علي الكاش
ايها الشهيد نم قرير العين فالثورة الكبرى قادمة لا محالة!
بمناسبة يوم الشهيد العراقي في الأول من كانون الأول. قال تعالى في سورة آل عمران169ـ 170((وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)).
اهداء
إهداء الى أرواح شهدائنا الأبرار في ثورة تشرين العظيمة. والى أهلنا ذوي الشهداء من الأمهات والآباء والزوجات والأطفال الذين قدموا أحبائهم قرابينا في محراب الشهادة لتحرير العراق من العملاء وطغمة الفساد والإرهاب، ولصوص العملية السياسية.
الى كل دمعة ساخنة ذرفت بها أعينكم الكريمة آباء وامهات، ابناء وزوجات، اخوة وأخوات، أقارب وأصدقاء، دموع غالية لا تقيم بثمن صعدت الى السماوات شاكية للمولى عن بلائها، ان كل نار إستعرت في قلبوكم ستتطاير شراراتها وتحرق ملابس الطغاة في الحياة، واكفانهم في الممات، كل آهة من أم وأب وزوجة وطفل ستتحول حتما الى نشيد تشدوه الملائكة رحمة وترحما. وكل صرخة صعدت من القلب الى الشفاة اطلقتها أم وزوجة لتشق أعنان السماء، وتطالب بالعدالة والقصاص من الظالمين والقتلة. هذه الدموع ستتحول الى سيل بركاني جارف يطهر الأرض التي دنسها كلاب ولاية الفقيه المسعورة، وستتحول الصرخات الى أعاصير مدوية تنزل على الطغاة نزول الصواعق وتجعلهم كعصف مأكول، وتتحول الآهات الى بركان يغلي ويتقيء بالحمم ليحرق القتلة والفاسدين ويجرٌ فطائسهم العفنة الى المياه الثقيلة الآسنة.
مع مصابكم الجلي: نرسل قبلاتنا على رؤوس أمهات وزوجات المجاهدات من الأحياء، وقبلة أخرى على جباه بنات وأبناء الشهداء الإبرار، الشهداء أحباب الله تعالى، طيور الجنة، خالدون في جنات عدن، وخالدون في تأريخ العراق على مرٌ الزمان، هم شفعاؤكم يوم الحساب، والويل للقتلة والفاسدين والذيول، هم ملعونون دنيا وآخرة. اعرفوا اعزائي انه مهما طال الليل لا بد ان ينجلي بضوء النهار، ومهما طال الظلم فأن الثورة قادمة لا محالة، نعم تأخرت عن ميعادها، بسبب زوابع الدجل والجهل واللاوعي والتبعية لإيران وتغليب المذهب والقومية على المواطنة، لكنها قادمة حتما على جناحي الحق والعدل. الشباب وقود الثورة، ونارها التي ستضيء طريق النصر المؤزر، سيباركها الشيوخ على الأرض والملائكة في السماء، كأني أسمع أجراس العودة من بعيد، تدق: الثورة قادمة، والمآذن تصدح: الله أكبر، الله اكبر، الله أكبر فوق أيدي المعتدي.
وأنت أيها الشهيد المغوار، يا قرة العين، ومهجة القلب، وثروة الوطن، وضمير الشعب، ولسان الحق، وكلم الحكمة، أقول:
ليس من السهل الكتابة عنك، فالقلم يعجز عن وصفك، ويخشى أن لا يفِكَ حقك، أو لا يصل الى عتبة رقي مجدك. فأنت فوق الكلام والخواطر، لكني مع هذا سأخاطر بمغامرة الكتابة عنك، لك، ولأحبائك، فإن وفيت وكفيت فهذا حقك والحمد لله على ما أعطيت ولا أزيد، وان قصرت فأطلب عفوك، وأستغفر الله من تقصيري بما أتيت متعارضا مع ما أريد.
أيها الشهيد البار
يا حادي ركب الثوار الأحرار، يا من جسدت بشهادتك الوفاء والوقار، بكل رجولة وحماس وإفتخار، يا قدوة الصغار وفخر الكبار، يا صاعقة وبرق وأعصار، يا بيرق النصر المغوار، يا رديف الصحابة والأخيار، يا قاهر الطغاة الأشرار، يا حفيد الصحابة الأطهار، يا حبيب الخالق الجبار، يا فخر العشيرة والأهل والجار، يا من تناقلت سيرتك الأخبار، ليتني وصلت مقامك ولو بعشر مقدار، صلاتنا ودعائنا لك ليل نهار، وألف اللعنة على قاتليك الأشرار.
أيها الشهيد البار
لقاتليك الخزي والعار، ومن اطلق عليك الغاز والنار، لهم أكسير الذل والحقارة والشنار، فهم وصيتنا الى خازن النار، مأواهم جهنم وبئس المصير، وهذه خاتمة كل خائن سافل حقير، ستتحول عروشهم العنكبوتية الى ريشة في مهب الريح، اينما وجدت جيفة آسنة فيها ستطيح، تلك بربٌي جريرة العمل القبيح. لقد كتبت وصيتك بلا قلم، ان لا يُرفع في سمائنا إلا العلم، انه علم العراق الأشم. وأن لا تُرفع إلا راية العراق، فكم من دم تحتها أريق ويراق، وصيتك بإعناقنا أيها المارد العملاق. نم مطمئنا فالشعب اليوم على أتم وفاق، سنوفي لك الوعد، وإننا باقون على العهد، ثق يا صاحب السيادة، كلنا فداء وتضحية وريادة، في محراب الجهاد والشهادة، فالشهادة من فروض العبادة، وسيقتدي العراقي البطل بشجاعة أمجاده؟
ايها الشهيد البار
في ميدان التحدي والصمود، ستثبت الفهود والأسود، وتهرب الجرذان والقرود، الى خارج الحدود، فلا مكان للفاسدين والعملاء في ارض الأنبياء والأولياء، فالعراق أمانة في أعناق الشرفاء. كان جبل أحد (المطعم التركي مقر الثوار) يزهو باخوانك الأبطال، قبل أن تدنسه أقدام الجهال، وبصمودهم الأسطوري محقوا المحال، وجعلوا حكومة الذل في اسوأ حال، ومجلس الدواب سيشد الرحال، والقضاء المسيس على المعاش يحال، وفي جهنم سيكون لهم المآل. بئس القضاء وهو يحارب العداله، والقضاة في قاع السفالة والضحاله، يرقصون على انغام الرشوة والعماله، ركلوا الدين ورموا انفسهم في مكب الزباله.
أيها الشهيد البار
لقد وأدنا الطائفية في مهدها، نعم لقد ولى عهدها، وانتهى بشهادتك شرها، شعبنا اليوم واحد وموحد، وبابه بوجه الطائفيين موصد. كلنا يراقب ويرصد، ومشعل الثورة دائما موقد. يا قنديلا بضياءه ننعم، نشق بنوره طريقا معتم، لكن خطواتنا بثبات تتقدم. قلوبنا للتحرر عاشقة، وراية العراق ستبقى عالية باسقة. اخوانك في الصمود عمالقة، وسيدوسون على الرؤس المارقه والفاسقه. لقد وفيت يا شهيد واعطيتنا التدبير، وعلينا اليوم تقرير المصير، فلم تعد لنا حجة أو تبرير، في ساحات الإعتصام، الحاضر هو الإمام، والغائب عاجلا أم آجلا سيلام، لك مني يا شهيد ألف تحية وألف سلام.
أيها الشهيد البار
لا اطمح بأن أشيد لك في ذاكرتي جنائن معلقة، ويتنزه خاطري في دائرة مغلقة، ولا أبني لك تمثال كرودوس ليؤرخ قصة مجدك، ويحكي للأجيال وفاء عهدك. ولا انزوي في معبد بارفسوس معتكفا فيعزيني خلدك، ولا أجعل من قبرك مزارا كضريح هاليكارناسوس، فلا هو ولا غيره بقدرك، ولا أشيد لك هرما رابعا ليرسخ في عقلي رسمك، ولا أردد صدى تحذيراتك من منارة الإسكندرية للضالين في بحر الظلمات، فقد حللت لغز الوجود وحدك، وسيتحقق النصر بإسمك. إن بقايا ذاكرة الخيانات، تحتضر مع سكون الظلمات، منتظرة كفنها القادم من أعماق المتاهات. فقد أعياها البحث اللامجدي لفك أحجية الربط بين الجذور والأغصان، وبين الفرضية والبرهان، وبين الماضي والحاضر، وبين الحقيقة الثابتة والخيال العابر! أقول: الموقف من ثورتك يا عظيم الشأن، منه يُحترم الإنسان أو يهان، والله المعين والمستعان على كل فاسد وعميل جبان.
أيها الشهيد البار
نعم أيها الشهيد الهمام، ستنقشع الغيوم وتنهزم فلول الظلام، وسيختط فجر الحرية نوره البسام، في افق يشع بالإلهام، وتتضح الرؤيا وتتلاشى الأوهام، ويسود الأمن والسلام، في ربوع دار السلام. ستدرك شيعة حيدر بأنه لا غنى لها عن سنة عمر، وتدرك سنة عمر بأنه لا غنى لها عن شيعة حيدر. فحيدر وعمر مثل الشمس والقمر يدوران في فلك الإسلام، انه دين المحبة والسلام، ولا معنى كامل لأي منهما دون الآخر. لا تنافس بينهما ولا تفاخر، بل تأريخ مجد عامر، وستعود الفتنة الملعونة إلى غفوتها الأبدية المسكونة، بعد أن أيقظها الطغاة المارقون، من مراجع عفنة وولائيون.
ايها الشهيد البار
لا بد أن يهدم الأيمان والفكر الحر، ما شيدته قوى الظلام والكفر، بقلوب مؤمنة مستعينة، ستُهزم قوى الضلال اللعينة، سنقضي على الفتنة الأشر، التي أتت على اليابس والأخضر، فأحرقته وعطبته اكثر وأكثر. ستصدح المآذن في المساجد والجوامع والحسينيات، وستدق الكناس والمعابد أجراسها مترنمة بالصلوات، تتنغم كلها بصوت واحد، ووقت واحد، وحماس متصاعد ( الله أكبر فوق أيدي المعتدي) ويَشدوا براعم الرياض وطلاب المدارس من جديد بشعارنا المجيد (بغداد يا قلعة الأسود)، ويرد طلبة الجامعات بكل سماحه ( وطن مدٌ على الأفق جناحه)، وسنطوي تأريخ ميليشيات الوقاحه، ستتوحد كل الحناجر، بهدير مدفع هادر، يشق أعنان السماء بقوة لا تفتر (وطني حبيبي، الوطن الأكبر). ويعود العراق الى حضنه العربي المعطر، مستخفا بكل الدعايات الشعوبية، التي تناهض قوميته العربيه، وتكبله بقيود أعجمية، لتودعه في سجون ساسانية.
يا شهدائنا الأبرار
لقد حملتم هوية الوطن البهية، بسواعدكم القوية الفتية، وأورثتموه الى المجاهدين ليكملوا المسيرة، بنسق ونفس الوتيرة. نعاهدكم على مواصلة المسير، حتى الرمق الأخير، في سبيل الثورة والتحرير. وسنزف لأرواحكم السابحة في النور الأبدي، البشرى الكبرى بزوال الاحتلالين من بلدي، وسنقتص من إذنابه المارقين الغزاة، ممن قايضوا تراب الوطن بحفنة من التومانات. ستعود الشياطين إلتى أطلقها الولي الفقيه الى (قم قم ها) المعتم الظلمة، الذي انفلتت منه في لحظة غفلة، عن الشعب والأمة.
يا شهدائنا الأبرار
نبشركم بأننا سنثأر لكم ممن قتل واختطف واغتال، وسرق من البلد النفط والمال، سيكون الوطن قلعة مسورة، طالما ساحات الإعتصام منورة، ويخطوا الثوار بقوة لإنتصار الثورة، ولا مناص إلا الثورة
لن يحكم العراق بعد مكشوف العورة. حُكم الوطن لمن ولد وعاش على أرضه، ولا موطيء لمن باع للأجنبي كرامته وعرضه. عراقنا بلد الحرية الجديد، قلعة محمية سورها من حديد، أهلها أحرار، وليسوا للفقيه السفيه بعبيد. ان قوى الشر والظلام لا تأبه في حصد الأرواح، بل يسعدها ان تلكأ الجراح، ولا تأبه لإنتهاك الحرمات، بإختطاف الناشطات الماجدات، والناشطين السلميين، إنها خسة ما بعدها خسة قسما بربٌ العالمين، ولكن أين المناص؟ فقريبا ستدق ساعة الخلاص.
كلمة أخيرة
ان قبوركم عطرة ومؤنسة، وقبور العملاء نتنة وعبسة، ارواحكم مجيدة مقدسة، وارواح الخونة قذرة مدنسة، قبوركم غنية بالزوار، وقبورهم مهجورة مفلسة، أرواحكم حرة وارواحهم مدلسة.
أيها النشامى الأمجاد، لم يبق بعد مسوغ للحياد، ولا يقبل الحياد من أي نفر، مهما برر واعتذر، ولا محيص عن الثورة ولا بديل، ولا نقبل بالانحراف عن السبيل.
سيداعب الفرح رضيعنا البريء، ويثني على شيخنا الجريء، شيخ حكيم بشموخ جبل أحد القديم والجديد، طرحه رجال الأمن العراقي ارضا، ولكن بقي علم العراق بيده مرفوع. سيكون مصير العملاء القتلة، من شراذم الأنذال والسفلة، وكل من نزع غيرته وكرامته وخان التربة التي ولد فيها وتنكر لشعبه، في مزبلة التأريخ بعد أن خاب ظنهم وضل سعيهم. وكلما أوقد العملاء نيران الشر، سنطفأها ولن نبقِ لها من أثر، فقد انتهى زمن العهر، لا استعباد بعد اليوم ولا قهر. إنها خاتمة المكائد والفتن. شعبنا حر مجيد، يجمعه التآخي والتوحيد، سوف نبني ـ رغم أنوف المارقين ـ عراقنا السعيد. قنديل الثورة يضيء الدرب ولا احد يمكنه ان يخمده، وان حاولوا ونجحوا في ذلك، فمن جديد سنوقده، يوم التحرر قادم ،وقريبا سوف نشهده.
497 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع