جرى تعبيد طريق الساحل ، غير انه اكتسب اهميته الكبرى حين استخدمته قوات الاحتلال البريطاني كهمزة وصل بين القاعدة الانكليزية في الشعيبة وبين مقرات القيادة العثمانية شمالي منطقة المناوي الكبرى أي الشريط المطل على نهر العشار قدوما من تمثال السياب حيث كانت تلك المقار ومخازن العتاد تحتل الجهة الجنوبية المقابلة للداكير .ومن هنا اطلقت قوات الاحتلال على ذلك الشريط اسم ( طريق الساحل Strand Street) وهي التسمية البريطانية لذلك الطريق الذي شهد احضار اسرى الاتراك من قاعدة الشعيبة بعد معارك 1914ــ 915 ليتم احتجازهم في قلعة السراي البحرية في قلب العشار . كما ان الشارع اكتسب اهميته مع تشييد جسر وايتيلي ( الهنود ) كونه كان معبرا لجنود الاحتلال الى القنصلية البريطانية حيث نادي الانكليز الذي كان النواة الأولى لشق شارع الوطني او شارع الملاهي فيما بعد .
العلامات الفارقة
لكل شارع من شوارع الدنيا علاماته الفارقة ، فشارع دينار كان الطريق الموصل بين العشار والمعقل ومن علاماته الفارقة ( مكينة السوس ) و مبنى شركة ( الببسي كولا ) وكذلك مبنى شركة السينالكو . اما شارع الاستقلال فقد عرف بمبنى ( الاعدادية المركزية ) ، كما ان شارع الكورنيش عرف بحديقة الامة وتمثال السياب . والامر نفسه ينطبق على طريق الساحل ، واليك عزيزي القارئ بعضا من علامات ذلك الطريق الفارقة :
فلكة اسد بابل : انشأت سنة 1938 يتوسطها تمثال مقلد لتمثال اسد بابل الاصلي . وتعد هذه الفلكة علامة فارقة مشتركة لكل من طريق الساحل وكذلك تعد بداية لشارع الوطني اضافة الى ان الفلكة تعد مسربا الى منطقة مقام علي .
بناية البنك البريطاني للشرق الاوسط : تميزت بتصميمها العمراني الجميل
قبل ان تطيح بها معاول الهدم اواخر الستينات .
جسر وايتيلي : الجسر الذي سيسمى فيما بعد بجسر الهنود . انشأته شركة وايتيلي البريطانية على انقاض جسر العشار العثماني الذي كان يفتقد لمتانة الجسر الذي خلفه .
سوق حنا الشيخ : بني على انقاض بيت الشيخ خزعل حيث اشترت المكان اسرة الشيخ خزعل المنحدرة من الموصل والمقيمة لحين من الزمن في العمارة ومن ثم سكنت البصرة واصبحت في طليعة الاسر البصرية الثرية قبل هجرتها الى بلدان العالم الخارجي .
عمارة النقيب :شيدت من قبل مالكها المرحوم حامد النقيب واصبحت من معالم الشارع المميزة بل من معالم البصرة قبل ان يصار الى هدمها لتحل محلها عمائر تفتقد للذوق والدقة العمرانية .
شركة حافظ القاضي : ومعروف ان مقرها في بغداد في الساحة المسماة باسمها .اما فرع البصرة فقد تولى ادارتها المرحوم ( مكي الحاج محي الدين ) . وموقعها كان بالضبط في موقع شركة المخازن المركزية . كانت صالتها تعرض السيارات الامريكية والاجهزة المنزلية كالثلاجات والفريزرات والمدافئ وغيرها ، لكنها توقفت في بداية الستينات مع اندلاع ثورة تموز 1958.
سينما شط العرب الصيفي : افتتحت في بداية الخميسنات وموقعها يجاور فرع شركة حافظ القاضي . شاهدت فيلم ( روبنسون كروزو ) على شاشتها ، كما انني شاهدت فيلم ( سعيد افندي ) على شاشتها .
دائرة بريد العشار المركزي : يفصله زقاق كنيسة الكلدان عن سينما شط العرب . وقد سبق لي ان كنت واحدا من عملاء دائرة البريد حيث كنت اوفر مبالغ صغيرة بعد ان خذلني مصروف الجيب بحكم ظروف ابي المادية ن وذلك كحلم بافتتاح مشروع صغير كان بالامكان ان يدر علي ايرادا يتيح لي امتلاك ما كنت اصبو لامتلاكه بدءأً بالدراجة الهوائية .
على ان المجال لايتسع لذكر علامات اخرى ميزت ذلك الشارع منها ما مكث لفترات قصيرة ومنها ما بقي المبنى الا انه تحول لتقديم خدمات وعروض اخرى ، فمع امتداد طريق الساحل كانت هنالك في ركن شارع الاستقلال الايمن ــ في موقع مطعم الافراح سابقا ــ ثمة محطة للبانزين يبدو انها شيدت في الاربعينات لكنها ازيلت بعد وقت قصير .ومن علامات الشارع المميزة مطبعة التايمس وسينما الحمراء الجديدة الشتوي تليها سينما الحمراء الجديدة الصيفي ، وكذلك فلكة السعدي او فلكة الزعيم الراحل ( عبد الكريم قاسم ) تليها دائرة الاطفاء .
ويمضي طريق الساحل متوجها ناحية محلة السيمر حيث كانت هنالك علامات فارقة اخرى ازيلت بفعل احداث شتى مثل مخازن السيمر التجارية العملاقة والتي تعرضت لحريق هائل قبل الاحتلال البريطاني للبصرة 1914 والتي لم يتح لنا ان نجدها ماثلة امامنا بحكم السن وكذلك السراي الحكومي الذي جرى اقتلاعه من اجل تمديد الشارع باتجاه البصرة القديمة ليتلاشى ذلك الشارع مع الزمن ، شأنه شأن ذنائب نهر العشار المتلاشي في أقاصي الغرب عند المستشفى الجمهوري!

للراغبين الأطلاع على الحلقة الأولى:

https://www.algardenia.com/maqalat/57613-2023-02-16-16-25-02.html

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

988 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع